بعد أن تجاوز الصدمة / الشارع الأمريكي ينتفض ضد ترامب
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 00:01
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
خرج السبت الفائت، مئات الآلاف من الأمريكيين الغاضبين والخائفين إلى شوارع الولايات المتحدة، موضوعة شعارهم المركزي تشدد على: ارفعوا ايديكم عن معاشات التقاعد، والمهاجرين، والتعليم والجامعات، والمتنزهات الوطنية، والضمان الاجتماعي، والحق في حرية التعبير، والحق في التجمع وحق الإنجاب. إلى جانب شعارات كتبت بخط اليد: "اللعنة على ترامب" و"اللعنة على ماسك".
وعلى شبكة الإنترنت، قامت منظمات ديمقراطية وتقدمية بالتعبئة للاحتجاجات الجماهيرية. وانضمت مئات المبادرات المحلية إلى الدعوة. وسجل موقع الاحتجاج قرابة 5 مليون مشارك في 1500 موقع. وهذا يمثل أكثر من 2 في المائة من سكان الولايات المتحدة. وشملت الاحتجاجات جميع انحاء البلاد.
نواب يساريون وتقدميون يتقدمون الحشود
بدأت في وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة تتحدث حركة معارضة ضد الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون موسك، بعد مشاركة الآلاف في التجمعات التي دعا اليها، في منتصف اذار، النائبان اليساريان بيرني ساندرز وألكسندريا أوكاسيو كورتيز. لقد أطلق النائبان الأكثر شهرة في البلاد حملة "محاربة الأوليغارشية" في غرب الولايات المتحدة بمبادرة شخصية منهما، دون أي تدخل من الحزب الديمقراطي المعارض. وشهدت الحشود التي تحدث اليها بيرني ساندرز حضورا أكبر من فعالياته الانتخابية.
تواصل الاحتجاجات
لم تنطلق الاحتجاجات فجأة، لكن التغطية الإعلامية الأجنبية، التي عادة ما تراعي سلوك وسائل الإعلام الأمريكية، لم تسلط الضوء عليها بالقدر الكافي. لقد بدأت الاحتجاجات ضد ترامب وفريقه الحاكم مبكرا، ففي السابع عشر من شباط، هتف آلاف المتظاهرين "لا ملوك في يوم الرؤساء" (يوم الرؤساء هو عطلة فيدرالية في الولايات المتحدة)، في إدانة صريحة لتجاهل ترامب للفصل الدستوري بين السلطات.
وتم تنظيم التظاهرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت المشاركة أوسع، مقارنة بالاحتجاجات التي انطلقت في بداية ولاية لترامب الأولى في شباط 2017. وقد وثق "اتحاد الإحصاء"، وهو مشروع مشترك بين جامعتي هارفارد وكونيتيكت لتوثيق الاحتجاجات، أكثر من 900 تظاهرة في جميع انحاء البلاد حينها، في حين بلغ عدد احتجاجات هذا العام قرابة ألفي تظاهرة، توزعت في كافة مناطق البلاد.
اتساع القلق
يمتاز عهد ترامب الحالي عن سابقه، بعمليات تسريح العمال وحالة عدم اليقين الوجودي التي تسود أوساطا واسعة من سكان الولايات المتحدة. لقد تلقى عشرات الآلاف من المستخدمين والموظفين الفيدراليين قرارات إنهاء الخدمة. يضاف إلى ذلك نشاط إيلون ماسك وفريقه المدعوم من الذكاء الاصطناعي الذي يقطع أوصال الوكالات الفيدرالية. واندلع الغضب بسبب هذا النهج أمام فروع شركة "تسلا" في الأسابيع الأخيرة. وتعرضت شاحنات "سايبر"، وهي الشاحنة الرائدة حاليًا في قطاع صناعة السيارات، لأضرار متكررة خلال الاحتجاجات.
والآن يضاف سبب جديد للقلق: انهيار قيمة الأسهم نتيجة لسياسة التعريفات الكمركية التي ينتهجها ترامب. ولا تتعرض معاشات التقاعد الحكومية للخطر لوحدها فقط، بل يشمل ذلك معاشات التقاعد الخاصة القائمة على الأسهم أيضاً. إن ملايين كبار السن الذين هم في سن ما قبل التقاعد أو المتقاعدين الفعليين لا يعرفون ببساطة، مدى قدرتهم على تحمل تكاليف السكن والغذاء والرعاية الصحية في المستقبل.
خوف من تداعيات جنون الرئيس
ويرى الكثير من نشطاء اليسار، وخصوصا المخضرمين منهم، أن معارضة ترامب، مماثلة لتأييده، في استنادها إلى المخاوف: الخوف من تآكل العلاقات الاجتماعية التقليدية، ولكن القضية الأساسية هي القضية الحقيقية: الخوف من عدم القدرة على تحمل تكاليف الغذاء. ويخشى الناس من الفوضى في الحكومة، وحرمانهم من الخدمات الأساسية والدعم الحكومي، وكذلك تتصاعد المخاوف من الفاشية.
ومن المؤكد أن زعماء الحزب الديمقراطي ينظرون إلى استياء قطاعات كبيرة من السكان باعتباره جرس إنذار. عاد باراك أوباما للمرة الأولى منذ أشهر حاملاً تحذيراً بشأن إدارة ترامب. وشارك عدد كبير من الديمقراطيين المنتخبين في تظاهرات يوم السبت كمتحدثين ومشاركين. لكنهم يبقون أسري افقهم الضيق، الذي ينحصر في جمع التبرعات، والتركيز على الانتخابات المقبلة، ويخافون من الاستناد إلى غضب المتضررين، الذين قد يفرضون بدائل تتعارض مع مصلحهم.
هل ينتشر الجيش في الشوارع؟
احتشد أنصار ترامب السبت أيضا، لكنهم فشلوا في استفزاز المحتجين. ولم يصدر أي رد من الرئيس وحكومته حتى الآن. لكن هناك تهديدات بمقاضاة عملية التخريب التي تعرضت لها شركة تسلا باعتبارها "إرهابًا". وبالإضافة إلى فترة الانتظار، التي تنتهي في العشرين من نيسان الجاري، اذ من المتوقع أن يتلقى ترامب توصية من لجنة خاصة بإمكانية إعلان حالة الطوارئ وينشر الجيش لتنفيذ عمليات تفكيك الاحتجاجات. ويخشى مراقبون من أن يلجأ ترامب إلى تنفيذ وعده خلال حملته الانتخابية في العمل بـ "قانون التمرد" ويأمر بنشر الجيش في المدن التي يحكمها الديمقراطيون.