|
مَن هم الأقليّة في مصر؟ (2)
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6319 - 2019 / 8 / 13 - 09:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مَن هم الأقليّة في مصر؟ (2)
حكيتُ لكم في مقال الخميس، عن شخص من أقباط واشنطن، جنّدَ أذنابَه في مصر لشنّ حملة لاغتيالي أدبيًّا، لأني رفضتُ التصديق على أكاذيبه التي تروّج لاعتبار الأقباط "أقليةً" وافدة مضطهدة بأمر الدولة المصرية. بدأوا في تشويهي منذ أكّدتُ في مؤتمر واشنطن على أمرين: (1- أقباط مصر ليسوا "أقليةً"، بل مواطنون أصلاء كاملو الأهلية. 2- الدولة المصرية لا تضطهد الأقباط ، بل تواجه أمنيًّا وتشريعيًّا خفافيشَ الإرهاب والتطرف من تيار الإسلام السياسي، الذي يمارس سخافاته وتكفيره وجرائمه ليس ضدّ المسيحيين فحسب، بل ضدّ قوى التنوير بوجه عام.) والمدهشُ أن تلك الجماعة المعادية لمصر، والمنشقّة عن الكنيسة المصرية الوطنية، يُعلنون في أبواق الشرّ خارج مصر، "نقيضَ" ما يؤمنُ به جموعُ الأقباط الشرفاء داخل مصر وخارجها، ممن يثقون بحقوق مواطنتهم الكاملة، بوصفهم مواطنين لا أقلية وافدة، وهو ما يؤكده باباواتُ الكنيسة الوطنيون (البابا تواضروس، والبابا شنودة، وأثقُ أن رأي البابا كيرليس لم يختلف عن لاحقيه)، وهو عينُ ما أعلنه الرئيسُ السيسي في مؤتمر ميونيخ الأخير، وعينُ ما أطرحه في مقالاتي وكتبي منذ عشرين عامًا: أن (الأقباط ليسوا أقليةً، بل مواطنون أصلاء لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات بأمر الدستور)، وهو كذلك عينُ ما طرحه الأستاذ حسنين هيكل عام 1994، ردًّا على الصحفي جمال بدوي حين سأله عن سبب رفضه المشاركة في مؤتمر "حقوق الأقليات في الشرق الأوسط"، ومن بينها "الأقلية القبطية في مصر". فأجاب هيكل: “أقباط مصر ليسوا أقلية وإنما جزءٌ من الكتلة الحضارية للشعب المصري.” لهذا لا تتوقف تلك الجماعة عن سباب مصر والرئيس والكنيسة والبابا، وبالطبع أنا، لأننا جميعًا نتفق على عكس ما يروّجون من أكاذيب هدّامة لمصر، على صفحات السوشيال ميديا، وشاشات القنوات المعادية لمصر. وتزول الدهشة حين نعرف أن تلك الجماعة تدور على (منظمات حقوق الإنسان الغربية) لتجمع الأموالَ بزعم نُصرة (الأقلية القبطية المضطهدة التي تمارسُ الدولة المصرية ضدها أشدَّ ألوان التنكيل والترويع؛ فيُقتّلون في الشوارع ويُحرمون من العمل والتعليم والخدمة المجتمعية) وفق مزاعمهم الكذوب. وبالتالي، فحين تأتي كاتبةٌ مثلي، لها ثقلُها الجماهيري، ومشهودٌ لتاريخها منذ عقدين بنُصرة حقوق الأقباط، وتنفي تلك المزاعمَ، فقد أفقدت جماعة الارتزاقيين "سبوّبة محترمة"! وهذا ما قيل لي بالحرف من عدد من كبار الأقباط المصريين، المُطّلعين على مطبخ الأحداث القبطية داخل مصر وخارجها. وهنا، لا نملك إلا المقارنة بين موقفين: أحدهما وطني رفيع، يقوم به قداسة البابا تواضروس في جميع محافل العالم الغربي، حين يُسأل: “هل مصرُ تضطهد الأقباط؟"