أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي حسن الفواز - صناعة المثقف















المزيد.....

صناعة المثقف


علي حسن الفواز

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان الكثير من المثقفين وخاصة العاملين في المحترف السياسي !! يعيشون خلطا مفاهيميا غريبا ، خلطا يجعلهم يطلقون الاحكام والمصطلحات خارج السياق المعرفي والثقافي بشكل عام دون ادنى مراجعة او تمحيص!! ،ومن اخطر هذه المفاهيم تداولا واثارة للغط هو (المثقف) ذاته هذا الكائن/ المفهوم المنتج للسياقات والمتمرد عليها في ان !!! خاصة اذا عرفنا ان ضبط المفهوم في سياقه يعني ضبط استخدامه في المصطلح و في ضبط اطلاق الاحكام ..
لا شك ان وظيفة المثقف ليست عائمة أو مجردة ، بل هي جزء من (السستم) الاجتماعي اذ لا توجد هناك وظيفة اجتماعية خالصة اسمها (مثقف) ،مثلما لا يوجد في الاجندة الاقتصادية والمالية مسمى وظائفي اسمه (مثقف) يستحق ترسيمات وجدولة في السلّم الاداري لكي يتدرج ضمنه هذا المثقف من الدرجة (أ) الى المثقف درجة (ب) ،او ان يعيش كغيره مرحلة معاون مثقف !! كما جرت العادة عندنا تحت تسميات م, ملاحظ ،م,مهندس لنكون امام نوع من المثقف (المسلكي )، الذي يحظى بالراتب الشهري والراتب التقاعدي فيما بعد !!! بموجب هذا الترسيم الاداري ..
ازاء هذا هل يمكن ان نصطنع دائرة خاصة للمثقفين او حزبا للمثقفين ؟ ، او حتى ايديولوجيا لايتبناها الاّ المثقفون!! تلك سخرية مرة حقا ،اذ اننا سنسلخ هذا (المثقف) من صيرورته في المجتمع والعائلة والحشد والشارع ، ونمنحه وجودا متعاليا او استثنائيا ، اوربما سنقترح له فقرة خاصة في الدستور الوطني لانه (سوبر مواطن) !!
ان مفهوم المثقف هو مفهوم اجتماعي ،له اشتراطات المواطنة في السكنى والمعيش والمحن والانتماء والسفر والسجن والتناسل والبكاء والموت ،مثلما له قياسات معينة بحكم حيازته على المعارف في شؤون الارض وما عليها ، وفي ضوئها يكون طليعيا ونخبويا وحتى قائدا في السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي ..واعتقد ان المثقف العراقي من اكثر مثقفي (الدنيا) ضحية لهذا الخلط المفاهيمي ،لانه يملك مرجعيات كبيرة في الاحزاب والطوائف والحكومات والسجون والايديولوجيات ،، لذا فان البعض يطرح من خلال هذه المرجعيات نموذجه الثقافي الطارد والاستعلائي ازاء السياسي المهني المحسوب على مكونات الحكومة والنظام المؤسساتي ، والذي يقترح لوحده الحلول !! على افتراض ان السياسي اليومي هو اميّ وساذج وعاطل عن الوعي وخارج من (ثقب) الارض !!ولا شأن له بالثقافة وعلومها !! حدّ ان البعض يتوهم ان الثقافي الصانع للتغيير هو الصانع اللغوي والفني والجمالي وما عداه محسوب على مهن اصحاب (الصنايعية) الذين لاينتجون ثقافات اجتماعية واقتصادية وسياسية تدخل في جوهر المشروع التنموي !! والبعض الاخر وهو الاكثر غرابة ،،،والذي يفكر بايديولوجيا نقية وخالصة لتوصيف ألمثقف صاحب المعارف النظرية والفلسفات ، والدعوة لان يكون هذا المثقف هو الحائز على تسويق الفروض وان الايديولوجيا التي يطرحها ويتبناها هي جوهر فكرة (الفرقة الناجية ) التي ماعدا الايمان بها والوقوف بين يديها فهو ضلالة !!!
يبدو لي اننا بحاجة حقا الى اعادة تعريف هذا المفهوم ووضعه في السياق الصحيح بعيدا عن اية مرجعيات او تفسيرات اسقاطية لا شأن لها بالوظيفية الاجتماعية التكاملية للمثقف !! مثلما نحن بحاجة الى اعادة فحص وانتاج الكثير من المفاهيم الاخرى ،، ولاشك ان هذه الاشكالية ليست وليدة قصور آني في ادراك معطيات هذا المفهوم ،،بقدر ماهي وليدة تاريخ طويل من الازمات ،فالمثقف الابداعي الخالص كان مثقفا ازمويا !! كثيرا ما طردته السلطات ،وخاصمته الاحزاب ،وتحفط عليه اصحاب الفقهيات والمدارس الباطنية لانه يمارس التأويل على هواه !! رغم ان الكثير من مثقفي الابداع الانساني والنضالي كانوا قادة اجتماعيين من الطراز النادر ، فهذا سنغور ، وهذا هافيل ،وهذا كاسترو ،وهذا اوغستو نيتو ،باستثناء القادة العرب الذين جاءوا في اغلبهم من مرجعيات سلالية او مرجعيات انقلابية ولا شأن لهم بالثقافة الابداعية ،والتي يتصورونها بانها وسيلة (تهريج) او تمديح !! او تضخيم لصفات ولي الامر !!! ولاشأن للتنمية المعرفية والجمالية بالتنمية السياسية والاقتصادية ..
ان تحولات مفهوم المثقف جاءت مع التحولات الخطيرة في الثقافة الانسانية ،فبدأت تترحل الينا مفاهيم المثقف العضوي الجماهيري المتحزب والايدولوجي ،ولدينا نسخ مشوهة منه طوال اتساع كارزما الاحزاب اليسارية واليمينية على السواء بدءا من الاربعينات ولغاية 9/4 ، كما جاء اصحاب النخب بمفهوم المثقف الاحتجاجي الزاحف الينا من المؤسسات الاكاديمية والبحثية والذي يمللك روحا رومانسية ثورية لاتهش ولا تنش !! والبعض قال بحضور المثقف النقدي ،والبعض الاخر اقترح علينا المثقف الديني ،والمثقف الدستوري وغيرهم من صنايعية الاشتقاقات !!
المشكلة في جوهرها تكمن في السياق الذي انتج هذا المثقف ، اذ ان المثقف المطرود من سياقه لا أثر له ولاحيوية ، لان السياق هو الفاعل والمحرك والمنتظم في ظواهر ، وتاريخ الثقافات الانسانية هو تاريخ ظواهر وليس تاريخ مثقفين او ابطال رغم اهميتهم !!
ولعل لحظتنا التاريخية المعاصرة ،لحظة التوهان السياسي ! وتفكك المركزيات التي كانت قد كرست فينا مثقفها المركزي والابوي ،،تقف اليوم على مشاغل انتاج انماط غرائبية من المثقفيين اللامهنيين والمؤدلجين والعصابيين ،، حيث يمارس هذا المثقف اللا اشكالوي دور المتفرج على المحنة ،،واحسب ان الدعاوى التي يطرحها البعض لصياغة دور استثنائي وانقاذي للمثقف في هذه المرحلة ،هي دعاوى من مرجعيات مثقفنا العضوي والاحتجاجي القديم سليل الاحزاب والعقائد التقليدية ،
ان ازمة السياسي وازمة الدولة ونسقها !! هي ازمة تفكك بنية السياسة وبنية الدولة ذاتها ،وما نحتاجه حقا هو صناعة سياقات عمل وبرامج ومشاريع وعلاقات فاعلة في اطار البناء الوطني والبناء التنموي والتخطيط الممنهج للعمران الثقافي والسياسي والتنموي في مجال الديمقراطيات ، حيث يكون المثقف فيها هو الفاعل والمحرك والمنتج وصانع السياق الذي يسوّغ فاعلية الظواهر في الواقع بما فيها الظواهر الابداعية والجمالية التي ترقى بالذوق العام وتنقذ الروح من غلواء الحروب وازماتها وضواغطها وتشوهاتها ، انها حقا صناعة استثنائية لظاهرة المثقف الفاعل وليس المثقف المسلكي !!!!



