أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد برازي - من دون إكراه او ضغط سلم نفسك الى الله














المزيد.....

من دون إكراه او ضغط سلم نفسك الى الله


محمد برازي
(Mohamed Brazi)


الحوار المتمدن-العدد: 6271 - 2019 / 6 / 25 - 16:52
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لو آمنا أن الإيمان هو نعمة إلهية، لوجب علينا أن نستلمها بكامل الرضا إذا أردنا امتلاك هذه النعمة. ويجب أن نستلمها مثلما توهب لنا دون أن نغيّرها - فلا يجوز لنا أن نملي عليها نوعية الطريق الذي تأخذنا به أو الأسلوب الذي قد يغيّر حياتنا وذلك لكي تحصل إرادة الله وليس إرادتنا. باختصار، إن استلام نعمة الإيمان بالله يعني أننا يجب أن نؤمن بأن الله وحده هو القادر على إحداث تغيير ولا نؤمن بقدرتنا البشرية في إحداث أي تغيير، كما قال يسوع المسيح إلى الرسول بولس في الإنجيل:
فقالَ لي: "تكفيكَ نِعمَتي. في الضُّعفِ يَظهَرُ كَمالُ قُدرَتي". فأنا، إذًا، أفتَخِرُ راضِيًا مُبتَهِجًا بِضُعفي حتّى تُظَلِّلَني قُوَّةُ المَسيحِ. (2 كورنثوس 12: 9)
في الكتاب المسيحي العريق المعروف باسم "الراعي" استعان كاتبه هرماس الذي هو من المسيحيين الأوائل بمثل رائع يبيّن لنا أهمية تجريد نفوسنا من قوتنا البشرية. وقد شبّه ملكوت الله بهيكل عظيم من المرمر يجري تشييده، وقد تتألف حجارته من أي رجل أو امرأة في هذه الدنيا. والحجر الذي يبدو صالحا للبناء يجري نحته من قبل البنّاء المعلم، ولو توافقوا مع البناء لاستعملهم البنّاء. أما الذين لا يتوافقون مع البِناء فلابد أن يرذلهم البنّاء. وفي نظري فإن هذه الصورة فيها معنى بسيط لكنه عميق: فالله لا يقدر أن يستعملنا إلا عندما نرضى بأن ينحتنا هو في سبيل مقاصده - أي بمعنى، إلا عندما نسلم أنفسنا في سبيل خدمة حاجاته.
ما هو تسليم الذات الحقيقي؟ قد يستسلم شخصا لشخص أقوى منه، أو جيش لجيش أقوى منه. وقد نستسلم نحن البشر لله لأنه قادر على كل شيء، أو لأننا نخاف عقابه. لكن كِلا السببين ليسا استسلام كامل لله. فلا يحصل الاستسلام الكامل إلا عندما نلمس طيبة الله وصلاحه – وبأنه هو وحده الصالح – ففي هذه الحالة فقط يمكننا الاستسلام لله من كل قلوبنا ومن كل نفوسنا ومن كل كياننا طوعيا ومن دون إكراه ومن دون شروط وبدافع المحبة.
من الصعب أن أصف كيف يتم خلع قوتنا البشرية منا، وكيف يجب رميها عنا، وتجريدنا منها، ووضع حدّ لها، وطرحها عنا...ولا تتحقق هذه العملية بسهولة ولا تحصل بفضل قرار بطولي. فيجب أن يصنعها الله فينا. لكن هذا هو أساس النعمة الإلهية؛ ما معناه تجريدنا من قوتنا البشرية. فما لم نصل إلى درجة تجريد قوتنا البشرية، فلا يستطيع الله أن يعمل فينا من خلال روحه القدوس وإنشاء قضيته المقدسة فينا...
بطبيعة الحال، أن الخطوة الأولى التي يجب أن نتخذها هي أن نسأل الله ليدخل قلوبنا. ولا يعني هذا أنه ليس بإمكانه أن يتحرك أو لا يرغب في ذلك من دون أن نسأله، وإنما هو ينتظرنا لنفتح حياتنا له من غير إكراه.
ها أنا واقِفٌ على البابِ أدُقُّهُ، فإنْ سَمِعَ أحدٌ صوتي وفَتَحَ البابَ دَخَلتُ إلَيهِ وتَعَشَّيتُ مَعَهُ وتَعَشَّى هوَ مَعي. (رؤيا 3: 20)
ويتساءل العديد من الناس لماذا لا يفرض الله إرادته عليهم، ما دام له ذلك الجبروت. لكن هذه هي ببساطة طبيعة الله. فهو ينتظرنا لنكون مستعدين له. وبالرغم من أنه يؤدب الذين يحبهم ويدعوهم إلى التوبة؛ لكنه لا يفرض أبدا صلاحه عليهم.
فلو أخذ والد ما بخناق ولده لإكراهه على قبول نواياه الحسنة، لشعر الولد غريزيا أن هذا لم يكن محبة. ولهذا السبب لا يفرض الله إرادته على أيّ إنسان كان. لذلك نرى الآن أننا نتواجه مع سؤال هام جدا، وهو: أنرغب في تسليم أنفسنا لله طوعيا – وأن نفتح أبواب قلوبنا ليدخل صلاحه ويملأ حياتنا؟
مما لاشك فيه، أن الصراعات التي علقنا أهمية عليها في هذا الكتاب تبين لنا أن تسليما كهذا ليس سهلا أبدا، لأنه يحصل في محيط مليء بقوى جبارة. وقد جاهد حتى يسوع المسيح بنفسه جهادا شرسا لكي يسلم إرادته إلى الآب السماوي بحيث حتى عرقه صار ينزل كقطرات دم:
وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. (لوقا 22: 44)
فالشر كان قد طوّقه من كل الجهات، لكنه مع ذلك ظلّ وفيّا لله: وكان موقفه:
لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ. (لوقا 22: 42)
ويجب أن يكون هذا موقفنا أيضا.
وغالبا ما تصادفنا في حياتنا أصعب الحالات – مثل فواجع غير متوقعة أو حالة وفاة أو معاناة معينة أو فقدان مفاجئ – دون أن نفهم سببها. وهكذا الحال مع الصراع ضد الأفكار الأثيمة. ففي الوقت الذي نتأكد من الفوز في معركتنا مع عقبة روحية معينة، وفي قمة نشوة النصرة، فإذا إبليس يداهمنا من جديد. والحلّ هنا يكمن أيضا في التسليم الكامل للرب يسوع المسيح.
هذا وإن المرور بأوقات عصيبة مكتوب على جميع الناس، لكن بالنسبة لبعض الناس يبدو الصراع من أجل قبول الشدائد وكأنه حاجز منيع لا يمكن التغلب عليه. لكن علينا أن لا ننسى أن النصرة الأخيرة هي لله:
ثُمَّ رأَيتُ سَماءً جَديدةً وأرضًا جَديدةً، لأنَّ السَّماءَ الأُولى والأرضَ الأولى زالَتا. (رؤيا 21: 1)



