أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - قطارات من أجل الحوادث














المزيد.....

قطارات من أجل الحوادث


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1540 - 2006 / 5 / 4 - 11:07
المحور: المجتمع المدني
    


الخبر الذى تصدر الصفحات الأولى للصحف الصادرة صباح أمس الأول الثلاثاء يقول بالنص ما يلى "نجا مئات الركاب، وأصيب 45 راكبا، بينهم إثنان فى حالة خطيرة، وأهدرت كميات كبيرة من القمح، فى حادث تصادم قطار ركاب بأخر للبضائع صباح الاثنين الماضى أمام قرية إنشاص بمحافظة الشرقية".
انتهى الخبر. . لتبدأ تصريحات وزير النقل محمد لطفى منصور التى أكد فيها "أن القطارات العاملة على خطوط السكك الحديدية على مستوى الجمهورية أصبحت متهالكة، وغير آدمية، ولا تليق بالمستوى الحضارى لمصر".
والخبر وتصريحات الوزير يثيران تساؤلات حائرة.
فرغم أن خبر حادث تصام القطارين ليس مفاجئا، بل كان متوقعا، حتى أن كاتب هذه السطور حذر إبان وقوع حادث تصادم قطارين آخرين بالقرب من مدينة أبو حمص منذ فترة من أن أوضاع السكك الحديدية تنذر بكارثة وأن تحميل مسئولية الحادث لعامل غلبان أو سيمافور إشارات عطلان هو بمثابة دفن للرءوس فى الرمال أمام الأسباب الحقيقية المتدهورة والمتراكمة داخل هذا المرفق الحيوى الاستراتيجى.
وها هو حادث جديد يقع، ولولا العناية الإلهية لكانت الخسائر البشرية والمادية كارثية.
أما الأكثر إثارة من الحادث فهى تصريحات وزير النقل التى ذكرنا مقتطفات منها.
وهذه التصريحات لها وجهين:
وجه إيجابى.. وآخر سلبى.
أما الوجه الإيجابى فهو "صراحة" الوزير، واعترافه بأن القطارات العاملة على خطوط السكك الحديدية "على مستوى الجمهورية" أصبحت متهالكة، بل و"غير آدمية".
هذه التصريحات الصريحة أشبه ما تكون بالسباحة ضد التيار، حيث تعودنا فى تصريحات الوزراء وكبار المسئولين على "التهوين" من شأن كل المشاكل، وحصرها فى نطاق مخالفات بسيطة، وتحميل مسئوليتها لكباش فداء من صغار الموظفين والعاملين الغلابة فى معظم الأحيان.
وبعكس هذه النغمة الممجوجة جاءت تصريحات محمد لطفى منصور لتضع المشكلة فى حجمها الحقيقى حتى لو كان حجما كارثيا.
وهى مسألة تحسب للرجل ونسجلها لصالحه ونضعها فى صفحة حسناته.
بيد أن هناك وجها سلبيا لهذه التصريحات التى لا تنقصها الصراحة والشجاعة.
حيث يكاد الوزير بتصريحاته هذه أن يكون قد تنصل مسبقا من مسئولية الحوادث التى ستقع – حتما – فى المستقبل، فلسان حاله يقول: ألم أصارحكم بالحقيقة ولم أخدعكم أو أجعل لكم من البحر طحينة؟
صحيح أنه قال أيضا أنه وضع خطة، وافق عليها مجلس الوزراء ، لإنقاذ السكك الحديدية من هذا الوضع المأساوى، وأن هذه الخطة ستستغرق خمس سنوات.
لكن هذا بدوره يعنى أن أمامنا خمسة أعوام لا نستطيع أن نحاسب فيها الوزير على أى حوادث يمكن أن تقع.
وليس بإمكاننا أن نقول له "ثلث الثلاثة كم" قبل انقضاء هذه المدة الطويلة.
وعندما تنقضى السنوات الخمس ربما لن نستطيع أن نحاسب الوزير محمد لطفى منصور لأنه سيكون قد خرج من الوزارة على الأرجح وسيكون شخصا آخر قد جلس على مقعده فى حكومة جديدة، وسيطالبنا الوزير الجديد بمهلة لكى يراجع الموقف، ولكى يضع خطة للاصلاح ربما تستغرق خمسة أعوام أخرى!
وصحيح أيضا أن كثيرا من مشاكل وزارة النقل، بل ومشاكل حكومة الدكتور أحمد نظيف برمتها، موروثة، لكن هذه الحكومة بالذات "ترث نفسها"، فالحكومة السابقة التى خلفت هذه المشاكل المتراكمة لم تكن حكومة حزب التجمع أو حزب الوفد أو غيرها من أحزاب المعارضة، المشروعة أو المحظورة، وإنما كانت حكومة أحمد نظيف الأول، ومن قبلها حكومات الحزب الوطنى التى جثمت على صدور البلاد والعباد وأبت أن تتداول السلطة مع أى أحد كائنا من كان، ولهذا فانه ليس من حقها أن تشكو من تركة أو ميراث الماضى، لان هذه التركة المثقلة من صنع أيديها وليس من صنع أحد آخر.
وصحيح أن تصريحات وزير النقل تتسم بالعقلانية واحترام ذكاء الرأى العام، كما أن اعترافاته تتسم بقدر كبير من الشجاعة، لكن هذا لا يغير من حقيقة وجود فجوة واسعة بين الأقوال والأفعال. وقد استمع الناس إلى قناطير من الكلام المعسول والوعود الوردية التى تبخرت ولم يتحقق منها فى الواقع سوى النذر اليسير. ولعل الوزير الشجاع محمد لطفى منصور يقدر أسباب انعدام ثقة الناس فى تصريحات السادة الوزراء، حيث لدغوا من نفس الجحر مرتين وثلاثة.. وألف مرة.
الناس يا سيادة الوزير تحتاج إلى ما هو أكثر من الكلام، حتى لو كان كلاما جميلا وغير مألوف، خاصة فى مرافق يستخدمونها للانتقال يوميا، سواء عن طريق البر أو البحر أو الجو.. وهى كلها مرافق تعرضت لكوارث مروعة ، حيث لا يمكن أن تسقط من الذاكرة صورة مئات المصريين الذين شوت أجسامهم نيران قطار الصعيد، وأكثر من ألف مصرى ماتوا غرقا فى قاع البحر الأحمر مع عبارة "السلام الدامس" المشئومة.
لذلك.. لا تكفى الشكوى من أن القطارات أصبحت متهالكة وغير آدمية – فهذا كلام يصح أن تقوله المعارضة - وإنما يجب على الوزير – الذى يمسك بمقاليد السلطة– أن يشفع الشكوى بإجراءات عملية يستطيع الرأى العام أن يحاسبه عليها من اليوم وليس بعد خمس سنوات.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل تخطط لإعادة احتلال سيناء!
- وضع أقفال من حديد على أفواه الصحفيين.. أسلحة فاسدة
- كلام -هجايص- .. وكلام من دهب!
- حزب المحافظين
- ابنتي.. والإرهاب
- قبطى ... لامؤاخذه!
- هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم
- الطموح الإيراني والغيبوبة العربية
- أحزاب -تجارية- !
- تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الدي ...
- رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف
- عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - قطارات من أجل الحوادث