حزب ش ي ع ي بدون هوية وطنية ولا طبقية !

جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

و
لم تسقط واو الحزب الشيوعي العراقي سهوا ، بل اسقطت عمدا مع سبق الاصرار والترصد ، لم تسقط الواو كتابيا بل اسقطت عمليا ، لم تسقط الواو سقطة واحدة ولكن على دفعات توجت بانخراط حامل الاسم بعملية المحاصصة الطائفية والاثنية فيما يسمى بالعملية السياسية التي يديرها الاحتلال الامريكي في العراق ، اسقطت الواو التي من معانيها المجازية المدغمة انها واو لكل الجماعة العراقية ومركز ثقل اكثريتها الكادحة من عمال وفلاحين وكسبة وشغيلة فكر من كل ارجاء العراق على اساس صلد ومتين لوحدة طبقية ووطنية .
بعد ان انحدرت الزمرة المهيمنة على قيادة هذا الحزب وخاصة منذ اصطفافها كتابع اجرب للاحزاب العشائرية الكردية ـ جماعة البارزاني والطالباني ـ وتحديدا بعد قيام الجيب الامن في شمال العراق الذي فرضته امريكا وبريطانيا على العراق ليكون مرتع آمن لتحركات مخابراتها المتشابك مع نشاطات المخابرات الاسرائيلية والايرانية استعدادا وتمهيدا لحصار العراق الطويل ثم غزوه واحتلاله أي منذ عام 1991 ، تكرست تبعيتة للحزبين العشائريين وكلا حسب منطقته ، وكأن ما حصل بينهما هو جماع كاثوليكي تغذيه الابعاد المطلوبة للدور المناط بالحزب الشيوعي العراقي ليلعبه كعراب للطموحات غير الوطنية للاقطاع الكردي على حساب العراق وشعبه بما فيه الاكراد انفسهم ، لقد كان ميلاد الحزب الشيوعي الكردستاني كامل الاستقلالية ثمرة لقيطة لهذا الجماع غير الشرعي ، واصبحت الاحزاب العنصرية الكردية تسيطر على كامل توجهات الحزب الشيوعي العراقي وخياراته من خلال الدور المزدوج الذي يلعبه الحزب الشيوعي الكردستاني في نهج عموم الحزب الشيوعي العراقي ومن خلال شراء ذمم اغلب الكادر العربي المتبقي والذي ارتبطت اكثريته بعلاقات زيجة وتجارة في مناطق الحزبين اضافة الى كونهم من حملة الجنسيات الاوروبية وقلة قليلة من قليلي الحيلة اي ان غالبيتهم تحت رحمة الحزبين الكرديين في حالة الذهاب والاياب او في حالة حصول اي مكروه او في حالة الاقامة المضمونة العواقب !
هذا الواقع تكرس تماما حتى احتلال العراق في 9 نيسان 2003 وكان قبل الاحتلال بسنوات قد انعكس على مواقف الحزب وتحالفاته وخياراته بحيث مر بخطوات الانضواء تحت خيمة مؤتمر الجلبي ونشاطه المشبوه المبارك من قبل الاخوة الاعداء طالباني وبارزاني بحكم الدفع الامريكي ، حتى عام 1996 حيث خرج الشيوعي العراقي من خيمة مؤتمر الجلبي واكتفى بالتنسيق معه ومع شركاؤه بعد ان طال مطال انتظار وعود الفتح الامريكي الموعود والذي تأخر كثيرا ـ التأهب انطلق منذ مؤتمر فيينا 1991 والانتظار هبوط وصعود منذ وصول بوش للسلطة وهو مسلح بقانون تحرير العراق الصادر من الكونغرس في عهد كلنتون اضافة الى ذريعة 11 سبتمبر 2001 وخطة متكاملة لاحتلال العراق كمنطلق للسيطرة الفعلية على مصادر الطاقة الحيوية وفي اكثر المناطق غزارة واهمية العراق والشرق الاوسط والعالم !
كان مؤتمري لندن وصلاح الدين لما يسمى بالمعارضة العراقية 2003 وما بينهما من مد وجزر وحسب اتجاه البوصلة البارزانية والطالبانية قمة الاستعداد بانتظار ساعة الصفر وبترتيبات شارك بها جميع الذين اشتركوا في مجلس الحكم المنبوذ وبعضهم ظل على ابوابه ينتظر الدخول ، كالملكية الدستورية وجماعة سعد صالح جبر!

عندما تقاتل الاقطاعيان البارزاني والطالباني وانقسمت اقطاعيتهم الى جيبين متقاتلين كان مصير الشيوعيون الذين يقطنون جيب البارزاني في بادينان من محتويات جيبه ، والاخرين في سوران من محتويات جيب الطالباني !
تهافت البارزاني متوسلا قوات الحكومة العراقية ومعتبرا نفسه جنديا في خدمة الرئيس صدام حسين وقاطعا العهود في الولاء لها ، طالبا نجدة قواتها لاسترجاع اربيل من سيطرة الطالباني ، وعندما فعلت كان الفعل بحد ذاته فضيحة لكل الادعاءات المزيفة الكاذبة التي كان البارزاني يتشدق بها ، فهو لم يفكر يوما واحدا بطريقة تجنب العراق وشعبه وخاصة ابناء الشمال من الاكراد الخراب والموت بل كان ديدنه كيفية توسيع نفوذه وممتلكاته حتى لو جاء ذلك على حساب حياة الملايين من الاكراد وتدمير اهم مدنهم كما حصل ايام تعاون البارزاني والطالباني مع الحكم الايراني اثناء منازلات الحرب العراقية الايرانية ! وقتها انحرج فاقد الواو ـ الحزب الشيوعي ـ ايما انحراج امام جل قاعدته وامام المغشوشين به ، وراح يسترسل في التعويم الفارغ الذي يفهم منه انه مغلوب على امره ودون ان يقولها صراحة ليمتص من نقمة الذين يحتقرون مثل هذه المواقف الذيلية الانتهازية !
وقف العديد من المبدئيين والمتمرسين العاملين في صفوف فاقد الواو بالضد من نهج قيادته المنبطحة فكان مصيرهم الابعاد والتنحية الحزبية والتشكيك باخلاصهم ومحاربتهم بشتى الطرق بما فيها قطع المعونات عنهم ومطاردتهم وكانت كل مؤتمرات هذا الحزب التي عقدت في غضون هذه الفترة وفي احضان الاخوة الاعداء وتحت رحمتهم وهيمنتهم بمثابة غربال لكل من يطالب بتغيير هذا النهج الرث !

فاقد الواو منتدبا الى بغداد :
بعد احتلال بغداد نزلت فصائل من قوات البيشمركة التابعة للبرزاني والطالباني كحمايات للكادر المنسق مع غرفة الاتصالات الامريكية ومن اجل المساهمة بالفرهود الحقيقي الذي شمل البنوك وبعض القصور والمرافق المهمة ، وقد نزلت معها وتحت حمايتها فصائل محدودة مع الكادر الذي كلف بالعمل على فتح مقار للحزب فاقد الواو، والاتصال ببعض العناصر المحسوبة عليه في بغداد للظهور بمظهر الحزب الذي لديه جماهير !
بعد تشكيل الادارة المدنية بقيادة بريمر واتمام عملها المعتمد على تقارير التنسيق بين فرقاء المعارضة وخاصة في مؤتر صلاح الدين الذي لم يدعى له فاقد الواو رسميا بل جرى ضمان حصته بضمانة الاوصياء مسعود وجلال تم تشكيل مجلس الحكم ورشح ممثل للحزب الشيوعي فيه ليكون عضوا منتدبا عن تكتل الحصة الشيعية في المجلس وفق آليات المحاصصة وعلى اعتبار ان الحزب الشيوعي الكردستاني مدغم بالحصة الكردية !
اذن فالحزب الشيوعي العراقي ، لا يمثل الاكراد الذين ينتضمون بالحزب الشيوعي الكردستاني ، السائرون نحو فك كامل حتى للارتباط الشكلي الذي يستفيد من وجوده الطرفان ايضا في هذه الفترة ، والفدرالية الشيعية والسنية التي يعمل المنهمكون عليها سائرة نحو التطبيق المعلن او غير المعلن
لذلك فالحسبة تصب لصالح التشيع الشيوعي لان بغداد ستحكم من القائمة الغلابة اي القائمة الشيعية حسب التصنيف التحاصصي طائفيا وعرقيا ، ومحاولات فاقد الواو بالتستر على انسياحه الطائفي بالقائمة العراقية لحرصه على اظهار الخلطة الطائفية فيها امر لم يعد مجديا خاصة بعد احتراق فلم اياد علاوي ، والدلائل تشير الى غزل مبطن بين الشيعي عادل عبد المهدي والرفيق الشيعي حميد مجيد ونائبه الشيعي الرفيق مفيد !
مقرات الحزب تحتفل بكل المناسبات الشيعية من الغدير الى عاشوراء الى عرس القاسم وحتى شاي العباس ، وقيل انه سيكتب على يافطات المقرات مواكب عزاء الحزب الشيوعي ، وهيئة تطبير منطقة بغداد التابعة لمختصة المكتب السياسي لشؤون العلاقات المذهبية ، لما لا فالحزب واقعي وابن بار لهذه الطائفة وقيادة الحزب تنظر دائما للامام او للسماء ـ السقف ـ كما يفعل ذلك دوما السيد حميد مجيد ؟؟

بهذه المناسبة اجد من المناسب الاشارة الى الملاحظة الدقيقة للاستاذ حسقيل قوجماني الواردة في مقالته الاخيرة " ترك الحزب الشيوعي المنحرف ام العمل على استعادته ؟ " حيث اتوخاها كموقف اكثر من مطلوب لكل من تبقى في صفوف هذا الحزب المنحرف من شيوعيين اصلاء ، بل انهم بتركه سيخدمون قضية النضال الطبقي والوطني في العراق ، تركه هو موقف ايجابي وثوري منهم لانه يضعف هذا الحزب المنحرف ويجعل انبثاق حركة تستنبط التراث الثوري لحزب فهد امر آيسر بعد تآكل الحزب المنحرف وافلاسه ، ولان بقاؤهم يساهم ببقاء الانحراف ذاته !

#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات