أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - (3) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد والصحابة















المزيد.....

(3) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد والصحابة


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 10:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


... نخلص من ذلك إلى أن الاختلاف بين المحدثين والأصوليين حول طول الصحبة مردّه إلى أن المحدثين يتساهلون في هذا الشرط لأن تطبيقه سوف يضيق دائرة حاملي حديث محمد ، لأن من جلس معه ولو ساعة وروى عنه حديثاً إذا أنزلنا عليه شرط الأصوليين فهو ليس بصحابي ولا تجوز رواية الحديث عنه ، ولا شك أن من بين الألوف الذين رأوا محمداً أو صحبوه ، قليل منهم مَنْ يوصف بانه صحابي إذا وزنّاه بمعيار الأصوليين وهو المكوث معه سنة أو شهوده غزوة معه ، فلنضرب مثلاً بحسان بن ثابت ، فالحس الإسلامي ينفر تمام النفور إذا أخرجناه من جمهرة الصحابة وسوف ينبري إليك مَنْ يسألك محتجاً أو يحتج متسائلاً : كيف لا يكون شاعر الرسول صحابياً ؟
ولكنّ الأصوليين هم الذين وضّحوا القواعد التي بنى عليها الدين والفقه وشرحوا أحكامها وبذا يهمهم في المقام الأول أن يكون طريق نقل السنة ( المصدر الثاني )
مأمونا موثّقاً ، ومن ثم اشترطوا طول الصحبة إذ مَنْ سمع من محمد حديثاً في ساعة زمن لا يكون بداهة مُطلعاً على كل ما قاله محمد في هذه الخصوصية في مناسبة أخرى مثل إطلاقه حديثين في ادخار لحوم الأضاحي : الأول يمنعه والآخر يبيحه ، ولا يعلم صدور الحديثين منه إلا مُلازمه وأياً كان الأمر فنحن لسنا طرفاً في هذا الخلاف القديم بين أصحاب الحديث والأصوليين ، لأن كتابنا يتناول الصحابة كفاعلين اجتماعيين مشاركين في التجربة الإسلامية التي بدأت على يد محمد في الربيع الأول من القرن السابع الميلادي في غرب شبه الجزيرة العربية ، والتي مازالت (=التجربة الإسلامية) توابعها وآثارها مستمرة ممتدة والتي ما طفقت ورغم مضي أربعة عشر قرناً تثير الكثير من الجدل والحوار والبحث والتمحيص والدراسة وليس في هذا أدنى عجب فهي من أغنى التجارب التي ظهرت على طول تاريخ الجنس البشري .
***
وهناك ملحظ شديد الأهمية لم ينتبه إليه كل مَنْ كَتَبَ عن الصحابة منذ عصر التدوين حتى الآن وهو أنّ الصحابة من بيئات مختلفة وأصول متباينة وذوو ثقافات متعددة ( نعني بالثقافة معناها الواسع كما هي في علم الاجتماع ) فمنهم العربي والرومي والفارسي والحبشي والقبطي(=المصري) وفي نطاق العرب منهم القرشي والثقفي والأوسي والخرجي ...إلخ وحتى في القبيلة الواحدة تتعدد منازلهم فمنهم مَنْ هو في الذؤابة العليا منها مثل بني هاشم وبني أمية وبني مخزوم وبني المغيرة ومن هو أقل شاناً مثل بني تميم وبني عديّ؛ منهم الغني بالغ الثراء والفقير المملق ومنهم الحر والعبد والمملوك والمولى والحليف ، ومنهم الحضري والبدوي ، ومنهم العربي والأعرابي ومنهم الذي كان يجيد القراءة والكتابة والأمي ومنهم التاجر والزارع ومن يمتهن حرفة يدوية مثل الجزارة والتجارة والحدادة والخياطة ، ومنهم من كان متحنفاً أو يهودياً أو مسيحياً ومَنْ كان كاهناً أو سادن صنم ، ومنهم من اعتنق الإسلام عن إخلاص وحماس ومَنْ فعل ذلك خضوعاً لأمر واقع أو اتفاقاً أو انتهازاً لفرصة أوسع أو فراراً من مصير مجهول ، خاصة بعد فتح مكة وانتصار محمد وصيرورته ( سيّد الناس وديّان العرب ) حسب تعبير الأعشى الشاعر .
إذن من التبسيط المخل والخفة البعيدة عن الموضوعية والعلمية بل والتاريخية النظر إلى الصحابة باعتبار أنهم مجموعة مجردة خارجة عن نطاق التاريخ ، وفوق الزمان والمكان ؛ أو أنهم عصبة موحدة يتطابق ويتماثل أفرادها تطابقاً تاماً وتماثلاً كاملاً ، لا فرق بين أحدهم والآخر ، أو أنهم منزهون عن النوازع البشرية ومبرؤون من العواطف الإنسانية .
هذا خطأ مبين في تقييم الصحابة ، حتى أن محمداً نفسه حذّر منه وأوضح أن منهم مَنْ سيحيد عن الطريق المستقيم الذي رسمه لهم وأنه في يوم القيامة سوف يبرأ ممن يفعل ذلك ويقول له : سحقاً .
وهم أنفسهم عرفوا ذلك عن أنفسهم وصرّحوا بذلك علانية على رؤوس الأشهاد دون مواربة أو جمجمة دون أن يدّعوا لأنفسهم العصمة والبراءة من الأخطاء وكيف يفعلون وقد سمعوا محمداً يردد كثيراً : كل بني آدم خطاء . فهذا أبو بكر بن أبي قحافة بأن شيطاناً يعتريه بين الحين والآخر ، كناية عن وقوع أخطاء منه في بعض الأوقات وعمر بن الخطاب يطلب من المحكومين ( يسمونهم الرعية ) أن يقوّموه إذا اعوجّ ، أي أن اعوجاجه أمر وارد .
فما دام محمد صرّح ببشريتهم وتنبأ بانحراف بعضهم حتى أنه في الدار الآخرة سيقول له مواجهة : سحقاً لك ، وهم أنفسهم لم يزعموا أن لهم عصمة أو قداسة إذن فما الذي يدعو إلى التمسك بالنظرة التجريدية لهم والتي هي بلا جدال تخالف طبائع الأمور وما سجلته دواوين السنة النبوية وغيرها من الكتب التي تلقتها الأمة بالقبول .
إنّ تحليل شخصيات الصحابة وأشخاصها وأصولهم ومنابتهم ومكانة كل منهم والبيئات الاجتماعية التي نشأوا فيها وعقائدهم السابقة وأماكن تربيتهم من يدو أوحضر وثقافاتهم والنظم والقيم والأنساق الاجتماعية التي قضوا ردحاً طويلاً من عمرهم فيها قبل أن يلاقوا محمداً ويدخلوا دينه والحرف التي مارسوها والأساطير التي ظلّوا شطراً عن أعمارهم يؤمنون بها ... إلخ وتأثير ذلك في كيفية روايتهم لأحاديث محمد ، خاصة وأن جانباً كثيراً من هذه الأحاديث اعتمد على الرواية الشفاهية مع تسليمنا أن بعضاً منها كان يكتب حتى في حياة محمد نفسه ، لكن لاشك أن الغالبية العظمى من الأحاديث كان طريق نقلها من الشفاه إلى الآذان ، وتأثير ذلك الأحوال التي ذكرناها في علاقتهم مع محمد ثم في علاقتهم مع بعضهم البعض ، ثم الأفعال التي ارتكبها البعض خاصة في الغزوات حتى أن محمداً نفسه كان يغضب منها ويرفع ذراعيه حتى يرى بياض إبطيه ويقول في حسرة وألم ( اللهم إني أبرأ إليك مما فعل فلان ) أو يدعو على آخر أو يعنّف الثالث وقلنا ( في الغزوات) على وجه التخصيص لأنهم تعوّدوا على تلك الأفعال في الغزوات التي كانوا يشنونها على بعضهم البعض وفيها كانوا يفعلون الأفاعيل حتى صارت لهم إلفاً وعادة ، وعلم النفس يخبرنا أن التخلص من العادات من أعسر الأمور وأشقها على النفس .
نعود فنقول إنّ تحليل ذلك يحتاج إلى كتيبة كاملة من الباحثين والدارسين في شتى العلوم الإنسانية .
ونحن في هذا الكتاب لا ندعي أننا قمنا بهذا التحليل ولا حتى اقتربنا منه إنما كل ما تسنى لنا أننا اعتمدنا إلى إلقاء بعض الأضواء الكاشفة التي تنير الطريق أمام التحليل الذي اقترحناه آنفاً والذي نؤمن تماماً أنه – طال الزمن أو قصر – سوف يأتي جيل من الباحثين والدارسين وينجزه ويكمل المسيرة التي بدأناها بهذا الكتاب الذي نعرف جيداً أنه كمحاولة رائدة لابد أن يحمل في طياته سمات المحاولات الأولى من أخطاء وقصور ولكن يكفينا شرف المحاولة .



