أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - أمير الشعر















المزيد.....

أمير الشعر


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1992 - 2007 / 7 / 30 - 12:37
المحور: كتابات ساخرة
    


جائزة " أمير الشعر " ، قد تقررت بعدما سبقتها مسابقة كبرى ، لإختيار " الشاعر المليونير " . كان من المفترض قبلاً ، كما رشحَ لنا ، أن تكون الخطوة التالية ، المنطقية ، هي تتويج " الشاعر الملياردير " . على أنّ إعتبارات ، معينة ، حالت دون ذلك . إذ حرن المليارديرية ، من أعاريب وأضرابهم ، وهددوا وتوعدوا اللجنة المشرفة على المسابقة الشعرية : " يا وَل ، هل أصبتم معاً بعمى البصر والبصيرة ؟ ألم تقرأوا أسماءنا في الصحف والانترنيت ، وهي متصدرة لائحة " أغنى أغنياء العالم " ، السنوية ؟ " . حسنٌ . لم نعد بحاجة ، والحالة تلك ، لشاعر ملياردير . ما العمل ، إذاً ؟ وماذا سنقول لهذا السيل العرمرم من الشعراء ، بين الخليج والمحيط ، المتكاثرين مثل .. الخ الخ !؟ قعدنا نتفكر وضربنا أخماساً بأسداس ، خصوصاً وأن يوم الخامس من حزيران ، الجاري ، قد أعاد لنا ذكرى حرب الأيام الستة وعارها القومي . ومن غير الشعراء الأقاح بقادر على محو العار والشنار ؟ وكان أن قرأ أحدنا ، مصادفة ، قصيدة في غاية الركاكة لشاعر ـ أو سمه ما شئت ـ يدعى أحمد شوقي . وما هذا ، أيضاً ؟ تصوروا على ضحالة الذائقة الشعرية ، لدى أسلافنا في القرن الماضي : فقد منحوا إمارة الشعر ، بعظمتها وهيبتها ، لذاك الرجل الذي لا تعرف قرعة أبيه من أين ؛ فتارة يقولون لك أنه كرديّ الأصل ، وتارة تركيّ فيونانيّ فشركسيّ .. فلا عروبة في دمه ولا يحزنون .

أحدُنا هذا ، تعزز يقينه الموصوف بمغتصب الإمارة ذاك ، حينما قرأ مختارات من الشعر الكذا ؛ ولم يكن فيها إسمه . واضع المختارات ، بدوره ، أضحى شاعراً كبيراً وتحديداً بعدما الدنيا قامت عليه لأنه أصرّ على إهمال إسم أمير الشعراء . " يا أخي ، لو لم يكن واثقا من نفسه ، لما تجرأ على فعلته . فأكيد أنه أشعر من الأول ، ولو كان من جيله لإنتزع منه الإمارة بل والمملكة كلها ! " ، كان الناس آنذاك يرددون فيما بينهم . عال . ما دام الأوائل قد إنتخبوا أميراً للشعراء ـ وبغض النظر عن سوء أو صواب إختيارهم ، فلنجرب نحن الجيل الجديد إنتخاباً مماثلاً . مصر ، لم تعد تصلح الآن لإنتخاب الأمراء ، لأنّ نظامها جمبري .. أعني ، جمهوري ! أمير الشعر ، مكانه لدينا هنا في إمارة " زعيفص " ؛ وهيَ من أغنى إمارات العالم وأشهرها . حسن أدائنا في المسابقة الأولى ، " الشاعر المليونير " ، قد شجعنا على التفاؤل في هذه المرة أيضاً . الفنادق ذات النجوم والأقمار ، جميعاً في خدمة المتسابقين والضيوف ، فضلاً عن قوافل الرولزرايس والبعير . كل هذا ، صدقوني ، ليس هماً في الإمارة الأغنى وعاهلها الأكرم . إهتمامنا كان منصباً على إختيارنا ، الصحيح ، للفائز . يجب التفكير ، ملياً ، بلجنة التحكيم . نريدها لجنة قومية ، بإمتياز ، كيلا نكرر خطيئة الأسلاف وننتخب كردياً أميراً للشعر العربي : أما يكفي غصتنا بإسم جلال الطالباني ، الذي خلف حامي البوابة الشرقية وسيف العروبة ؟

أعزائي ، أنقل إليكم ما جدّ في هذا اليوم ، ما قبل الأخير ، من المسابقة . أقول لكم ، وبلا مبالغة شعرية ، أنه كانت ثمة مفاجأة عاصفة ، أطاحت بجميع التوقعات . ستسألونني ، وهل تقدمَ اردوغان للمسابقة ؛ هو الذي فاز بإنتخابات بلده وأضحى له إسم طنان في عالمنا العربي ، الذي ينتظر تحريره لأراضينا المحتلة بحسب التغطية الإعلاكية .. أعني ، الإعلامية !؟ كلا ، ليست المفاجأة هنا . مع أن السياسة ، بل والمقاومة ، كانا حاضرَيْن بقوة في قلب هذه المفاجأة . يا سيدي ، إنفرجت ستارة الاستديو عن صبيّة من ذوات الخدر ، المحصنات بدروع مضادة للإغراء والإغواء والشهوات والنزوات . وقد قابلها الجمهور بإستقبال مدو ؛ هيَ القادمة فضلاً عن ذلك من جارتنا ، السلطنة السعيدة . تقدمتْ بخفر ، وسط أضواء الكاميرا وألوف الهاندي ، المسلطة على وقارها وحشمتها ؛ وتقدم معها رنينُ خلاخيلها وأساورها وخواتمها وعقودها وجنازيرها ، الفضية والذهبية والماسية والبلاتينية . فقل أنها صندوق صيغة ، متحرك ! بتلويحة شاعرية ، لملت شاعرتنا أوراقها وما إشتط من أطراف حشمتها . حجابها ، يا أخي ، قصيدة عصماء ، لوحده . للباروكة ، عادة ً ، لون واحد أو إثنان أو عشرة .. إنما لحجابها هذا ، ربما مائة لون ولون . فكيف ، إذاً ، لن ينصرع بها الجمهور ويصرعنا أيضاً :
" بغددددددددداد ! وما لي أراكَ عصي الدمع ، شيمتكَ العطرُ !
بغغغغغغغغغغداد ! وقالت ، الحبّ عليكَ هوَ المكتوب أيها البَطِرُ !
بغداااااااااااااااااااد ! وأحنّ إلى أمي وقهوة أمي ، وتكبُرُ وأكبُرُ والله أكبَرُ !! "

