هولندا وأبقارها المعجزة: مسرحية الغرب الهزلية لتدمير أحلام الجنوب
احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 09:56
المحور:
كتابات ساخرة
1. أيها السادة والسيدات، مرحبًا بكم في العرض الأول لمسرحية الغرب الاقتصادية العظيمة، حيث تُروَّج هولندا كجنة الأبقار التي تفوق اقتصادها دول المغرب والجزائر وليبيا وتونس مجتمعة! تخيلوا المشهد: مزارع هولندي يرتدي قبعة قش، يحلب بقرة تبتسم كنجمة إعلانات، بينما يخبرنا الراوي بصوت درامي أن هذه البقرة وحدها تنتج أكثر من الناتج القومي لدولة عربية بأكملها. يا للروعة! لكن، دعونا ننزع الأقنعة عن هذه المسرحية الهزلية، ونرى الحقيقة وراء ستار الدعاية الغربية التي تحاول إقناع شعوب الجنوب بأنها لا تملك إلا اليأس والفشل.
2. هولندا، تلك الدولة الصغيرة التي يُروَّج لها كمعجزة اقتصادية، تتباهى بأبقارها كأنها مخلوقات سحرية تنتج ذهبًا بدلاً من الحليب. لكن، دعونا نقارن: عدد الأبقار في السودان يفوق بكثير عدد الأبقار في هولندا، لكن الناتج القومي الإجمالي؟ يا إلهي، الفرق بينهما كالفرق بين الأرض والثريا! لماذا؟ لأن الغرب، بقيادة الطغمة المالية في الولايات المتحدة وأوروبا، يعمل بجد لضمان أن تبقى دول الجنوب مثل السودان في حالة فوضى دائمة. تخيلوا مدير مسرح يقرر تدمير ديكور المسرحية ليمنع أي ممثل منافس من الصعود إلى الخشبة. هذه هي الاستراتيجية!
3. نعم، أيها الأفاضل، هناك يد خفية تعبث بمصير دول الجنوب. إسرائيل ومحميات الخليج، بدعم من أسيادهم في واشنطن ولندن، يمولون تفتيت دول مثل السودان والعراق وسوريا ومصر والجزائر. كيف؟ بالنعرات الطائفية، بالحروب الأهلية المُصنّعة، بالفوضى التي تُزرع بعناية لضمان ألا يرفع أي بلد رأسه. تخيلوا لو أن السودان، بثرواته الزراعية وموارده البشرية، عاش في سلام لعشر سنوات فقط. كانت هولندا سترسل وفدًا لتتعلم منه كيف تُدير الأبقار، بدلاً من إلقاء المحاضرات عن "المعجزة الهولندية"!
4. لكن دعونا نضحك قليلاً على هذه المسرحية. الغرب يحب أن يقارن الناتج القومي الإجمالي، كأنه المقياس الوحيد للنجاح. لكنهم ينسون شيئًا: هذا الناتج القومي مليء بالهواء الساخن! خمسون بالمائة من اقتصاد أوروبا، وسبعون بالمائة من اقتصاد الولايات المتحدة، هو مجرد أرقام على الورق، قيمة دفترية وهمية لا تعكس إنتاجًا حقيقيًا. تخيلوا رجل أعمال يتباهى بأن لديه مليار دولار، لكن عندما تفتح خزنته تجد مجرد قصاصات ورق مكتوب عليها "IOU". هذا هو الاقتصاد الغربي: قصاصات ورق مغلفة ببريق الدعاية.
5. دعونا نتحدث عن القوة الشرائية، تلك الحقيقة التي يتجاهلها الغرب عمدًا. لو حسبنا اقتصاد دول شمال إفريقيا بناءً على القوة الشرائية، لوجدنا أن قيمته الحقيقية تتجاوز الرقم الرسمي بثلاثة أو أربعة أضعاف! خذوا الصين مثالًا: على الورق، اقتصادها أقل من اقتصاد الولايات المتحدة. لكن عندما تحسب القوة الشرائية، تجد أن الصين تتفوق على أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان مجتمعة! تخيلوا لو أننا طرحنا الاقتصاد الوهمي – سبعين بالمائة من اقتصاد أمريكا، وخمسين بالمائة من اقتصاد أوروبا، وعشرة بالمائة فقط من اقتصاد الصين. ستصبح الصين عملاقًا يجعل الغرب يبدو كقزم يرتدي بدلة كبيرة على مقاسه.
