[email protected]
إن على مجلس الحكم أن يتذكر مواقف الدول العربية والجامعة العربية التي مازالت قائمة لحد الآن من الوضع في العراق. وعلى مجلس الحكم أيضا أن لا ينسى عمق الإهانة التي وجهوها إلى الشعب العراقي بعدم اعتذارهم عن موقفهم السافر من المجازر والمقابر الجماعية التي تمت على أيدي أزلام النظام المقبور في العراق.
من قبل أن يسقط النظام في العراق استشاط الحكام العرب غيظا لأنهم تأكدوا بما لا يقبل الشك من أن النظام العراقي البعثي لابد سينهار، حيث إنهم أكثر العارفين بطبيعة النظام وممارساته. فحاولوا إنقاذ النظام ذاته فلم يفلحوا. وحاولوا إبدال النظام بآخر على غرار الأنظمة العربية ولم يفلحوا أيضا. وبعد أن سقط النظام ومنذ اليوم الأول وضعوا أول مؤامرة على الشعب العراقي حين طالبوا قوات التحالف للخروج وترك العراق بأيدي قوى إقليميه أي عربيه تعيد الأمور إلى نصابها. اتحدت معهم دول الجوار مثل تركيا وإيران رافعين عقيرتهم ليل نهار يعيدون نفس الأسطوانة. أن اتركوا العراق لنا ونحن من سيكمل المهمة.
العرب الذين فعلا قد دفعوا آلاف الفدائيين للعراق، والسعودية التي فتحت الحدود للسلفيين عندها ليدخلوا العراق، وإيران التي تدعم أنظمة العهر العربي أطلقت جميع فلول الطالبان والقاعدة اللاجئين في أراضيها إلى العراق أيضا، وفي نفس الوقت مازالت تزايد على موقف الشيعة العراقيين. بظل هذا الوضع تعلن الجامعة العربية من جديد تمسكها بموقفها الأصيل، كما يسمونه، وهو إن مجلس الحكم غير شرعي وإن مزهر الدليمي وحسن البزاز من يمثل الشرعية، عجبا!!! لكن حين اجتمعت بوزير الخارجية العراقي في الحكومة الانتقالية اكتشفت الجامعة العربية، لأول مرة!!!!!! إن ما يطالبون به قد جاء ضمن برنامج الحكومة الانتقالية وكأنهم لم يكونوا يسمعوا أو يقرءوا قبل أن يلتقي بهم الوزير العراقي. ورغم ذلك تمسكت الجامعة بأدوات مؤامرتها على العراق وذلك على إبقاء أبواب الجامعة مفتوحة لعناصر موالية لنظام صدام وتلتقي عناصر من البعثيين الطائفيين العنصريين من بقايا حثالات النظام المقبور. ليت الجامعة العربية فعلت نفس الشيء مع عناصر المعارضة في الدول العربية الأخرى، فهم أيضا يجب أن يكون لهم صوت حسب قيم الجامعة العربية الجديدة، فلم العراق وحده من يعامل بهذه الطريقة؟
حتى ولو اجتاز العراق المرحلة الانتقالية بنجاح، أننا نعتقد جازمين إن المؤامرات ستستمر وسيجدون لهم اكثر من جهة مستعدة للتعاون معهم، ذلك لأن إقامة حكم ديمقراطي في العراق سيعري هذه الأنظمة أمام شعوبها، وهذا ما يخشاه الحكام العرب ومؤسسه العهر العربي "الجامعة".
وما يثير استغرابي هو تصريحات السياسيين العراقيين الذين يدعون إلى إعادة التضامن العربي ومد الجسور من جديد مع الدول العربية رغم كل العقبات، ويجدون بها ضرورة ملحه!!!