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى الزيادة السكانية العشوائية من أخطر ما يواجهه هذا الكوكب ...
- (2) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد وا ...
- الأحمر مسجد أم مدرسة أم ما هو أخطر ...؟!
- (1) .. شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد ...
- ماذا بعد أن حرّرت حماس ألن جونستون ...؟
- الصديق محمد الرديني ... أنصحك البقاء في الجنّة ...؟
- ومن الفتاوى مايسيء إلى الإسلام والمسلمين ..؟
- .. أما آن لهذا الشاب النبيل أن يتحرر ...؟
- لماذا يخجل الفقهاء من تاريخهم الإسلامي ..؟
- ...؟حوارات الاتجاه المعاكس مهازل لا تواكب العصرنة
- العلمانية وضوابط الديمقراطية ....؟
- ديمقراطية حماس .....؟
- بعد لدغة حماس ، ماذا تنفع اتهامات الحيّة ..؟!
- ماذا ستنفع اتهامات الحيّة من بعد لدغة حماس ...؟!
- النساء الشرقيات يخضعن للإذلال بمشيئتهن ..ورفضن المساواة ؟*
- (3-6) مشكلة المغيّبات ..؟
- (2-6) مشكلة المغيّبات ...؟
- غزّستان تحرّرت .. ألله أكبر .. هلهلوا يا عربان ..؟
- سلعة الديمقراطية الرائجة ...؟
- (6-1) مشكلة المغيّبات ...؟


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - (3) شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد والصحابة