شارع المتنبي بين بغداد وبيروت


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 00:47
المحور: المجتمع المدني     

وانت تقرأ نشرات الاخبار، عن عالم يبدو عليه انه يفقد اتزانه شيئا فشيئا، ويصاب بالجنون، تقرأ: تهديد "مبطن" من وزير الدفاع الروسي لنظيره الفرنسي؛ الناتو يريد جمع المزيد من المليارات لأوكرانيا؛ أمريكا تستمر بعسكرة شبه الجزيرة الكورية وتسلح الأطراف؛ إسرائيل تستمر بحرب الإبادة الوحشية وهي مصممة على إبادة الفلسطينيين؛ إيران تتوعد وتهدد ب "رد مزلزل" ضد إسرائيل؛ العسكر في السودان مستمرون بالحرب ومصرون عليها..... الخ.. اخبار لا تسر وتزيد حالة التشاؤم والسوداوية.

وسط هذه الاخبار الموحشة تجد خبرا عن مسرحية في بيروت بعنوان "السوق العمومي"، تتحدث عن بائعات الجنس في بيروت بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، وعن الشارع الرئيس الذي عٌرف عنه بأنه شارع الدعارة، شارع المتنبي الذي كان "سوقا عموميا" للجنس حتى العام 1975.

كانت به أسماء شهيرة لرائدات و "نجمات" هذا الشارع، منهن: "هيلانة عواد، زبيدة المزرعانية، لوريس شليطا، خديجة لقو، فطومة الحلبية، فريدة أم عبده، بديعة، ماريكا سبيريدون، وفانتين المعراوية. اما نجماته الأخيرات فهن هيلانة نقود، فاطمة حسن، وهدى الحلبية". وهذه الأسماء تتشابه الى حد كبير ما موجود في بغداد سنوات الاربعينات في أماكن معروفة مثل "كوك نزر، الكلچية، الصابونچية"، ومن أشهر تلك الأسماء: "زكية العلوية، حسنة ملص، ريجينه، ريمه ام العظام".

يقال إن الحكومة اللبنانية حاولت إنقاذ سمعة المتنبي بنقل "السوق العمومية" إلى مكان آخر، لكن نفوذ "بنات الهوى" أحبط تلك المحاولات؛ على العموم فالشارع اندثر بعد اندلاع الحرب الاهلية في لبنان منتصف سبعينات القرن العشرين، ولم يتبق منه شيء.

اما في بغداد فأن المتنبي حصل على شارع لبيع الكتب والمجلات والقرطاسية، أطلق عليه شارع الثقافة، رواده من المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين، كل يوم جمعة تجتمع فيه النخب المثقفة، وتعقد فيه الحلقات النقاشية والفعاليات الثقافية.

شارع المتنبي في بيروت انتهى واندثر، لم يبق منه سوى بعض البنايات القديمة التي أصبحت اطلالا، يأتي بعض الزوار لمشاهدة تلك البقايا من الفنادق، خصوصا فندق ماريكا الشهير، الذي ازيل تماما في إطار إعادة الاعمار.

اما شارع المتنبي في بغداد فانه بقي صامدا، على الرغم من الكثير من المضايقات الأمنية التي واجهها من سلطتي البعث والإسلام السياسي، فكانت تلك السلطات تبحث عن أي سبب لغلق هذا الشارع، الا ان كل نلك المحاولات كان مصيرها الفشل.

طلرق فتحي