يبدو إن الخطاب البعثي الشوفيني قد لوث كل خطاب سياسي للأحزاب العراقية، فلا أدري ما هي ضرورة أن نتآمر على الشعوب سواء كانت عربية أم غير عربية؟ وذلك بالاستمرار كعضو في الجامعة العربية المنسق البارع للمؤامرات على الشعوب. ولا أدري لماذا لا نستطيع إقامة علاقات مع دول الجوار دون اللجوء إلى أحلاف أو جامعات للتآمر على الشعوب؟ ولا أدري هل نسي السياسيون العراقيون إنهم ضحايا الأمس القريب ومازالوا يدفعون الثمن غاليا كنتيجة لهذه الاتحادات المشبوهة؟ بل والمدانة بجرائم ضد الإنسانية لضلوعها المباشر وغير المباشر بهذه الجرائم؟
إننا يمكن لنا أن نقيم علاقات مع أية دولة من الدول التي تحترم إرادة ورغبة شعوبها والشعب العراقي ولا شأن لها آخر بسياسة العراق على الصعيد الداخلي وشكل نظام الحكم، وهذه هي الشروط الأساسية لأية علاقات دبلوماسية مع أية دولة كانت. ونحن في ذات الوقت الذي نؤكد فيه إن الخيار الديمقراطي لنا كخيار لا رجعة فيه، نؤكد أيضا إن من يمثلنا عليه أن يحترم هذا الخيار وأن لا يعبث بمضمونه وأن يختلق الذرائع والموجبات الموروثة من لغة خطاب لم يعد صالحا لهذا الزمن، خطابا ينتمي لزمن الفكر القومي البعثي الشوفيني الذي يجب أن نحاربه الآن لأنه من أسس الفكر الدكتاتوري الذي وظف لإبادة الأحزاب السياسية والشعب على حد سواء.
إن المواقف العربية الرسمية والشعبية ومواقف الجامعة والإعلام العربي عموما باتت معروفة للجميع ولم يعد ما هو خافيا علينا منها، وإن أبسط ما يمكن أن يقال عنها إنها معادية، بل وسافرة بعدائها ومهينة إلى حدود تجاوزت الرجم بكل قبيحة للعراقيين شعبا وسياسيين. العرب جميعا قد استلوا سكاكينهم ليأخذوا نصيبا من الثور المذبوح، فهاذ يبكي على النفط الذي ستأخذه أمريكا من العراق وكأن العراقي مجرد بهيمة لا تفقه شيء وهم العارفون في خفايا الأمور، وهم من سينقذ النفط العراقي من السارقين، وهذا الذي يحتجز الأموال العراقية لكي يسدد فواتير التجار عنده والتي معظمها قد صرف مرتين متناسين الديون التي للعراق على بلدانهم وهبات النفط السخية لهم، وأول ما عمله العرب من أجل التضامن العربي مع العراق أن بعثوا برسل التجار وعقدوا المؤتمرات من أجل توظيف أموال العراق الهاربة من العراق لمزيد من النهب والسيطرة على مقاليد الأمور من خلال الاقتصاد، العرب ( يجب أن نستثني من ذلك المواقف الخليجية الشريفة، الشريفة فقط ) الذين ما بعثوا بكسرة خبز يواسون بها من تركهم نظام صدام جياعا وهم أعزة العرب بل والعالم، العرب الذين ما بعثوا بضماد لجرح عراقي نازف، العرب الذي لم يبعثوا لنا غير الإرهابيين الذين قلبوا حياتنا جحيما، ليضعوا عبواتهم الناسفة في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان لقتل العراقيين دفاعا عن صدامهم الذي آثرهم علينا بكل شيء، بل أعطاهم كل شيء ولم يترك لنا سوى النقمة والموت والمهانة والاستلاب.
وكنوع من الإرهاب الفكري الذي بدا واضحا هذه الأيام هو اتهام العراقي بكره العرب، فنحن لا نكره العرب، وان من يدعي ذلك فان له أغراض لا شك إنها خبيثة، فإننا حين ندعوا للخروج من الجامعة العربية، في واقع الأمر، إنه من مصلحة الشعوب العربية على المدى البعيد ومصلحة العراق على المديين القريب والبعيد.
