في زاوية العالم المائلة


حميد كوره جي
الحوار المتمدن - العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 18:43
المحور: الادب والفن     



تتجمع الغيوم المظلمة في حقيبة صغيرة، تختزن مطرًا يرفض السقوط، وكأنها أسرار لا تريد أن تُكشف. تتراكم الليالي الثقيلة الواحدة تلو الأخرى، بينما تلاحقها نظرات حادة بلون الدم من مجموعة ترتدي الأحمر القاني. ترك هؤلاء الشارع في عزلة عميقة، كأنه لوحة باردة لا تنطق سوى بالوحدة.

في هذا الصمت، يمشي رجل وحيد بخطوات ثقيلة، يرافقه قط أسود يحمل حقائب ثقيلة من الأسرار، كأنهما يتقاسمان أعباء العالم.

العالم يبدو مائلًا، كأنه منظور ضبابي لا يكشف إلا عن جوانب الحياة المشوشة. وفي قلب هذه الغرابة، يبرز سؤال: لماذا نخشى كشف الجسد، بينما الكفن ينتظرنا في النهاية؟

تتدفق فجأة أصوات صاخبة واهتزازات حادة، كأنها صهيل حصان حر يكسر رتابة الزمن. في تلك اللحظة، ينطلق طائر كان مقيدًا بخيط رقيق، محلقًا نحو سماء واسعة بلا حدود، معلنًا بداية فصل جديد من الحرية.

بين الحلم والواقع، تتجول كلمات وأشباح غير مرئية. بعضها ينهار تحت وطأة الأحلام التي لم تكتمل، وبعضها ينجذب نحو قلبٍ مفتوح، مستعد لاستقبال فرحة مفاجئة تعيد إحياء شعور كان مختبئًا.

ثم يظهر حضور غامض يشبه الحب، كصورة متأرجحة بين الواقع والخيال: امرأة وحيدة تقف بثبات في بداية فصل دافئ، رغم برودة الوقت من حولها. تتنفس ببطء، وكأنها تستعيد ذكرى منسية عبر مسام الهواء.

كانت كلماتها واضحة، تمزج بين الحزن والأمل: "الحب هو الحرية.. تعالَ نزين حوتًا ونهرب نحو الأفق، حيث البحر يفتح ذراعيه لنا."

يا له من اقتراح ساحر! ولكن إذا كان البحر كله يمكن أن يُحتوى بين يدينا، فلماذا نحتاج إلى الحوت؟ هل هو وسيط يقودنا نحو اللا نهاية، أم أننا في الحقيقة نهرب من مواجهة أنفسنا؟

مالمو
2025-08-17