، فيجيبُ بالنفي مؤكدًا أن "عدوَّ مصرَ"، و"عدوَّ الأقباط"، واحدٌ، هو الإرهاب والطائفية، وهو ذاته عدوُّ المصريين كافة (مسلمين ومسيحيين). وأن مصر والمصريين يواجهون ذلك العدوَّ يدًّا واحدة. وأن ما يحدث في مصر أحيانًا من محن طائفية، يحدث مثله في الغرب العلماني. فالإرهاب "أعمى"، لا يختارُ دولةً دون أخرى، ولا يستهدفُ عرقًا دون آخر. والثاني موقف خائن تقوم به جماعةٌ لا تكتفي بإهانة مصر دوليًّا، بل تُهين البابا والأقباط حين يزعمون أنهم "أقلية لاجئة"، لا مواطنون أصلاء كاملو الحقوق بأمر الدستور المصري. قداسة البابا رجلٌ وطنيٌّ شريف جنّب مصرَ عقوبات دولية قد تهدِّدُ استقرارنا واقتصادنا، في مقابل شخوص مأزومة فقيرة الوطنية ترتزق على هموم الأقباط، فيجهدون لإخراس أي صوت ينافح قوى الظلام، لأن من صالحهم أن يعيش المصريون في أزماتٍ حتى تنتفخ جيوبهم من المحن الطائفية. سؤال: لماذا قبِلتُ المشاركة في مؤتمر عنوانه: "مستقبل الأقليات في مصر"، إن كان المقصود بالأقلية: الأقباط؟! الإجابة: حين هاتفني مهندس إسكندر شلبي لدعوتي للمؤتمر في يونيو 2016، أجبته: (إن كانت الأقلية المقصودة هي الأقباط، فأنا لا أرى ذلك!) فقال: (تعالي وقولي رأيك مهما كان. فلا مصادرة على آراء. ) وكنتُ بين خيارين عليّ المفاضلة بينهما: (1- أن أرفض المشاركة في المؤتمر (كما فعل هيكل)، اعتراضًا على اعتبار الأقباط أقليةً في مصر.) وفي تلك الحالة سوف يجدون بديلا يشاركُ ويؤمّن على تلك المغالطة التاريخية والأخلاقية. (2- أن أشارك في المؤتمر، وأُعلن رأيي بوضوح احترامًا للأقباط، وإن تناقضت ورقتي البحثية مع عنوان المؤتمر. وليكن ما يكون.) ولم أكن أدري أن (اليكن ما يكون) هذا، سوف يكون تشويهي أدبيًّا وملاحقتي بالشائعات، والخوض في شرفي ووطنيتي، مثلما حدث بعد إشادتي بوطنية قداسة البابا تواضروس في صالوني الشهر الماضي. الأقباطُ ليسوا أقليةً. وإذن، من الأقلية؟ الأقلية هي تلك الفئة الضالة التي تنعم برغداء الغرب، ثم تجنّد أذنابَها لبث السموم في جسد الوطن، وتعتاش من هموم المصريين. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.” ***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفلاتر الثلاثة … والأخلاق
-
مَن هم الأقليّة في مصر؟ (1)
-
الإخوان السفاحون…. لم يرحموا المرضى
-
فيلم: الوباء الصامت … احذروا
-
نزار قباني … نهرٌ دافقٌ وشركٌ صعب
-
في مديح الضعف والضعفاء
-
صُهَيْبَة
-
صمتي صلاة
-
المنهزمون!
-
سمير الإسكندراني … يا غُصنَ نقا مكلّلاً بالذهب!
-
سيادة الرئيس … انقذْ لنا مجمعَ مسارح العتبة!
-
إمام مسجد … يدعو لنُصرة الأقباط
-
موعدنا 30 يونيو!
-
ماذا تنتظر؟
-
الوطنُ …. عند السلف الصالح
-
برقياتُ محبة للبابا تواضروس … من المسلمين
-
لماذا مصرُ استثنائيةٌ؟
-
مرسي ... جاوز الإخوان المدى
-
طاووسُ الشرقِ الساحر
-
لا شماتة في موت مرسي … ولكن...
المزيد.....
-
بيان مشترك لوزراء خارجية 8 دول عربية وإسلامية حول خطة ترامب
...
-
دول عربية وإسلامية: مستعدون لدعم تنفيذ -خطة ترامب- للسلام
-
وردة المسيح: من هي القديسة تريز الصغيرة ولماذا كتب لها العند
...
-
المجتمعات الإسلامية في العصور الوسطى بعيون مستعرب إسباني
-
ترحيب وزراء خارجية 8 دول عربية وإسلامية بإعلان خطة ترامب
-
تهافت التفسير الثقافي لتخلّف الأمة العربية والإسلامية
-
عودة مرتقبة تثير الجدل، باسم يوسف يعود للشاشة المصرية بعد غي
...
-
شاهد.. لجنة الكنائس تفنّد أكاذيب نتنياهو حول حماية المسيحيين
...
-
نائب رئيس وزراء الأردن الأسبق: قرار حظر الإخوان جاء بإرادة م
...
-
القوى الوطنية والإسلامية تؤكد تمسكها بالثوابت الوطنية وتدين
...
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|