الترجمة العربية: تحريفات لأسباب إيديولوجية
حميد كوره جي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 13:41
المحور:
قضايا ثقافية
من القضايا البارزة في الساحة الفكرية والثقافية العربية تبرز مسألة العلاقة بين الترجمة والهوية والفكر، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بنقل المعارف الغربية بأسلوب يتسم بالأمانة والنزاهة. هذا التحدي يتجلى بصورة أساسية فيما يُطلق عليه "البعد الأيديولوجي في الترجمة"، حيث لا تقتصر الترجمة على كونها عملية نقل لغوي محايدة، بل تتداخل فيها عوامل ومؤثرات ترتبط بالتوجهات الفكرية والأيديولوجية.
المعضلة تظهر واضحة في تنوع المواقف والأسباب المرتبطة بالسلوك الأيديولوجي من جانب المترجم أو الناشر، والتي تنحصر بين خيارين أساسيين: "الأمانة" في الالتزام بنص الأصل بحذافيره وبين "الملاءمة"، أي مراعاة القيم والعادات التي تسود المجتمع العربي المستهدف. تبرز هنا حالة من التردد لدى المترجم بين الحفاظ على الطابع الأصلي للنص وبين تعديله بما يتناسب مع معتقدات البيئة المستقبلة للتأثير الثقافي. وفي بعض الأحيان، يُقدم المترجم أو المؤسسة الناشرة على توجيه النص المترجم ليخدم توجهًا فكريًا أو عقائديًا معينًا.
تتمثل إحدى أبرز صور هذا التأثير في عملية التحريف والانتقاء المتعمد، حيث تُحذف أو تُغفل أجزاء من النصوص تتعارض مع السردية السائدة أو الفكرة الأيديولوجية التي يتم تبنيها، وصولًا إلى إعادة صياغة العبارات بطريقة تغير معناها الأصلي لتناسب الأهداف المرجوة. يضاف إلى ذلك اختيار ألفاظ ومصطلحات تنطوي على أبعاد أيديولوجية أو دينية أو ثقافية عوضًا عن تلك المحايدة، وهي ظاهرة شائعة بشكل خاص عند معالجة قضايا سياسية أو اجتماعية محددة.
إلى جانب ذلك، يعاني المترجم غالبًا من معضلة التكافؤ الثقافي، إذ تقف بعض المصطلحات الغربية التي تحمل سياقات فلسفية أو اجتماعية أو سياسية عميقة كعائق أمام إيجاد نظائر عربية تحمل نفس الثقل المعرفي دون أن يتم الحد من معناها الأصلي أو تحريفه. هذه الصعوبة تفرض على الترجمة مواجهة تحدٍّ كبير لضمان التواصل الفكري بين الثقافات دون أن تفقد النصوص جوهرها ودلالاتها الحقيقية.
الترجمة غير الأمينة ضمن إطار الدراسات العلمية الجادة تعتبر عملية موجهة تنتقي وتقصي النصوص بما يخدم منظومة فكرية محددة، بحيث لا يكون الغرض منها نقل النص بحيادية، بل إعادة تشكيله لتحقيق أهداف بعينها. عادةً ما يستخدم المترجم أو الناشر، المدفوع بأجندات أيديولوجية، أساليب متعددة لتحوير النص الأصلي.
هذا النوع من الترجمات من الصعب على القارئ العادي اكتشافه ما لم يكن ملمًا بلغة النص المصدر أو لديه إدراك عميق بالنص الأصلي. الأمر يتفاقم حينما تكون بعض دور النشر العربية الكبرى ذات توجه أيديولوجي واضح تعتمد على مترجمين يتماشون مع أجندتها بهدف "إعادة قولبة" المعرفة الغربية. وللأسف، مثل هذه الترجمات غالبًا لا تخضع لنقد أكاديمي معمق يقارنها بالنصوص الأصلية لكشف الخلل الأيديولوجي المضمن فيها. وعندما تقوم إحدى مؤسسات الترجمة البارزة بالتلاعب في ترجمة بعض المصطلحات المهمة، فإن هذه الترجمات المشوّهة تهيمن على النقاش العام ويصعب تصحيح مسارها لاحقًا.
