أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال














المزيد.....

مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6364 - 2019 / 9 / 29 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال


“الرقصُ داخل الأغلال" Dancing within Chains، مبدأ صينيٌّ قديم يطرح فرضيةَ الإبداع والتحليق، بينما الأغلالُ تُطوّقُ الجسد. واستخدمه الفيلسوفُ نيتشه ليعبّر عن انطلاق الإبداع حتى مُنتهاه، في ظلّ ظرف قاس لا يسمحُ بذلك.
هذا ما راودني وأنا أشهدُ حفل افتتاح (مهرجان الجونة السينمائي) الخميس الماضي. تلك معجزةُ مصرَ العصيّة على التكرار. تعيشُ أقسى لحظات توتّرها، وتحديات نهوضها ومعاركها الشرسة مع الإرهاب ومحاولات الهدم من الداخل والخارج؛ بينما لم تسدِل ستارَ مسرح، ولا أطفأت شاشاتِ سينما، ولا توقفت حناجرُ عن الشدو، ولا شغُرت أوبرا، ولا كفَّت عصا مايسترو عن إطلاق النغم. هكذا مصرُ الساحرةُ في جميع لحظات هدوئها وصخبها، حروبها وسِلمها، استقرارها وعصفِها، تقفُ على صخرة الإبداع منذ آلاف السنين؛ تحميها من الانكسار والهوان. ابتسمتُ في زهوٍ بأمّي العنيدة، وأنا أشهدُ الحفل في أُبهائه وثرائه الفنيّ والبشري. جاء المهرجانُ في هذه اللحظة؛ ليؤكدَ أن مصرَ لا تسقطُ لأنها قابضةٌ على سلاح "القوى الناعمة"، الأشدّ مَضاءً في وجدان الإنسانية من أعتى الأسلحة. صخرةُ الفنون تحمي "قلبَ" مصرَ، مثلما تحمي صخرةُ الجيش جبهتَها.
يظنُّ البعضُ من غير المتابعين أن مهرجان الجونة عُرسُ ديفيليه لاستعراض الفساتين تزهو بنجمات الفنّ والإعلام، وفقط. لكن الواقع يقول إنه وُلِد بدرًا لينافس أكبر المهرجانات الدولية التي تحتفي بالفنّ السابع؛ الذي يضمُّ في جُعبته الفنونَ الستّة التي عرّفها الإغريق (العمارة، الرسم، النحت، المسرح، الموسيقى، الشعر). برنامج مكثّف من الأفلام الدرامية القصيرة والطويلة والوثائقية، والمحاضرات، وحلقات النقاش، وموائد الحوار، والورش الفنية، والمعارض، وغيرها من الفعاليات التي تجعل المشاركين يلهثون لكي يحضروا ويشاهدوا ما تسمح به ساعاتُ يوم من أيام المهرجان التسعة. استضاف المهرجان أفلامًا من مختلف دول العالم: ألمانيا، السودان، فرنسا، إسبانيا، أمريكا، تونس، بلجيكا، بولندا، اليابان، لبنان، فلسطين، الصين، الأردن، المكسيك، أفغانستان، بريطانيا، الأرجنتين، سويسرا، هولندا، روسيا، إيطاليا، السويد، روسيا، فنلندا، أوكرانيا، البرازيل، الدنمارك، اليونان، كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى الدولة المُضيفة لهذا العُرس البهيّ: الجميلة مصر. وكانت الجونة واحةَ هبوط مضيئة لرموز عظيمة مصرية وعربية وعالمية في الإخراج والتمثيل والتصوير وكتابة السيناريو والموسيقى التصويرية والإضاءة والصوت والديكور، إلى آخر قائمة صُنّاع فنّ صناعة السينما؛ أحد أخطر الصناعات الكبرى في العالم، والذي يستقطبُ الجماهيرَ من جميع الأعمار والطبقات.
حرص المهرجان على دعم القوة الناعمة في حقولها الشتّى. فأقام معرضًا للأديب إحسان عبد القدّوس، احتفاءً بمئوية ميلاده، حافلاً بمقتنياته الشخصية من القلم إلى المحبرة، ومخطوطات بخط يده، ومجموعة من صوره وقصاصات صحف تحكي منجزة الرفيع في نضال الفن والحرية، إضافة إلى الجوائز والأوسمة والدروع التي حصدها مشروعُه الروائي الغنيّ وأفيشات الأفلام المأخوذة عن رواياته.
وتزامن مهرجان الجونة هذا العام في دورته الثالثة، مع عيد ميلاد "الجونة" الثلاثين. تلك المدينة "النموذج"، التي تُدهَشُ كيف تسير وفق نظام دقيق حاسم كأن لها قانونًا خاصًّا، فتحرّرت من جميع مشكلات المحروسة. القمامة، التحرّش، الطائفية، مخالفات المرور وغيرها، النسبة = صفر.
قدّم المهرجانُ لفتةً طيبة بتطويب رموز صناعة السينما من الراحلين في السنوات الأخيرة، وكم تمنيتُ أن يتذكّروا الصحفية "هند موسى" التي رحلت في حادث طريق أثناء عودتها من المهرجان العام الماضي. وكانت لحظاتٌ ماسّة حين تقاطرت صورُ الراحلين على الشاشة العملاقة مع كلمات: “ونصبح ذكريات، مجرد ذكريات..." فتضجُّ سماءُ ليل الجونة بالتصفيق الحزين مع صورة كل راحل ودّعنا.
لا يكادُ يُصدّق المرءُ أن ذلك المهرجان المحترم المتقن حدَّ الكمال، يُكملُ عامَه الثالث! فقد بلغ درجةً من الاحترافية والدقّة والتنوع والأناقة والعالمية؛ كأنما عمرُه مائة عام. تحية احترام لجميع الشابّات والشباب الذين واصلوا الليلَ بالنهار لتنسيق الأمور اللوجستية، وتحية احترام لمدراء المهرجان الجادّين، وتحية احترام للمثقفيْن "سميح ونجيب ساويرس" رُعاة المهرجان ومُدشّنيه، ولبقية الرُّعاة الجدد، وجميع من ساهموا في إنجاح هذا الصرح الفنيّ الجميل، الذي يتفق مع فلسفة أفلاطون: "علِّموا أولادَكم الفنون، ثم أغلقوا السجون". ودائمًا "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن نكون شوكةً في ظهر مصر!
- خالد جلال … يستعيدُ ذاكرةَ (نادية)
- صَهٍ … إن مصرَ تتكلّم!
- اعترافات أجدادي العِظام … السَّلفُ الصالح
- ماعت التي ما ماعت ... في صالوني
- جهادُ المصريين ضد الجهل والطائفية والإخوان
- كانوا وسيمين … كنّ جميلات!
- عنصريةُ اليد اليسرى!
- ابحث عن نسختك الأجمل
- الراهبُ … البون بون … الأخلاق
- فولتير على القومي… يحاربُ العنفَ بالبهجة والتفاؤلتي
- فولتير على القومي… يحاربُ العنفَ بالبهجة والتفاؤل
- بناءُ الإنسان في مصر
- المهرجان القومي لأبي العظماء السبعة
- مصرُ يليقُ بكِ الفرح … الوزيراتُ يليقُ بكنّ الأبيض
- الجرذان
- زمن جابر عصفور
- من ذكريات القناة … صمتَ الرئيسُ لتتكلَّمَ السفينة
- مَن هم الأقليّة في مصر؟ (2)
- الفلاتر الثلاثة … والأخلاق


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال