على حماس أن تضحي من أجل الفلسطينيين


محمود يوسف بكير
الحوار المتمدن - العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 02:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة وإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بها عناصر طيبة وأشياء غامضة عمدا في نفس الوقت، وقد بدأت بداية غير موفقة من حيث استبعاد الفلسطينيين والعرب من المشاركة في إعداد الخطة التي تم اعدادها على ما يبدو بواسطة جاريد كوشنر زوج ابنة ترامب المعروف بانحيازه لإسرائيل بحكم أنه يهودي، وبالتأكيد فإنه كان على تواصل مع إسرائيل لضمان تنفيذ كل مطالبها بالكامل مع منح الفلسطينيين بعضا من حقوقهم الإنسانية وبعض الوعود المستقبلية كم سوف نوضح من خلال عرضنا المقتضب للنقاط العشرين وتقييمها. وفي نهاية المقال سوف نقوم بعمل ما نسميه في الاقتصاد بحساب الأرباح والخسائر والذي يعيننا على اتخاذ القرارات الاقتصادية الهامة بما يخدم مصالح شعوبنا. النقاط العشرين بها بعض التكرار للتأكيد على الأشياء التي تخدم مصالح إسرائيل ولذلك ولعدم الإطالة غير المفيدة فإننا سوف نركز على النقاط الهامة والمصيرية في الخطة:
١غزة لن تكون مصدرا للإرهاب والخطر على الدول العربية المجاورة لها وليس إسرائيل فقط ولذلك سيتم تدمير كل الأنفاق. وعلى حماس أن تفرج عن كل الرهائن الإسرائيليين لديها وأن تسلم أسلحتها فورا مقابل العفو عن مقاتليها الذين يمكنهم البقاء في غزة أو الرحيل لأي بلد يرحب بهم، ومقابل هذا سوف تفرج إسرائيل عن ١٧٠٠ معتقل لديها و٢٥٠ محكوم عليهم بالسجن المؤبد. هذا الملخص يشتمل على ستة نقاط من النقاط العشرين. وتقييمنا له أنه يخدم مصلحة إسرائيل بامتياز لأنه يجرد حماس من الورقة الوحيدة لديها، ولو أضفنا أحد النقاط الأخرى في خطة ترامب والتي تنص على ألا يكون لحماس أي دور سياسي في المستقبل. وسوف تضمن الدول العربية عدم عودة حماس. أي نهاية حماس عسكريا وسياسيا. وبالطبع فإن فحوى هذه النقاط السبعة يخدم إسرائيل بشكل حاسم.
٢بمجرد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين واستسلام حماس سيتم وقف كل العمليات العسكرية الإسرائيلية وسوف يسمح للمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية الأخرى بالعودة لتزويد الفلسطينيين في غزة بكل احتياجاتهم من الأغذية والأدوية والمياه وغيرها، بالإضافة إلى البدء في إصلاح شبكات الكهرباء والمياه والمجاري والشوارع والمستشفيات والمخابز….. إلخ هذا بالإضافة إلى السماح بدخول المعدات الثقيلة لنقل الركام والقمامة. فحوى هذه النقاط بالطبع يعمل لصالح المواطنين الأبرياء والنساء والأطفال الذين ذاقوا كل أنواع الذل والهوان والجوع والتشرد لمدة عامين لم يعرفها أي بلد في التاريخ الحديث وسط اكتفاء العالم بالمشاهدة والتنديد.
٣سوف تحكم غزة لفترة انتقاليه بواسطة لجنة فلسطينية من الخبراء في كل الشؤون الحياتية وسوف يراقب هذه اللجنة مجلس إدارة السلام برئاسة ترامب وأعضاء من رؤساء الدول ومنهم توني بلير. وسوف يتم البدء في تنفيذ خطة ترامب لتنمية قطاع غزة والتي تعتمد على جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، كما سيتم إنشاء منطقة اقتصادية حرة لتسريع عملية إعادة بناء غزة.
٤تضمن خطة ترامب عدم قيام إسرائيل باحتلال غزة أو ضمها إليها بعد سحب كل قواتها من القطاع، ولكن لم يتم وضع أي برنامج زمني لعملية الانسحاب، وبالطبع فإن عملية الانسحاب لن تتم إلا بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة، والخطة تقول ما معناه إن هذا لن يحدث إلا بعد القضاء على كل جذور ما يسمونه بالإرهاب. بينما ترامب يقول علانية إنه في حالة رفض حماس للخطة، فإن غزة سوف تتحول جحيم. وهذا هو الإرهاب بعينه. أما أجمل ما في الخطة فهو الدعوة لإقامة نوع من الحوار بين الأديان لتعزيز مبادئ التعايش السلمي وقبول الآخر وتشجيع الحوار والتسامح بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي النهاية تقول الخطة إنه مع تقدم عملية إعادة إعمار غزة وإصلاح أحوال السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية فإن هذا سيمهد الطريق للتوجه نحو تلبية رغبات الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. ولم تذكر الخطة أي تعهد بإقامة الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها كل دول العالم ما عدا أمريكا وإسرائيل، فكان اعترفا على الورق فقط والسبب أمريكا. والخلاصة أن الموضوع معقد ومتشابك والبعض يدعو حماس إلى رفض الخطة ولم يعرضوا أي بدائل، لأن الرفض معناه أن يظل الفلسطينيون في غزة في حالة حرب ومعاناة إلى الإبد. والملاحظ هنا أن كل من يدعون حماس للرفض يعيشون خارج غزة ولو أنهم يعيشون داخل هذا الجحيم لكنا تناولنا دعوتهم بجدية. أما رأيي الشخصي وهو مجرد اجتهاد وقد أكون مخطئا أو مصيبا لأن الخطة قد تكون فرصة جيدة لمستقبل بعيد ولكنه أفضل مما نراه الآن. ولذلك فإنني أدعو حماس للإعلان للعالم كله موافقتها على الخطة واستعدادها لتسليم أسلحتها بعد أن رأت كيف أن العالم كله تقريبا بما فيهم الدول العربية والغالبية العظمى من سكان قطاع غزة وافقت على خطة ترامب ولم تعد ترغب في قبول وجود حماس، وعلى قادتها أن يعلموا أن أيامهم في قطر أصبحت معدودة. واصبح واجبا عليهم أن ينسحبوا بكرامة وإن يدعوا سكان غزة إلى تقرير مصيرهم إما بقبول أو رفض خطة ترامب. ويمكن أيضا الإسراع بمطالبة دول العالم خاصة الدول العربية بالقيام ببعض التعديلات البسيطة في الخطة وأعتقد أن هذا ممكن في حال ابتعاد حماس عن المشهد. ولكن التاريخ سوف يذكرهم بأنهم قاتلوا من أجل استقلال بلدهم وأنهم حققوا تقدم هائل في تحقيق حلم الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنشاء دولته.
مستشار اقتصادي