أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول- محمد والصحابة ؟















المزيد.....

شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول- محمد والصحابة ؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 11:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


(4)
... وتتيح لنا فكرة المناداة بتحليل أوضاع الصحابة طبقاً للمعطيات التي طرحناها وغيرها لنخط سطوراً قليلة في مسألة ( تجديد الفكر الديني ) التي كثيراً ما لاكتهل الألسنة وأريق في كتابتها فيضان من الحبر ، ولكن دون الوصول إلى حلٍ أو دواءٍ ناجع .
وفي البداية ننبه إلى أننا نعالج الفكر ، لا الدين ، ونكتب عن تجديد أو تحديث الفكر الديني لا عن تجديد الدين أو تحديثه ، وذلك حتى نقطع الطريق على المزايدين ؛ فنحن نعلن أن القرآن حدثنا عن إكمال الدين وإتمام النعمة ؛ أما الفكر الديني فلم يدّع أحد أنه كمل أو تمّ لأنه نشاط بشري فهو كأي نشاط بشري موضع نقص وقصور ويحتمل النقد والجرح والتوهين والتهزيل ( من الهزال) ومن هنا فهو يحتاج إلى الجديد والتحديث والتطوير والإصلاح والترميم والتثوير إلخ. والذين تناولوا مسألة التجديد كتابة وتأليفاً ومحاضرة لم يكن ذلك غائباً عن أذهانهم ولكن بعضهم – إذ يلف ويدور ويحاور ويناور ، والبعض يعمد إلىالغطرشة (30) ، أما الفريق الثالث فهو يدّعي التحررية والعقلانية والليبرالية ويتظاهر بها ولكنه لا يطبقها ويحجم عن السير في طريقها ، أي أنه يرفع الشعار ولا يجرؤ على تنفيذه ؛ والأسباب الكامنة وراء تلك الأساليب لا تحتاج إلى إبانة ويخرج عن نطاق بحثنا الخوض فيها ، انما الذي يهمنا أن نؤكده هو أنها جميعاً تتغافل عن عمد عن نقطة بالغة الخطورة : هي أن المنطلق الصحيح لأي تجديد للفكر الديني هو قراءة التراث الديني بعيون مفتوحة وعقول يقظة مع نزع غشاوات التقديس والتعظيم وتغليب النزعة الناقدة على النزعة التسليمية المنقادة وذلك لنتمكن من وزن الأمور وزناً صحيحاً وتقديرها تقديراً صائباً للتعرف إلى ( أنباء الأمور الصحائح) كما قال أبو العلاء المعري .
وسيادة النزعة التسليمية وبقاء الغشاوات التي ذكرناها مه أهم العلل في صدور كتابات التبجيل والتفخيم التي يتميز بها الفكر الإسلامي المعاصر بل إن أصحابه يتنافسون فيما بينهم على عبارات الإكبار والإعظام والنتيجة المحتومة هي أن هذا الفكر يراوح مكانه ولا يتعداه وبدلاً من تجديد الفكر يتم تحنيطه وتيبيسه (من اليبس).
إننا نعارض بشدة الأساتذة والأكاديميين الذين يطلقون على مؤلفات التراث الديني صفة ( الكتب الصفراء ) ونرى أنه رأي فطير لا يمت إلى العلمية بأدنى صلة ، فهذه (الكتب الصفراء) تمثل شطراً كبيراً من ذاكرة الأمة ورصيدها الفكري ومخزونها الثقافي وإذا حكمنا عليها بالإعدام فنحن بذلك نقضي على ذاكرة الأمة ونخرب عقلها ولا تعيش أمة بغير عقل وبدون ذاكرة ؛ إنما المنهج القويم في اعتقادنا أن نعكف على هذه (الكتب الصفراء) قراءة واعية ودراسة متأنية وتمحيصاً دقيقاً لتظهر لنا من بين هذا الركام الهائل الصورة الصحيحة التي تضافرت عوامل كثيرة إبان عصور التخلف والإنحطاط على طمسها .
وفي خصوصية الدراسة التي نتناولها نتعرف من مطالعة تلك (الكتب الصفراء) إلى الوجه الحقيقي لجيل التأسيس أو التدشين أوّلَ من سَمِع محمداً وهو يتلو القرآن ويخاطبه بالأحاديث أو بالسنة عموماً (قولاً وفعلاً وتقريراً أو سكوتاً) الجيل الذي شارك محمداً في التجربة الإسلامية التي فجّرها وساهم معه في تجسيمها ، إن معرفة هذا الجيل على حقيقته التي سجلتها بدقة تامة موسوعات التراث الديني أو(الكتب الصفراء) مثل : دواوين السنة ومؤلفات السير والتواريخ وكتب التفسير والطبقات والفقه .... إلخ أمر في الذروة القصوى من الأهمية لأن هذا الجيل هو الذي عايش التجربة بحلوها ومرها ورخائها وشدتها وقطف ثمارها الجنية وتمتّع بخيرها ، ثم نقل التجربة إلى التابعين .
وقد عاش هذا الجيل على قيد الحياة بعد وفاة محمد بضعة عقود من السنين إذ أن بعضهم جاوز التسعين وقيل أن فيهم مَنْ بلغ المائة وإذا كان محمد قد قطع من عمر التجربة أقل من ربع قرن فإن هذا الجيل استمر ثلاثة أضعاف تلك المدة ، وإذا كان محمد بعد إعلان الديانة الإسلامية لم يغادر منطقة الحجاز باستثناء شهوده غزوة تبوك التي قاربت تخوم الشام فإن الصحابة ساحوا في أرجاء الإمبراطورية الإسلامية كافة ولم يتركوا بقعة منها إلا نزلوها ، وهكذا كان ميدان نشاطهم وسيعاً فسيحاً ما أضاف إلى التجربة مزيداً من الثراء والحيوية والتنوع ؛ إنّ هؤلاء الصحابة يمثلون البداية الأولى للتجربة الإسلامية التي حفلت بالبكارة والنضارة والتوهج والإثارة وحققت أروع تغيير شهدته المنطقة من الذلة والخمود والاستكانة إلى الانتفاضة والعزة فالسيادة على معظم أجزاء العالم المعروف آنذاك!! فكيف لا تكون هذه البداية المدهشة بل المحيرة جديرة بالبحث والدراسة ؟؟
توطئـــة ..
لماذا (الصحــــابة) ؟
كلمة ( الصحابة ) مألوفة لدى القاريء، وسنتناول تعريفها وما ثار حوله من خلاف فيما بعد ؛ ولكننا نبدأ بهذا السؤال : لماذا أطلق عليهم هذا الوصف أو هذا اللقب؟ لماذا لم يوصفوا أو يلقبوا بالإخوان أو الأصدقاء ، أو الأخدان أو الأخلاء أو الحَواريين ؟ في رأينا أنه سؤال على درجة متميزة من الأهمية ولم يسبق لأحد الدارسين أو الباحثين أن أثاره بل جميعهم يأخذ اللقب أو الصفة حجة مسلّمة ، وقبل أن نجيب عنه نقرر أن أي وصف تتعاضد عدة عوامل على تحديده وفي مقدمتها بالطبع اللغة التي يلوكها أفراد المجتمع والبيئة التي يعيشون فيها ودرجتها في سلّم الرقي والانحطاط الحضاري ، ونوعها، فالبيئة البدوية الصحراوية تنتشر فيها نعوت مغايرة لنعوت البيئة الزراعية التي يعيش أهلها على ضفاف الأنهار حتى مع اتحاد اللغة بينهما ، وتوصيفات البيئة الصناعية مختلفة عن مثيلاتها في البيئة التجارية وهكذا ..
ولكن هناك عامل فاعل في تحديد الكلمة الواصفة أو الوصف الملفوظ هو الدلالات الحافّة التي توحي بما لا توحي به الكلمة الأخرى التي تعطي الوصف عينه ، وتلقى ألوانا وظلالاً تساعد على إبراز المعنى بحيث لا يخطئه السامع(نقدم هنا السامع على القاريء) لأنّ هذه العملية أو ما بدأت في المجتمعات ذات الثقافة الشفهية وبعدها انتقلت – ولو بدرجة أقل – إلى المجتمعات صاحبة الثقافة الكتابية ثم تقلصت في المجتمعات صاحبة الثقافة الطباعية ( من الطباعة) وخاصة ذات الطرق الحديثة أو ما بعد الحديثة مثل ( الحاسوب) .
