الصراحة الطائفية - حول بيان حزب الحلبوسي


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7908 - 2024 / 3 / 6 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يمثل معرفة شكل الحكم في العراق نقطة جوهرية لأي طرح سياسي، غياب هذه المعرفة او اقصاؤها أوقع العديد من القوى السياسية في مأزق معادلة "مشاركة- عدم مشاركة"، وهذا المأزق توضح أكثر بمشاهدة نسب الاعتكاف والاعتزال وانتشار اللامبالاة السياسية.

الشكل الطائفي والقومي هو جوهر الدولة في العراق، الإدارة الامريكية كقوة محتلة، وبقيادة ذراعها الماكر بول بريمر، هم من رسموا وصمموا وصنعوا هذا الشكل بتأسيسهم "مجلس حكم" طائفي وقومي، ومن ثم عملوا على سن دستور يناغم هذا الشكل، فلا يمكن لأي ممارسة سياسية تخرج عن هذه العباءة، وهذا شيء كان من المفترض ان يفهمه الجميع، حتى يعرف كيف يمارس اللعبة السياسية.

التقسيم الثابت في العملية السياسية البغيضة معروف ومثبت في العقد السياسي فيما بينهم وكالأتي:

رئيس الجمهورية من القوى الكوردية، وتحديدا من الحزبين الحاكمين للإقليم، لا خلاف على ذلك، ولن يكون غير ذلك.

رئيس البرلمان من القوى السنية، يختلفون فيما بيهم او "يتزاعلون"، لا يهم، فهذا المنصب لهم حصرا.

رئيس الوزراء ومجلس القضاء يتبع بالضرورة القصوى للقوى الشيعية، يتقاتلون فيما بينهم، لا يهم، تبقى المناصب مخصصة لهم.

وهذا التقسيم يشمل الوزارات وكل الهيئات "المستقلة"، وحتى مناصب المدراء العامين.

هذه هي التقسيمات السياسية موجودة ومعمول بها منذ2003، لم-ولن- تتغير، الا بتغير العملية السياسية ذاتها، اما الحديث عن التغيير يأتي عبر الانتخابات، فهذا يندرج ضمن "الهذر السياسي" ليس الا.

في بعض الأحيان يتم اقصاء وجه من وجوه العملية السياسية، نتيجة لتوافق دولي او إقليمي، وفي حالات نادرة جدا محلي؛ في المناصب الحساسة والعليا يكون الاقصاء دولي او إقليمي، وقد يكون مقتدى الصدر والحلبوسي امثلة ناضجة.

الحلبوسي أٌقصي من رئاسة البرلمان عبر مسرحية "مجلس القضاء الأعلى"، وكان سيناريو خطر على العملية السياسية، لكنهم لا يتحركون بدون الرعاة الرسميين لهم، وبقي منصب رئاسة البرلمان، الذي كان يشغله شاغرا؛ طٌلب من القوى السياسية السنية طرح بديل للحلبوسي، فبدأ الصراع بين هذه القوى يشتد، وأصبح بشكل علني وصريح، عبر اجتماعات واقصاءات وشراء أصوات وبيانات ولقاءات اعلامية؛ بالتالي وبالنتيجة النهائية فهم ملزمين بالتوافق على اسم محدد.

اجتمعت أطراف تسمى "سيادة، عزم، حسم"، وأصدرت بيان تقول فيه بشكل صريح وعلني انها تمثل "المكون السني"، وعليه فأن أسم رئيس البرلمان سترشحه هي؛ الطرف الاخر "حزب تقدم" بقيادة الحلبوسي رد على ذلك البيان بقوله "اننا الأغلبية، ونحن من نمثل السنة"؛ هذا هو شكل الصراع داخل العملية السياسية النتنة، التي تحكم البلد وتضعه في دوامة من الازمات لن تنتهي الا بنهاية هذه العملية.

هذه الازمة ليست قاصرة على طرف دون طرف آخر، بل نلمسها عند كل الأطراف، فمنصب رئيس الوزراء وصلت به الأطراف حد التقاتل واراقة الدماء، وكادت الأمور تذهب ابعد؛ أيضا منصب رئيس الجمهورية دائما يتعطل، وتصل فيه الأطراف الى خلافات عميقة.

هذا هو الواقع السياسي في هذا البلد، دون تزييف او تجميل، قوى دينية وطائفية وقومية هي من تحكم، يشتد صراعها على المغانم وعمليات النهب، "واهم من يريد الغاء مساوئ النظام الطائفي دون الحديث عن الغاء النظام نفسه" كما يقول مهدي عامل.
طارق فتحي