الرصانة والأمانة في الترجمة لا تعني الالتزام الحرفي بالصياغة اللفظية للنص، بل تعني الحفاظ على روحه ومقصده وسياقه الفكري الأصلي. لذلك، يمكن للباحثين والقراء اللجوء إلى دلائل معينة لتحديد جودة الترجمة، ومن أبرزها المصطلحية الشفافة. يجب على المترجم الموثوق أن يذكر المصطلح الأصلي بين قوسين عند استخدامه لأول مرة، خاصة إذا كان المصطلح يمثل مفهومًا جوهريًا مثل (التنوير - Enlightenment) أو (البنيوية - Structuralism). كما يُفضل أن يضيف المترجم شروحات هامشية لتفسير الإشارات الثقافية أو السياقية التي قد تغيب عن القارئ بدلاً من استخدام الهوامش لإبداء آراء شخصية أو انتقاد النص.
غالبًا ما يتمتع المترجم الأمين بخلفية أكاديمية وخبرة متخصصة في المجال الذي يترجم نصوصه عنه، مما يضمن فهمه العميق للنصوص ومضامينها؛ إذ إن معرفة قواعد اللغة وحدها لا تكفي لإنتاج ترجمة ذات جودة عالية. بالإضافة إلى ذلك، يجب إعطاء أولوية لإجراء مراجعات نقدية جادة للنسخ المترجمة، وذلك عبر الاطلاع على تقييمات الكتب في المجلات والدوريات الأكاديمية بهدف الكشف عن أي تحوير أو حذف مقصود يمكن أن يخل بجوهر النص الأصلي.
دار المنى أشرفت على ترجمة مجموعة كبيرة من الروايات والقصص السويدية إلى اللغة العربية، ولكن يبدو أن العديد من هذه الترجمات قد تمت عبر الإنجليزية، وليس من النصوص الأصلية السويدية. من أبرز الأمثلة على ذلك قصة "الأخوان قلب الأسد"، حيث قام مترجم دار المنى بتغيير العنوان إلى "الأخوان" وحذف الجزء المتعلق بـ ”قلب الأسد".
المترجم، وليد سيف، اختار تجنب استخدام اسم "قلب الأسد" بسبب دلالاته السلبية لدى القارئ العربي، فأصبح الاسم مجرد "ليونهارت"، مما أفرغه من أي ارتباط تاريخي.
مثال على ذلك:
في النص السويدي الأصلي، ورد المقطع:
Minns du när vi läste i historieboken om en modig engelsk konung vid namn Rikard Lejonhjärta, minns du hur då du sade: ”Tänk att vara så modig så att det står om det i historieböckerna efteråt, det skulle aldrig jag kunna vara.!”
"هل تذكر عندما قرأنا في كتاب التاريخ عن ملك إنجليزي شجاع يُدعى ريتشارد قلب الأسد، هل تذكر كيف قلت حينها: تصوّر أن أكون شجاعاً بما يكفي ليُكتب عني في كتب التاريخ! هذا أمر لن أستطيع تحقيقه أبداً!"
لكن في ترجمة دار المنى، تغيرت الترجمة بالكامل لتصبح:
"ألم يكن من الأصح أن يكون اسمك جوناثان ليونهارت كما ينبغي لفتى شجاع مثلك! عزيزي جوناثان! حتى لو لم تكتب عنك كتب التاريخ، فقد أثبت أنك في اللحظة الحاسمة كنت على مستوى من الشجاعة والإقدام يماثل ما سُطِّر عن أبطال التاريخ."
هذا التغيير يُظهر محاولة واضحة لإبعاد النص عن مرجعياته الثقافية الأصلية. اسم "قلب الأسد" له وقع خاص في الثقافة العربية والإسلامية، حيث ارتبط بالصليبي ريتشارد قلب الأسد الذي شارك في الحملات الصليبية وحارب صلاح الدين الأيوبي خلال تحرير القدس. وبالتالي، فإن حذف الاسم واستبداله بـ ”ليونهارت" يُسقط مدلولاته التاريخية تماماً، مما يقطع الصلة بين النص والقارئ العربي الذي عرف الاسم في سياقاته التاريخية.
أما فيما يتعلق بترجمة قصة بيبي لونجستروم، فيبدو أن الأمر أكثر حدة. إذ وصلت الترجمة إلى حد إضافة عبارات مثل "لا حول ولا قوة إلا بالله!" وهو تعبير عربي إسلامي لا يمت بصلة إلى السياق الأصلي للقصة السويدية. هذا الأمر يعكس نهجاً يفتقر إلى الأمانة في الترجمة، حيث يتم إدراج تعابير وأفكار تتناسب مع ثقافة القرّاء العرب، ولكنها غريبة تماماً عن النص الأصلي.