لتوضيح ما سطرناه آنفاً عن صلة الدلالات الحافـّة بالوصف نضرب مثلاً سريعاً : إذا قيل عن امرأة إنها (جميلة) فهم السامع أن أجزاء وجهها متناسبة وأن بقية أعضاء جسمها متناسقة وإذا وصفت أخرى أنها(وضيئة) انصرف الذهن إلى البياض – بياض البشرة وخاصة الوجه- والنقاء والصفاء من الشوائب والكدر إذ بين الوضاءة والضوء علاقة ومنها الوضوء السابق على الصلاة والذي ينقّي الأعضاء مما علق بها من درن ..
أما إذا تحدث الناس عن امرأة أنها(مُلاحة) فهي التي تأسر القلب وتأخذ بمجامع الفؤاد ولا صلة لهذا الوصف بالمقاييس الجسدية بل هو ينصرف إلى النواحي النفسية أو المعنوية ويعبر عنه في اللهجة المصرية العامية بـ( خفة الدم) ... ففي معاجم اللغة مَلُحَ الشيء ظرف وسَهُل وحَسُن والأصل في الوصف( الملح) الذي يعطي الطعم المستساغ لما يؤكل . إذن ما يعطيه وصف لا يعطيه بالضرورة وصف آخر ولو في المجال نفسه .
وعلى ضوء هذه التوطئة السريعة أو الفرشة الخاطفة نحاول الإجابة عن السؤال الذي طرحناه: لماذا(الصحابة) بالذات أو حصراً أو تحديداً ؟ لتتضح أو تبرز أو تبين الإجابة الصحيحة لابد لنا في البدء أن نحوّم حول الأوصاف النديدة أو الشقيقة أو النظيرة ونقترب من تُخومها ، وإذا استطعنا أن نخترقها ونحللها فإن ذلك سوف يمدنا بزاد وفير في تبيان الفروق الدقيقة للغاية التي منعت أو حالت دون إطلاقها على أتباع محمد الأولين من ناحية أخرى حتّمت اختيار لفظ الصحابة ونبدأ بـ (الإخوان ) .. ( من كتاب – شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة –السفر الأول – محمد والصحابة الكاتب ، خليل عبد الكريم – الناشر سينا للنشر – القاهرة )
يتبـــــــــــــــــــع
30- في معاجم اللغة – الغطرشة – التعامي عن الحق .
(5)
الإخوان
أكثر ما يستعمل هذا اللفظ في دائرة الأقران والأصدقاء أما لفظ (الإخوة) ففي العلاقة الطبيعية أي الناتجة عن الولادة من الأب والأم أو من أحدهما(1) وتطلق كلمة (الأخ) على الشريك المثيل(2) وعلى المشارك في عمل وغيره وعلى الملازم والمصاحب(3) ويركّز الراغب الأصفهاني على شرط الملازمة(4) وتدل على الاقتران : آخى بينهما جعلهما كالآخوين(5) وكل من نُسب إلى شيء فهو أخوه وفي حديث عمر : (أنه كان يكلم النبي- ص – كأخي السرار لا يسمعه حتى يستفهمه أي همساً(6) ولو أن الصحابة يشتركون مع الإخوان في هذه الخاصية كما سيتضح ، ولكن لفظة الإخوان تعني المساواة والمماثلة ففي حديث كافل اليتيم (... كنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين وألصق اصبعه السبابة بالوسطى) وفي القرآن( وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) (7) وسمّها أختاً لها لاشتراكهما في الصحة والإبانة والصدق(8) والمساواة والمماثلة والاشتراك في الملكات العقلية والنفسية وفي المكانة وفي المنزلة بين محمد وأتباعه أمور غير مقبولة ولهذا لم يُطلق عليهم وصف (الإخوان) بينه وبينهم وحرصه الشديد على إطلاق وصف (الصحبة) (متى ألقى إخواني؟ قالوا: ألسنا إخوانك ؟ قال : بل أنتم أصحابي وإخواني الذين آمنوا بي ولم يروني)(9).
نلاحظ أن الحديث أضفى صفة (الإخوانية) على من آمن بمحمد ولم يره أي من سيأتي بعده معتقداً في رسوليته ونبوته وهم شيء معدوم في ذلك الوقت ، في أن حجبها عن الموجودين معه ، وذلك للمعنى الذي أوضحنا وهو نفي المساواة والمماثلة ...إلخ ولهذا فـ(إن النبي-ص- لم يؤاخ علياً ولا غيره وكل ما رُوي في هذا فهو كذب ) (10)وفي التعليق على الحديث السابق نرى شيخ الإسلام بن تيمية يذهب إلى أنّ محمداً كأنه قال لهم : (أنتم لكم من الإخوة ما هو أخص منها وهو الصحبة وألئك لهم أخوة بلا صحبة)(11)وهذا خلط واضح من ابن تيمية ويتناقض مع نفيه تآخي محمد مع أي شخص سواء أكان علياً أم غيره، وليس صحيحاً أن الصحبة أخص من الأخوّة بل العكس هو الصحيح فقد يقال عمن يسافر معك في سفرة تجارة أو حج أو سياحة ... صاحب ولا يقال عنه أخ.
وما جاء في الصحيحين – البخاري ومسلم- أن محمداً أثبت الأخوة لاثنين فقط هما أبو بكر وزيد بن حارثة(12) ولم يثبتها لغيرهما يؤيد ما نذهب إليه لأن الاستثناء يؤكد القاعدة فضلاً عن أن قوله لكل منهما كان لمناسبة خاصة :
1- بالنسبة لزيد بن حارثة:
قال محمد( أنت أخونا ومولانا) تطيباً لخاطره لأنّ زيداً كان عبداً لخديجة أولى زوجاته فأهدته إليه فسارع فأعتقه ولم يكتف بذلك بل تبنّاه وكان يعامله كابنه حتى إنه عندما حضر والد زيد وعمه لأخذه فضّل البقاء عنده أو معه ، فلما حُرّم التبني بآية من القرآن تحوّل إلى مولى لمحمد – ومولى القوم منهم- وهنا خطا محمد خطوة أوسع من القاعدة العامة التي ذكرنا – فقال لزيد تلك العبارة رفعاً لمعنوياته بعد إلغاء التبني كأنه يقول له : كنت في الماضي ابناً لي ( إذ كان يقال زيد بن محمد) والآن أنت أخ ومولى لا مجرد مولى، والذي يقرأ السيرة المحمدية يدرك أن العلاقة بين محمد وزيد كانت على درجة وافرة من الحميمية والمتانة لم يحظ بها الألوف من الصحاب ؛ فقد كان يقال عن زيد أنه ( الحبّ) وعن ابنه أسامة( الحب ابن الحب) وبلغ إعزاز محمد لهما رتبة رفيعة فقد كان أسامة (أسود أفطس) (13) ومع ذلك أمر محمد عربية قرشية هي فاطمة بنت قيس أن تنكحه وفضّله على معاوية بن أبي سفيان من بني أمية ( ذؤابة قريش) فامتثلت(فقال لها رسول الله- ص – طاعة الله وطاعة رسوله خير لك ، فنكحته فجعل الله فيها خيرا واغتبطت به )(14) وكان أسامة دون السادسة عشرة، وكان العرف آنذاك- حتى بعد الإسلام _ ينفر من زواج قرشية بغير قرشي حتى ولو كان عربياً فما بالك بأسود وأفطس ولكن إكراماً لأمر محمد قبلت فاطمة بنت قيس نكاحه رغم أنها من بني محارب بن فهر وكانت ذات جمال وعقل وكمال ونبل وكانت زوجة لأبي عمرو بن حفص بن المغيرة ( وبنو المغيرة- درّة قريش –كما وصفهم محمد نفسه) ، وواقعة أخرى تقطع بتقدير محمد لزيد ومن بعده ابنه أسامة هو أن آخر جيش جهزه محمد الذي يسمى في كتب السيرة ( بَعْثَ أسامة) كان قائده أسامة بن زيد ومن ضمن جنوده كبار الصحاب منهم عمر بن الخطاب وكان محمد يوصي في أخر أيامه ( أنفذو بَعْثَ أسامة) ولذلك حرص ابن أبي قحافة الذي تولى الخلافة بعده على إنفاذ ذلك الجيش وكان اسامة دون العشرين وقت ذاك .
