الاحكام الأخيرة ضد قتلة المتظاهرين هل هي تقديم قرابين لإنقاذ العملية السياسية؟


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 17:30
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

يقال ان تقديم الاضاحي هي لكف العنف او تحديده، ويقال ان المضحى به يجب ان يكون جزءا من العشيرة، خصوصا في المجتمعات البدائية، وشرط التضحية هو المحافظة على بقاء المجموعة متحدة، أي حتى لا ينفك عقدها وتتبعثر، ويرى الفرنسي رينيه جيرار ان وظيفة الاضحية تكمن في تهدئة الصراعات الداخلية ومنع نشوب النزاعات المسلحة.

فجأة ودون سابق انذار او معرفة، يقدم للإعلام خبرا مفاده ان جنايات البصرة تصدر احكاما بالإعدام على مرتكبي جرائم قتل بعض المتظاهرين والناشطين؛ بعدها وكعادته يطل علينا بدر العملية السياسية "الكاظمي" ليقول كلماته الروتينية "الدم العراقي خط احمر"؛ ثم بعد ذلك لتشتعل القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي بمباركة هذه الاحكام، حتى ان البعض "تمادى" في الامل وقال "انها بداية الطريق للخلاص من القتلة جميهم".

في البدء يجب ان نسجل ملاحظة مهمة، هي اننا، نرفض بشكل مطلق قضية الإعدام، فنحن نعدها "الشكل القانوني لقتل الانسان"، وكل العالم المتحضر والمتمدن أنهى تلك العقوبة منذ زمن بعيد، واستعاض عنها بعقوبات اخرى، وبقيت فقط تٌمارس في المجتمعات العشائرية وذات التوجه الديني، والحكومات الديكتاتورية.

شكل الضغط الجماهيري على سلطة الإسلام السياسي قوة فاعلة، في الكشف عن قتلة المنتفضين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان هذه السلطة تمر بأزمة خانقة جدا، وتفاقمت أزمتها هذه خصوصا بعد الانتخابات، فوضعها اليوم بائس ومزري، وهي قد تكون في حالة تفكك وانهيار، لهذا فقد عزموا - بعد ان اتفقوا- على تقديم بعض الاضاحي والقرابين لتهدئة الوضع، والمحافظة على "وحدة البيت والصف"، أي المحافظة على العملية السياسية
.
لكن هل كانت هذه الاضاحي البشرية كافية لتهدئة الوضع؟ وإذا كانوا هؤلاء فعلا هم القتلة، فمن سيكشف قادتهم او من يقف خلفهم؟ وهل يمكن ذلك اصلا؟ مع ذلك فأنهم قدموا فقط قتلة ثلاثة من المتظاهرين "صحفيان ومتظاهر"، من أصل مقتل أكثر من 800؟؛ ثم ماذا عن المخطوفين والمغيبين من المنتفضين؟ هل تقدر هذه السلطة المأزومة ان تكشف عن الخاطفين؟

لا يمكن اقناع الناس بمسرحيات وسيناريوهات هزيلة كهذه، لا يمكن اختزال عمليات التصفية والقتل والخطف والنهب التي تمارسها عصابات الإسلام السياسي منذ أكثر من ثمانية عشر عاما بتقديم عدد من القتلة، هذه الاعمال لن تغفر لهم، وستحاكمهم يوما ما الجماهير، وسينالون عقابهم المناسب.