أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 2














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6404 - 2019 / 11 / 10 - 16:39
المحور: الادب والفن
    


في مفتتح ذلك العام، المؤذن بحلول القرن العشرين، كانت نازو قد دخلت بدَورها في سنّ العاشرة. إلى جانبها في ليلة رأس السنة، واقفاً مثل الآخرين على سطح المطبخ لمشاهدة عرض الأسهم النارية المدهش، كان بكرُ شملكان في هيئته الرثة، المألوفة؛ بملابسه المتهرئة وشعر رأسه المنفوش مثل القنفذ. والدته، لاحَ أنها اعتادت على حالته البائسة، فلم تعُد تلقي بالاً إليه. ولم يكن ذلك إهمالاً منها، وإنما يأساً من إمكانية تصويب مسلكه غير السويّ. إذ كان يقضي أكثر وقته في الحديقة، معفراً بتربتها أو بعذق دجاجها. رائحة بدنه القذر، كانت مألوفة أيضاً، إن كان الوقت حاراً أو بارداً.
ها هوَ بالقرب من قريبته الجميلة، يتابع دَهِشاً الحفلة السماوية دونَ أن ينتبه أحدٌ لوجوده. بيد أن نازو كانت تشفق حقاً على الغلام المسكين، المماثل لها في العُمر. ولعلها فكّرت أيضاً، بسذاجة هذا العُمر، أنها كانت من الممكن أن تعشقه لو أن مداركه العقلية تُجيز له فهم معنى العشق. كانت على علم، من ناحية أخرى، بحكاية الحب الرومانسية، التي جمعت والديها مذ أن كانا في سنّها؛ لدرجة أنها في عشية نيروز الفائت، اعتقدت أنّ المنشد كان يقصدهما حينَ كان يغني على طنبوره ملحمة " سيامَند وخَجي "!
لكن حاجي، كان رفيق طفولتها الأكثر حنواً، ومرات كثيرة أثبت لها صدق صداقته. طوله الفارع وقوته البدنية، كانا في الزقاق رادعاً لأي ولد متهوّر يقصد قريبته بالأذى بسبب لعبة من الألعاب. " آكو " شقيقها الصغير، في المقابل، لم يكن يجد الحماية من حاجي إلا مع تأنيب في كل مرة: " أنت صبيّ، ولستَ بنتاً. سأدافع عنك، حَسْب، حينَ يهاجمك ولد يكبرك سناً ". إنما في الزقاق الآخر، أينَ يعيش غالبية العشيرة، كان بكرُ شملكان قد حظيَ بصديقه الأقرب. إنه ولدٌ يتيم، جاء مع والديه من الوطن وكان بعدُ رضيعاً. مات الوالد بعد فترة قصيرة، مطحوناً بالبؤس، تاركاً أسرته الصغيرة دون مورد. منزلهم كان على بعد خطوات من مدخل الزقاق التالي، المعرّف باسم عشيرة الكيكان. ولم يعدُ المنزل عن كونه خرابة أو أشبه. في سنّه، الذي يزيد قليلاً عن صديقه الوحيد، كانت أمه ترسله إلى كبير آلها، الزعيم، وذلك بشكل دوريّ كي يحصل على مبلغ بسيط من المال يكفي أودهما. مثل صديقه، نسيَ الناس اسمه وكانوا يشيرون إليه بلقب " ابن شيخي ": خمسة أعوام على الأثر، وسيُضحي الغلام اليتيم شاباً متين البنية، وجسور القلب بما يكفي للتقدم بطلب يد نازو من والدها. قبل ذلك بعامين، كان عليكي آغا الصغير قد ألحق الغلامُ بالعمل لديه وبتوصية من الحاج حسن. ما لم يتوقعه هذا الأخير، أنّ الولد اليتيم، محصّل الصدقة، ستفضّله نازو على ابنه هوَ، زعيم الحي!

