يا ويلنا نحن الشيوعيين البلاشفة !!


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 6937 - 2021 / 6 / 23 - 19:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

نحن الشيوعيين البلاشفة لا نبالي بالنهاية بصروف الزمان طالما أن تاريخ القرن العشرين بمختلف تعرجاته والتواءاته قد أكد أن قراءة لينين للعهد الماركسي هي القراءة الصحيحة والدقيقة للتطور الإجتماعي في شتى مساقاته .
في خطابه يفتتح المؤتمر التأسيسي للأممية الشيوعية الثالثة في 6 مارس 1919 أكد فلاديمير أيلتش لينين أن الثورة البلشفية 1917 استطاعت أن تنقل العالم بكل أطرافة من مسار التنمية الرأسمالية بقيادة الطبقة البورجوازية الرأسمالية إلى مسار التنمية الإشتراكية بقيادة البروليتاريا .
نحن الشيوعيين البلاشفة كان وما زال لنا ملء الثقة بقراءة لينين العبقرية للعهد الماركسي، بلينين يؤكد أن شمس الإشتراكية قد أشرقت على العالم وليس ما يحول دون بلوغها كبد السماء . إيمان البلاشفة بقراءة لينين العبقرية للعهد الماركسي كان وما زال ثابتاً بل إن صروف الزمان الصعبة والمعاكسة زادته ثباتاً وعمقاً .
ما إن أعلن لينين إنطلاق الثورة الإشتراكية في العالم حتى هبّت جميع الدول الرأسمالية الأربعة عشر في العالم ترسل تسعة عشر جيشاً محدثاً إلى أرض روسيا، منها ثلاثة جيوش أرسلها ونستون تشيؤتشل وزير الحرب البريطاني "لتخنق البولشفية في مهدها كما ادعى تشيرتشل في مجلس العموم الذي نزع عنه الثقة وقد تسبب بإفلاس الخزينة . في ربيع العام 1921 تمكن البلاشفة من إنزال هريمة فاضحة بالرأسمالية العالمية .
في العام 1922 كان الإتحاد السوفياتي قد بات قفراً بلقعاً وباتت شعوبه "تبيت على الطوى" بتعبير لينين بسبب حروب كبرى تواصلت لثمان سنوات على أرض روسيا . ما بين العام 1922 – العام 41 كان الإتحاد السوفياتي قد أصبح أقوى دولة في الأرض رغم الحصار المشدد الذي أحاط به من مختلف الجهات .
الحرب العالمية الثانية أثبتت دون أدنى اشتباه حتى من قبل قادة الرأسمالية العالمية على أن لينين كان محقا عندما أعلن في 6 مارس 1919 أن النظام الرأسمالي كان قد وصل إلى نهايته التاريخية وأن شمس الإشتراكية أخذت ترسل أنوارها الدافئة لمختلف بلدان العالم وليس هناك ما يحول دون ذلك . الجهود الحربية التي بذلتها الدولة السوفياتية الوليدة كانت أعظم بكثير من جهود الدول الرأسمالية الكبرى الثلاث أميركا وبريطانيا وفرنسا مجتمعة ومعها أيضاً ألمانيا النازية، بل إن الدول الرأسمالية الكبرى الثلاث استظلت تحت جناح القوى السوفياتية الجبارة لحمايتها من غول النازية الهتلرية والعسكرتاريا اليابانية . كان أول تقرير تكتبه وكالة الإستخبارات الأمريكية لدى تشكيلها في العام 47 ورفعته إلى مجرم الحرب ترومان يقول أنه كان بإمكان الجيوش السوفياتية ألا تتوقف في برلين وتستمر متقدمة إلى الغرب حتى لندن عبوراً بباريس وعبور الإطلنطي لاحتلال واشنطن . لعل المخابرات بالغت تحضيراً للحرب الباردة التي كان قد خطط لها مجرم الحرب ترومان، لكن دائرة المعارف البريطانية أكدت رغم تحيّزها المعروف أن ستالين استطاع أن يجمع خلفه قوة لم يسبق أن عرفت مثلها البشرية . في الذكرى الرابعة والعشرين لثورة أكتوبر، عندما كانت 180 فرقة نازية مسلحة بأحدث الأسلحة على بوابات موسكو وقف ستالين فوق ضريح لينين في الساحة الحمراء يُطمئن السوفياتيين إلى أن الإتحاد السوفياتي بالرغم من كل الخسائر التي تكبدها ما زال قادراً على سحق قطعان النازية تحت راية لينين، كما كان قد انتصر تحت ذات الراية في العام 1921 حين لم يكن لديه أسلحة ومؤن .