عاصفة من الأكف المصفقة ومن التهليل وخفق الأعلام وبوارق الأضواء ، إستقبلت المقطع الأخير ، ذاك ، من القصيدة العصيدة . بدورها ، إنحنت شاعرتنا للجمهور وهيَ تتململ بالغبطة والنشوة في أريكتها الوثيرة ؛ حتى وبلغ من تأثرها أن إنحدرت دمعتان بلون أخضر من عدستيْ عينيها . قلنا ، أنّ كل شيء قد هدأ على الأثر ، وراحت الأعين تترقب بقلق ردة فعل لجنة التحكيم وقرارها . وبما أننا نبتدأ باليمين وإليه لراجعون ، فبالأحرى أن يتكلم أولاً صاحب الدشداشة والعقال : " لا رأيَ لديّ . بما أنّ شاعرتنا أنثى ، وكل مؤنث لا يعوّل عليه ـ بحسب علماء الذرة .. أعني ، علماء اللغة ! " ، قال الرجل بنبرة حقد غير خافية . زميله ، الذي يليه ، كان من الجزائر . توجه للشاعرة ، قائلاً بلكنة فرنجية : " هيواه ، نحنُ نذهبوا إلى ان قصيدتكِ فيها هالات عديدة ، وخاصة في الوزن المتكئ على بحر الكذا ! " . من جهتي ، أعتقد أنّ أحداً من الحاضرين ، في اللجنة ، لم ينتبه إلى عثرة زميلهم في نطق كلمة " هالات " بقصد " هنات " ؛ أيْ أخطاء ! وجاء دور صاحبنا ، العضو المصري ، ليصرخ بالشاعرة مستنكراً : " كيف تقولين في قصيدتك ، وأنتِ المؤمنة الملتزمة : " تزوجنا مراتٍ هذا الطريق " ؟ ألا تعلمين حكم الشرع في هكذا مسائل ، وأن المرأة تتزوج مرة واحدة وليس حالها كحال الرجل القوام ، الذي يثني في نكاحه ويثلث ويربع وما ملكت أيماننا !؟ " . شاعرتنا ، للحقيقة ، كانت في أسوأ حالاتها . ومن ألوان هيئتها وتبرجها جميعاً ، ما عاد بمحله غير اللون الأصفر . بيدَ أنّ الأمور ، إلى الأخير ، ما كان لها إلا التحول . فها هوَ العضو ، السوري ، في اللجنة الموقرة ، يستشيط غضباً متناهضاً للدفاع عن الشاعرة ، المسكينة : " أعذروني ، أيها الزملاء ، إذا قلت أنه غاب عنكم الشيء الأهم في هذه القصيدة ؛ ألا وهو نبضها المقاوم : بغداد !! نعم ، بغداد الجريحة ، بغداد المغلولة بأيدي الغزاة الأنكلوأمريكان ، والتي شاءت شاعرتنا أن تذكرها وبالرغم من أنها تتغزل بحبيبها الزرقاوي .. أعني ، الأزرق العينين ! " . عاصفة ، عاصفة وحسب . هي المفردة الوحيدة ، التي توجز ما إعتمل في الإستديو من حماس منقطع النظير . رونق الشاعرة عاد إلى سابق ألوانه ، الفاقعة ، وحتى لألاء أسنانها بان وتجلى . هكذا ، بين ليلة وضحاها ، باتت الشاعرة المسلطنة هي المرشح الأوفر حظاً للفوز بالجائزة ، وتراجعت حظوظ الجنس المذكر . الأروع هنا ، أنه في حال أن فلانة حملت لقب " أميرة الشعر " ، فإننا لا بدّ ونبادر لتنظيم مسابقة اخرى ، بعنوان " أمير الشعر " . سنشغل وقتنا حينئذٍ ، ونتسلى .




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحية أتاتورك
- السادي والسويدي
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 5
- ويحدثونك عن العدالة السويدية
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 4
- محاكمة الكاتب
- التنكيل بالكاتب
- رحلة إلى الجنة المؤنفلة / 2
- سندريلا السينما : فنها وعشقها الضائع
- كركوك ، قلبُ تركستان
- سندريلا السينما : حكاية ُ حياةٍ ورحيل
- في مديح الخالة السويدية
- رحلة إلى الجنة المؤنفلة
- أدبُ البيوت
- مناحة من أجل حكامنا
- حليم والسينما
- كنتُ رئيساً للكتاب العرب
- السينما المصريّة وصناعة الأوهام
- شاعر الملايين : ثلاثة مرشحين للجائزة
- كمال جنبلاط والتراجيديا الكردية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - أمير الشعر