مسيحيون وليسوا نصارى


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 6825 - 2021 / 2 / 26 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

منذ عده ايام ارسل لى صديق رابط لكتاب الاستاذ لطيف شاكر على النت بعنوان ( المسيحيون ليسوا نصارى ) لاطلع عليه واقول رأييئ
قلت له : انا اعرف الاستاذ لطيف شاكر ( المسيحى الارثوذكسى الذى يعيش فى امريكا ) من عده سنوات وسالنى عن دار نشر فى مصر لنشر هذا الكتاب وعرفته باحدى دور النشر وصاحبها مسيحى وقام بنشر الكتاب وارسله له فى امريكا وقام ببيعه او توزيعه على الكنائس الاثوذكسية فى امريكا
ساعتها تناقشت معه فى مضمون الكتاب قائلا : القران لم يكفر النصارى ولكنه كفر كل من يؤمن بالتثليث ، ولما كان العمود الفقرى للمسيحية هو التثليث فهذا ينطبق على المسيحية وليس النصارى – ولكنى لم استرسل معه فى النقاش لانه يريد ان يبرئ المسيحية من الكُفر ويجعلها على النصارى ، وبعد ان بدات اكتب عده مقالات على هذا الموقع عن اساطير التوراه واسطورة الاناجيل والتى صدرت فيما بعد فى كتاب الغى صداقتى ، علما ان كتابى كان دراسه اكاديمية ضمن ماسبق من دراسات عن تاريخ الاديان وارتباطها بالواقع الارضى الذى انتجها دون ان اكفر اى من معتنقى هذه الاديان

تعالوا نستعرض موقف الاسلام من كلا من النصارى والمسيحيين ( وان كنت شخصيا ارى ان الخروج من هذا المازق هو احترام عقائد الاخرين دون ان نسترسل فى كتابات التكفير او نفيه ) فحرية العقيده حسب الاعلان العالمى لحقوق الانسان مكفولة للجميع . ولكنى اكتب للتوضيح فقط

اولا : من هم النصارى ؟
تقول لنا المصادر التاريخية ان القس ورقة بن نوفل الذى بشر النبى بنبوته بعد ظهور الملاك جبريل له فى الغار كان كان يقرأ التوراه والانجيل ، وتتفق الروايات انه كان يهوديا اتبع المسيحية
وتقول بعض الدراسات الحديثة ان ماجاء بالقران المكى هو استلهام للانجيل برسم العبرانيين الذى كان لدى ورقه ينكرفيه التثليث والموت على الصليب ويعتبرعيسى بن مريم نبى الله وعبده ورسوله ، وهو من الاناجيل التى رفضته كل المجامع المسكونيه بروما هو وغيره الكثير من الاناجيل واعتمدت الاناجديل الاربعه الموجوده حاليا ( وقد ذكرت فى كتابى اساطير التوراه واسطورة الاناجيل - ولكن اصبح لدينا الان مخطوطات يدوية لاناجيل اخرى تم اكتشافها فى مصر ايضا وتنفى واقعه الموت على الصليب ، مخطوطات نجع حمادى التى اكتشفت 1845 فى صعيد مصر ، وانجيل يهوذا الاسخريوطى والذى تم اكتشاف ايضا عام 1970 فى صعيد مصر مكتوبا باللغة القبطية على 13 بردية مصرية بالاضافة الى بحث هام قام به الباحث البريطانى Enoch Powell فى كتاب تطور الاناجيل ) وذكرت ماجاء بهم ومن يريد ان يرجع اليهم فالكتاب منشور اون لاين وفى مكتبة التمدن
ولهذا قال عنهم القران :

** لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) المائده
**
** إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( المائده 69 )
** إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62 البقره)
وتقول لنا بعض المصادر الاسلامية انهم اعلنوا اسلامهم ضمن جماعه المسلمين ، ولم نسمع فى التاريخ الاسلامى ان النبى حاربهم او فرض عليهم الجزية

ثانيا : من هم المسيحيين ؟
المسيحيون هم الذين يؤمنون بعقيده التثليث والاله الفادى والصلب على الصليب
وهم الذين قال عنهم القرآن :
** لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (المائده 73 )
** لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72 المائده)
وغيرها العديد من الايات التى تكفر كل من يؤمن بعقيدة التثليث والتى هى العمود الفقرى للديانه المسيحية

والان الى وفد نجران المسيحى الذى فرضت عليه الجزية :

تقص لنا كتب السيرة زياره وفد نجران المسيحى الى النبى محمد فى المدينه بعد ان ارسل لهم ‏(‏باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أمَّا بَعْدُ‏.‏‏.‏ فَإنى أدْعُوكُم إلى عِبَادَةِ الله مِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ، وأَدْعُوكُم إلى وِلاَيَةِ اللهِ مِنْ وِلاَيَةِ العِبَادِ، فإنْ أَبَيْتُمْ فَالجِزْيَةُ، فَإنْ أَبَيْتُمْ فَقَدْ آذَنْتُكُمْ بِحَربٍ، والسَّلام .‏
ودارت العديد من الحوارات بينهم وبين النبى محمد استمرت ثلاثه ايام وفى النهايه دعاهم الى المباهلة ( تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءنا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا ونِسَاءكُمْ وأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ‏‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 61‏] فخافوا انه اذا كان نبى حقا وقعت عليهم اللعنه ‏واتفقوا على دفع الجزية

نستنتج من هذا ان النبى فرض الجزية على مسيحى نجران بعد ان هددهم بالحرب ، ولكن فى نفس الوقت لم نقرا فى التاريخ الاسلامى كله حروب النبى ضد النصارى او فرض الجزية عليهم بل ان ايات القران كرمتهم اكثر من مرة .

فلا داعى للى عنق التاريخ والاحداث وتاويل مالايمكن تاويلة فى القران – ولكنى وكما كتبت فى البدايه ان الخروج من دائرة التكفير سواء للمسيحيين او غيرهم علينا ان نحترم حرية العقيدة للاخرين .
اركم على خير