#علي_حسن_الفواز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هستيريا الجسد
- العالم مابعد 11/ايلول صناعة في الرعب ..اسئلة في المجهول
- الخطاب الاعلامي وانتاج البنيات المضللة/ الاتجاه المعاكس نموذ ...
- حضارية الحوارات/اسئلة في صيانة الانسان والدولة
- العقل الثقافي العربي /الخروج من ازمة الهزيمة
- الاحزاب السياسية لعبة الحائط والحجر
- امريكا وصايا الاخ الاكبر وصناعة الازمات!!!!!
- سوبر الحداثة وشهوة الافكار الممكنة
- بيروت وثقافة الحرب السادسة... الحملة الوطنية لمواجهة الهجمة ...
- ثقافة اوهام الدولة وخواء النخب السياسية
- عمارة يعقوبيان/الحياة خارج اللزوجة
- المجتمع المدني / الحقائق والمعطيات
- محمد حلمي الريشة/ شعرية الذات الرائية
- العلمانية....اشكالية الدولة واسئلة الوعي..................مح ...
- خطاب الليبرالية /قراءة في التاريخ /مواجهة في الازمة
- المثقفون واحلامهم المباحة
- المجلس الاعلى للثقافة في العراق/ الاسئلة والنوايا
- الغزو الثقافي وصناعة الوهم
- الطبقة العاملة ضرورات الوعي واشكالات الواقع
- الحوار العربي الكوردي قراءة في صناعة الدولة الحضارية


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي حسن الفواز - صناعة المثقف