|
الحرب في سوريا لازالت في بداية شوطها الأول .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5842 - 2018 / 4 / 11 - 02:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن انتخاب ترامب رئيساً للولابات المتحدة الأمريكية لكفاءةٍ سياسيةٍ ، أو لاطلاعه الواسع على مجريات الأحداث و خبرته ، او لإحاطته فنون الحنكة الدبلوماسية ، و إلمامه بخباياها ، أو لثقافته الواسعة و وقاره الدبلوماسيِّ .
مواصفاتٌ نافرةٌ تتهرب منه و لا تليقه ، و على مقاسه كبيرٌ و واسعٌ جداً . فأجمل ما يقال عنه هو الغباء و الجهل ، حسب وصف مساعديه و المقربين منه . غير أن السياسة الأمريكية لا ترسم بريشة رئيسٍ مستبدٍ ، و لا تطبخ في عقل دكتاتورٍ فرض نفسه على شعبه للأبد ، و أعلن انه المخلص الوحيد لشعبه و لا سواه . و ما الضير في ذلك إذا كان الرئيس يفتقر لأدنى مواصفات الرئاسة ، و مقومات القادة . طالما ان واضعي الخطط الأمريكية الاستراتيجية و التكتيكية ، و فطاحل السياسة العميقة واقفون خلفه . و ان العارفين بأدق تفاصيل ما يدور في العالم مستشاروه . و قبل الإقدام على أي فعلٍ يأخذ موافقة مجلس كبار الشيوخ المخضرمين في السياسة .
فليكن ترامب متناقضاً في كل ما يقوله ، بل و معتوهاً أبله . ليس المهم ما ينطق بلسانه و يتراجع ، فالأهم هو : أن ما يفعله لا يكون من بناة عقله ، و نسيج أفكاره . و إنما يكون بتدبير العمالقة الذين يبرمجون أفعاله ، لا عقله و أقواله .
قضايا عديدةٍ تمس جوهر الاستراتيجية الأمريكية في منطقتنا : كتقويض إيران ، و وقف توسعها بقطع الطريق عن تمددها و تحجيم دورها في العراق و سوريا ، و بتر أذرعها في اليمن و لبنان ، و الشطب على الاتفاقية النووية معها ، و تقليص نفوذها حيثما كان . كما كبح جماح غرور بوتين ، بعد استدراجه و انغماسه في الوحل السوريِّ . فالتلاعب بمشاعر أردوغان ، تارةً بتراخي خيوط أعصابه ، و بشدها أحياناً أخرى ، ليغلي غيظه و يزج بجيشه في محرقة الحرب داخل سوريا .
عباقرة السياسة الأمريكية هم الذين خططوا لما يجري في سوريا و المنطقة ، لانجرار روسيا و إيران و تركيا إلى جحيم المستنقع السوريِّ ، و استنزاف طاقاتها المادية و البشرية ، و كان انخفاض قيمة العملة في كل منها الآن خير شاهدٍ ، بعد توريط معارضات النظام و تحريضها على إسقاطه ، ثم التخلي عنها و تشتيتها ، لتغيير مسار انتفاضتها و ثورتها ، و تحويل سوريا إلى كتلةٍ من اللهب تحرق الأخضر و اليابس ، و تلتهم البشر و الصخر ، و بغرض تقسيمها و تجزئتها .
روسيا و إيران و معهما تركيا مؤخراً على استعدادٍ لبذل الغالي و النفيس ، كي لا تصبح منطقتنا بحيرةً أمريكيةً . و بالمقابل كل من يقف في وجه المشروع الأمريكيِّ و مصالح الدول الغربية يجب أن يدفع الثمن غالياً . و من سوء حظ السوريين أن الأقدار شاءت أن يكون اختيار سوريا أفضل بقعةٍ من الكرة الأرضية ، بإجماع هذه الدول المتصارعة لمحاسبة بعضها فوق تراب بلدهم . و يكونوا هم وقوداً تصب هذه الدول زيتها على نارهم ، ليزدادوا اشتعالاً و احتراقاً و شواءً .
لكن ما مضى يبدو أنه كان ضمن خطة التراخي الأمريكي المحبوك . و ما أهملتها الإدارة الأمريكية عن عمدٍ أو بدونه - و الأرجح أنه بعمدٍ - فها هي توليها رعايةً ، و تشبعها اهتماماً . ليس من العبث عزل الكثيرين ممن اختارهم ترامب عوناً له ، و استبدالهم بصقورٍ متشددين ، ليتناسبوا و مرحلة الانقضاض الأمريكيِّ الجديدة .
