أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - يوسف الصائغ..يقطع-الرشيد- الى الازقة الخلفية!؟














المزيد.....

يوسف الصائغ..يقطع-الرشيد- الى الازقة الخلفية!؟


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1968 - 2007 / 7 / 6 - 03:56
المحور: الادب والفن
    


بعد اندلاع حرب الثمان سنوات بعدة اشهر..وتبعثر الاصدقاء بين السجون والمقابر والمنافي والبيوت السرية..كنا نسلك الازقة الخلفية للمدن الموتورة..خشية عيون (الرفاق الحلفاء قادة الجبهة الوطنية والقومية التقدمية!)..
وذات ظهيرة لاهبة في منطقة "المربعة" لمحت الصديق الشاعر يوسف الصايغ يقطع شارع الرشيد متهالكا، ومتفردا .. لينغمر في زحام الباعة والمتسوقين في الازقة الخلفية لمنطقة "السنك"..ودونما موعد مسبق وجدت نفسي وجها لوجه مع (مالك بن الريب!..حيث كنت اكنيه ممازحا) ..وبعدعناق..وبرهة صمت..تنحينا جانبا.. وتبدد الشك الذي كان يلازم المتقابلين من الاصدقاء – عادة - خلال تلك الاونة المشحونة بالخوف، والاستدراج، والتصيد، والفخاخ الامنية، وانعدام الثقة برفاق الامس الذين انقطعت اخبارهم لساعات!؟..فكيف بذلك الانقطاع وقد امتد ثلاث سنوات؟!.
..تبادلنا الارتياح لاننا كلينا كان يعتقد بمقتل الاخر او اختطافه ..
لكن مسحة الارتياح مالبثت ان تبددت عن محيا ابا مريم..
فهو كما عرفته يرعد عندما يحتدم في صدره الغيظ ويخنقه تعسف الاخرين.. وراح يدمدم، ويبتلع اللين من الحروف..
امسك بي من معصمي مرتعشا ومستفهما باستغراب..( هل يمكن للشاعر ان يتنفس دون فضاء الشعر؟!..وهل للكاتب حرفة غير تداول الحروف مع نفسه ومع الاخر.. فكيف له مطالبتي بان اهجر الشعر والكلمات والرسم..؟!)..
واستدرك(انهم يتعقبونني في كل مكان..برزان يتعقبني..حتى خلف جدران مخبئي؟!)..
التفت يمينا وشمالا متفحصا بخيبة وجوه المارة من حولنا..
وغادرني دونما وداع..
كان ذلك منتصف عام 1980..
في عام 1986 كتب صفحة يمجد فيها من اشاع اليباب في روحه والارتياب في حياته..!!
ومن شدة قربي منه ومعرفتي له..كنت استحضر (منهج) التمييز بين الموقف الابداعي والموقف الاجتماعي للانسان المبدع..وان اجد العذر لـ(انسان مرهف من لحم ودم!) خلق منتجا للكلمة والثقافة وحصنا لها ..لا موضوعا ومادة يستفرغ فيها المتوحشون اوبئتهم السادية..او ان يواجه ادوات التعذيب والقتل الرهيبة كل لحظة في حياته!..
(رغم ألمي لما آلت اليه حالته في الازمنة التي اعقبت ذلك النص.. )..
ولكني كنت ومازلت اتساءل ..
هل كان ليوسف الصائغ ان يجرف الى المقابر الجماعية كي يكون شاعرا نعتز به؟!
او ان يهجر الشعر ويغدو وسيلة للتكاثر والاستهلاك كي نحترم وجوده؟!..
او ان ينكفئ (عشر سنوات مثلنا) مقبورا في المخابئ السرية ليفلت من الموت..كي يقال انه (لم يخن مبادئه)؟!..
فيما تفرق الاصدقاء من حوله..وبقي هو عاريا بوجه آلة الموت المكشرة في الشوارع والمؤسسات والبيوت وفي قحفة الراس؟!
وانهار غيره الكثيرون بساعات وبعضهم بدقائق..ووقعوا اوراق البراءة مما يعتقدون او يعتنقون..لكن البعض منهم افلحوا في عبور الحدود .. ونفضوا سوءاتهم بشيئ من بريق بلاد الغربة..وتناسو (فعلتهم بانفسهم ورفاقهم) امام المحققين البعثيين..؟!وماتركته تلك الفعلة من ملاحقات ومقابر!..
لقد قاوم يوسف الصايغ..وصمد..واستنزف جل طاقته في تحصين رؤيته وقناعاته..( لانني اعرف تداعيات تلك السنوات المفزعة التي عاشها قبل كتابة ذلك النص البغيض! )..
لكن قطعان الوحوش كانت اقوى من ما تبقى له من طاقة..
فانكسر دون ان يهوي على الارض!.
.واليوم يعاد انتاج المثقفين المروجين لعبادة الاصنام (وعدد غير قليل منهم كان ذبابا للسلطة قبل انكسار يوسف الصائغ ، وصار يطن حول يوسف الصائغ عندما صار مديرا لمؤسسة السينما والمسرح، وتوارثوا ثقافة السلطة الدكتاتورية بعد سقوطها..ومنهم من هجا يوسف الصائغ ليثبت نأيه عن ثقافة – الوعيد والتمجيد - وليستر عورته؟!)..
لكنهم لم يخلعوا سوى قشرة (الحزب القائد) عن جلودهم ونتاجاتهم ..وتلفعوا بجلباب الوعاظ او قفطان "المحررين" المارينز ..دون ان تتبدد في نفوسهم طقوس التذلل لـ(الاوحد..اي اوحد!) والتضرع للسماء ان تحرس أي (قائد) قائم ..او في طور التكوين ..وتمد في عمره..ليحرسنا من انفسنا!؟
ويتكاثر – هذه الايام - مثقفوا الاذعان الخارجون من (خندق الحزب القائد) وينتشرون تحت منصات الاصنام المتحجرة او الشحمية...التاريخية منها والظرفية..المنتشرة اليوم في طول العراق وعرضه!..
ووسط ازدراء مروجو (ثقافة الوعيد والتمجيد ) بالامس واليوم .. انطوت بصمت حياة شاعرنا يوسف الصائغ المليئة..
بالابداع الفني والاعلامي ..
والسجون العامة والخاصة..
والتمرد على الذات والمحيط..
والتفرد الصحفي المتميز..
والحوارات الجادة..
والاسهامات الثقافية الغنية..
والملاحقات الشريرة..
والحزن المتواتر..
والنكبات المتعاقبة..
والمثابرة الدؤوبة..
ولم يتذكر منه رفاق الامس سوى (الاونة التي انكسر فيها)؟!.