يمكن القول إن هذه الترجمات لم تكتفِ بتحويل النصوص إلى لغة جديدة فحسب، بل أعادت تشكيلها لتتناسب مع قناعات معينة، مما يثير تساؤلات حول النزاهة والدقة في تقديم الأعمال الأدبية لقرّاء اللغة العربية.
بناءً على الاهتمام بـ "التحليل المقارن المُفصَّل" للأعمال الفكرية الكبرى والكشف عن التلاعب الأيديولوجي، يُعد كتاب "الاستشراق" (Orientalism) لإدوارد سعيد نموذجاً مثالياً لهذا النوع من النقد، حيث توجد له ترجمتان عربيتان رئيسيتان خضعتا لمقارنات نقدية واسعة.
توجد دراسات متخصصة تناولت هذا العمل تحديداً لتوضح كيف أن توجهات المترجم الأيديولوجية أو المنهجية أثرت بشكل مباشر على نقل الكتاب.
كتاب الاستشراق (1978) تمت ترجمته إلى العربية مرتين بشكل أساسي، وكلتا الترجمتين خضعت للنقد:
1. الترجمة الأولى: كمال أبو ديب.
2. الترجمة الثانية (وإعادة الترجمة): محمد عناني.
توجد مقالات ودراسات أكاديمية تفصيلية تناولت هذا التباين، وأبرزها ما يركز على مقارنة استراتيجيتي الترجمة:
عنوان الدراسة النقدية: "الاختلاف والمجانسة في ترجمة الاستشراق إلى العربية: المترجم بوصفه فاتحاً" (أو دراسات مماثلة تناولت المقارنة بين أبي ديب وعناني).
محور المقارنة بين ترجمة كمال أبو ديب وترجمة محمد عناني يظهر تباينًا واضحًا في الاستراتيجيات والمنهجية المتبعة، ما يعكس دلالات أيديولوجية ومنهجية تختلف بين المترجمين.
فيما يخص الاستراتيجية العامة، اعتمد كمال أبو ديب على الأمانة البنيوية، مع التركيز على تغريب النص والحفاظ على صياغته المعقدة كما ورد في اللغة الإنجليزية، في محاولة لعكس صعوبة النص الأصلي. على الجانب الآخر، اتبع محمد عناني أسلوب التوطين والمجانسة، مستهدفًا تقديم النص بجاذبية وسلاسة أكبر للقارئ العربي، مع وضع وضوح النص كأولوية.
بالنسبة للمصطلحات الصعبة، فضّل أبو ديب الإبقاء على الغموض وحتى النقل الحرفي، ما قاد إلى تعبيرات تُعتبر معقدة وغير مألوفة في السياق العربي. بينما عمد عناني إلى تبني التكافؤ الوظيفي بدلاً من الشكلي، مُقدمًا مصطلحات أكثر انسيابية وسهولة للفهم. هذا الاختلاف أثار نقاشات حول التوازن بين الحفاظ على الرصانة الفكرية وبين توسيع قاعدة القراء واستقطابهم.
من ناحية التحريف أو الحذف الأيديولوجي، تم توجيه نقد لأبو ديب بسبب اللغة المعقدة التي اعتمدها والتي وُصفت بأنها جعلت الكتاب "صعب الوصول" وأفقدته بعض تأثيره الثوري في العالم العربي، دون اللجوء إلى الحذف المباشر كما هو الحال في أمثلة جبرا كوت. من جهة أخرى، أُخذ على عناني تبنيه للتوطين الزائد الذي قد يكون أضعف حدة النقد الموجه للمؤسسة الثقافية العربية. حتى أن إدوارد سعيد نفسه أعرب في مقدمة ترجمة كتابه اللاحق "الثقافة والإمبريالية" عن خيبة أمله من الصدى الخافت لكتابه الأول في العالم العربي، مما دفع الباحثين إلى الربط بين مستوى الترجمة والطريقة التي تلقى بها الجمهور الكتاب.