لدى انتهاء الحرب العالمية الثانية بمثل ما انتهت إليه لم يعد انتقال العالم إلى فجر جديد هو فجر الإشتراكية محل اشتباه حتى من قبل قوى الرجعية الأكثر تطرفاً الأمر الذي دفع بالمؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي برئاسة معلم اللينينية يوسف ستالين لأن يتخذ قراراً يقول : انهيار الإمبريالية بات أمراً وشيكاً .
يوسف ستالين الحارس اليقظ الأمين لثورة أكتوبر البلشفية وهو يقرر نهاية الإمبريالية الوشيكة يرفع الصوت عالياً بنفس الوقت محذراً مندوبي الحزب من الأخطار الحقيقية التي تحيق بالثورة البلشفية فيما بعد الحرب وكان قد خرج منها الإتحاد السوفياتي كأقوى قوة في الأرض .
شهادة الإعتماد الوحيدة لأي مراجع لمصائر الثورة الإشتراكية وانتهاءً يتفكيك الإتحاد السوفياتي هي أولاً وقبل كل شيء آخر الوقوف طويلاً أمام اطروحات ستالين "الغريبة" في الندوة العامة التي عقدها الحزب في العام 51 للنظر في "المسائل الإقتصادية للإشتراكية في الاتحاد السوفياتي" حيث وقف ستالين وحيداً بقوة ضد عامة الحضور برئاسة مولوتوف مطالبين بالعودة إلى اعتماد سياسة الصراع الطبقي التي كان الحزب في مؤتمره الثامن عشرفي يناير 1939 قد تخلى عنها استعداداً للحرب الوطتية المتوقعة . ستالين صاحب نظرية التناسب الطردي بين الصراع الطبقي وتقدم الإشتراكية في العام 1938 هو نفسه ضد إحياء مبدأ الصراع الطبقي في العام 51 مؤكداً أن تسعير الصراع الطبقي في تلك الأثناء يشكل خطراً داهماً على الثورة الإشتراكية .
في مؤتمر الحزب التاسع عشر في أكتوبر 52 وقف ستالين يربط مستقبل الثورة الإشتراكية باستبدال كامل قيادة الحزب الشائخة بمن فيها ستالين نفسه بقيادة جديدة من الشباب الغيورين على مستقبل الشيوعية . رفض المؤتمر إقتراح ستالين وأعاد انتخاب كامل القيادة القديمة . لم يسكت ستالين على ذلك الخطأ القاتل الذي اقترفته الهيئة العامة للمؤتمر وعاد يؤكد أن الحزب لن ينجح بمواجهة الأخطار المحدقة بمثل تلك القيادة القديمة المتخلفة ويطلب من المؤتمر إنتخاب 12 عضوا جديداً في المكتب السياسي كي يكون عدد أعضاء المكتب 24 وليس 12 فقط الأمر الذي سيهدئ من روعه على مستقبل الثورة وهو ما كان .
متثاقفو شتّى أشتات البورجوازية الوضيعة وقد أمتهنوا الحرب على الشيوعية، وخلف هؤلاء الأعداء بل أمامهم يصطف أدعياء اليسار الأفّاقون، وبجانب هؤلا ء وأولئك يصطف أيضاً فلول الشيوعيين المفلسين في الأحزاب الشيوعية، وليس أحداً من هؤلاء الأقوام الثلاثة توقف للحظة أمام المخاوف التي خامرت ستالين بقوة بخصوص مصائر الثورة الإشتراكية في حين توشك الإمبريالية على الإنهيار في وقت قريب !!
ما أعلمه حق العلم أن أحداً من الأحزاب الشيوعية لم يقرأ تفاصيل المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي وقد حفظت تلك العصابة التي اغتالت ستالين وانقلبت على النهج اللينيني كل وقائع المؤتمر في صندوق حديدي مقفل مفتاحه الوحيد بأمر رئيس الدولة . كما أشك أن أحداً من قادة الأحزاب الشيوعية في العالم قرأ كتاب ستالين عن الندوة في العام 51 وتوقف ليعتبر من موقف ستالين يعارض الصراع الطبقي ويدعو للإخاء الطبقي وهو دعوة غير شيوعية !!

كل نقد لعهد الماركسية اللينينية أو حتى البناء عليه لا يبدأ بالإعتماد على حقيقة مخاوف ستالين حول مصائر الثورة ومستقبلها فيما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ليس قميناً بالقراءة والإلتفات إليه . لا شرعية شيوعية لكل منظمة شيوعية تتجاهل هذا الأمر .

(يتبع)