الأحزاب العربية: التوجّه النخبوي القومي الضيق يعزل الجماهير العربية عن الحراك الاجتماعي الإسرائيلي


اساف اديب
الحوار المتمدن - العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 08:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     


الثورات العربية الشعبية الكبرى وما تشكّله من نموذج لشعوب وعمّال العالم تطرح اليوم من جديد وبقوّة شعار "يا عمّال العالم اتّحدوا". والخطوة الأولى على طريق هذه الوحدة هي المشاركة الفعّالة في حركة الاحتجاج الإسرائيلية وطرح برنامج سياسي واضح ينصّ في إطار نقاشاته على ضرورة إسقاط الحكومة وتطوير أحزاب وحركات عمّالية تؤطّر في صفوفها العرب واليهود بهدف بناء نظام سياسي ديمقراطي جديد. طالما بقيت السياسة العربية محصورة في إطار البرنامج القومي الضيّق البرجوازي ستبقى حاجزًا أمام تحرّك الجماهير الشعبية العمّالية الذي دونه لن يحدث أيّ تغيير حقيقي.

المظاهرات الضخمة في الشارع الإسرائيلي خلال شهرَي تموز وآب والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وضعت الجماهير العربية أمام امتحان. كيف يمكن تفسير سلبية المجتمع العربي الذي يعاني الأمرّين بكلّ ما يتعلّق بمشكلة السكن والفقر؟ التناقض هنا جدير بالتفكير، سيّما وأنّ الثورات العربية الكبرى التي أدّت إلى سقوط ثلاثة أنظمة عربية خلال نصف سنة والتحرّك الثوري في سوريا والبحرين وغيرهما من البلدان العربية كان من المفروض أن يدفع الجماهير العربية إلى التحرّك، ولكنّ هذا الأمر لم يحصل وما شهدناه في الشهرين الأخيرين كان تحرّكًا لم يسبق له مثيل في الشارع الإسرائيلي.

صحيح أنّ حركة الاحتجاج الإسرائيلية الجديدة لم تلتزم بموقف مناهض للاحتلال في الأراضي الفلسطينية والعنصرية ضدّ الجماهير العربية، لكنّها طرحت بقوّة مطالب حقيقية تتلخّص في الدعوة إلى بناء نظام دولة الرفاه على أنقاض الرأسمالية الوحشية التي ترسّخت في إسرائيل في العقدين الأخيرين. على كلّ الأحوال من الواضح تمامًا أنّ الحكومة الإسرائيلية اليمينية التي سعت جاهدة في السنتين الأخيريتين إلى جذب الجمهور الإسرائيلي إلى جدول عملها القومي الصهيوني المتطرّف، فوجئت بظهور حركة الاحتجاج الاجتماعي التي أعلنت بأنّها لا تبالي أبدًا بسلسلة القوانين العنصرية المعادية للعرب (قانون الولاء وقانون النكبة وقانون المقاطعة وغيرها من المبادرات الاستفزازية) وطرحت مكانها جدول عمل جديدًا.

كلّ من يقرا الخريطة السياسية ويفهم سياق تطوّر هذه الحركة بإمكانه أن يدرك أنّها أتت على أثر الثورات العربية الشعبية وبالتحديد ثورة ميدان التحرير في مصر التي ألهمت الشباب في العالم أجمع وشجّعتهم على الخروج إلى الشارع لفرض إرادتهم. من الواضح أيضًا أنّ نزول 300 ألف شخص إلى الشارع وخيام الاحتجاج التي تنتشر في كلّ البلاد هي دون شك تعبير قويّ لعدم الثقة في الحكومة اليمينية الحالية التي تعتمد على ائتلاف متين صمد أمام عواصف وأزمات مع تركيا وأوباما ولكنّه يتزعزع اليوم في وجه انتفاضة شعبية داخلية.

