إلى الرفيقة نجاة طلحة في الحزب الشيوعي السوداني


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 19:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

إلى الرفيقة نجاة طلحة من الحزب الشيوعي السوداني
لما كان كارل ماركس هو مؤسس الحركة الشيوعية ومرجعيتها الوحيدة كما في المانيفيستو 1848 فلي أن أشير إلى بعض الحقائق التي لا تقبل الإشتباه .

أولا – أكد ماركس أن النظام الرأسمالي العالمي لن يتم تقويضه واستبداله بنظام عالمي مختلف بغير ثورة شيوعية "دائمة" تقوم بها البروليتاريا في مركز النظام الرأسمالي العالمي وكان في أوروبا الغربية طيلة القرن التاسع عشر .
الحرب العالمية الأولى التي لم تنته لنهاية حاسمة ودمرت كل أسباب الحياة في الدول الإمبريالية المتحاربة، ومشاركة أحزاب الأممية الثانية في الحرب الإستعمارية لم تعد دول أوروبا الغربية في العام 1917 مركزاً مؤثراً في النظام العالمي فكان أن رأى لينين كما في "موضوعات نيسان" 1917 أن بإمكان البلاشفة تولي السلطة والنهوض بالثورة البورجوازية حتى النهاية خاصة وأن حكومة الإشتراكيين الثوريين فشلت في تحقيق أي هدف من أهداف الثورة البورجوازية في فبراير 1917 – ما يجدر ذكره في هذا السياق هو أن الأممية الثانية وفي مؤتمرها العام 1912 كانت قد كلفت الإشتراكيين الروس بالقيام بالثورة البورجوازية عوضاً عن طبقة البورجوازية الروسية الهشة .

ثانياً – رفضت البورجوازية الروسية أن يقوم الشيوعيون بإنجاز الثورة البورجوازية وشكلت تحالفاً واسعاً ضم مختلف القوى الرجعية وفلول القيصرية ورفعت السلاح بوجه الشيوعيين تحت شعار "الموت للبلاشغة" .
ما بين مارس 1918 ومارس 1919 تكلل النصر الساحق للبلاشفة وهو ما سمح بانعقاد المؤتمر التأسيسي للأممية الشيوعية الثالثة “Comintern” وانطلاق الثورة الشيوعبة العالمية الدائمة، والتأسيس لبناء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي منفرداً كما في مقررات المؤتمر العاشر للحزب 1921 .

ثالثاً- الحدث التاريخي الأبرز الذي لم يتوقف عنده أي من المؤرخين والمحللين الاستراتيجيين رغم أنه غيّر مسار التاريخ لحياة الإنسان على الأرض وهو المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي في فبراير 1939 . إذّاك قرر الحزب تحويل دولة دكتاتورية البروليتاريا الإشتراكية إلى دولة حرب إستعداداً لمواجهة المؤامرة الكبري التي ذرّ قرنها في مؤتمر ميونخ في سبتمبر 1938 وانتهى إلى تحالف الفاشية الأوروبية ممثلة بهتلر وموسوليني والإمبريالية الأنجلوفرنسية ممثلة برئيس وزراء بريطانيا نيفيل تشمبرلن ورئيس وزراء فرنسا إدوار دالادييه .
ما كان الإتحاد السوفياتي ليبني دولة الحرب الجبارة التي لا مثيل لها عبر التاريخ لو لم يكن دولة اشتراكية قلباً وقالباً .
في العام 1939 كانت دكتاتورية البروليتاريا السوفياتية قد وصلت القمة وهو ما مكنّها من تحويل دولتها الإشتراكية إلى دولة حرب تستولي الجهود الحربية على مختلف قوى الإنتاج فيها . ما لم يرد على أجندة القادة السوفيات وقائدهم ستالين تحديداً هو هل سيتمكن الحزب من إعادة تحويل دولة الحرب الكبرى إلى دولة اشتراكية كما كانت قبل الحرب !؟
ما لا يجوز تجاهله هو أن الحزب في العام 1952 لم يكن هو نفس الحزب في العام 1939 . كانت البروليتاريا السوفياتية قد تقدمت كل الصفوف في مواجهة النازي وفقدت الملايين في تصديها للعدو وهو بكامل قوته، كما لم يعد الحزب يمارس وظيفته في الصراع الطبقي لأربغة عشر عاما .
عندما همّ ستالين باستعادة الإشتراكية وقدم إقتراحاته في المؤتمر التاسع عشر للحزب عام 1952 لم تمهله دولة الحرب السوفياتية لأكثر من ثلاثة شهور فاغتالته وتخلصت من اشتراكيته واستبدلت دكتاتورية البروليتاريا بدكنانورية العسكر التي ما زالت حتى اليوم في روسيا .

رابعاً – البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقيادة شتّها العسكر قامت بثورة مضادة في العام 53 وخلقت بذلك عالماً جديدا لم يكن أصلاً على مسار التاريخ حيث البورجوازية الوضيعة لا تنتج سببا من أسباب الحياة .
الثورة الإشتراكية الدائمة التي نادى بعا ماركس وعمدها لينين في العام 1919 لم تعد قائمة الأمر الذي يؤكد بالواقع أن الأحزاب الشيوعية في الأطراف لم تعد شيوعية، وادعاء الحزب الشيوعي السوداني بأنه يمارس الصراع الطبقي لأمر يثير الضحك فالبورجوازية الوضيعة ليست طيقة أصلاً كما أنها ليست طرفاً منتجاً .
كافة الأحزاب الشيوعية العربية ترفع عقيرتها اليوم مطالبة بالديموقراطية البورجوازية وبالعدالة الإجتماعية وهذه من عناوين المجتمعات الطبقية .