أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - خطوط الانفلات














المزيد.....

خطوط الانفلات


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نفكر في " المستقبل " ، مستقبل المجتمع المصري مثلا ، ونرسم تصورا لهذا المستقبل ونضع له البرامج والخطط والاستراتيجيات ، فإن الذي يتحقق علي أرض الواقع هو مصر أخري ، مصر تتجسد لا من خلال التصورات والبرامج والخطط ، بقدر ما تتجسد من خلال " خطوط الانفلات " .
فالمجتمع كما يقول " جيل دولوز " يتحدد بخطوط انفلاته أكثر مما يتحدد بتناقضاته ، فهو ينفلت من كل الجهات ، ليست البرامج هي التي تصنع المستقبل ، وواقع أي مجتمع من المجتمعات ليس منبثقا من تطبيق هذا البرنامج أو عدم تطبيق ذاك ، بل هو واقع ناتج عن " المآلات " والتغيرات العديدة والمختلفة ، وعن خطوط الانفلات التي تتجاوز البرنامج أو الخطط ، فنحن لا نصنع المستقبل بأيدينا بقدر ما نصنع فيه .
وما يمكن قوله عن المجتمع يجوز أيضا علي حياة الفرد ، إذ ان حياة الفرد هي انجراف مستمر علي خطوط انفلات مختلفة ، فالفرد يؤول إلي ما يؤول إليه خارج البرامج والأهداف والمخططات المرسومة ، فالسؤال ماذا تريد أن تكون في المستقبل ، هو سؤال لا معني له ، لأنه في الوقت ذاته الذي نفكر في هذا السؤال أو في الجواب عليه ، نكون في حركة مستمرة علي متن مآلات لا نعرفها .
ألسنا مهددين في الغالب بأن نجد علي خط من خطوط الانفلات ما نريد ان ننفلت منه ؟ أليس من المحتمل أن نجد أمامنا من جديد خطر الفاشية وعودة أنظمة التسلط القمعية علي خط الانفلات نفسه ؟ أليست معظم الأفكار الأخلاقية خبيثة ، وأن أفضلها ، كثيرا ما يكون هو الأكثر خبثا .
لقد أدي التحول الحاصل في بنية الاقتصاد العالمي إلى تحول جوهري في دور «الدولة» ومن ثم مفهومها التقليدي، إذ أن انفلات رأس المال ماديًا وأيديولوجيًا من قاعدته القومية، أفرز مؤسسات اقتصادية وحقوقية فوق قومية تخدم مصالح رأس المال (المالي) الدولي المنفلت من عقاله. وبدلاً من أن يؤدي ذلك إلى انحلال أو اضمحلال «الدولة»، رغم أنها تعيش الآن حالة عامة من التراجع والانحسار، تبرز الدولة وأهميتها من جديد، باعتبارها ضرورة للطبقات المسيطرة (لقمع) أولئك الذين يسوء وضعهم فيتمردون على النظام الدولي الجديد في الداخل أو الخارج.
وقد كان تزايد أهمية الدور القمعي الداخلي والخارجي للدولة الرأسمالية واضحًا في ضرب الاحتجاجات المناهضة للعولمة في واشنطن وسياتل وغيرهما.
فإذا لم يعد بالإمكان، سياسيًا، وضع حد للضغط الفوضوي الناجم عن الأسواق المتكاملة، فإنه لابد من مكافحة النتائج بأساليب قمعية، الأمر الذي يعني أن الدولة المتسلطة ستغدو الرد المناسب على عجز «السيادة» عن التحكم في الاقتصاد.
من هنا فإن الدولة ستنفي صفتها «القومية»، لتؤكد صفتها «السلطوية» كدولة، من خلال ممارسة دورها الجديد. مما يعني أن الدولة القومية في ظل «العولمة» لن تنحل أو تضمحل، ولكنها سوف تكف عن أن تكون دولة قومية أو وطنية.
وخطورة هذا الاستنتاج يتمثل في «الصدع» أو «الشرخ» الذي أحدثته العولمة في بنية مفهوم الدولة التقليدي، إذ ينبغي أن نفرق من الآن فصاعدًا بين الدولة ككيان سياسي حقوقي، وبين الأمة ككيان اجتماعي تاريخي. ولعل هذا ما يفسر لنا حالات«الاستلاب» القومية لشعوب وأمم بأكملها في صيرورة العولمة، والتي تشاهد بأم عينها «الدول» التي كانت تمثلها تدير ظهرها لها اليوم.
هذا الاستلاب، وهذا الشرخ بين الدولة والأمة، هو الذي يفسر إلي حد كبير صعود نجم الأصوليات والحركات القومية الشعوبية حتى في الولايات المتحدة نفسها، وفي أنحاء مختلفة من أوروبا (اليمين الفرنسي مثلاً) فضلاً عن العالم الثالث و الشرق الأوسط علي وجه التحديد .

عصام عبدالله
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
[email protected]
بريمين - المانيا




#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين في حدود العقل
- تحولات عميقة
- عنف لا أحد
- الصمت بين الكلمات
- دريدا والإله تحوت
- إعادة محاكمة سقراط
- ثقافة الانتقام
- التعصب وسنينه
- تفكيك الأصولية والهوس الديني
- الأصولية .. هنا وهناك
- الهوس الديني والفتن الطائفية
- الإيمان والعلم
- موت الحداثة في مصر
- اختفاء البكوش
- الفعل التواصلي
- جزيرة العقلاء
- يوتوبيا ما بعد الحداثة
- لا وعي اليوتوبيا الباطن
- اليوتوبيا ويوتوبيا الضد
- الانتماء - ما قبل - الوطني


المزيد.....




- الدالاي لاما يعلن أنه ينوي أن يتجسد مرة أخرى بعد موته
- لحظة وقوع انفجار مرعب بمستودع ألعاب نارية في كاليفورنيا
- واشنطن تعلن تعليق بعض شحنات الأسلحة لأوكرانيا.. ما السبب؟
- موجة حر شديد في فرنسا.. وفاة شخصين ونقل أكثر من 300 شخص إلى  ...
- رئيس إيران يصادق على قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية ...
- الرئيس الإيراني يصادق على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية ل ...
- واشنطن تطالب بإقالة مقررة أممية اتهمت شركات أمريكية بدعم -ال ...
- ما هي اتفاقيات التعاون التركية في مجال الطاقة في سوريا؟ وما ...
- 6 أسئلة عن هدنة الـ60 يوما المسربة بغزة ومواقف الأطراف منها ...
- ماذا يكشف تقرير رويترز عن أحداث الساحل السوري؟


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - خطوط الانفلات