هبوط مستوى الحوار المتمدن الفكري


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 7130 - 2022 / 1 / 8 - 17:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     


في آخر رسالة استلمتها من رئيس تحرير الحوار المتمدن ينتقد فيها اسلوبي في الكتابة ويصفه بالإقصائي . وهذا صحيح تماماً ولا انكره ولو بمقدار .
كيف يمكنني ان أتقارب مع كتاب خواهم الفكري بستدعي من الإنسانية الخجل والإستحياء .
بخلاف كتبة الخواطر – وما اكثرهم في جريدة تدعي اليساروية !!– ينقسم كتاب الحوار المتمدن إلى ثلاث مجموعات ..
المجموعة الأولى وتضم اليساريين، وهم يفتقرون لأية بنية فكرية ثابتة ومعلومة ويغطون فقرهم الفكري بالمطالبة بالديموقراطية والعدالة الإجتماعية دون أن يعلموا أن السلطة والثروة تتوزعان آلياً بنفس النسبة الأمر الذي يؤكد أن توزيع الثروة بعدالة إجتماعية تامة لا يعود هناك ضرورة لتوزيع السلطة وبذلك تنعدم الديموقراطية .
وفي العموم فإن اليساريين هم يساريون لأنهم يعتقدون أن الإشتراكية السوفياتية كانت معيبة ولذلك انهارت دون أن يعرف احد منهم لماذا "انهارت" الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي .

المجموعة الثانية وتضم المستثقفين المنتظمين وراء دونكشيوت، يتطوعون في حرب على "الإمبريالية" الأمريكية التي لم تكن يوماً على وجه الأرض .
في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي لم تكن اميركا قد تعافت بعد من ازمة 1929 الخانقة . وفي العام 1941 تعرضت أميركا لعدوان ياباني كبير مفاجئ في بيرل هاربر مما اضطرها إلى الدخول في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء . خلال سنوات الحرب الخمسة تطور النظام الراسمالي في اميركا لدرجة متقدمة جدا بفعل خدمات الحرب وقدمت اميركا خلالها مساعدات كبيرة للإتحاد السوفياتي . وما يجدر ذكره في هذا المقام هو ان أميركا عجزت خلال خمس سنوات دعن كسر شوكة اليابان رغم استخدامها السلاح النووي قبل ان يتدخل الإتحاد السوفياتي ويهزم اليابان خلال عشرين يوما فقط (10 – 30 اوغست) 45 ويرغمها على الإستسلام للولايات المتحدة الأميركية .
لسوء حظ البشرية جمعاء توفي روزفلت في باكورة ولايته الرابعة (!!) وتولى كرسي الرئاسة بعده نائبه مجرم الحرب ممثل الراسمالية الحربية الوليدة هاري ترومان . وسرعان ما انتهج هذا المجرم سياسة معاكسة تماماً لسياسة روزفلت السلمية وتبنى سياسة مجنونة حمقاء تقضي بتكريس معظم موارد البلاد لمقاومة الشيوعية . مثل هذه السياسة الحمقاء التي استمرتمنذ العام 1945 وحنى العام 1970 كلفت النظام الراسمالي احمالا لم يقوَ على تحملها فكان انهياره في العام 1970 حين وجد الرئيس نكسون خزائن المال فارغة تماماَ وهو ما اضطره لان يعلن في العام 71 إنكشاف الدولار من كل غطاء . سقوط الدولار الأميركي يعني بالضرورة سقوط النظام الرأسمالي قبل أن يتقدم لعتبة الإمبريالية . رغم ذلك يتحلق متثاقفو البورجوازية الوضيعة كل يوم في الحوار المتمدن يسنون سيوفهم لمقاتلة الإمبريالية الأمريكية !!

المجموعة الثالثة وتضم عددا غير قليل من أعداء الشيوعية . بعضهم يحمل لقب الدكتور لكنهم يكنيون أفكاراً سخيفة في غاية الإنحطاط ولا يتردد الحوار المتمدن في نشرها على قرائه مفاخراً بسعة إنتشاره (!!) وفاجأني مؤخراً أحدهم يحمل لقب "مستشار إقتصادي" يتحدى أي شيوعي بأن يتنازل عما يملك لأحد العمال (؟؟) علم الإقنصاد المتكامل هو من تأسيس كارل ماركس لكن هذا المستشار الإقتصادي يجهل تماماً اولويات مبادئ الماركسية، ويسأل فيما يتساءل عنه الأطفال . مستشار إقتصادي لا يعلم أن علم الإقتصاد الماركسي ينفي مختلف الحقوق في الحياة الشيوعية وأولها حق الملكية .

كتبة الحوار المتمدن جميعهم من مختلف التوجهات ومعهم ربما هيئة التحرير سيستشيطون غضبا من اتهامهم بالخواء الفكري . لكن رفضهم تهمة الخواء الفكري لن يكون حقيقياً وصحيحاً إلا إذا عرفوا لماذا وقف ستالين معارضاً بقوة لسياسة الصراع الطبقي في العام 1951 وكأنه لم يعد شيوعياً حيث عرف لينين الحزب الشيوعي بأنه هيئة رئاسة أركان الطبقة العاملة في حربها ضد الرأسمالية العالمية . موقف ستالين ضد الصراع الطبقي كان صريحاً وواضحاً في كنابة "المسائل الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي" الصادر في العام 1952 .