#محمد_برازي (هاشتاغ)       Mohamed_Brazi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تقلق لعدم سماع أولادك لكلامك ولكن أقلق عندما يراقبك أولاد ...
- مسيحيه المسيح و اليوم طوائف مسيحيه تغير فظيع
- البحث عن الكنسيه الحقيقيه
- الحقد و الكره و ما الحل للخروج من فخ الانتقام؟
- لماذا تغيرت الكنسيه الاولى الى تلك الكنائس اليوم
- مقابله مع انسان ضحى بكل شئ حياته في سبيل ايمانه
- انما الامم الاخلاق
- اراده الانسان و اختيار التعليم المناسب للاولاد
- التخلف و الجهل الاسلامي
- تعاليم المسيحيون الأوائل في المسيحيه
- متى يتعلم رؤوساء الطوائف المسيحيه من البابا فرنسيس
- البابا شنوده السياسي و بيعه الاقباط للسطله
- المحبه في المسيحيه و انعدمها بين المسيحيين
- رؤوساء و حكام العرب هم اسباب البلاء على البلاد العربية
- يا مسلمين عار عليكم هذا الفكر الارهابي السلفي
- الفكر الداعشي الارذوكسي القبطي
- الكنسيه القبطيه و دورها في تخلف مسيحين مصر الجزء الثاني
- الكنسيه القبطيه و دورها في تخلف مسيحين مصر
- الاسلام السياسي و الارهاب و لماذا يكون اتباعه ارهابيين
- العقليه الشرقيه الدينيه الجزء الثالث


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد برازي - من دون إكراه او ضغط سلم نفسك الى الله