أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر














المزيد.....

حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6508 - 2020 / 3 / 8 - 20:32
المحور: الادب والفن
    


في شتاء العام التالي، توفيت حماة عيشو بذات الرئة. وكانت في أثناء اشتداد مرضها تردد اسمَ حسّو، وطلبت مراراً رؤية ابنه الوحيد، البالغ من العمر خمسة أعوام. غير أنهم لم يسمحوا له بالاقتراب من جدته، خوفاً من العدوى. في أثناء تعزية النساء مساءً، التي جرت في منزل المرأة الراحلة، دخلت خاني ثم انتحت بنفسها جانباً. شقيقتها، رمقتها طوال الوقت بنظرات فيها ما فيها من ازدراء وتشفّ. لاحظت عيشو ذلك، وكانت سبقَ وعلمت أن صغرى ابنتيّ حمّوكي قد خرجت من منزل آل سنجو، مطرودةً، عقبَ مشادة حامية: تحقق ما توقعته سارة، لما قالت لابنتها ذات مرة بأنّ نورو يتسلى ولن يعقد قرانه على خاني. كانتا آنذاك تتكلمان عن نيّة سلو الزواج بابنة سنجو، وهذا ما تحقق في خلال صيف العام المنصرم في أثناء سفر الحاج حسن إلى الحج.
" أعيش في الإسطبل بمنزل خالي، بدون علم أرملته اللئيمة. ممدوح هوَ من دبّرَ لي المكان، ويمدني كل مرة بالطعام "، قالت خاني رداً على سؤال عيشو. تكلمت بهمس كيلا تسمعها النساء الحاضرات، وبوجه خاص شقيقتها. عندئذٍ طلبت منها المضيفة أن تنتظر في حجرة المرحومة، لحين انتهاء أمسية العزاء. شاءت أن تقدم معروفاً لهذه المرأة البائسة، الضائعة. كانت مصممة في داخلها على حمل خلّو على موافقتها فيما ارتأت إليه. غبَّ إيابه من منزل أبيها، أين أقيم عزاء الرجال، قالت له عيشو: " خاني نائمة في حجرة المرحومة. لم يعُد من المقبول لسمعتنا أن يكون مصيرها التشرد تحت السماء، وهيَ خالة ابن أخيك "
" إنها مَن جلبت لنفسها الشقاء، ولا أضمن ألا تعيد سيرتها الشائنة مجدداً "
" لنعطها فرصةً أخرى، والله يقبل توبة الخاطئ "
" ما أخشاه أن يشتعل المنزل بالمشاكل بين الأختين، لأنك تعلمين ما بينهما من ضغينة "
" خاني مسكينة، وأضمنُ طبعها المسالم. أما الأخرى، فإنها تخشاك كثيراً "، ردت عيشو مبتسمة وقد سرّت في دخيلتها لنجاح مسعاها.

***
لكن ما لم تتوقعه عيشو بالطبع، أن تنفجر فضيحة في الحارة ويكون مصدرها منزلُ شقيقها الكبير. امرأته، وكنا قد علمنا مسبقاً أنها تعاني من اضطرابات عقلية، عثروا عليها في صباح أحد تلك الأيام الشتوية غارقة في بئر المنزل. أقدمت على الانتحار في ساعة متأخرة من الليل، وكان زوجها وقتذاك مسافراً في مهمة بناء على طلب معلّمه الجديد؛ " علي زلفو آغا ". الابن البكر، ديبو، هوَ مَن اهتدى إلى جثة والدته حينَ انتبه لاختفاء أثر الحصيرة، التي توضع على فوهة البئر في خلال الليل. كان حادثاً خادشاً لسمعة الحاج حسن، برغم أن الجميع يعلمون بمرض المرأة الراحلة، العقليّ. لكن جنازتها كانت حاشدة، وكذلك تعزيتها؛ ما يشي بمقدار احترام الحارة لزعيمها السابق. بعد أيام قليلة، ذهبت سارة إلى منزل المرحوم أوسمان كي تخطب ابنته سلطانة لابنها موسي. قالت لها شملكان، بصوتها المتعب بفعل الشيخوخة: " إنها ابنتكم، وفي وسعكم أخذها من الغد بملابسها ".
مع ذلك، دُفعَ للابنة مهراً مجزياً كي يكون جهازها على أفضل ما يُمكن، ثم جرى لها عرسٌ بهيج في بداية الربيع. زوجُ رفاعية، تعهّدَ إحياء الحفل بصوته العذب مع أنغام طنبوره. ابنته الوحيدة، " نظيرة "، ذات الأربعة عشرَ عاماً، جذبت أنظار النسوة المحتفلات بحُسنها المبهر وتدلّه حركاتها. إحدى قريبات والدتها من آل لحّو، وكانت جالسة بالقرب منها في خلال العرس، قبلتها مراراً وفي كل مرة كانت تهمس في أذنها: " سأجعلك عروساً لابني آدم، ولن يدعك تمشين إلا على الحرير! ". ثلاثة أيام على أثر العرس، وكانت تلك المرأة قد قدمت إلى منزل خلّو كي تخطب ابنة أخته. عقبَ ذهاب الضيفة، تناهى بكاء الابنة إلى مجلس خالها في الإيوان. قال لامرأته: " يلوح أن قلب نظيرة لا يميل لقريب والدتها، ولعلها شاهدته ذات مرة؟ "
" آدم شاب ذو خلق، فضلاً أنه مُجدّ في عمله بدكان والده. لكنه دلال البنات "
" إنها صغيرة على أي حال، والأفضل لو تطول الخطبة كي يحصل التفاهم بينهما "
" أنا قلتُ ما قلته، لأنه في عائلتنا كانت توجد مأساة اسمها نظيرة: إنها ابنة المرحومين عليكي آغا الكبير وليلو. لقد خطبها شقيقي موسي، لكنها فضّلت عليه شاباً رقيعاً ما لبثَ أن أذاقها الهوان بغياب والديها ثم ماتت قبل أن تضع جنينها "، تدفقت عيشو في سرد الحكاية. ثم سكتت قليلاً قبل أن تضيف: " لذلك أرى أن تتكلم مع أختك بشأن مستقبل ابنتها، وأنه سيكون مزدهراً مع زوج مثل آدم ".

* مستهل الفصل الثاني عشر/ الكتاب الرابع، من سيرة سلالية ـ روائية، بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة كاملة
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الحادي عشر
- فردوس الفقراء
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الحادي عشر
- جريمة مجانية
- حديث عن عائشة: بقية الفصل العاشر
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع/ 3
- صراع على العيش
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 1
- مزحة، جريمة مزدوجة ومتورطون ثلاثة
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن/ 2
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن
- عصير الحصرم 77
- المنزل المنحوس


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر