أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - ما حاجتنا لمستبد آخر؟














المزيد.....

ما حاجتنا لمستبد آخر؟


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2063 - 2007 / 10 / 9 - 09:38
المحور: المجتمع المدني
    


ثمة فكرة شائعة يتداولها العراقيون منذ مدة طويلة خلاصتها أن المجتمع العراقي لا يمكن أن يُقاد إلاّ من قبل مستبد بالغ القسوة، وأن أمور العراق لا تستقيم من غير إراقة الدماء وقطع الرؤوس. وقد حدثنا التاريخ عن نماذج من الطغاة حكموا العراق بيد من فولاذ منهم الحجاج بن يوسف الثقفي بعد أن ولاّه عبد الملك بن مروان عليها، إذ وقف يتوعد أهل الكوفة في أول خطبة له في مسجدها الشهير: "إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها. وإني لأنظر إلى الدماء تترقرق بين العمائم واللحى".
والغريب أنه ليس البسطاء والأميون فقط من يروجون لهذه الفكرة وإنما بعض الكتاب والمثقفين أيضاً. وقد تناول الصحافي العراقي خالد القشطيني هذه الموضوعة مؤخراً في عموده اليومي في ( الشرق الأوسط ) بمجموعة مقالات، تبطن روح سخرية مريرة، بادئاً بالإمبراطور الصيني اللقيط ( صن شي هوانداي ) في القرن الثالث قبل الميلاد، والذي سيخرج من هامش المجتمع الصيني المتشرذم والمبتلى بالفوضى والحروب الداخلية ليجمع جيشاً ويعمل سيفه في الرقاب ويؤسس إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف. وسيفعل الشيء ذاته، كما يخبرنا القشطيني في مقاله التالي، لقيط آخر هو زياد بن أبيه، بعد صن بعشرة قرون، وهذه المرة في البصرة حين يدخلها وهي في حالة اضطراب ومنازعات فيجمع الناس في المسجد ليخطب فيهم "وإني لأقسم بالله لآخذن الوالي بالمولى، والقيم بالضاعن، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقى الرجل أخاه فيقول: انج سعد فقد هلك سعيد، أو تستقيم قناتكم. وقد أحدثتم إحداثا وأحدثنا لكل ذنب عقوبة. فمن أغرق قوما أغرقناه. ومن أحرق قوما أحرقناه، ومن نقب نقبنا عن قلبه. ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا. فكفوا أيديكم أكفف عنكم يدي ولساني". وصن مع زياد يذكراننا بالبطريرك الذي يقول عنه ماركيز في روايته ( خريف البطريرك ) بأنه مثل طغاة العالم كلهم لم يكن يُعرف له أب، وقريبته الوحيدة المعروفة هي أمه التي تقول عنها الكتب المدرسية بأنها حملت به ولم يمسسها بشر.. وقد استقر الأمر في البصرة بعد أن عمل زياد بتهديده وطبق أول حضر تجوال في تاريخنا مهدداً بقتل كل من يخرقه. وأخيراً تحدث القشطيني عن الحجاج الذي في ظل سيفه الباتر "عاد القوم إلى أعمالهم وفرائضهم وواجباتهم. فازدهرت التجارة وعم الرخاء ومضت راية الإسلام في مسيرتها الفاتحة ووصلت ما لم تصل إليه من قبله ولا بعده في تخوم الهند والسند والأفغان". على حد تعبير القشطيني.
هل هذه هي حقيقتنا النهائية وقدرنا؟ هل علينا أن نبقى في انتظار أن يتسيد علينا متجبر ظالم لا يخاف الله ولا يرحمنا كي نعود سيرتنا الأولى مسالمين هادئين ولكن خائفين خانعين ومذلين مهانين؟. إذن ما أتعسنا.
يعلمنا التاريخ، ومن غير تفلسف زائد، أن فواصل الفوضى والاضطراب والنزاعات الأهلية في حياة الشعوب هي التي تعقب فترات الاستبداد والظلم والجوع والقسوة والمهانة. وإن الهدوء الذي يعم مع تهديد السيف يخلّف دوماً عاصفة من الفوضى أشد، بمجرد زوال ذلك التهديد. وإن العراقيين ليسوا استثناءً بهذا الصدد، وهم ينزعون مثل بقية خلق الله إلى السلام والمحبة والتسامح والعمل والبناء والإبداع كلما عم الرخاء والعدل والحرية مع صيانة الكرامة الإنسانية لكل فرد. وما يحتاجه العراقيون اليوم، ليس مستبداً آخر، وإنما الحزم في تطبيق القانون الذي يجب أن يكون فوق الجميع.. وأن يكون الأساس، في كل شيء، مبدأ المواطنة، لا أقل ولا أكثر.






#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: بنت في مساء المحطة
- سعة العالم
- -قل لي كم مضى على رحيل القطار- فضح لخطايا التمييز العنصري
- في التعبير عن الحب
- -البيت الصامت- رواية أجيال وآمال ضائعة
- -صورة عتيقة-: رواية شخصيات استثنائية
- حكم الضمير
- مأزق المثقفين: رؤية في الحالة العراقية
- في ( بذور سحرية ): نايبول يكمل مسار ( نصف حياة )
- منتخبنا الوطني، لا الطائفي
- العدالة أولاً
- سحر السرد
- حدود العراقي
- في مديح الشعراء الموتى: أديب أبو نوار.. وداعاً
- المثقف الآن
- أبيض وأسود
- البانتوميم نصاً أدبياً: محاولات صباح الأنباري
- ابنة الحظ لإيزابيل الليندي؛ رواية حب ونهوض مدينة
- تحوّل الاهتمامات
- أنا وحماري لخوان رامون خيمينث: بلاتيرو في العالم


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - ما حاجتنا لمستبد آخر؟