الطبقة العاملة العربية التي تعاني أكثر من أيّ طرف آخر من طبيعة النظام الرأسمالي الوحشي ومن هدم النقابات العمّالية وشبكات الأمان الاجتماعية لها مصلحة مباشرة في هذه الحركة. إغلاق المصانع ونقلها إلى الصين تركت عشرات الاف النساء العربيات دون عمل وجلب العمّال الأجانب ضمن سياسة العولمة ادت الى بطالة العمال العرب بينما تم نقل العمال في المصانع والبلديات والبناء من التشغيل المباشر الى التشغيل عبر المقاولين والقوى البشرية – هذه فقط نماذج للنتائج الوخيمة التي دفعت إلى تعميق الفقر والاستغلال والمعاناة في المجتمع العربي.

غير أنّ الأحزاب العربية التي تدّعي بأنّها تمثّل الجمهور العربي وتحظى بأصواته في الانتخابات، لم تكترث كثيرًا لهذا الأمر. فباستثناء الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي تبنّت كافّة الأحزاب والقوى الأخرى موقفًا سلبيًا ومتشكّكًا في الحركة الاحتجاجية ونواياها. (انظروا بيان القوى السياسية في الداخل التي تدين تهجّم عضو الكنيست بركة على رئيس لجنة المتابعة محمّد زيدان – كلّ العرب 26 آب).

الخلاف الذي ظهر بكلّ قوّته في الأسبوع الأخير من شهر آب الماضي بين الجبهة والحزب الشيوعي من جهة والأحزاب والحركات الأخرى في لجنة المتابعة من جهة أخرى تمحور حول السؤال: هل تشكّل مشاركة الجماهير العربية في الحراك الشعبي من أجل العدالة الاجتماعية في إسرائيل انحرافًا عن مطالبها وتنازلاً عن برنامج الإجماع العربي القومي؟ تدّعي الجبهة أنّه يمكن للجماهير العربية أن تشارك في الحركة وتطرح في إطارها مطالب العرب، بينما يدّعي الآخرون أنّ المشاركة بحدّ ذاتها هي خطأ طالما لم يعبّر أغلبية المحتجّين عن رفضهم للفكر الصهيوني.

شعب الخيام أم نخبة رأسمالية جديدة؟

لخّصت عضو الكنيست حنين زعبي موقف المعارضين للمشاركة (كلّ العرب 26/8) "السؤال هو هل يستطيع شعب الخيام أن يتماهى مع شارع الخيام (القصد خيام شارع روتشيلد – ا.ا.)؟ هل نستطيع أن نتماهى مع حركة احتجاج تودّ إعادة رسم "المجتمع الصهيوني النموذجي"؟ المشكلة ليست خيام "اليهود" كما قال أحدهم بل المظلّة الصهيونية، وإذا زيحت المظلّة يمكن عندها وعندها فقط أن يكون حوار جديّ ومثمر مع الشارع الإسرائيلي".

في مفهوم عضو الكنيست زعبي ليس هناك نظام رأسمالي ظالم يستغلّ العمّال ويسحق الطبقة العمّالية والوسطى بهدف تكديس الثروة لدى الأقلّية الصغيرة ولا يوجد تناقض جوهري بين العمّال الإسرائيليين وأصحاب العمل من نفس القومية. التناقض الرئيسي كان وما زال التناقض القومي الذي يجمع بين كافّة الطبقات عند العرب وعند اليهود، ويبقى للجماهير العربية أن تنتظر (إلى الأبد كما يبدو) أن يصحو الإسرائيليون من انتمائهم للصهيونية – قبل ذلك التاريخ لا مجال لبناء علاقات تعاون معهم بأيّ شرط.

إنّها نظرية قومية جامدة ترى في المسألة القومية حالة أبدية لا تمتّ بصلة إلى النظام الرأسمالي. الاستعمار الغربي الذي ولدت في أحضانه الحركة الصهيونية لم يكن في هذا المفهوم ظاهرة ذات مصالح اقتصادية رأسمالية؛ بل مجرّد قوّة عنصرية غاصبة سعت إلى إبادة الشعب الفلسطيني لأسباب قومية أو دينية، ومن هنا التناقض المطلق بين القوميتين اليهودية والعربية. هناك أيضًا في هذا التحليل الجامد شعور بالحنين إلى الواقع القائم والارتياح لوضع العرب كضحية وعدم الاستعداد لاتّخاذ موقف قيادي يطرح البديل السياسي للشعبين في البلاد.

