|
الله أم هاري ميلز !
وعد عباس
كاتب وباحث
(Waad Abbas)
الحوار المتمدن-العدد: 6140 - 2019 / 2 / 9 - 14:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بمجرد التفكير بالجماهير التي اجتمعت حول الأنبياء وساندتهم ، ووقفت معهم في سرائهم وضرائهم ، تتبادر إلى ذهنك تساؤلاتٌ كُثُرٌ من بينها : - كيف استطاع أولئك الأنبياء جمع ذلك الجمهور ؟ - أهي معجزة ؟ أم وفق أساليب نفسية معينة ؟ - أكانت الجماهير على قناعة بالأنبياء كشخصيات ؟ أم بشرائعهم ؟ اخترت نبيين من أنبياء الله ، هما : النبي محمد والنبي يوسف ، وبحثتُ في حياتهما لأكتشفَ سر انجذاب الناس إليهما ، والإيمان برسالتهما ، والمراحل التي مرت بها دعوتهما ، فوجدتُ الدعوتين كادتا أن تكونا متشابهتين من حيث المراحل ، وإن الأنبياء قد سبقوا هاري ميلز مؤلف كتاب (فن الإقناع) في معرفة الطبيعة البشرية التي تحترم من يحترمها ، وتحب من يوقرها ويعطف عليها ، وإن أساس الإيمان بالعقائد نفسي لا عقلي ، وإن الانجذاب الوجداني لشخص ما ، يقودك إلى الإيمان بكل ما يقوله ذلك الشخص وما يرد عنه ، دون أدنى درجة من التفحص والتحليل . المرحلة الأولى : العطف والرحمة التي بدأها يوسفُ منذ طفولته وتمثلت بمساعدة عبيد قصر العزيز ، إذ كان يرعاهم ويهتم بأمورهم ويرسل الطعام إليهم ، ويسمعهم من الكلام أعذبه ، حتى أحبوه حد الإعجاب الشديد ، ولما دخل السجن أخذ يمارس ما مارسه في قصر العزيز ، إذ نشر عطفه على كل السجناء واعتنى بهم . أما النبي محمد فقد عُرِفَ خلال الأربعين سنة قبل الرسالة بلقب (الصادق الأمين) ، ما يدل على أخلاق فاضلة تميز بها هذا النبي قبل نبوته ، جذبت كثيراً من شباب مكة إليه وشيبتها . المرحلة الثانية : بعد أن ضمن يوسفُ إعجاب عدد لا بأس به من الناس بل ومن ذوي النفوذ في مصر ومنهم (قائد حرس العزيز) ، بدأ مرحلته الثانية التي تمثلت بدعوة شبه سرية ، تضمنت دعوة السجناء الى دين التوحيد ، فما كان منهم إلا أن آمنوا به ، وقال له بعضهم (إذا كان ربك عطوفا مثلك فلماذا لا أؤمن به ، نحن لا نعرف ربك لكنه بالتأكيد ربٌّ عطوفٌ مثلك ، ... الخ) وهذا يكشف عن أن الناس معجبون بيوسف لا بربه ، وحبهم له قادهم إلى الإيمان بربه الخافي عن الابصار . أما محمدٌ فبعد أن ضمن إلى جانبه خيرة شباب مكة الذين أعجبوا به لصدقه وأمانته واخلاقه الفاضلة ، بدأت دعوته السرية ، فآمن به من كان يتوقع إيمانهم ، والذين سيعتمد عليهم في المرحلة القادمة . المرحلة الثالثة : بعد خروجه من السجن بدأ يوسف مرحلته الثالثة التي تضمنت غمر أهل مصر بالعطف والحنان ، وإظهاره لنفسه على أنه رجل عطوف يعتني بأهل مصر وحكيم ذو فطنة قادر على تفسير الاحلام ، كما تضمن فضح معبد الإله بطريقة ذكية ، فمن فضائحه لهم مثلا أنهم حين رموا الحنطة الفاسدة في النيل ، جمع الناس وطلب منهم رؤية ذلك الفعل ، وقال نائبه – مالك - المرسل من قبله : أيها الناس هذا ما زرعتموه وأجهدتم انفسكم في سبيله قد ضاع في النيل ، فبدا للناس أن لا مشكلة شخصية ليوسف مع الكهنة ، وإنما مشكلته هي مصلحة الناس ، وبعد أن غمرهم بكل هذه الرحمة والعناية لسنوات طوال ، بدأت المرحلة التالية . أما النبي محمد فقد أعلن دعوته ، واظهر للناس عطفه ورحمته التي أتمها بان قال للذين على غير