والحديث الثاني الذي روته عائشة بنت أبي بكر يكشف عن مدى قوة الصلة بيم محمد وزيد ( عن عائشة – ر – قالت: قدم زيد بن حارثة – ر – المدينة ورسول الله – ص – في بيتي فأتاه فقرع الباب ، فقام إليه رسول الله – ص – عريانَ يجرّ ثوبه – والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله)(15)
كل هذه الأخبار الموثقة توثيقاً متيناً والتي مصدرها كتب ثقاة تفسر لنا: لماذا قال محمد لزيد بن حارثة ، أنت أخونا وأن ذلك كان استثناءً
2- أما عن ابن أبي قحافة :
فإنّ المناسبة التي قال له فيها محمد إنه أخوه كانت تحتّمها أي توجب طرحها إ أن محمداً طلب يد عائشة من أبيها أبي بكر فاستغرب ذلك لأن – ( من جانبه هو لا من قبل محمد) – كان يعتقد أنه أخ لمحمد فسأله : وهل تحل لك وأنت أخي ؟ فأجابه
( ولكن أخوة في الإسلام)أي في الديانة والعقيدة لا في المنزلة والمكانة مما لايعني المشابهة والمماثلة والمساواة ولا هي إخوة نسب تمنعه من نكاح عائشة ، هذا بالإضافة إلى ما قدمه ابن أبي قحافة لمحمد من أموال ومساهمات ومواساة ونصرة مما سيأتي تفصيلاً في فصل ( التلقيب) .
وقد تكررت عبارة ( ولكن أخوةٌ في الإسلام) في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري(16) وكذا في الحديث الذي خرّجه مالك في ( الموطأ) الذي أطلق فيه محمد صفة (الإخوانية) على من يأتي بعده ويؤمن به بغير أن يراه ويضيف في نهايته ( وأنا فَرطهم على الحوض)(17) وهي إضافة تشعر بمزيد من الاختصاصية وهذا يؤيد مذهبنا، ورغم أن ابن تيمية يفضل الصحبة على الإخوانية أو الإخوة بتعبيره عكس ما نقول به فهو لتهافت رأيه وتهاتره نراه يؤكد أن ( النبي –ص – لم يؤاخ أحداً ، ولا آخى بين المهاجرين بعضهم من بعض ولا بين الأنصار يعضهم من بعض ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار)(18). ونحن نوافق الحرّاني تماماً على الشطر الأول من عبارته وهو أن محمداً لم يؤاخ أحداً إنما سوف تثبت فيما بعد ومن مصادر ذات رتبة عالية ودرجة رفيعة تلقتها أمة ( لاإله إلا الله) بالقبول بل بالتجلة والإكبار أن محمداً آخى بين المهاجرين بعضهم من بعض أي بين المهاجرين والمهاجرين كما آخى بين المهاجرين والأنصار فيما بعد في يثرب/ المدينة عندما هاجر إليها هو وصحبه لأن أولئك وهؤلاء جميعهم وإن اختلفت طبقاتهم وأحسابهم وأنسابهم وأصولهم فهم في منزلة واحدة وهي الصحبة والتي يستحيل ديتاً وعقلاً أن تتآخى مع رتبة الرسالة أو النبوة .
والقرآن يؤكد أن ( الإخوانية) إنما تكون بين التباع أو الصحاب بعضهم من بعض لا بينهم وبين محمد والآيات في ذلك كثيرة نكتفي منها بـ:
( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم )(19)
( ربنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) (20)
( فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)(21)
أما إشارة القرآن إلى الرسل السابقين بأن الواحد منهم أخو ثمود أو عاد أو مدين ... إلخ . فإن المقصود بكلمة (آخى ...) هو رسول.... ويستحيل عقلاً أن يكون هود أو شعيب أو صالح مساوياً في الرتبة لأقوامهم الكفرة. وهناك ملمح له أهميته هو أن القرآن يخصص الإخوانية بأنها ( في الدين ) :
( فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم (في الدين) ومواليكم)(22) والآية خطاب للصحبة لإستحالة المشاكلة أو المشابهة او القرينية بينه وبينهم وهنا نصل إلى خلاصة الرأي وهو بديهية نفي وصف (الإخوانية ) في تحديد نوعية العلاقة بين محمد والأصحاب.
.. ( من كتاب – شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة –السفر الأول – محمد والصحابة الكاتب ، خليل عبد الكريم – الناشر سينا للنشر – القاهرة )
1- مختار الصحاح للرازي.
2- المعجم الوسيط للغة العربية- مجمع اللغة العربية بمصر ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
3- المعجم الكبير للغة العربية- مجمع اللغة العربية بمصر- الهيئة العامة المصية العامة للكتاب.
4- المفردات في غريب القرآن – لراغب الأصفهاني.
5- المعجم الوسيط
6- المعجم الكبير .
7- الآية 48 من سورة الزخرف.
8- المفردات في غريب القرآن للراغب الصفهاني.
9- رواه مسلم في الصحيح ، وابن ماجة في السنن. وأورده السيوطي في جمع الجوامع – العدد/24-ص3038طبعة مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة – سلسلة( من موسوعة السنة)
10- منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام بن تيمية الحراني-ص32من المجلد الرابع .
11- المصدر السابق- ذات المجلد- ص76.
12- نفس المصدر والمجلد والصفحة.
13- الاستيعاب في معرفة الأصحاب لأبي عمر يوسف..بن عبد البر- تحقيق محمد البجاوي ص76 من المجلد الأول – الطبعة الأولى 1412هـ/1992م – دار الجيل بيروت .
14- رواه مسلم في الصحيح .
15- أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب . نقلاً من كتاب حياة الصحابة لمحمد يوسف الكاندهلوي- الجزء الثاني-ص321-دار الوعي-حلب سوريا .
16- منهاج السنة المحمدية لشيخ الإسلام ابن تيمية- المجلد الثالث- ص9 مصدر سابق .
17- الموطأ للإمام مالك-ص44- الطبعة الأولى- د.ت.ن. كتاب الشعب بمصر .
18-منهاج السنّة المحمدية لابن تيمية- المجلد الثاني- ص 119 – مصدر سابق .
19- الآية 11 من سورة التوبة
20- الأية10 من سورة الحشر
21- الآية 103 من سورة آل عمران .
22- الآية 5 من سورة الأحزاب .
يتبــــــــــــــــــع



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يتشاجر خطباء الجمعة مع المصلين ...؟
- عقول يافعة في حمى صراع الدين الواحد وكراهية الأديان الأخرى . ...
- (3) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد وا ...
- فوضى الزيادة السكانية العشوائية من أخطر ما يواجهه هذا الكوكب ...
- (2) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد وا ...
- الأحمر مسجد أم مدرسة أم ما هو أخطر ...؟!
- (1) .. شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد ...
- ماذا بعد أن حرّرت حماس ألن جونستون ...؟
- الصديق محمد الرديني ... أنصحك البقاء في الجنّة ...؟
- ومن الفتاوى مايسيء إلى الإسلام والمسلمين ..؟
- .. أما آن لهذا الشاب النبيل أن يتحرر ...؟
- لماذا يخجل الفقهاء من تاريخهم الإسلامي ..؟
- ...؟حوارات الاتجاه المعاكس مهازل لا تواكب العصرنة
- العلمانية وضوابط الديمقراطية ....؟
- ديمقراطية حماس .....؟
- بعد لدغة حماس ، ماذا تنفع اتهامات الحيّة ..؟!
- ماذا ستنفع اتهامات الحيّة من بعد لدغة حماس ...؟!
- النساء الشرقيات يخضعن للإذلال بمشيئتهن ..ورفضن المساواة ؟*
- (3-6) مشكلة المغيّبات ..؟
- (2-6) مشكلة المغيّبات ...؟


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول- محمد والصحابة ؟