أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - أكثر من ستين عاماً من الرّقص














المزيد.....

أكثر من ستين عاماً من الرّقص


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6595 - 2020 / 6 / 17 - 17:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مالنا ولقانون قيصر إن كنا سوف نموت من الجوع؟ لن نتظاهر ضدّه. غنّوا وارقصوا ما شئتم ، فسوف يلعنكم التاريخ.
في زمني، أم زمن أولادي، أم زمن أحفادي . كم من الأزمان مرّت ، وكان علينا أن نرقص فيها، ونركع على ركبتينا أمام وهم اسمه الوطن؟ مالنا ولقانون قيصر؟ لن نرقص في هذه المرّة ، فمن يرقص دائماً تهون عليه نفسه، ينتشي بالقفز و الركوع. هو فلكلور سوري. هل تستغرب لو قلنا أنه لم يزل هناك من يؤيّد الأسد؟
بالنسبة لي لا أستغرب، لن أستغرب في المستقبل أيضاً أنه لا زال هناك من يؤيّد الأسد. سوف أسرد حادثة من الذاكرة البعيدة، لن تذهب من مخيّلتي، بتّ يومها أبكي ، ربما لا زلت أبكي ، لكن البكاء كالفرح يختبئ في الذاكرة ليعود عند أوّل شجن.
هناك عادة عند أهل ماردين، -الكثير منهم يعيش في القامشلي- أن يقيموا وليمة لك ، يقدمون فيها " الكتل الكبار" وهي نوع من الكبّة المسلوقة التي تصنعها النساء بمهارة ، و التي أجيد أكلها لكنّني لا أجيد صنعها. مختصر القصّة أن شابان أخوان من القامشلي كانا يعملان في دمشق، بينما والديهما يعيشان في القامشلي ، وهم من أقارب زوجي ، كان بيننا زيارات، في يوم من الأيام تمّ القبض على الأخوين في دمشق بحجة دعوى الانفصال عن سورية . لو كان الشّابان كرديان لقلنا أنه مجرّد اضطهاد وتعسّف ، فقد تعودنا أن نسمع أن الكردي متهم بالانفصال، ومن أجمل الطّرف التي حدثت معي عندما كنت محام أن مستخدماً في البلدية اسمه عبّاس ، وهو كردي شاءت الأقدار أن يوظفوه كمستخدم، وفصل عباس لأنه خطر على أمن الدولة. عندما قدمنا دعوى مدنية لأجل إعادته -كونه بريء-. كان عبّاس يحضر جلسة المحاكمة، وكان زوجي وأنا نحضر المحاكمة، أثناء استجواب القاضي لعباس. قال زوجي للقاضي : لا أعتقد أنه يستطيع الإجابة على أسئلتك. فقط انظر إليه. هل ترى في هذا خطراً على أمن الدّولة؟ ضحك القاضي، وضحك المحامون، ثم كبتوا ضحكاتهم ، أما قريب زوجي، وبعد أن سجن أولاده توفيت زوجته بحادث ، حيث ضربتها سيارة وهي على الرصيف، بقي الزوج وحيداً ، أتى في أحد الأيام إلينا ليشكو همّه، قال أن ابنه دعا القنصل التركي في دمشق إلى أكلة كتل كبار كون القنصل ميردلياً، و اختفى أبناء القريب في السجون السورية، كان يلحس أصابعه أحياناً، يعض عليها أحياناً. لم أستطع مواساته لأنني لا أعرف ماذا أقول له. بل كنت أحتاج لمن يواسيني عندما لم أتمالك نفسي عن البكاء بصوت عال.
نعود إلى الرّقص. في تلك الأثناء كان هناك احتجاجات من قبل النظام ضد أمريكا ، و لا أعرف التاريخ ، لكنني أعرف أننا شعب الله المحتّج الرّاقص إلى الأبد، و الذي يعتقد أن العالم كلّه معجب به. . أتت ابنتي وكانت في الإعدادية. سألتني: هل من المعيب أن نضع الحمرة و الكحل، ونلبس فساتين أمهاتنا و نرقص في الشّارع. سألتها لماذا تقولين ذلك؟ قالت: قالت لنا الموجّهة في المدرسة أن علينا أن نفعل ذلك غداً لأننا سوف نقوم بمسيرة ضد أمريكا. قلت لها لا ضرورة أن تذهبي. ضعي الحمرة والكحل وارقصي امام المرآة. في تلك الأثناء كنت مصنّفة أنني لست وطنية لأنني لم أشارك في المناسبات ، لكنّك قد تشارك بالمناسبات بالخطأ ، ففي إحدى المرات ذهبت إلى غرفة المحامين كي أعطي إنابة لأحدهم، رأيت عدداً قليلاً من المحامين في الغرفة، بعد قليل ساقونا إلى باحة المحكمة، قادنا عنصران أمنيان، ولم أكن أعرف المناسبة، عرفت فيما بعد أنه كان يوم انتخاب . قال لنا العنصر في خطابه: أن الانتخاب الفردي لا قيمة له ، فجميع الشعب السوري مع الأسد، بهذه الطريقة الاحتفاليّة نحن ننتخب القائد جماعياً. لم أهرب، مشيت مع المسيرة حتى وصلنا إلى شعبة حزب البعث، وهناك علقت الدبّكة، أمسك القضاة و المحامون في الصّف، كانت الدّوائر متراصّة، في هذه المرّة حزنت على أحد القضاة الذين كنت أكن له بعض الود كيف اضطر أن يمسك على الأول، وكيف كانت رجلاه تلفان على بعضهما فقد كان كبير السن ومريضاً. لم أشارك في الرقص، ولا الانتخاب. بل هربت إلى منزلي و أنا ألعن الساعة التي ولدت فيها في سورية .
بعد أن أصابتنا التّخمة من الرّقص، من تحرير القدس، من الرّقص على نيّة النّصر تعودنا على الممانعة، أصبحت تسري في دمائنا، تخرج كلمات الأسد ونصر الله من أفواهنا دون ان ندري. اختزنها عقلنا الباطن، لذا لا عجب في مسيرات ضد قانون قيصر. لكن مالنا نحن؟ بقيصر، أو بدونه سوف نموت من الجوع.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن و الأدب في الدولة المستبدة
- على وشك أن نعبد الأسد!
- هل البيضة خرجت من الدجاجة، أم الدجاجة خرجت من البيضة ؟ سياسي ...
- النّظام الأسدي، و الإسلاميون وجهان لعملة واحدة
- لا تقتلوا الأسد!
- أنقذوا حياة السّوريين
- لن ينقذنا أحد
- جورج فلويد: لماذا يمنحني منظر هؤلاء المتظاهرين الشجعان المنه ...
- رحيل الأسد ضرورة إنسانيّة
- الغضب الاستعماري
- كيف سوف يكون رحيل الأسد؟
- كيف توفر آراء العالم غير الدينية العزاء في أوقات الأزمات
- مؤسسة الآغاخان
- إعادة تدوير الفساد في سورية الأسد، و ما بعد الأسد
- شراء الجنس
- ابق يقظاً! إنّه الوباء !
- قل لي أين تبيض أموالك أقل لك من أنت
- سوق الدّين، والدّنيا
- يجب على الأوروبيين والروس أن يتذكروا ما ربطهم ببعضهم البعض: ...
- دور الأحزاب الصّغيرة في السياسة السّويديّة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - أكثر من ستين عاماً من الرّقص