أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد برازي - الكنسيه















المزيد.....

الكنسيه


محمد برازي
(Mohamed Brazi)


الحوار المتمدن-العدد: 6279 - 2019 / 7 / 3 - 18:48
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نحن نعلم بأن البشرية تعاني من العذاب والانقسامات. وأحد أنواع هذا العذاب هو الوحدانية، التي لا يمكن التغلب عليها إلا عن طريق تجربة الحياة في الكنيسة الحيّة. ولا يمكن تعريف هذه الكنيسة بأنها جماعة أو منظمة معينة، ولكنها موجودة وتحيا مع الناس المتواضعين الذين يبحثون عنها. والواقع أن وجود الكنيسة يُعَدّ بحدّ ذاته أهم حقيقة على وجه الأرض. (أفسس 1: 22-23) فعندما يتكلم الله في أعماق دهاليز قلوبنا، سوف يتم التغلُّب على انفصالنا الآثم عن الناس وعن الحزن بسبب الوحدانية؛ إذ إننا نشهد حينئذ شركة روحية مع إخواننا وأخواتنا في المسيح.
لا يمكننا أن نقول إنّ الكنيسة هنا أو هناك. إذ تنزل الكنيسة من السماء إلى الفقراء روحيّا. فهي تجيء إلى أولئك الذين يتخلون عن كل شيء لأجل المسيح، بما في ذلك أفكارهم الخاصة وحقوقهم الخاصة. ويمكن أن يحصل هذا في أي مكان، وعندما يحصل، فإنه يجمع الناس دائما في وحدة.
إنّ الكنيسة وفقا للمسيحيين الأوائل موجودة من قبل الخليقة. إنها موجودة في الروح القدس. ويرسل المسيح الكنيسة إلى أي مكان يجتمع فيه اثنان أو ثلاثة باسمه – وأينما يجري التخلّي عن كل الحقوق والنفوذ والملكيات والذات في سبيله.
لو سَأَلَنا شخص ما فيما إذا كانت جماعتنا المسيحية التي تعيش حياة مشتركة هي الكنيسة، فلابد أن نقول: «لا، نحن لسنا الكنيسة.» ولكن لو سألنا فيما إذا كانت الكنيسة تجيء إلينا، فعلينا أن نشهد لذلك ونقول: «نعم، إنها تجيء إلينا فعلا، لاسيما لو كنا متواضعين وفقراء روحيّا أمام الله.» فكلما أصبحت الجماعة أفقر روحيّا، استطاعت الكنيسة التقرُّب إليها أكثر فأكثر. ويجب علينا أن نتخلّى كليّا عن أفكارنا الذاتية، وخاصة تلك الأفكار التي نعتقد بأننا من خلالها نملك قدرة على تغيير النفوس، أو التأثير فيها باجتهادنا البشري. فيجب أن نصبح فقراء كالمتسولين أمام الله.
لو تحدثنا عن الكنيسة الحقيقية، فإننا بالتأكيد لا نعني كنيستنا. فإننا نعني ببساطة كل الناس الذين يعيشون حياتهم في وحدة كاملة مع المسيح. والثمار وحدها تُظهِر لنا أين هذه الكنيسة. نجد في كتابات المسيحيين الأوائل، مثل كتاب هرماس «الراعي،» المعتقد الذي يقول إنّ الكنيسة كانت موجودة قبل خلق أي شيء، ويقول النص: «إنّ الكنيسة عريقة في القدم لأنها أول المخلوقات. ولم يُخلق العالم إلاَّ لأجلها.» وهذه فكرة عميقة ومذهلة – وهي على نقيض تام مع الفكرة القائلة بأن الكنيسة هي جماعة صغيرة تطلق على نفسها اسم الكنيسة أو بأنها تَجَمُّع للملايين من الناس الذين يسمون أنفسهم الكنيسة. عندما نتحدث عن حياتنا المشتركة ككنيسة، فإننا بالتأكيد لا نريد التلميح بأنها الكنيسة السماوية. فالكنيسة السماوية شيء أكبر من ذلك بكثير. إذ يرجع وجودها إلى بداية كل شيء، وقبل
لا يحتاج الناس اليوم إلى خطب طويلة أو أحاديث دينية؛ فإنهم بحاجة إلى أن يروا أفعالا وطرقا عمليّة للتلمذة للمسيح. (1 بطرس 2: 12) إذ يحتاج عصرنا إلى رؤية برهان ملموس على أن الله أقوى من كل الكراهية، وكل الآلام، وكل الخطايا، وكل الانقسامات. يحتاج الله إلى جماعة يكرّس أفرادها حياتهم تكريسا كاملا لقضيته، دون أي تحفظات. وينبغي أن يكونوا أشخاصا لا يفكرون بخلاصهم الشخصي أولا، ولكن يرفعون الصلوات والأدعية لأجل احتياجات البشر جميعا، ويؤمنون بانتصار الله. لا يمكن للجماعة التي تعيش حياة مشتركة حقيقية، أن تظهر إلى حيز الوجود ليوم واحد، دون عطية الروح القدس. لذلك، إننا نترقب وننتظر هذه العطية التي قدّمها الله إلينا من خلال موت يسوع.