هذه التهديدات الأمريكية بشن ضرباتٍ قاتلةٍ للنظام السوريِّ ، ماهو إلا عقابٌ للدول الداعمة له ، و لم تكن لتعلن لو لا مؤازرة الحلف الأطلسيِّ له . التوبيخ الألمانيُّ لعنف تركيا في هجومها على عفرين ، و نهبها و تغيير ديموغرافيتها . و التدخل الفرنسيُّ في منبج لمساندة القوات الأمريكية فيها و القوات الكردية . كما أيقاظ النخوة البريطانية المفاجئ ضد التعنت الروسيِّ بعد تدهور العلاقات بينهما في قضية تسمم الجاسوس ، فكانت حرباً باردةً بين روسيا و معظم دول الحلف الأطلسيِّ و على رأسها أمريكا ، من خلال معارك طرد الدبلوماسيين المتبادل بالعشرات . و القصف الأمريكيُّ على القوات الموالية لروسيا أكثر من مرةٍ ، فقتل المئات من بيهم العشرات من الروس و الإيرانيين .
كل ذلك مؤشراتٌ واضحةٌ ، و أدلةٌ دامغةٌ على أن عوامل نشوء مرحلة الهجوم الأمريكيِّ الأطلسيِّ قد أينعت ، و أن التعاضد بين دول هذا الحلف و أمريكا لاستخدام العنف ضد الطرف الآخر قد اكتمل ، مع بقاء تركيا معلقاً خارج السرب لاحساسها بأن خطر حليفاتها بات أكثر من خطورة الآخرين ، مقابل سيلان لعاب إسرائيل و جرأتها في قصف القواعد الإيرانية مرتين بفترةٍ وجيزةٍ ، و آخرها في بداية هذا الأسبوع .
حان أوان محاسبة النظام السوريِّ بالقوة سواء استخدم الأسلحة المحرمة أم لم يستخدمها ، و بهدف تضييق الخناق على داعميه . التهديد الأمريكيِّ الأطلسيِّ بضرب المواقع الاستراتيجية في سوريا تكرارٌ لما حصل لنظام صدام و بالذريعة نفسها .
رغم مرور سبع سنواتٍ من الحرب لم نشبع قتلاً و تشرداً و دماراً ، فكأننا مازلنا في الربع الأول من عام ( 2011 ) ، و أن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد لتنتهي . على عكس مقررات القمة الثلاثية في أنقرة . ما أجمعت عليه هذه القمة الثلاثية شيءٌ ، و ما لا يوافق عليه ترامب و حلفاؤه شيءٌ آخر . و أن ما حصل حتى اللحظة يبدو انه قليلٌ لا يسد الرمق ، مقابل الكثير الذي لم ير النور بعد ، أو أن ما هو آتٍ هو أعظم ، و أشد هولاً . فكيف تنتهي الحروب ، و تخمد المعارك ، إن لم يكن هناك لا غالبٌ ولا مغلوبٌ ؟!
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجهل كبرياءٌ هزيلٌ ، بلا تخومٍ .
-
مجنماتنا لا تتوارث سوى التصفيق و الزغاريد .
-
الخبيث المراوغ .
-
في سوريا كل شيءٍ مستباحٌ .
-
عفيفٌ يغلي غيظاً .
-
الرؤوس الكبيرة تتناطح
-
اليقظة المتأخرة خيرٌ من السبات الأبديِّ .
-
الصمت أرحم من المواقف الكيدية .
-
تحرير عقول الرجال أولى .
-
انتهازيٌّ من الطراز الأول .
-
القضية الكردية لب مشاريع التسويات الدولية .
-
الحب ذاته عيدٌ .
-
ليس بالحاضر تحرق الشجون .
-
الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .
-
الشوفينيون لن يستطيعوا إطفاء شمعة الكرد ، و إن بغوا .
-
كسر إرادة الكرد ، و تقويض عزيمتهم محالٌ .
-
غصن الزيتون أطهر و أنقى من أن يلطخ بالدم ، و اللحم المطحون .
-
الإحجام من الزواج خوفٌ من المسؤولية ، أم خجلٌ .
-
إما أن تكون فاسداً ، و إما الإقالة من الوظيفة .
-
رياح الساخطين الإيرانيين ، لا تشتهيها سفن أصحاب العمائم .
المزيد.....
-
السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات
...
-
مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ
...
-
صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
-
بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|