الراقصة والسياسي عن (المحتوى الهابط)


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7910 - 2024 / 3 / 8 - 22:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

أصدرت محكمة الكرخ مذكرة قبض بحق الراقصة جوانا الأصيل، ضمن ما يسمى ب "المحتوى الهابط"، وقد نشرت مذكرة القبض عبر وسائل الاعلام، مشهرة بهذه الراقصة، بنشر اسمها الرباعي واللقب مع ذكر محل السكن، وهي دعوى ضمنية للقتل ليس الا، فالبلد لا يحكمه قانون واحد انما عدة قوى وميليشيات، تسن وتشرع قوانين حسب ما تقتضيه مصلحتها.

جوانا الأصيل راقصة في احدى ملاهي بغداد، هذه الملاهي معروف من انشأها ومن يسيطر عليها والى من تذهب أرباحها ومن يتاجر بالنساء فيها؟ هناك شبكات من المافيات والعصابات تحرسهم قوى امن وعسكر وميليشيات إسلامية، وقد نشطت في الفترة الأخير عمليات الاتجار بالنساء، لتزويد هذه الملاهي بهن، بعد اجراء عمليات تجميل عليهن، وتغيير اشكالهن حسب ما تطلبه رغبة الذكور.

منذ شباط 2023 وحملة "المحتوى الهابط" في تصاعد، فنحن نعيش الفترة الأكثر تطرفا من حكم قوى الإسلام السياسي، هذه الحملة مستمرة، يضربون بها أي شخص يريدون تقييده، او يفعّلونها كلما مرت ازمة في السلطة، فيخرجون اسما مشهورا على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلامي، يصدرون بحقه مذكرة قبض، للمداراة عن فضيحة ما، او لإشغال الناس بحديث معين؛ فجاء الدور على المسكينة جوانا الأصيل لتكون هي بطلة المشهد القضائي السخيف والهزيل.

من جهة أخرى هناك محتوى هابط حقيقي لا تصدر به مذكرات قبض، فمثلا أحدهم يستولي على أموال الضرائب والتي قدرت ب 2،5 مليار دولار، هذا وفريقه لا تصدر بحقهم مذكرات قبض؛ او مثلا ان س الذي قتل الصحفي الفلاني او الكاتب الفلاني او الناشط الفلاني يسرح ويمرح، فهو الأكثر بعدا عن مذكرات القبض؛ او مثلا صراع العشائر الذي يتصاعد بشكل مخيف، مهددا كل المجتمع، هذا لا يطلق عليه محتوى هابط في عرف قوى وقضاة الإسلام السياسي.

المذكرة التي صدرت بحق الراقصة جوانا الأصيل كتب فيها انها متهمة ب "نشر محتوى فاضح مخل بالحياء"؛ هل يتصور أحد نوع الجريمة لراقصة "مشرعنة" من قبلهم؟ ثم ماذا يعني "مخل بالحياء"؟ أكونها ترقص! طيب ماذا عمن ينهب ويسرق ويقتل ويخفي الناس ويدمر ويخرب مدن ويهجر الناس من بيوتها؟

لو ان جوانا الأصيل او س او ص من الراقصات كتبن مذكراتهن، لعرفنا قضية "المحتوى الهابط"، فحتما سيكشفن لنا عن أسماء ان تبدو لنا تبهرنا، وحتما سنتذكر الحوارات الرائعة ل "الراقصة والسياسي"، وكيف ان الراقصة نبيلة عبيد لمحت فقط انها تريد كتابة مذكراتها، وإذا بالأسماء الرنانة تهفو اليها من كل فج عميق، يطلبون منها الامتناع عن الكتابة او عدم ذكر أسمائهم؛ ذات المشهد سيتكرر يوما ما هنا، بعد ان تنتهي هذه الطغمة الظلامية.
طارق فتحي