أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى يوسف - تعريب العلوم: قضية محض لغوية ؟














المزيد.....

تعريب العلوم: قضية محض لغوية ؟


مجدى يوسف
(Magdi Youssef)


الحوار المتمدن-العدد: 6305 - 2019 / 7 / 29 - 10:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أتفق كل الاتفاق مع القائلين بأن تدريس العلوم باللغة العربية فى سوريا لم يفض إلى أية تقدم علمى هناك. فقد خبرت ذلك بنفسى حين ذهبت لسوريا فى 2008 باحثا عن إضافة للتراث العلمى فى عالم اليوم حتى أضمها كتابى الذى صدر بالانجليزية والفرنسية فى كمبردج بانجلترا تحت عنوان: الإسهام العربى المعاصر فى الثقافة العالمية: حوار عربى غربى، لكنى للأسف لم أقف هناك على مساهمة واحدة فى أى من المجالات البحثية العلمية الراهنة. ومرجع ذلك فى رأييى هو الترجمة الحرفية ، ومن ثم الفهم الخاطئ لحركة الترجمة فى التاريخ سواء القديم أو الحديث. فليس من الدقة على الإطلاق أن يحتج بعضنا، مثلما يفعل الزميل د. أحمد فؤاد الباشا، بأن أجدادنا الأوائل قد ترجموا علوم الإغريق وبذلك حققوا ما حققوه من تقدم، وأن أوربا ترجمت علوم العرب للاتينية فى طليطلة وأفادت منها أيما إفادة فى تطورها الصاعد. ليس هكذا "تترجم" حركة الترجمة فى التاريخ يا سادة ! إنما تكون الترجمة نافعة من خلال ما تقدمه من حلول ناجعة لأسئلة المجتمع الذى تترجم للغته. وفى هذا نجد على سبيل المثال أن ابن سينا قد قرأ "ما بعد الطبيعة" لأرسطو ثلاثين مرة، ولم يستوعبها سوى فى المرة الحادية والثلاثين من خلال شروح الفارابى. لذلك سمى نفسه : المعلم الثالث. والسؤال هنا: لم تجشم ابن سينا كل هذه المشقة ليترجم، أى يفهم كتاب أرسطو ؟ لأنه كان كرجل حكم بحاجة لأداة منهجية تساعده فى مهمته. ونظرا لأن المجتمع الإسلامى فى طقوسه وحياته العامة لم يعرف الفصل الناجز بين الطبقات كما عرفته اليونان القديمة، فقد تعذر على ابن سينا أن يستوعب المقولات المجردة لأرسطو الصادرة أصلا عن ذلك الفصل الناجز بين السادة والعبيد فى المجتمع الهيلينى القديم. بينما كان ابن سينا بحاجة لذلك التجريد النابع من ثقافة وممارسة مجتمع مختلف كأداة مفاهيمية تعينه على ضبط التعامل مع تداخل الحياة العامة فى مجتمعه. كانت إذن الحاجة الداخلية فى مجتمع المصب هى الدافع للترجمة، وليس مجرد وضع ما توصل إليه الآخرون باللغة المحلية.
فإذا ما انتقلنا لترجمة العلوم العربية الوسيطة إلى اللاتينية ومنها لمختلف اللغات الأوربية، لوجدنا أنها نبعت أصلا من مشروع الرأسمالية التجارية وصعودها على أشلاء الولايات الأوربية الوسيطة التى كانت تفرض المكوس على حركة التجارة منها وإليها. وفى غمار هذا المشروع كانت بحاجة للتسلح بآخر ما توصلت إليه البشرية آنذاك من معارف حيث كانت إسهامات العلوم العربية لا تجارى حتى القرن العاشر الميلادى. ولكنها حين ترجمتها للغاتها الأوربية حولتها فى الوقت ذاته لما يستهدفه مشروعها، ومن ثم استبعدت النظام القيمى الذى التزمت به علوم العرب آنذاك حتى تنطلق بلا زمام فى تحقيق مشروعها المتسلط على الطبيعة من أجل تحقيق أهدافها التجارية التى تحولت فيما بعد، ابتداء من القرن الخامس عشر، حسب التطور المفارق فى مختلف أرجاء القارة الأوربية، إلى الرأسمالية الصناعية. ولعل عبارة "ديكارت" الشهيرة : "السيطرة على الطبيعة" كانت تلخيصا لذلك التوجه الصاعد خلال القرن السابع عشر فى فرنسا.
أما عن ترجمة الآداب الأجنبية للغتنا العربية، ولعل من أكثرها تأثيرا فى أجيالنا الشابة ترجمات المنفلوطى ، فلم تكن مجرد ترجمة "لغوية" ، وإنما إبداعات ثقافية تستمد من خلال صور أجنبية ما تدعم به الشوق للحرية فى نفوس القراء مقابل النظم "القيمية" الخانقة فى تاريخنا المعاصر. فالترجمة الحقة لا تكون أبدا حرفية، وإنما تصبح مؤثرة بإبداعها حين تقدم حلولا لمتلقيها تحقق أحلامه وتطلعاته التحررية.
ومن هنا كان الإقبال على الآداب الأوربية فى العصر الحديث فى عالمنا العربى. إلا أن لى ملاحظة على تدريس تلك الآداب فى جامعاتنا. فلا زال التعليق على نصوصها يدرس فى أقسامها باللغات الأوربية، وما أحراه أن يكون باللغة العربية بعد أن تقدم النصوص فى لغاتها الأصلية. لماذا ؟ لأنه بالتوحد باللغات الأصلية من خلال التعليق على تلك النصوص ما يضعف من القدرة على اتخاذ بعد كاف للحكم عليها من منظورنا المختلف عن أهل أى من تلك اللغات. ثم كيف لنا أن نتأكد من استيعاب الطالب لما قرأ بتلك اللغة الأجنبية دون أن يعبر عن ذلك بلغته القومية ؟ أما عن العلوم الطبيعية وتدريسها باللغة الانجليزية فى بلادنا ، فذلك بحاجة لمقال مستقل.



#مجدى_يوسف (هاشتاغ)       Magdi_Youssef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلم وآفة العولمة
- كيف ندرأ خطر الإرهاب من جذروه ؟
- فى التحليل الاجتماعى لأدائنا الموسيقى المعاصر
- فى أسباب حصول نجيب محفوط على جائزة نوبل فى الأدب
- مشكلة -حاكونا مطاطا- (مفيش مشكلة) !
- ما الحداثة ؟ وهل يمكن لعرب اليوم أن يكون لهم حداثتهم المستقل ...
- نحو تحرير الأدب العالمى من النزوع للمركزية الغربية
- فنوننا البصرية إلى أين ؟
- التواجد العربى فى معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام
- هزلية المطلق والنسبى فى فكرنا العربى !
- إعمال العقل: فيم وكيف ؟
- فى الوطنية وعلاقتها بعالمية الدعوة الإسلامية
- عندما تلتقى رؤى الشعر وهموم الشعوب : مجدى يوسف مترجما عن الأ ...
- أزمة الاستشراق العربى واقتراح المخرج
- فى ضرورة الفلسفة لمجتمعاتنا العربية
- قاطرة البحث العلمى: إلى أين تتجه ؟
- خرافة مجتمع المعرفة
- أحمد الخميسي يكتب عن الوحدة الوطنية


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى يوسف - تعريب العلوم: قضية محض لغوية ؟