الوحدة بين العمّال أم الوحدة مع الرأسماليين؟

د. باسل غطّاس – المحرّر المسؤول في مجلّة "مالكم" والمبادر الرئيسي للمؤتمرين الاقتصاديين اللذين تمّ عقدهما في الناصرة في السنتين الأخيرتين – كتب أيضًا في الموضوع تحت عنوان "خيمة أمل" (مجلة مالكم، آب 2011) – بما يؤشّر إلى عدم ثقته في الحراك. حسب د. غطّاس ليس هناك مجال كبير لتعليق آمال بهذه الحركة، لكنّه مع ذلك لا يستبعد أن تكون في المستقبل اصطفافات جديدة في المنظومة السياسية في إسرائيل تقود إلى تغيير راديكالي.

هذا التحوّل غير وارد في الوقت الراهن، ومن المستحيل أن تنخرط الجماهير العربية في الحراك الاجتماعي الإسرائيلي. فحسب تحليل د. باسل غطّاس، كلّ حركة احتجاج عربية قد تنشأ ستطرح منذ البداية القضايا القومية بامتياز "ولهذا لا أنصح أحدًا بأن يرفع شعار "يا أبناء الطبقة الوسطى اتّحدوا" بعد فشل شعار "يا عمّال العالم اتّحدوا".

إذًا الصورة واضحة ولا حاجة للتحمّس أكثر من التحرّك في تل أبيب. بعد أن أعلن د. غطّاس عن موت الخيار الاشتراكي ("فشل يا عمّال العالم اتّحدوا") يسارع اليوم لنفي الفرصة للتعاون بين أبناء الطبقة الوسطى من الشعبين. المشكلة ليست في الافتراض النظري؛ إذ أنّه لا أحد يعرف كيف تتطوّر الأمور في المستقبل، وهل سينجح التعاون بين العرب واليهود بطريقة ما في كسر حواجز الكراهية القومية. تكمن المشكلة في طرح الموقف في إطار مشروع "مالكم" الذي يرتكز أصلاً على تعاون وثيق مع الطبقة البرجوازية الإسرائيلية. ففي حين ينبذ النشيطين الإسرائيليين الجدد من الحركة الاحتجاجية رؤساء الشركات الإسرائيلية الكبرى من أمثال نوحي دنكنر – مدير وصاحب شركة الاستثمارات الكبرى آي.دي.بي وشيري أريسون – صاحبة بنك هبوعليم وسوليل بونيه وغيرهم، يقبلهم د. غطّاس ومؤتمره الاقتصادي ويرحب بهم في الناصرة.

المفارقة هنا هي أنّ هؤلاء الرأسماليين الكبار- (الذين اطلق عليهم الرأي العام الاسرائيلي مصطلح "طيكونيم" – اي رجال اعمال ذوو رأسمال فاحش)- الذين أصبحوا اليوم منبوذين في الشارع الإسرائيلي ويتّهمهم الجميع بأنّهم سبب الفقر والاستغلال والبؤس في المجتمع الإسرائيلي، كانوا ضيوف الشرف في المؤتمر الاقتصادي – مؤتمر المال والأعمال - الذي انعقد في الناصرة في شهر أيّار 2011 تحت إشراف مجلّة "مالكم" الذي يرأس تحريرها د. باسل غطّاس. نرى إذًا أنّ رفض الوحدة بين العمّال العرب واليهود والشكّ بأنّه من الممكن أن تنجز الوحدة بين أبناء الطبقة الوسطى العرب واليهود لا يمنعه من السعي الى الوحدة مع الرأسماليين الكبار.

الجبهة "تستغل" الفرصة لمكاسب فئوية

من ناحية ثانية تطرح الجبهة موقفًا أكثر ليونة وأكثر توازنًا؛ إذ أنّها تقول وبحقّ إنّ الجماهير العربية لا يمكن لها أن تبقى لا مبالية إزاء حركة بهذا الحجم في الشارع الإسرائيلي. تدرك الجبهة بأنّ هناك تناقضًا سياسيًا بين المحتجّين وبين أحزاب اليمين الإسرائيلية وتسعى إلى تقوية تحالفها مع التيّار الليبرالي الإصلاحي في إسرائيل من خلال طرح نفسها كالشريك العربي الذي لا يمكن أن تكون هذه الحركة متكاملة بدونه.

انه دون شك موقف اكثر توازنا واكثر واقعية من الرفض المطلق لدى القوى الاخرى. غير ان المشكلة فيه، أنّه ينحصر في تحديد مبدأ المشاركة في الحراك الاحتجاجي دون أن يحدّد دور الجبهة في قيادة الحراك وتصوّرها للموقف الذي يجب أن تتّخذه قيادة الحراك. ففي النقاش حول المطالبة باسقاط الحكومة والدعوة إلى انتخابات جديدة تمتنع الجبهة من تحديد موقف واضح. هذا في حين اعتمدت بعض القوى اليسارية الإسرائيلية مثل اليسار القومي وميرتس (يسار صهيوني) وحزب دعم العمّالي (يسار ماركسي أممي) الدعوة لإسقاط الحكومة من اللحظة الأولى مقابل موقف أغلبية القيادات في الحركة التي تفضّل أن تبقى الحركة "غير حزبية" وتمتنع لذلك عن طرح موقف واضح ضدّ نتنياهو وحكومته.

حتّى في النقاش حول مسالة المفاوضات المقترحة مع لجنة تراختنبرغ أو التفاوض المباشر مع بيبي أو رفض مبدأ التفاوض من أساسه، لم تطرح الجبهة برنامجها أو تصوّرها. الانطباع من قراءة المقالات ومتابعة مواقف الجبهة في الشهرين الأخيرين يفضي أنّها تكتفي بالمشاركة وكسب مراكز قوّة باعتبارها عنصرًا مساعدًا وليس عنصرًا قياديًا.

ما قامت به الجبهة من إقامة بعض الخيام في التجمّعات العربية تحت سيطرتها المطلقة بهدف كسب مراكز قوّة وإرسال ممثّلين عنها إلى اجتماعات قطرية لكسب بعض المكاسب الفئوية هي في الواقع دليل على أسلوب بيروقراطي جامد لا يحترم إرادة الجماهير.

الطبقة العاملة لم تتحرّك بعد

من الجدير ذكره أنّ الحركة الجماهيرية لم تشمل حتّى الآن الأغلبية الكبيرة من الطبقات العمّالية في الشرائح الدنيا والفقيرة. تبيّن الإحصائيات التي فحصت طبيعة المشاركين في المظاهرات أنّهم ينتمون إلى الشرائح الوسطى وليس إلى ال-40% من المجتمع الذين يعتاشون من أجور تساوي او تقل عن الحدّ الأدنى. غياب الطبقات الفقيرة من الحراك حتّى الآن يفسّر السلبية التي يعاني منها ايضا الوسط العربي. العمّال اليهود والعرب بقوا في بيوتهم حتّى الآن ليس لأنّهم راضون عن الوضع بل لأنّهم قلقون على أماكن عملهم ويخشون من زعزعة الاستقرار النسبي القائم اليوم.

إنّ التحدّي الكبير الذي تقف أمامه الحركة الاحتجاجية يكمن في قدرتها على اختراق حدود الطلاب الجامعيين والطبقات الوسطى من جادة روتشيلد وفتح المجال أمام الطبقة العاملة لأخذ دورها. في انتظار تعميق الأزمة الاقتصادية وظهور نسبة بطالة عالية وبالتالي ضغط لتخفيض الأجور سنرى دخول العمّال إلى المعركة وعندئذ سيطرح السؤال حول القيادة والتوجّه البديل بكلّ قوّته.