لقد قيل إنّ الكنيسة الأولى كانت قلبا واحدا وروحا واحدة. (أعمال 4: 32) وربما لم تكن جماعة منظمة تنظيما جيدا، ولكنها كانت قلبا واحدا وروحا واحدة. فقد تأثّر أفرادها بالروح القدس من السماء، ونجم عن هذا التأثير، مشاركة في كل شيء، ولم يَدَّعِ أحد أنه يمتلك ما يخصه. ولا يعني ذلك وجود قوانين خالية من المشاعر – أو وجود ملكية مشتركة منظمة – إنها مسألة قلوب مُتأثِّرة.
من رسالة: لا يمكننا نحن البشر تكوين جماعة مُكرَّسة للمسيح – أو تأسيس أي كنيسة، أو حتى تغيير إنسان واحد. فنحن جميعا نعتمد تماما على أجواء الله، أو على روحه القدوس الذي يسود على نفوسنا ويسيّرنا. ولكن مع ذلك، لدينا جميعا في الوقت نفسه، قابلية التأثير على هذه الأجواء، سلبا أو إيجابا، وبالتالي، إنها مسؤولية تقع على عاتق كل واحد مِنّا، لكي ينتبه وأن لا يسمح لأي روح معارضة لله بأن تدخل حَيِّز حياتنا.
لو كنا أوفياء ليسوع، فسوف نكون أوفياء بعضنا لبعض أيضا. لأن بعضنا ينتمي إلى بعض. فلو كرّس الإنسان نفسه ليسوع، فسوف يتّحد مع مؤمنين آخرين، وسوف يصبحون متّحدين معا، لدرجة أنهم يكونون كجسد واحد. فلو كان في جسم الإنسان ما يهدد العين، لتحرّكت الذراع بسرعة لحمايتها، (1 كورنثوس 12: 12-27) حتى لو جُرِحت عند قيامها بذلك. ويحدث هذا تلقائيا، كما لو كان بدافع المحبة. والحال مشابه بين أولئك الذين يكرّسون أنفسهم للمسيح وبعضهم لبعض. فينبغي أن يكون كل واحد منهم على استعداد لتحمُّل الآلام في سبيل الآخر – والأقوى في سبيل الأضعف.
من رسالة: نصبح جميعنا واحدا في يسوع المسيح وفي روحه، حتى أننا نصبح واحدا مع الكنيسة في السماء، ومع الرسل والشهداء، ومع كل أولئك الذين كانوا ولا يزالون واحدا مع يسوع. ولكن لو انصرفت محبتنا بعيدا عن يسوع المسيح، فادي ومُخَلِّص العالم، لأصبح إيماننا بالكنيسة حينئذ عبادة وثنية. إنها لمفارقة: فمن ناحية يجب علينا أن نفصل أنفسنا عن جيل عصرنا الفاسد – الأمر الذي لا نوفيه حقّه بما فيه الكفاية مهما فعلنا – ويجب علينا أيضا من ناحية أخرى، أن نتّحد مع المسيح الذي مات من أجل كل فرد من أفراد هذا الجيل الفاسد بالذات. وإنّ أكثر ما نحتاج إليه نحن ككنيسة، هو الإيمان بالمسيح المصلوب، حَمَل الله المذبوح من أجل رفع خطايا العالم. فلو كنا متّحدين مع المسيح، فلن نكون فاتري القلوب، وقساة تجاه الخطأة، سواء كانوا من الفتيات اللواتي اقترفن إجهاضا، أو أي شخص آخر اقترف أي عمل شرير آخر؛ بل سيكون لدينا عوضا عن ذلك قلوب رحيمة.
هل نحن متفانون ككنيسة، ومليؤون بالحقّ والملح، لدرجة أننا نستطيع التأثير في الأرض كلها، بالطريقة التي تؤثر فيها ذرة الملح حتى لو كانت صغيرة، في طبق كامل من الطعام، وتعطيه نكهة؟ إذ إنه لا يكفي أن نعيش معا في حياة مشتركة، وأن يحب بعضنا بعضا، وأن يُفرِّح بعضنا بعضا؛ وأن نعمل المربيات لجارنا، الذي يعمل هو بدوره المربى لجاره. فما هو مطلوب مِنّا، هو أكثر من ذلك.
وأعتقد أننا نعيش في آخر الزمان. إنها ساعة حاسمة. ويتوقف كل شيء على هذه النقطة: هل مصابيحنا مُهيّأة؟ وهل نحن على استعداد للقاء العريس؟ (متى 25: 1–13) وإنّ كلمات الوداع التي قالها يسوع المسيح في بشارة يوحنا في الإنجيل، تجعل الأمر واضحا: (يوحنا 17: 21) فيجب على الكنيسة أن السماوية،» التي هي سحابة من الشهود من كل أمة وقبيلة وعرق. فلا يمكننا الوقوف مترددين إزاء هذه الحقيقة المقدسة.