خارج إدوارد سعيد، ظهرت أمثلة أخرى بارزة في الدراسات النقدية التي تطرقت إلى الترجمة الأيديولوجية في الفكر المعاصر:
تُشير الدراسات إلى أن المفاهيم الفوكوية المتعلقة بـ السلطة/المعرفة (Power/Knowledge) والذات/التذويت (Subject/Subjectification) واجهت تحديات كبيرة، ليس فقط لتعقيدها، بل لأن ترجمتها كانت تتم أحياناً تحت تأثير مقاربات فلسفية عربية سابقة (ماركسية أو إنسانية) حاولت احتواء فوكو وتخفيف نقده الجذري للمؤسسات.
مصطلحات مثل ما بعد الحداثة (Post-Modernism) والعلمانية Secularism) تخضع لـ "عمليات تلطيف" أو "تأطير سلبي مُتعمَّد" في الترجمة والمقدمات التفسيرية، لإبعادها عن مفهومها الأصلي وتوجيه القارئ لرفضها أيديولوجياً قبل فهمها منهجياً.
التحليل المقارن لترجمات "الاستشراق" لإدوارد سعيد يمثل أفضل نموذج متوفر لدراسة تأثير الترجمة على استقبال الفكر الأجنبي في العالم العربي، حيث يكشف عن تباين بين الأمانة اللغوية والنجاح الثقافي.
مجال الدراسات النسوية يمثل أرضية خصبة لدراسة "الترجمات التعسفية" التي تهدف إلى "تطهير" المعرفة المترجمة من الأفكار التي تهدد السرديات الثقافية والدينية السائدة.
لقد أثمر البحث عن دراسات تؤكد وجود هذه الظاهرة، خاصة فيما يتعلق بـ "توطين" النصوص النسوية وتكييفها مع الحساسية الثقافية السائدة.
تُظهر النتائج أن النقد الأكاديمي ركز على نقطتين رئيسيتين: صراع المصطلح (خصوصاً Gender) وأدلجة الترجمة عبر الهوامش والمقدمات.
أفضل مثال متوفر يوضح التلاعب الأيديولوجي يكمن في التعامل مع المفاهيم المحورية للنظرية النسوية عند ترجمتها، حيث يتحول النقل إلى صراع بين "أمانة" النص و "سلامة" السياق الثقافي العربي.
حالة ترجمة المصطلح المحوري (Gender)
يُعد هذا المصطلح هو المثال الأكثر وضوحاً للتحريف التعسفي:
• المصطلح الأصلي: Gender (النوع الاجتماعي). وهو مفهوم نقدي يشير إلى الأدوار والسلوكيات والتوقعات التي يحددها المجتمع والثقافة لكل من الذكر والأنثى (وهو يختلف عن Sex أو الجنس البيولوجي).
• الترجمة الأيديولوجية السائدة (التي تخفف من حدته): ترجمته إلى "الجنس" أو "المرأة" أو "الأنوثة".
رغم غياب دراسة مقارنة شاملة بين الترجمات المختلفة لكتاب "الجنس الآخر" (Le Deuxième Sexe) لسيمون دي بوفوار على نحو مفصل كما هو الحال مع كتاب "الاستشراق"، إلا أن النهج المتبع في ترجمة هذا العمل وغيره من النصوص النسوية الكلاسيكية يعتمد بشكل ملحوظ على عملية الاجتزاء. يتم ذلك من خلال حذف أو تخفيف الأجزاء التي تتناول الجنسانية الجسدية للمرأة بشكل صريح، أو التي توجه انتقادات مباشرة وحادة للمؤسسات الاجتماعية والدينية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تأطير النص ثقافياً عبر تصنيفه كجزء من "النقد الغربي للمجتمع الغربي"، مما يؤدي إلى عزله عن أي دلالات قد ترتبط بالمجتمعات العربية، لتجنب الاصطدام مع السرديات الثقافية المحلية. لقد تم تحديد أن التحريف الأيديولوجي في الترجمة النسوية يتركز في تغيير المصطلح وتأطيره سلبياً.
يعد مجال الإعلام والسياسة أحد أكثر المجالات التي تخضع فيها الترجمة لـ التوجيه والتحريف الأيديولوجي، خاصة عند نقل مفاهيم تتعلق بالحكم، الحريات، أو العلاقات الدولية. الجدل هنا غالبًا ما يدور حول تلطيف النقد الموجه للنظام السياسي، أو تغيير دلالة النماذج الديمقراطية.