الجامعة العربية بنظامها الداخلي وممارساتها منذ أن أنشئت ولحد الآن، ليست اكثر من كيان بتآمر على الشعوب لصالح أنظمتها المتخلفة والتي أوغلت بتغييب شعوبها عن الحقيقة وأوغلت اكثر بإذلالهم وإفقارهم من اجل الحفاظ على الكراسي التي نصبوا أنفسهم عليها رغم أنوف الشعوب، ومن ينتبه لهذه الحقيقة فانه ولا شك الهدف الذي يبقى مطاردا حتى يقطع لسانه ومن ثم الرأس.
إن الجامعة العربية هي نادي الرؤساء العرب وبطانتهم من الوزراء الذين وجدوا بإذلال شعوبهم مكاسب لهم. إن هذا النادي الذي لا يجد له وظيفة غير الحفاظ على العروش العربية لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يكون منقذا لهذه الشعوب من التخلف والفقر والشعور بالدونيه في كل لحظه.
إن جميع قرارات هذا النادي المعادي للشعوب بلا استثناء تحمل مجموعة مؤامرات على هذه الشعوب المقهورة، ولكن بصياغات تبدو وكأنها لصالح هذه الشعوب. فالاتفاقات الأمنية تعني ملاحقة المعارضة لسلطه هذه البلدان. لذا نجد إن المعارض العربي قد هرب من بلده إلى الغرب ليستطيع أن يعمل من هناك على إسقاط السلطة في بلده، وليس من داخل البلدان العربية. فنجد إن بلدان اللجوء المعروفة تحتضن الملايين من الجاليات العربية والتي تعتبر الأوسع والأكبر في العالم اجمع، ألم يسأل العرب أنفسهم لم هرب الأحرار العرب من بلدانهم وحاربتهم الدول العربية حربا ضروس لم تنتهي بعد؟
نحن لا نكره العرب، فمعظمنا عرب، ولكن نكره الأنظمة العربية والاتفاقيات العربية والمشاركة العربية في أي شيء، لأنهم أول من خان الأمانة، فماذا حل بالأموال العراقية في الأردن ولبنان؟ وما هي طبيعة الادعاءات الأردنية بأن العراق مدينا لها بمبلغ 21 مليار دولار؟ فلو بعنا الأردن بكامله لما بلغ سعرها أكثر من بضعة دراهم، فمن أين جاءت الأردن بهذا المبلغ لكي تدينه للعراق؟ وماذا حل بالأموال العراقية في باقي البلدان العربية؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وعلى المستوى الشعبي وخسة السلوك والممارسة من بعض العرب أفرادا، فكم من الأموال العراقية قد صرفت لهم من دون وجه حق بالتزوير وأخذ التعويضات عن خسائر مزعومة، في وقت يتضور العراقي جوعا ويموت كمدا على الثروة الهائلة التي ضاعت من يديه والعربي يستأثر بها تزويرا. وكم من العرب من سرق ونهب من العراق قبل وإبان الفلتان الأمني وبعده؟ وكم من العرب من تطوع لقتل العراقيين ومازال يقتلهم؟ وكم من المنظمات العربية من ساهمت بقتل العراقيين وتركت الكثير من المقابر الجماعية في العراق وذلك نصرة لنظام صدام المجرم. نحن نعرف كل الأيادي الملطخة بالدماء العراقية ولن يمنعنا أحد بعد اليوم من قول الحقيقة وفضح الأنظمة العربية ومنظماتها المجرمة. كل هذا ومازلنا نقول إنهم أخوة لنا ونحن نعتقد إنهم مضللين من قبل ذوي الشأن منهم، وإن كانوا بشرا ليسوا قطعانا تقاد، فكان عليهم ومازال أن يعرفوا إن من يساهم بالجريمة وإن كان مغفلا فهو مدان، والشعب العراقي وكما عرفوه لا يرحم يوم يمتلك أموره بيديه كاملة، وهذا اليوم ليس ببعيد، وإن هم يحاولون إطالة أمد الاحتلال بهذه الأعمال الإرهابية.