دينه في يثرب بان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، اضافة إلى مواقف أخرى زاد فيها من قناعة المسلمين به وبنهجه ، لا يسع المقال لذكرها ، من بينها مؤاخاته بين المهاجرين والانصار وبين الأوس والخزرج ، ووصاياه خلال الحروب بعدم الاجهاز على جريح ، وعدم إيذاء الأسير ، وعدم قطع الاشجار ... الخ . وايضا اطلاقه سراح الأسرى في غزوة بدر المرحلة الرابعة : أعلن يوسف أن التوحيد هو الدين الرسمي في مصر ، ولكن لا يجوز للموحدين أن يؤذوا اخوانهم الذين بقوا على دين أجدادهم ، وبذلك استطاع اقناع مجموعة كبيرة أخرى فانضمت إلى دينه . ما يكشف عن ان الله خبيرٌ بفن الإقناع ، فقد امضى أنبياؤه سنوات في حب الناس واحترامهم ، وإظهار الله لأنبيائه على أنهم أناس ذوي اخلاق فاضلة . فماذا أعددتم ايها المسلمون لإقناع الناس بدينكم ودعوتهم إليه ؟ سوى فنون القتل التي امتزتم بها عن غيركم ! تذكر أنك يجب أن تقنع الناس بك كإنسان ، بعدها سيعجب بك ويقرأ دينك ، أما أن يقرأ عن دينك وأنت بهذا الوضع ، فهذا أمر محال ، لأن الناس من قبل اقتنعوا بالأنبياء أول الأمر لا بربهم وشرائعهم .
مستل من كتابنا التقيتُ الله وحدثني
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من سيضعُ حداً للتفسيرات الدينية ؟
-
التأثير النفسي لمقالات الدكتور الوردي
-
الشاب العراقي بين حضارة أجنبية حية وحضارة عربية ميتة ج1
-
تظاهرات العراقيين - تحليل سيكوبيئي
-
نحو دراسة الفقر سيكولوجياً (الجزء 3)
-
مازوشية العاشق وسادية المعشوق في الشعر العامي العراقي
-
تشوه صورة المرأة في الشعر العامي العراقي
-
نحو دراسة الفقر سيكولوجياً (الجزء 2)
-
نحو دراسة الفقر سيكولوجيا (الجزء 1)
-
-لوم الذات- ظاهرة نفسية تنتشر في الشعر العامي العراقي
-
ما لم تلتفت إليه منظمات المجتمع المدني في العراق
المزيد.....
-
اتحاد -علماء المسلمين- يبين وضع القرضاوي الصحي بعد إصابته بك
...
-
اتحاد -علماء المسلمين- يبين وضع القرضاوي الصحي بعد إصابته بك
...
-
صلاح عجارمة... حب في الكنيسة
-
أكراد سوريا يسلمون روسيا 34 طفلا يتيماً من أبناء مقاتلي تنظ
...
-
أكراد سوريا يسلمون روسيا 34 طفلا يتيماً من أبناء مقاتلي تنظ
...
-
اعتقال مئات من قيادات وأنصار حركة إسلامية متشددة إثر تظاهرات
...
-
اعتقال مئات من قيادات وأنصار حركة إسلامية متشددة إثر تظاهرات
...
-
الشيخ محمد رفعت.. القارئ الذي يسمعه الأقباط واليهود
-
وفاة نائب قائد فيلق القدس في حرس الثورة الاسلامية محمد حجازي
...
-
وفاة نائب قائد فيلق القدس في حرس الثورة الاسلامية محمد حجازي
...
المزيد.....
-
الطاعون قراءة في فكر الإرهاب المتأسلم
/ طارق حجي
-
عصر التنوير – العقل والتقدم
/ غازي الصوراني
-
صفحات من التاريخ الديني والسياسي للتشيع
/ علي شريعتي
-
أوهام أسلمة الغرب عند المسلمين
/ هوازن خداج
-
جدل الدنيوية العقلانية والعلمانية الإلحادية
/ مصعب قاسم عزاوي
-
كتاب النصر ( الكتاب كاملا )
/ أحمد صبحى منصور
-
الماركسية والدين
/ ميكائيل لووي
-
الجيتو الاسلامى والخروج للنهار
/ هشام حتاته
-
الكتاب كاملا :( مسلسل الحُمق في ذرية : علىّ بن أبى طالب )
/ أحمد صبحى منصور
-
خَلْق الكون في مقاربته القرآنية!
/ جواد البشيتي
المزيد.....
|