المفهوم المحوري المتأثر:
طبيعة الجدل الأيديولوجي:
1. نهاية التاريخ والإنسان الأخير (The End OF History and the Last Man) لـ فرانسيس فوكو ياما
الليبرالية والديمقراطية الغربية
التأطير المسبق: لم يقتصر التحريف على حذف فصول بأكملها، بل ظهر في مقدمات طويلة وهوامش مضافة للترجمة، حيث تم توجيه القارئ إلى رؤية العمل كمجرد "محاولة لفرض الهيمنة الغربية" أو "مؤامرة سياسية". هذا التوجيه انتقص من كونه أطروحة فلسفية تدرس التطور السياسي البشري.
2. صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي (The Clash OF Civilizations) لـ صموئيل هنتنغتون
الصراع الحضاري والهوية
التضخيم والتحوير: رغم أن النص الأصلي يحتوي على أبعاد مثيرة للجدل، غالبًا ما ركزت الترجمة والمراجعات العربية على تكبير مسألة "الصراع"، مع إهمال الجوانب المتعلقة بـ "إعادة بناء النظام". هذا تسبب في تحوير العمل من دراسة استشرافية إلى ما اعتُبر من قبل البعض "دعوة للعداء".
3. كتب عن حقوق الإنسان والحريات
الحرية الدينية والسياسية وحرية التعبير
الاجتزاء الانتقائي: تُظهر ترجمات بعض الوثائق الدولية أو التقارير الغربية ميلاً لحذف أو تلطيف المقاطع التي تتناول الحريات المدنية، لا سيما فيما يخص المعتقد أو الهوية الجنسية أو انتقاد الممارسات السياسية. الهدف من هذا النهج هو تجنب إثارة الجدل في السياقات المحلية.
المصطلح الأجنبي الترجمة الأيديولوجية الموجهة (المضللة) سبب الجدل والتحريف
1. Civil Société (المجتمع المدني) المجتمع الأهلي أو المجتمع غير الحكومي التجريد من القوة السياسية: يتميز مصطلح المجتمع المدني بمضمون سياسي واضح يعزز دور الرقابة على سلطة الدولة. استبداله بتعبيرات كـ "الأهلي" أو "غير الحكومي" يضعف هذا البعد ويحصره في أنشطة اجتماعية أو خيرية بعيدة عن أي تهديد للنظام القائم.
2. Governance (الحوكمة) الإدارة الرشيدة التخفيف من الشفافية والمساءلة: يشير مفهوم الحوكمة إلى عناصر متعددة تشمل الشفافية، والمسؤولية، والمشاركة الشعبية. ترجمة المصطلح بـ "الإدارة الرشيدة" تفرغه إلى حد كبير من مضامينه السياسية والأخلاقية، مما يحيله إلى كفاءة إدارية فقط بعيداً عن محاربة الفساد وتحقيق العدالة الشاملة.
3. Human Rights (حقوق الإنسان) الحقوق الشرعية أو الحقوق الأساسية التقييد الأيديولوجي: من خلال حصر مفهوم "الحق" في سياقات مثل الشريعة أو الأعراف المحلية، يتم تقليص مفهوم حقوق الإنسان وتحويله إلى أداة خاضعة لتفسيرات محدودة، مما يؤدي إلى انتقائية وتجزئة في تطبيقها كمعايير عالمية شاملة.
أما في مجال الترجمة السياسية والإعلامية، فيتم استخدام التحريف الأيديولوجي كوسيلة لتقليص الطابع النقدي أو تغيير الهدف الأصلي للمصطلح، حيث لا يقتصر الأمر على حذف محتوى معين، بل يركز على إعادة تشكيل المفاهيم بشكل أيديولوجي. يتم ذلك عن طريق إفراغ المصطلحات ذات الطابع الاجتماعي والسياسي النقدي من مضمونها الأصلي وتحويلها إلى تعبيرات ذات طابع إداري أو أخلاقي مبسط. بالإضافة إلى ذلك، يُمارس التأطير المسبق للنصوص الأصلية من خلال إدراج ملاحظات نقدية منحازة تمنع القارئ من استيعاب النص بموضوعية، كما يظهر ذلك بوضوح في أعمال مثل تلك الخاصة بفوكوياما وهنتنغتون.