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تُعرَضُ عشتارٌ في سوقِ غنائِمِهِم مَغلولة!
- 2-المثقفون خصوم الاحتلال وضحاياه
- وعي (الاحتلال) وحقيقة الاستقلال؟!
- لماذا يفتك الارهابيون بالمثقفين العراقيين؟!
- هل بامكان نواب المحاصصة انتاج حكومة كفاءات وطنية عراقية؟!
- هل توجد بلد في الدنيا ليس بها فقراءٌ من ميسان؟!
- ما سر عدم كشف الحكومة العراقية اسماء المتورطين بالارهاب من ا ...
- أبحثُ عن -نوزاد-!
- قبور جوّالة تخرج من اروقة الدولة العراقية وتٌفَجَّر
- أي ارهاب يستبيح العراق؟!
- مالذي يريده العراقيون؟
- الإرهاب و الاحتلال ..من السبب ومن هو النتيجة ؟!
- -يوسف-* يَصنعُ مَنْجاتاً لِبُناةِ الفَجر
- سبل خلاص العراق من محنته؟!1-3
- ديمقراطية -السقيفة وخصومها-
- يَتعقبُني المُكَفَنونَ
- احتلال العراق..بين-التهليل- و-الاجتراع المرير-
- كَفّي سارِحَةٌ فَوقَ جَبينِ الفَجرِ
- المرأة والحرمان من السلطة؟!
- -فاتِكْ-* يفتكُ بالمتنبي مرة أخرى!؟


المزيد.....




- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - يوسف الصائغ..يقطع-الرشيد- الى الازقة الخلفية!؟