مجلس النواب المصرى وتجريم الالحاد


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 11:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السيد الدكتور رئيس مجلس النواب المصرى
تحيه طيبه وبعد ....
نشرت وسائل الاعلام خلال اليومين الماضيين خبرا يقول ان النائب الدكتور عمر حمروش،أمين سر اللجنة الدينية بالمجلس بصدد إعداد مشروع قانون لتجريم الإلحاد فى مصر، منعًا لـ«انتشار هذه الجريمة بين أوساط الشباب وتأثيرها على العادات والمجتمع المصري "
وأوضح «حمروش» فى تصريحات لـ«الدستور»، أن قانونه سيضيف جريمة الإلحاد ضمن جرائم ازدراء الأديان، وفق القانون المعمول به حاليًا، مشيرًا إلى أن خروج المسلم أو أهل الكتاب من عقيدته واعتناق الإلحاد بمفاهيمه التي تلغي وجود الرب، وتبث فى المجتمع قواعد ورؤى تعادي أصوله، هو ازدراء للدين ويجب معاقبته على ذلك.
وأشار «حمروش» إلى أن العقوبة المفروضة على الملحدين ستكون بين السجن والغرامة، وسيجري التنسيق بينها ومواد وحالات فى قانون ازدراء الأديان
وشدد على أن الإلحاد ليس ضمن حريات الاعتقاد، التي نص عليها الدستور، موضحًا أن حرية الاعتقاد تخص الديانات السماوية الثلاث
ونوه إلى معاقبة الإعلان عن الإلحاد والدعوة لهذا الفكر بشكل مغلظ، أما الملحد الذي يلتزم الصمت ولا يدعو لأفكار هدامة للوطن، فلن يتم تطبيق القانون عليه، لعدم وجود آلية لمعرفته )
مماهو جدير بالذكر ان السيد رئيس الجمهورية عندما تحدث عن الارهاب قال ( ليس عندى اى مشكلة مع اى ملحد ) قاصدا ان المشكلة كلها مع الاهاربيين الذين يستخدمون الدين لتبرير جرائمهم
اما مايقوله السيد النائب من ان الالحاد ليس ضمن حريه الاعتقاد التى نص عليها الدستور والتى تخص الاديان السماويه الثلاثة فهو حق يراد به باطل
فالملحد الذى يعلن عن الحاده ويهاجم الاديان ستطبق عليه عقوبه ازدراء الاديان ، فما هو الجديد فى هذا القانون ( علما ان عقوبه الحبس المنصوص عليها فى قانون ازدراء الاديان لاتتفق مع مواد الحريات العامه فى الدستور وخاصة المواد :
من الماده ( 67) :
ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري،
مادة (71) :
( يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة.
ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض علي العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون)
اما مايقوله السيد العضو من ان حريه الاعتقاد المطلقه خاصه بالاديان السماوية الثلاثه فلنتمعن الماده (64) والتى تنص على :
(حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون )
فهى ذكرت الحريه المطلقة للاعتقاد كفقره مستقله تليها حريه ممارسه الشعائر للاديان المساوية ولم تلحقها بحرف العطف ( و )
فاذا كان المقصود ان حريه الاعتقاد لاصحاب الديانات السماوية مطلقة فماهو الجديد الذى اضافه هذا النص ، فمن المعروف ان اصحاب الديانات السماويه لن يستطيع احد ان يثنيهم عن حريتهم المطلقة فى الاعتقاد
هذا بالاضافة الى الماده 18 من الاعلان العالمى لحقوق الانسان الذى وقعت عليه مصر تنص على :
(لكل شخص حق في حرِية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حرِيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة )
السيد رئيس المجلس :
اذا اردنا ان نعرف السبب الرئيسى فى مشكلة الالحاد الموجوده فى مصر علينا ان نعالج الاسباب قبل ان نفكر فى العقوبة
السبب الرئيسى هو ثورة المعلومات التى اتاحت الكثير من المضمر والمسكوت عنه فى التراث الاسلامى الذى طالبنا وطالب السيد الرئيس مرارا من الازهر ان يقوم بتنقيه هذا التراث ، كل مافعلوه ان حذفوا حديث ( اكل لحم الاسير ) ودمتم بخير
الجماعات الاصولية الارهابيه تستند على الكثير مما جاء فى هذا التراث والذى يدرس بعضه فى معاهد وكليات الازهر ، فما هو موقف المسلم المعتدل عندما يرى كل هذه الجرائم اللاانسانيه من داعش واخواتها باسم الدين ؟
من الذى انتج هذا الفكر الذى يقوم صاحبه بتفجير نفسه وهو مطمئن تماما انه سيتناول الغذاء مع الرسول ويستمتع بمغريات الجنه
بن لادن الذى ينتمى الى اكبر عائلات المملكة واكثراها ثراءا فعل مافعله من قتل وتدمير لان مرجعيته الدينية تقول له انه على الحق وان مآله الجنة – علينا ان نبحث عن هذه المرجعيته قبل ان نبحث عن تغليظ العقوبة
ان هذا القانون لو صدر سيكون مثابه محاكم التفتيش التى اجتاحت الغرب فى العصور الوسطى والتى اعتذرت عنه كل الدول التى مارسته
لو صدر هذا القانون سيعرض مصر الى الكثير من الانتقادات الداخلية والدولية فى العالم الحر وجمعيات حقوق الانسان ، لأن حريه الاعتقاد حق اصيل من حقوق الانسان
ان المملكة العربية السعودية التى تزعمت نشر الفكر الوهابى الظلامى التكفيرى تعود الان عنه لتلحق بركب الدول المدنية ، وفى نفس الوقت تعود مصر خطوات الى الوراء
واخيرا ... لو صدر هذا القانون سيكون نقطه سوداء فى تاريخ هذا المجلس
وتقبلوا خالص التحية...
هشام حتاته
كاتب وباحث فى تاريخ الاديان والاسلام السياسى