6. دعونا نضحك أكثر: روسيا، تلك الدولة التي حاول الغرب عزلها بالعقوبات، سجلت العام الماضي أقوى عملة في العالم، بزيادة 41% في قيمتها مقارنة بالعملات الأخرى، بينما أفضل عملة غربية سجلت 11% فقط! يا للمفارقة! الغرب، بكل غطرسته، قرر معاقبة روسيا، فأفاقت روسيا من سباتها وأصبحت أقوى. تخيلوا رجلاً يحاول إغراق خصمه في الماء، ليكتشف أن خصمه سمكة تستمتع بالسباحة! هذه هي روسيا، وهذا هو الغرب الذي يظن أنه يملك زمام الأمور.
7. لكن دعونا نعود إلى هولندا، تلك "الجنة الاقتصادية" التي يُروَّج لها كمثال للنجاح. هل تعلمون أن شباب هولندا يهربون منها؟ نعم، يهربون إلى دبي وغيرها، لأنهم يئسوا من السياسات النيوليبرالية التي حولت حياتهم إلى جحيم. عمل مرهق، رواتب لا تكفي، وحياة اجتماعية معدومة. تخيلوا شابًا هولنديًا يستيقظ في السادسة صباحًا، يعمل 12 ساعة في مكتب، ثم يعود إلى شقة صغيرة بحجم خزانة ملابس، ويدفع نصف راتبه إيجارًا. هذه هي "المعجزة الهولندية" التي يتباهى بها الغرب!
8. دعونا نتحدث عن التقسيم الدولي للعمل الاستعماري، تلك اللعبة القذرة التي يتقنها الغرب. الفكرة بسيطة: احتفظ بالجنوب فقيرًا، مفككًا، ومشغولاً بحروبه الداخلية، بينما تروّج لنفسك كمنارة الحضارة. إسرائيل ومحميات الخليج تلعب دور الوسيط المطيع، تمول الفوضى في السودان، العراق، سوريا، وغيرها، بأوامر من الطغمة المالية في واشنطن ولندن. تخيلوا لو أن السودان حصل على فرصة للاستقرار. كانت أبقاره ستنتج ما يكفي لإطعام نصف إفريقيا، وسيصبح اقتصادها ينافس هولندا، بل يتجاوزها. لكن، لا! الغرب يفضل أن يرى السودان غارقًا في الطائفية والصراعات، بينما يحلب أبقاره ويتباهى بـ"المعجزة".
9. دعونا نضحك على هذا العبث: الغرب يحب أن يقارن بين اقتصاداته "المتقدمة" واقتصادات الجنوب "المتخلفة"، لكنه ينسى أن قواعد اللعبة مزورة. لو حسبنا الاقتصاد بناءً على الإنتاج الحقيقي، لا الأرقام الوهمية، لوجدنا أن دول الجنوب تملك ثروات حقيقية، من الزراعة إلى الموارد الطبيعية. لكن الغرب يصر على قياس الاقتصاد بمقاييسه الخاصة، كرجل يقيس طوله بمسطرة مطاطية يطيلها كما يشاء!
10. دعونا نتحدث عن الصين، تلك الدولة التي أذهلت العالم. على الورق، اقتصادها أقل من اقتصاد الولايات المتحدة. لكن عندما تحسب القوة الشرائية، تجد أن الصين تتفوق على الجميع. تخيلوا لو أننا طرحنا الاقتصاد الوهمي: سبعين بالمائة من اقتصاد أمريكا، وخمسين بالمائة من اقتصاد أوروبا. ستصبح الصين عملاقًا يجعل الغرب يبدو كمجموعة من الأقزام يرتدون بدلات كبيرة. والمضحك أن الغرب يستمر في محاضرتنا عن "الاقتصاد الحر"، بينما يعتمد على طباعة النقود وتضخيم الأرقام!
11. لكن دعونا نعود إلى هولندا وأبقارها "السحرية". هل تعلمون أن الزراعة في هولندا تعتمد على استغلال مكثف للأراضي، باستخدام مواد كيميائية تضر بالبيئة؟ بينما في السودان، لو أُتيحت الفرصة، يمكن أن تكون الزراعة مستدامة وصديقة للبيئة. لكن الغرب لا يريد ذلك. يريد أن يبقى الجنوب سوقًا لمنتجاته، لا منافسًا. تخيلوا لو أن السودان استثمر في أبقاره بنفس الطريقة التي تستثمر بها هولندا. كانت الأبقار السودانية ستصبح نجومًا عالمية، وليس مجرد أرقام في إحصائيات!
12. دعونا نتحدث عن شباب الجنوب، أولئك الذين يُحاول الغرب إقناعهم بأنهم فاشلون. شباب السودان، الجزائر، مصر، وتونس يملكون طاقات هائلة، لكنهم يواجهون حروبًا مُصنّعة وفوضى ممولة من الخارج. تخيلوا لو أن هؤلاء الشباب حصلوا على فرصة عادلة. كانوا سيبنون اقتصادات تنافس هولندا وغيرها. لكن الغرب يفضل أن يرى هؤلاء الشباب يقاتلون بعضهم بعضًا، بدلاً من بناء بلدانهم.
13. دعونا نضحك أكثر: الغرب يحب أن يروّج لنفسه كمنارة الحرية والتقدم، لكن شبابه يهربون منه! في هولندا، الشباب يتركون البلاد بسبب السياسات النيوليبرالية التي حولت حياتهم إلى سجن. تخيلوا شابًا هولنديًا ينتقل إلى دبي، لأنه يئس من العمل 12 ساعة يوميًا مقابل إيجار شقة بحجم صندوق أحذية. هذه هي "المعجزة" التي يتباهى بها الغرب!
14. دعونا نتحدث عن روسيا مرة أخرى. عندما فرض الغرب عقوباته، ظن أنه سيدفع روسيا إلى الانهيار. لكن، يا للمفاجأة، روسيا خرجت أقوى! عملتها أصبحت الأقوى عالميًا، واقتصادها ينمو رغم كل شيء. تخيلوا رجلاً يحاول سحق خصمه بحجر، ليكتشف أن الحجر تحول إلى منجنيق يضربه هو! هذه هي قصة روسيا والغرب.
15. في النهاية، أيها السادة، هذه المسرحية الهزلية التي يقودها الغرب لن تنتهي بنصر له. دول الجنوب، من السودان إلى الجزائر، تملك الثروات والطاقات التي يمكن أن تجعلها في صدارة العالم، لو أُتيحت لها الفرصة. لكن الغرب، بتقسيمه الدولي للعمل الاستعماري، يحرص على إبقاء هذه الدول في حالة فوضى. لكن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم لا تُهزم. ويومًا ما، ستصبح أبقار السودان رمزًا للنصر، بينما تبقى هولندا وأبقارها مجرد قصة في كتاب دعاية قديم.
16. دعونا نتحدث عن الطغمة المالية التي تقود هذه المسرحية. في واشنطن ولندن، يجلسون في غرف مغلقة، يخططون لتدمير أي مبادرة تنموية في الجنوب. إسرائيل ومحميات الخليج هم مجرد أدوات، تنفذ الأوامر بكل طاعة. تخيلوا لو أن هذه الأموال التي تُصرف على الحروب والفوضى استُثمرت في التنمية. كان السودان سيصبح سلة غذاء العالم، والجزائر مركزًا للطاقة النظيفة، ومصر عاصمة الصناعة.
17. لكن دعونا لا ننسى السخرية: الغرب يحب أن يقارن بين اقتصاداته "المتقدمة" واقتصادات الجنوب "المتخلفة"، لكنه ينسى أن قواعد اللعبة مزورة. لو حسبنا الاقتصاد بناءً على الإنتاج الحقيقي، لا الأرقام الوهمية، لوجدنا أن دول الجنوب تملك ثروات حقيقية. لكن الغرب يصر على قياس الاقتصاد بمقاييسه الخاصة، كرجل يقيس طوله بمسطرة مطاطية يطيلها كما يشاء!
18. دعونا نتحدث عن المستقبل. دول الجنوب، إذا تحررت من قبضة الاستعمار الاقتصادي، ستغير وجه العالم. السودان، بأراضيه الخصبة، يمكن أن يطعم ملايين البشر. الجزائر، بمواردها الطبيعية، يمكن أن تصبح قوة اقتصادية. مصر، بشبابها، يمكن أن تكون مركزًا للابتكار. لكن الغرب يعرف ذلك، ولهذا يعمل على إبقاء هذه الدول في حالة فوضى.
19. ومع ذلك، هناك أمل. الصين وروسيا، بتحررهما من الهيمنة الغربية، أثبتتا أن هناك طريقًا آخر. دول الجنوب يمكن أن تتبع هذا الطريق، بالاعتماد على مواردها وشبابها. تخيلوا لو أن السودان استثمر في أبقاره بنفس الطريقة التي تستثمر بها هولندا. كانت الأبقار السودانية ستصبح نجومًا عالمية، وليس مجرد أرقام في إحصائيات!
20. في الختام، أيها السادة، هذه المسرحية الهزلية التي يقودها الغرب لن تدوم إلى الأبد. دول الجنوب ستنهض يومًا ما، وسيصبح الناتج القومي الحقيقي، لا الوهمي، هو المقياس الحقيقي للنجاح. وهولندا؟ ستبقى أبقارها مجرد رمز لدعاية قديمة، بينما أبقار السودان ستكتب قصة جديدة للعالم. فانتظروا، أيها السادة، فالجنوب قادم، والغرب سيبكي على أطلال مسرحيته الفاشلة!