من رسالة: هل نحن متفانون ككنيسة، ومليؤون بالحقّ والملح، لدرجة أننا نستطيع التأثير في الأرض كلها، بالطريقة التي تؤثر فيها ذرة الملح حتى لو كانت صغيرة، في طبق كامل من الطعام، وتعطيه نكهة؟ إذ إنه لا يكفي أن نعيش معا في حياة مشتركة، وأن يحب بعضنا بعضا، وأن يُفرِّح بعضنا بعضا؛ وأن نعمل المربيات لجارنا، الذي يعمل هو بدوره المربى لجاره. فما هو مطلوب مِنّا، هو أكثر من ذلك.
وأعتقد أننا نعيش في آخر الزمان. إنها ساعة حاسمة. ويتوقف كل شيء على هذه النقطة: هل مصابيحنا مُهيّأة؟ وهل نحن على استعداد للقاء العريس؟ (متى 25: 1–13) وإنّ كلمات الوداع التي قالها يسوع المسيح في بشارة يوحنا في الإنجيل، تجعل الأمر واضحا: (يوحنا 17: 21) فيجب على الكنيسة أن تكون متّحدة جدا لكي يؤمن العالم بأن الله هو الله الآب الذي أرسل يسوع. وهذه الكلمات تهزّ كياني كلّه حتى الصميم، وتدعني أتساءل عن كنيستنا: أنُظهِر حقا مثل هذه الوحدة للعالم؟



#محمد_برازي (هاشتاغ)       Mohamed_Brazi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رساله الى المسيحين اليوم
- ما هي الصابئة أو المندائية
- الخطيئة المُتعمَّدة
- الصراع الروحي في الانسان
- الشيعه المندائيَّة أو المندعيَّة
- الرهبان و المصليانيّة أو جماعة المصلّين
- ظهور التعفُّفيَّة أو حركة المتعفِّفين في المسيحيه
- العالم الغنوصي و الفكر الديني وتطوّراته
- سبب الخلاف في الطبيعتين بين الارذوكس و باقي المسيحيين
- من دون إكراه او ضغط سلم نفسك الى الله
- لا تقلق لعدم سماع أولادك لكلامك ولكن أقلق عندما يراقبك أولاد ...
- مسيحيه المسيح و اليوم طوائف مسيحيه تغير فظيع
- البحث عن الكنسيه الحقيقيه
- الحقد و الكره و ما الحل للخروج من فخ الانتقام؟
- لماذا تغيرت الكنسيه الاولى الى تلك الكنائس اليوم
- مقابله مع انسان ضحى بكل شئ حياته في سبيل ايمانه
- انما الامم الاخلاق
- اراده الانسان و اختيار التعليم المناسب للاولاد
- التخلف و الجهل الاسلامي
- تعاليم المسيحيون الأوائل في المسيحيه


المزيد.....




- حفل -ميت غالا- 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمر ...
- خارجية الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح: نشعر بقلق ...
- أول تعليق من خارجية مصر بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطي ...
- -سأعمل كل ما بوسعي للدفاع عن الوطن بكل إخلاص-.. مراسم تنصيب ...
- ذروة النشاط الشمسي تنتج شفقا غير مسبوق على الكوكب الأحمر
- مينسك تعرب عن قلقها إزاء خطاب الغرب العدائي
- وسائل إعلام: زوارق مسيرة أوكرانية تسلّح بصواريخ -جو – جو- (ف ...
- الأمن الروسي: إسقاط ما يقرب من 500 طائرة مسيرة أوكرانية في د ...
- أنطونوف: روسيا تضطر للرد على سياسات الغرب الوقحة بإجراء مناو ...
- قتلى وجرحى خلال هجوم طعن جنوب غرب الصين


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد برازي - الكنسيه