***
حمّاد، سَلَفُ ذلك الغلام في العمل لدى ابني السيد نيّو، كان في مبتدأ هذه الألفية الجديدة ما ينفكّ يبكي حبّه القديم. في كل يوم صباحاً، اعتاد على طقس لمس مكانها في الفراش والذي أمسى بارداً؛ يشم وسادتها، يتقلّب كالمحموم طيّ لحافها المُظَهَّر بالحرير. برغم نصائح أقارب امرأته، بما فيهم حميه، رفض فكرة الزواج مرة أخرى. محمد آغا، أحس لأول مرة بشعور العطف تجاه الصهر، وكان مُعرّفاً لديه قبلاً ب " الراعي البدويّ الأجرب! ". وكان عقبَ وفاة ابنته، يُصرّح لخاصّته أنه سيقوم بطرد رجلها ويحتفظ بابنهما الرضيع. كبرَ الحفيدُ، وكان يلازم جدّه في غالب الوقت، بما أنّ خالته هيَ من تعهدت تربيته بعد وفاة الأم. هذه الخالة، نورا، كانوا قد عقدوا قرانها على ابن عمها وكانت بعدُ في سنّ الثالثة عشرة. ارتأى الأبُ ذلك، خشيةً أن تكرر حكاية شقيقتها مع عشيقٍ ما.
" رَزي آني "، هوَ مثلما علمنا الكرمُ الكبير، المنعوت على ذكرى امرأة حمّاد الراحلة. كان الكرمُ يقع مباشرةً في أسفل مدخل زقاق الحاج حسين، يفصله عنه الجادة الرئيسية للحي، وجنوباً يحدّ نهر يزيد. سكن الزوجان في بيت هنالك، ثم بقيَ لاحقاً مأوى لأحدهما؛ بينما الآخر صار طيفاً لا يستقر ليلاً على حال لحين طلوع الفجر. فيما مضى، كان باب البيت مفتوحاً على الكرم. ولكن حمّاد أغلقه بتعلّة خرافة الطيف نفسها، مستبدلاً إياه بباب آخر يطل على الجادة. في تلك الآونة، كان عليكي الكبير قد أصبحَ أرملَ بدَوره. وإذا بصلته تتوثق مع مستخدمه السابق. جرى ذلك، غبّ فتح حمّاد للباب الجديد. وكان هذا قد دأبَ على الجلوس عند عتبته عصراً، يتسلى بحركة الناس على الجادة، المتناثر على جانبيها بعض الدكاكين. كون الآخرُ على الشيمة ذاتها من الضجر وإملاق الروح، فإنه اعتاد أيضاً على الوقوف عند مدخل الزقاق. عينا عليكي آغا الكبير، الخبيرتان في شئون الحمام، كانتا ترتفعان على الدوام إلى السماء لمراقبة الأسراب المحلّقة.
إنما في بداية هذا القرن الجديد، كان المعلّم السابق لحمّاد قد اقترن بامرأة أخرى. وقد رزق منها مؤخراً بصبيّ، سيُعرف على لسان الناس باسم " معمو ". كما علمنا، أنّ الزوجة كانت أيضاً أرملة وكان لديها ابنٌ صغير السنّ في نحو الخامسة من عمره. " علي " هذا، كانَ بديناً ومحدود الحجم، مثل كرة، فيما سمرته الغامقة وقسماته الغليظة، تذكّر المرءُ بأبناء الجواري النوبيات، اللواتي يضمهن حريمُ أولاد شمدين آغا؛ وجهاء الحارة الجديدة. ولكن ابن الأرملة، سيستحق في الكبر لقبَ " علي كَوشتو " وذلك لبدانته المفرطة. في الحارة، كان لدينا في زمننا عددٌ من " العلويين " أصحاب الألقاب الشبيهة بحَسَب شخصيات أصحايها: " علي كَوطة "، " علي نورية "، " علي حسّو "، " علي دينو "، " علي رحاليا "، " علي بطل "، " علي قادريكي "، " علي قمبز "، " علي كَرّي "..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل التاسع
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 2