أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد طه حسين - عولمة الوباء واختراق الثقافات














المزيد.....

عولمة الوباء واختراق الثقافات


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 22:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عولمة الوباء وإختراق الثقافات
الوباء العولمي (كورونا) هو الأولى من نوعه الذي ٳجتاز العالم بهذه السهولة وبهذه السرعة، لم يستثني دولة ومجتمعاً الاّ إخترقها، فالإختراق هذا لا يَدّل على خطورة الفايرس وعدم ضبط الجهات الصحية شفرته الجينية، بقدر ما سَهّلَت عولمة التواصل والمواصلات إنتشاره والوصول به الى كل أنحاء العالم. الموضوع الأهم بين الثقافات المختلفة إعلامياً وإجرائياً وحتى على مستوى ردود الأفعال الشعبية هو الوباء الكوروني، حيث لم يشير التأريخ منذ بدايته الى هذا النوع من وحدة الشعور الكوني بهذا الشكل، حتى الحربين العالميين التي راحت ضحيتهما ما يقارب (100) مليون قتيل وملايين من الجرحى والمفقودين، إذ كانت حينذاك دولاَ وجماعات لم تسمع عن الكارثتين كون وسائل الإعلام وشبكات التواصل لم تكن موجودة، والتنقل الخاص والعام بين الدول كان تقليدياً الى حدّ ما. تبادل الخبرات الوقائية والعلاجية حول الكورونا بين الدول عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي بأنواعها، ومحاولات بعض الدول إيصال المساعدات للدول المنكوبة وتنافس المؤسسات الصحية والعلماء في البلدان المتقدمة ساهمت بشكل عضوي توحيد السياسات الصحية وإستراتيجيات المواجهة للفايرس أو على الأقل التحرك وفق أطر معرفية صحية أو بالأحرى السلطات الصحية المتمثلة بمنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الصحية في البلدان نفسها.
محاولات الدول لعزل نفسها، براً وبحراً وجواً، وإيقاف الزيارات الرسمية السياسية الدبلوماسية والإقتصادية والرحلات السياحية والتجارية والعادية بأغراض عدة، وتغيير أساليب الإجتماعات وإنعقاد المؤتمرات من الحضور البدني الى الفيديوكونفرانسات وما شابه ذلك، وتشكيل حكومات مصغرة من وزارات الصحة والداخلية والأمنية والعسكرية. إقفال مؤسسات التربية والتعليم والتعليم العالي في الكثير من الدول وإجراءات عديدة أخرى من الدراسة عبر طريقة أونلاين، هي بالأساس للتخلص السريع من شر هذا الفايرس والحد من خطورتها. فالعالم كله يشغله عنوان واحد وهو الكورونا، وسلوك جمعي واحد وهو سلوكيات العزل والحجر الصحي وعدم التصافح والتباعد عن البعض بأمتار وإجراء التمارين الرياضية وشرب المقويات واكل الفواكه والخضروات التي تزيد مناعة الجسم والوقاية من النظافة ووضع الكمامات على الوجه، والكفوف في الأيادي وإستعمال المنظفات من الكهول والديتول ورش البيوت والأسواق والدوائر والمحلات، كل هذه تكتمل بواسطتها اللوحة الإنسانية العالمية التي تعني معاني متعارفة وظاهرة للكل حيث تدل على أهمية الروح والجسد البشري أكثر من كل النرجسيات والأطماع الرأسمالية السوقية التي غطت العالم وجعلت من الثقافة متعة بحد ذاتها. فثقافة المتعة (Entertainment) والترفيه كانت تمتص القدرات البشرية الكامنة والظاهرة وتهدرها عبر إنتاج الثقافة الترفيهية المتعية التي لا تنفع غير تغييب العقول والذوات عن أصالتها كما اشار اليها (إريك فروم) يومها وأكد عليها (فكتور فرانكل) في نظريته عن الفراغ الوجودي وانتاج المعنى والأمل للنفوس البشرية.
هذه هي نتاج تغييب الثقافة والثقافة النفسية بالأخص في المؤسسات السياسية والإقتصادية العالمية وقناعتهم النرجسية بعدم اللزوم الى الأرشاد النفسي بالإتجاه الإنساني الذي يرفع من شأن الحياة الشريفة الكريمة لكل فرد إنساني على هذا الكوكب بإختلاف ثقافاتهم وإنتماءاتهم القومية والحضارية والعرقية والدينية.
عولمة المرض إن صح التعبير وَحّدَت سلوكيات البشر، ووحدت تفكيرهم الصحي وإجراءات الوقاية، ووحدت ستراتيجياتهم وهي الحفاظ على الحياة وحماية المجتمعات من الإبادة بسبب الإصابة بالفايرس القاتل. في العصر القادم المابعد الكوروني تتغير الأحوال والأوضاع لا تبقى على أنماطها الغريزية تلك، هذه قناعة علمية مبنية على بداهة التغيير وعدم السكون، سواءً أكانت التغيير نحو الأحسن أو نحو الأسوأ، فالمهم التغيير آتٍ وحاصل لا محال ومرهون بتعاطي العقول معه. ولكن العِبَر تكون في العمل على محافظة وحماية السلوكيات الجمعية الإيجابية وتنميتها وتطويرها من جهة، وتنمية الثقافة السيكوسياسية من الإرشاد النفسي والإرشاد السياسي الإنساني.
تغيرت منذ أن إنتشرت تكنولوجيا المعلومات الأطر المرجعية التربوية والنفسية في الكثير من المجتمعات من الأسرة الى الإنترنيت وشبكات التواصل والمواقع الإلكترونية، حيث فقدت الأسرة أهميتها كنواة أساسية في النظام الإجتماعي الإنساني ونزعة بل غريزة الحياة المشتركة بين الافراد. كان الإرشاد النفسي المتلائم مع الثقافات المحلية والمتناسب مع النظام القيمي للمجموعات الثقافية المعينة لم يكن حاضراً، الأطفال والشباب وحتى الكبار كانوا يلجئون الى المراكز الغربية الغريبة للإرشاد والتوجيه على شبكات النيت وينقادون وراء أنماط ونماذج مخالفة مع ثقافاتهم. هذا التوسل الى الغير جعل من الكيان النفسي للأفراد هشاً لا يحتمل التحولات الطارئة وحتى الطبيعية وساهمت في تفكيك بنية التواصل القيمي والمجتمعي حيث أصبحوا كائنات مستهلكة للوقت ولأرصدة الموبيلات وحسابات النيت وخطوط المشاركة فيها.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة العولمة وٲهل القرية الصغيرة
- اتذكر غدي
- جهل يجدد نفسه...يرقص مع راقصات الحداثة
- هوّذا قد كتبت مقالا عن احتقار الثقافة!
- عقدة(الٲب الخالد)!
- ثورة الغضب وثورة العقل
- قروية ومدنية الفكر
- الانا الضائع وكائنات الغرائز....قراءة موجزة سايكولوجية للّوح ...
- هلُمّ نبني وطناً!
- حقائق في علمِنا النفسيّ
- الضاحك الباكي
- كلمات تتشاجر كالطيور
- خوفٗ من الحبّ...ٲم حبٗ من الخوف!؟...ثنائية ...
- ديمقراطية الغرائز وكائنات الشهوة!
- مجال ملٲته الدّناسة
- سبات حبلی بالبلادة
- مكان خارج الزمان
- قول في التنمية الثقافية والاستثمار الفكري
- سايكولوجيا الاحتجاج
- الموت خارج الجسد!


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد طه حسين - عولمة الوباء واختراق الثقافات