لا يملك قادة الاحتجاج من الطبقة الوسطى في تل أبيب – رغم حماسهم واستعداد بعضهم الملحوظ لاتخاذ مواقف تقدمية سياسيا - التجربة الكافية والبُعد الفكري لتشكيل قيادة للغالبية الساحقة من أبناء الطبقة العمّالية الفقيرة في البلاد – العرب واليهود على حدّ سواء. في هذا المجال لا يمكنهم أن يستفيدوا من مساهمة الجبهة أو سائر الأحزاب العربية التي فقدت منذ زمن ثقتها في الجماهير العمّالية. فطريقة تجنيد الأصوات للأحزاب العربية أصبح معروفًا للجميع – بغضّ النظر إذا كان ذلك الشيوعي أو الإسلامي أو القومي – يتّفق الجميع مع رئيس العائلة أو الطائفة ويجمع بطاقات الهوية ويزوّر النتائج بالاتّفاق مع العاملين في صناديق الاقتراع باعتبار الجماهير الشعبية المصوّتة قطيعًا لا يمكنه أن يفهم السياسة.

نشاط الجبهة في الموضوع العمّالي والاجتماعي ينحصر اليوم في إطار تحالفاتها الراسخة مع عوفر عيني في الهستدروت ومع ڤاسرمان في هستدروت المعلّمين. ويعني ذلك أنّه مع تراجع أسهم عوفر عيني الشعبية وفضحه كشريك للرأسماليين الكبار، تمّ تحييد الجبهة كعنوان عمّالي.

يجب طرح البديل

ما ينقص هذه الاجتهادات هو فهم الأساس المادّي الاقتصادي للتغييرات الاجتماعية والسياسية وفشل ذريع في فهم جدلية حركة التاريخ. فالنظام الرأسمالي الإسرائيلي الذي راهن خلال 25 عامًا على اندماجه في السوق الرأسمالية العالمية، يقع اليوم ضحية تناقضات هذا النظام ويفقد وسائل السيطرة الفكرية والسياسية على شعبه. إنّها تناقضات يجب على كلّ من يريد إحداث تغيير جذري في النظام أن يدركها ويفهم خطورتها. فإذا كانت الحركة الاحتجاجية في تل أبيب على استعداد للذهاب في طريق شباب ميدان التحرير في القاهرة، فإنّ ذلك بحدّ ذاته حدث تاريخي هامّ.

إنّ المطلوب اليوم هو الخروج من القمقم القومي الضيّق الذي يعبّر عن مصلحة الطبقات الوسطى العربية التي تستفيد من استمرار الوضع القائم. فالقيادات التي ترفض التعاون مع حركة الخيام هي نفس القيادات التي تتهافت على التعاون مع مديري بنك هبوعليم ومع شركات المال الإسرائيلية بهدف ضمان رأس المال العربي. فهل يعقل أن تدمّر شركات المال الكبرى الإسرائيلية الطبقة الوسطى الإسرائيلية وتكون في نفس الوقت وسيلة لتطوير الطبقة البرجوازية العربية الجديدة؟

بخلاف ما يكتبه كلّ هؤلاء، تطرح الثورات العربية الشعبية الكبرى وما تعنيه من نموذج لشعوب وعمّال العالم، اليوم من جديد وبقوّة شعار "يا عمّال العالم اتّحدوا". والخطوة الأولى على طريق هذه الوحدة هي الدخول والمشاركة الفعّالة في حركة الاحتجاج الحالية وطرح برنامج سياسي واضح ينصّ في إطار نقاشاته على ضرورة إسقاط الحكومة وإقامة أحزاب وحركات عمّالية واجتماعية جديدة تضم العرب واليهود على قاعدة المساواة . طالما بقيت السياسة العربية محصورة في إطار البرنامج القومي الضيّق البرجوازي ستبقى حاجزًا أمام تحرّك الجماهير الشعبية العمّالية الذي دونه لن يحدث أيّ تغيير حقيقي.