|
لِمَ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5768 - 2018 / 1 / 25 - 11:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عجبي ، لِمَ الحيرة في قبول تحالف الشيوعيين والصدريين في " السائرون " للإنتخابات المحلية والعامة ؟ يُدخل البعض القضية في المبادئ " المتناقضة " بين الطرفين وعدم إمكان تناسبها أو تساوقها ، وكأنما هذا التحالف هو الزواج الأبدي الذي يؤدي ، بالقطع ، إلى خضوع أحد الطرفين ( والمقصود عند أولئك الشيوعيون ) فريسة للطرف الآخر ، ويذهب آخرون في تشبيهه بالجبهة الوطنية والقومية التقدمية التي عقدت بين الحزب الشيوعي وحزب البعث في سبعينات القرن الماضي ، والقياس على النتائج " السلبية " من ذلك بأن حزب البعث تمكن من كشف كوادر الحزب وبالتالي تمت تصفيتهم بسهولة .
لا ، أيها السادة ، فتحالف " السائرون " ليس إلاّ إتفاقاً لخوض معركة الإنتخابات سويّة وتقاسم النتائج بالصورة المتوافق عليها ، فليس هناك تنازل مبدأي من طرف لحساب الطرف الآخر . فالتحالفات من أجل الإنتخابات ممارسة ديمقراطية شائعة في البلدان المعروفة بديمقراطية نظامها ، للوصول إلى مجالس برلماناتها ، وفي البرلمان يكون كل طرف مخيّراً في التجمّع مع الجهة التي ستترشح لتشكيل الحكومة أو جبهة المعارضة . أما تشبيه تحالف " السائرون " بتجربة " الجبهة الوطنية والقومية التقدمية " فذلك غلو وتجاوز على الموضوعين في آن ، فتحالف " السائرون " ممارسة تكتيكية من أطرافه لتحقيق الفوز لجميع المشاركين في معركة الإنتخابات ، بينما كان المقصود بالجبهة الوطنية والقومية التقدمية أن تكون تحالفاً ستراتيجياً لبناء وتدعيم الدولة لفترة غير قصيرة . و لا بد أن نشير هنا أيضاً الغلو في تركيز الفكر على سلبيات ما جرى ما بعد عقد الجبهة ونسيان أن تأميم النفط ونجاحه والحفاظ عليه كان أحد نتائج عقد تلك الجبهة .
تُعرّف السياسة بفن العمل في إطار الممكن ، وعلى أساس " ما لا يُدركُ كلّهُ لا يٌتركُ جُلّهُ " فالحزب الشيوعي الذي يؤمن بنظرية علمية ويسترشد بها في رسم سياسته الحالية والمستقبلية ، يدرك أن الظروف الذاتية والموضوعية ، في العراق ، لم تنضج بعد لتحقيق برامجه ، ويعرف الحزب ، كفرضية للجدل ، أنه ، وإن إستلم السلطة فإنه لا يستطيع تنفيذ برامجه من دون أن يستعين بالقوى الطبقية الأخرى وأحزابها ، لبناء القاعدة الأساسية لتنفيذ برامجه . إن مرحلة التطور الإقتصادي السائدة هي دون ما هو مطلوب بمراحل عدّة ، لا يجوز حرقها ، بقرارات فوقية ، بل لا بدّ أن يتم التحوّل بأسلوب علمي يتماشى مع التطور الفكري والوعي الإجتماعي عند أبناء الشعب ، وهذا لا يتم إلاّ من خلال مشاركة جميع طبقات الشعب التي تتطلب مصالحها الطبقية ذلك التحوّل .
عجب البعض من تعاون الشيوعيين والصدريين يرجع إلى عدم الوصول إلى قناعة حول ما هو " الهدف المركزي " في الوقت الحاضر لإنقاذ العراق ، وكيف يمكن تحقيقه ، عن طريق الإنتخابات ؟ لقد شرّع المتسلطون على الحكم قانوناً للإنتخابات يتحكمون به بنتائجها بإعتبارهم " كتل كبيرة " تجيز لهم إبتلاع أصوات الناخبين الذين يصوّتون للكتل الصغيرة ، و لا تبقى فرصة لأية جهة أخرى الحصول على موقع في البرلمان ما لم يكن بحجمهم . ولقد كانت أمال الحزب الشيوعي ، كما أفهمها ، بناء كتلة كبيرة الحجم ( تقدّم ) يمكنها مجارات تلك الكتل وتحقيق بعض الفوز ، إلاّ أن الظاهر ، أن الأطراف المؤتلفة في ( تقدّم ) لم تكن من الصلابة والوحدة لكي تصل إلى الحجم المأمول ، فدبّ الخلاف بين أطرافها ، فرأى الحزب أن يسير في طريقه لبناء تحالف واسع لتحقيق جزء من أهدافه القريبة ، بضمنها الهدف المركزي في التغيير ، على أقل تقدير.
لا غرابة في السياسة لمثل هذه التحالفات المحددة في أهدافها ، فهل يُلام ستالين على تحالف الإتحاد السوفييتي مع الدول الغربية لدحر النازية إبان الحرب العالمية الثانية ، أم نلوم غورباتشيف على الحوار والإتفاق الذي تم التوقيع عليه في ركيافيك ( عاصمة آيسلاندة ) مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي أوقف إعلان حرب النجوم التي كانت الولايات المتحدة تهدد بها الإتحاد السوفييتي ، وكذا أوقف الحرب الباردة بين الكتلتين العظميين . هل يُلام النظام الكوبي ( الشيوعي ) لتجديد تأجير القاعدة العسكرية ( غوانتانامو ) إلى الولايات المتحدة ، أم نلوم الصين على توقيعها إتفاقاً مع بريطانيا لإستعادة هونكونك بدون حرب .
السياسة فن ، والتوجّه إلى الهدف غاية الحزب ، ولو بخطوات قصيرة ، فكل من يدفع القارب إلى أمام معنا ، فهو منا .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطابٌ إلى - مثقّفينا -
-
خِطابٌ لأولئك
-
يَومَ يُكنَسون
-
مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء
-
رَدُّ مُداخلة
-
صَرخَةُ أمّة
-
القمارُ السّياسيّ
-
الديمقراطية في العراق
-
الديمقراطيّة - جزء 2
-
الديمقراطيّة - جزء 1
-
نداءُ تحذير
-
برهم صالح أم مستقبل العراق ؟
-
تظاهَر يا شَعَب .. وإستَعِدّ .
-
هَل يُحَوّل ترامپ العالم
-
نَينَوى بعد التَحرير
-
عودة الصدر ليسَت غريبة
-
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
-
الدناءة
المزيد.....
-
وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا
...
-
مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
-
استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
-
عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
-
بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
-
الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
-
ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا
...
-
-بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات
...
-
الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
-
سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|