أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وعد عباس - الماضي الجميل - حقيقة أم وهَهَم ؟ الشعر العامي دليلًا














المزيد.....

الماضي الجميل - حقيقة أم وهَهَم ؟ الشعر العامي دليلًا


وعد عباس
كاتب وباحث

(Waad Abbas)


الحوار المتمدن-العدد: 6589 - 2020 / 6 / 10 - 15:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كنتُ قد أشرتُ في كتابي الأول "البعد النفسي في الشعر الفصيح والعامي – قراءة في الظواهر والأسباب" إلى أهمية الشعر العامي ، ودوره الكبير في الحياة النفسية والاجتماعية للأفراد في مختلف الشعوب ، فهو يكتب باللهجة المحكية التي جعلته واسع الانتشار كتابةً وتلقيًا ، بسبب سهولة فهمه والتفاعل مع أبياته ، ولعل من أبرز سماته وأدواره مرافقته السواد الأعظم من الناس في سرائهم وضرائهم ، فلا نجد حادثة كبيرة تمس حياة الناس عموما ، أو صغيرة تمس حياة مجموعة أفراد في قرية نائية إلا وتناولها الشعر العامي بأحد أنماطه ، وهذا ما ينفع الباحث عن الحقيقة في مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية.
ورغم كثرة الموضوعات التي امتلأت بها القصائد العامية العراقية ، فقد شغلني من بينها موضوع "الحنين إلى الماضي" لكثرة ما تناوله ويتناوله الشعراء ، ويتداوله الناس بشكل عام ، فنادرا ما نجد شخصا ليس فيه حنين إلى الماضي أو ينكر عليه جماله .
نسبيًا ، الكل يرى أن الماضي أجمل ، وإن الناس كانوا أفضل ، وإن الحياة كانت أرقى وأهدأ وأنسب للتفاؤل والراحة ، وإذا ما نظرنا إلى الشعر العامي العراقي نجده يؤيد هذه النظرية ، ويختصر الشاعر أبو محمد المياحي هذا الحنين إلى الماضي وأفضليته على الحاضر بقوله :
قبل آه يا قبل يختلف عن هسه قبل آه يا قبل وشكثر بي ونسه
فهل هذا الحنين له ما يبرره ؟ وهل كان الماضي جميلا فعلًا ؟ وهل كانت الناس أفضل معشرا وأكثر تحابا حقَّاً ؟
لن أذهب بعيدا وأبحث عن أدلةٍ في بطون الكتب ، بل أن أدلتي والحقائق التي سأسردها لكم هي من الشعر العامي ذاته ، فإذا ما عدنا إلى الشعر الذي كتب في الماضي ، نجده ينكر ذلك الجمال الذي يحنون إليه ، فعن صحبة الناس وخيانتهم يقول الشاعر صاحب الضويري في واحدة من أشهر قصائده :
أســهــر والـــدموع مرافجه الليل ولا صاحب يشوف إدموعنه تهل
الرفاﮔـه ويارفيـج الهمـك إيشيــل اهــل هـالـجيل عدوان وعــــواذل
وعن "ضيم" الأيام وقساوتها يقول الشاعر عريان السيد خلف :
وهذا عمري مكالب وي الضيم
ما مرت الضحكة اعله سني
وهذا حجي الناس
أون من لوعتي وكالوا يغني
هذا إضافة إلى كثير من الأبيات التي يتداولها الناس دون معرفة شاعرها في غالبها توحي بالألم ، وخيانة الناس ، وكثرة الوشاة والشامتين والخائنين وناكري المعروف ، مثل :
كباله والـشـمات فـرسـتنه اديهم لا شـــــاكف ولا كال هنتالله بيهم
وأيضًا : ياما زرعت الطيب بجفوفي آنه وكــت الحصاد الكيت سل ابمكانه
وأيضًا : بي بكثر مــــــا بيك يكريم أحاه تيهني واشي عداي وابن أمي دلاه

نفهم مما سبق إن الماضي ليس مثاليا كما يصوره لنا شعراءُ اليوم ، بل هو كواقعنا الآن الذي سيحن إليه شعراء الفترات القادمة ، ويصورونه بأبهى ما يتخيله العقل ، فلماذا ؟؟ . يعتقدُ الباحثون بجملة من الأسباب أبرزها :
الأول : إن غالبية الناس في طفولتهم اعتماديون في المعيشة على آبائهم ، وبالتالي هم كانوا يأكلون ويشربون ويمرحون دون أن يتعرضوا للألم ، أو قل يتعرضون لألم نفسي بسيط لا يمكن أن يقارن بما يشعرون به الآن في ظل المسؤوليات الملقاة على عاقتهم .
الثاني : الماضي يحمل مرحلة الشباب بما تحتويه من جمال وقوة ، فهو يحن إلى تلك الأيام لأنه أصبح الآن وهنًا بعد أن تقدم به السن ، وما زالَ يهنُ .
الثالث : إن الأفراد ألفوا الماضي وخاضوا تجاربه ولن يفاجئهم فيه شيء إذا عاد ، ولأنهم يخافون مما سيخوضونه في المستقبل المجهول ، يودون لو أن الماضي يعود.
الرابع : يتضمن الماضي أصدقاء وأحبة ابتعدوا أو ماتوا ، فرحلت أجسادهم وبقيت ذكراهم المليئة بالأماكن التي زاروها معا ، والأحاديث التي خاضوها ... .
الخامس (وهو الأهم): يمارس الإنسان في استرجاعه الماضي الانتقائية ، أي أنه يتذكر الإيجابيات ويبالغ فيها ، وينسى أو يتناسى السلبيات .
على أننا يجب ألَّا ننكرَ أن التطورات المستمرة في شتى مجالات الحياة ، وتزايد عدد السكان ، يؤدي باستمرار إلى زوال الكثير من جماليات الحياة .



#وعد_عباس (هاشتاغ)       Waad_Abbas#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتب الدينية تنبه إلى سيكولوجية الشيخوخة
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج6) الوجه الآخر لحظ ...
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج3) المشكلات الأسري ...
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج4) زيادة حالات إدم ...
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج3) الشعور بالإحباط
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج2) كسر العادة بشكل ...
- الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج1) المقدمة
- في ظل أزمة كورونا ، وحظر التجول... دعونا نصحح أفكار المجتمع ...
- في ظل أزمة كورونا ، وحظر التجول... دعونا نصحح أفكار المجتمع ...
- في ظل أزمة كورونا ، وحظر التجول... دعونا نصحح أفكار المجتمع ...
- في ظل أزمة كورونا ، وحظر التجول... دعونا نصحح أفكار المجتمع ...
- صورة فائق الشيخ علي بين مؤيديه ورافضيه (وجهة نظر نفسية)
- حادثة (ركضة طويريج) - سيكولوجية ردود الفعل الشعبية
- انتحار الشباب العراقي (وجهة نظر مغايرة)
- الله أم هاري ميلز !
- من سيضعُ حداً للتفسيرات الدينية ؟
- التأثير النفسي لمقالات الدكتور الوردي
- الشاب العراقي بين حضارة أجنبية حية وحضارة عربية ميتة ج1
- تظاهرات العراقيين - تحليل سيكوبيئي
- نحو دراسة الفقر سيكولوجياً (الجزء 3)


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وعد عباس - الماضي الجميل - حقيقة أم وهَهَم ؟ الشعر العامي دليلًا