أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد ثامر جهاد - الناصرية .. مدينة من غبار وأسى














المزيد.....

الناصرية .. مدينة من غبار وأسى


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 11:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1-
طرفا الصورة في مدينة الناصرية هما : حضارة مهيبة شكلت يوما ما خطى البشرية الأولى نحو صناعة الحياة وصياغة أطرها ، وخراب حزين شكل منذ عقود حاضر سكانها في شكوى أبدية مريرة .
حينما تتجول في شوارعها الضيقة لن تغيب عن ناظريك ، زحمة وجوهها المتغضنة ، وهي تتقافز مهمومة بضياع أماسيها التي كانت على الدوام تلتئم مشفوعة بعبق حكائي عن أفول حضارات قديمة وبشر .
2-
يتكلم أهلها لغة بسيطة مباشرة، منفعلة، خائفة، ساخطة. لغة تتطاول حينا، وتسوغ حينا آخر. لغة انفعالية تتابع جديد الأخبار والحكايات التي صاغت بمرور الزمن مشهد باهتا من مشاهد الحياة اليومية المتواضعة لأبنائها.
هكذا وبلغة اشد تقريرية هي الأليق لإيصال المضامين الملحة ، سنرى ان هذه المدينة ما زالت رغم ما خصص لها من أموال خلال السنوات الأخيرة تعاني إهمالا كبيرا في الخدمات وتقصيرا ملحوظا من قبل دوائرها المعنية، وكأن عقبة خرافية فائقة القدرة توجه الرياح السليمة البناءة فيها بعيدا عن أرضها المغبرة.
ولأسباب أرضية جلية ستغيب أمجاد الأولين هاهنا في صور حديثة اخرى، أبطالها النفايات المنتشرة في عدد غير قليل من مناطقها وأحيائها السكنية بما يشبه لازمة معتادة تهيمن على أوسع المساحات وتطرق أجمل الأبواب في حصار أزلي مخيف.
3-
البراهين العينية لهذا الواقع المؤلم ستتجلى بالطبع في الأحياء الشعبية الفقيرة أكثر من سواها، وان تطاولت القذارات – هذه الأيام - زحفا على أحياء ميسورة لا تملك دفعاتها أمام سرطان خبيث يتحرك بخطى وئيدة . وبوضع جانبي الصورة مع بعضهما البعض ،تصبح الوطأة مضاعفة هنا ، حينها يفقد ذاك المواطن الصالح آخر متعه البصرية في الأحياء القريبة المجاورة ،مثلما يفقد فرصة استنشاق هواء لطيف ، كان قد اعتاد شمه للحظات خاطفة في مسيرة ذهابه إلى عمله اليومي، رغبة في اجتراح توازن ضئيل في معادلة الحياة كما لو في فسحة سجن كبير.
وأمام تردي الحال أو بقائه على حاله، يصدح عدد غير قليل من المواطنين باستهجانهم لسوءات هذا الواقع في غير مناسبة مطالبين بلسان فصيح برفع المستوى المتدني للخدمات بما يجعل العيش في مدنهم كريما ولائقا وإنسانيا. بل يستميت بعض الناس في سرد البراهين التي تؤشر سوء النية أو الإهمال العمد لمطالبهم أو انعدام الكفاءة لدى المعنيين بتحسين الأحوال، ولن يتوقفوا عن كلامهم ما لم يقارنوا بين حيوات شعوب دول البترول التي تنام عواصمها في سبات السعادة البشرية ،جاهلة بمعان عدة من قاموس الحياة العراقية ، من مثل: رداءة مياه الشرب ،انتشار النفايات ،انقطاع التيار الكهربائي ،رداءة الشوارع،ناهيك عن التشوه العمراني وتفشي الأمراض الغريبة.


4-
أحيانا تخلق المعايشة الطويلة المزمنة بين الناس وأزماتهم نوعا من المعرفة الشاملة لمكامن العلل، فترى المواطن أيا كان يفقه في تحديد السبل الناجعة لتعبيد الشوارع ،كما يعرف طرقا علمية تخلصه من رداءة مياه الشرب أو استبدال الشبكات القديمة والمتهالكة بأخرى محصنة ضد مختلف أنواع الشرور المجهري . وبالطبع حينما يسلم جسده الناقع إلى زاوية مأمونة على سطح المنزل ، لن يتوقف عقله النابه عن أيجاد حلول شافية لمعضلة النفايات الكريهة التي تلوث حتى أحلامه وهي تأخذه في التجوال المسائي الهادئ بين محال تجارية أنيقة تطل على شوارع آدمية، لا تتصادم فيها أجساد المارة ولا تتعثر خطاهم في حفرها أو في أتلال نفاياتها ولا تسلمك مأكولاتها الشهية إلى أطباء هرمين، ولا يتفطر دماغك المائع من عزف مولداتها الزاعقة .
والحال هذه سيكون من غير اللائق ولا المناسب على الإطلاق ان ينزاح الجسد الحالم ولو لحين إلى افتراض اتساع المدينة لفسحة عشب اخضر تتطاير عليه كريات أطفال محرومين باتت سحنهم مصبوغة بلون الرصاص. ولكن من يخفف عن الأم والزوجة والأخت والبنت بعضا من همومها؟ وأين؟ علها تكون حياة بشرية لمرة واحدة.
5-
ان أحدا لن يدعي غياب هذه الصورة المريرة ولن ينزع عنها أي قول آخر رسوخ واقعيتها . صورة ما عاد من السهل إخفاءها حتى مع سحب الغبار الرمادية.




#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كهربة المواطن العراقي
- اسود او ابيض / في ثقافة أقاصي الاختلاف
- سائق التاكسي .. سيناريو موت عراقي قصير
- عن حلم فلوبير ورواية الوردة
- اغتيال البسمة ..في اغتيال الفنان وليد حسن جعاز
- مواطن .. بعد فوات الأوان
- في التنوع والاستبداد صورة عن الجدل الثقافي والسياسي
- مديات عراقية في ربيع المدى الثقافي
- بيان استنكار من اتحاد الصحفيين العراقيين في ذي قار
- في حقائبه السينمائية المسافرة .. رسائل للوطن والأصدقاء
- مواقف مساندة لصحفيي ذي قار عشية الاعتداء على زملائهم من قبل ...
- كلمة المثقفين التي ألقيت في حفل افتتاح متحف الناصرية بعد إعا ...
- اغتراب مطر السياب
- مثقفو مدينة الناصرية يتطلعون إلى دولتهم الليبرالية
- لصوص أكاديميون،العابث بمياه الآخرين لن يسرق المريض الإنكليزي ...
- عن السينما والدستور وحلمي الأثير
- المسافرون إلى السماء عنوة
- سيناريو الرعب ولغو الانتصارات الكاذبة
- سؤال سجين من زنزانة القاص محسن الخفاجي
- أودع عقيلا وانتظر موتي القادم


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد ثامر جهاد - الناصرية .. مدينة من غبار وأسى