أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيسى ربضي - قراءات في كتاب رأس المال. اطلالة على مفهوم القيمة















المزيد.....

قراءات في كتاب رأس المال. اطلالة على مفهوم القيمة


عيسى ربضي

الحوار المتمدن-العدد: 6192 - 2019 / 4 / 5 - 02:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتناول كتاب رأس المال موضوعات أساسية مثل، المال ورأس المال، ونقد الاقتصاد السياسي – كنا قد تناولناه في مقالة سابقة - اضافة للتطور الرأسمالي تحديداً في بريطانيا التي عاش بها ماركس والتي كانت اكثر الدول تطوراً رأسمالياً صناعياً، وبالتالي الأكثر تكثيفاً.
العديد من التحليلات لكتاب رأس المال ظهرت بين الماركسيين او حتى المهتمين بمواضيع هذا الكتاب بعضهم اعتبر انه كتاب تاريخي لفحص الرأسمالية التنافسية – مرحلة ما قبل الامبريالية كما اطلق عليها لينين وأخرين – ، وبالتالي فعلى الماركسيين استكمال مهمة ماركس بدراسة الشكل الأكثر "تطوراً" من الرأسمالية كما فعل لينين وروزا لوكسمبورغ وغيرهم في محاولة استكمال وتوضيح مفاهيم ماركس. وبعضهم اعتبره كتاباً بالاقتصاد النظري والعديد من الرؤى الأخرى. أما ماركس نفسه فقد قدم رؤيته لهدفه من كتابة هذا الكتاب نافياً ان يكون اهتمامه في مرحلة معينة من الرأسمالية انما اراد ان يقدم تحليل نظري للرأسمالية أي انه اراد ان يلقي الضوء على التنظيم الداخلي لنمط الانتاج الرأسمالي الذي يجعل من هذا النمط شكلاً مختلفاً ومتميزاً عن غيره من أنماط الإنتاج، وهذا يجعل كتاب رأس المال صالحاً لتحليل الأشكال المختلفة من مراحل الرأسمالية ما دامت التركيبة الداخلية – العلاقات الناظمة للإنتاج وقواه – ما زالت قائمة.
مايكل هينريخ – الباحث الألماني في كتاب رأس المال – يشير الى ان ماركس عمد الى تقديم الاستخلاصات النظرية قبل القاء الضوء على التطورات الاقتصادية ، ففي دراسة التاريخ التطوري الاقتصادي الاجتماعي للمجتمع يجب ان يكون هذا البناء قد تشكل وتم لنتمكن من دراسته ونقده. ومن هنا فأن ماركس حين درس نمط الإنتاج الرأسمالي كان هذا النمط قد تشكل فعلاً وكان هم ماركس – كما يتضح من العنوان الفرعي للكتاب- ان يقوم بنقد الاقتصاد السياسي البرجوازي المتشكل فعلاً.
بعض الاقتصاديين حاول اعطاء الصورة ان ماركس ما اختلف في دراسته عن الاقتصاديين السابقين – أي انه لا فرق بين الاقتصاد "الماركسي" والاقتصاد المسمى كلاسيكي – ريكاردو وسميث كأبرز رموزه – الا بالاستخلاصات والنتائج. لكن ماركس حقيقة بنقده الاقتصاد السياسي البرجوازي اراد نقد التصنيفات الاقتصادية وهو التصنيف الأكثر تجريداً لمفهوم القيمة Value وتحديد الرابط بين القيمة والعمل أي كيف تكون القيمة نتاج للعمل.
انتقد ماركس طريقة طرح الأسئلة من قبل رواد الاقتصاد السياسي البرجوازي الذي اغفل الأسئلة الهامة حول تحديد القيمة، اسئلة مثل: لماذا يتم التعبير عن العمل في القيمة؟ ولماذا يتم قياس مدة العمل من خلال حجم قيمة المنتج؟ فالاقتصاد السياسي البرجوازي اعتبر العلاقات الاجتماعية - مثل التبادل وانتاج السلع- كشيء "طبيعي" وبالتالي لا تحتاج للتبادل لتحقيق القيمة لان قيمتها موجودة فيها ، وقد عارض ماركس هذه الرؤية حول "طبيعية" هذه العلاقات الاجتماعية. فقدم ماركس نقده للاقتصاد السياسي البرجوازي والعلاقات لاجتماعية البرجوازية معاً، موضحاً الثمن الانساني والاجتماعي لنمو الرأسمالية اي بكلمات ماركس: بالنظام الرأسمالي كل الأساليب لرفع الانتاجية الاجتماعية للعمل تكون على حساب العامل حيث تتحول جميع وسائل تطوير الإنتاج تصبح وسيلة لهيمنة واستغلال المنتجين. فما ينقده ماركس بالأساس الصفات التدميرية الملازمة بالضرورة للرأسمالية للإنسان والأرض. فطبيعة النمو الرأسمالي يتطلب الانتهاك المستمر لمصالح العمال ولا يمكن تغيير هذا اواقع جذرياً الا بزوال النمط لرأسمالي للإنتاج .

ما هي القيمة؟ القيمة الاستعمالية؟ والقيمة التبادلية؟
" تبدو ثروات المجتمعات التي يسود بها نمط الانتاج الرأسمالي ك ( تراكم واسع النطاق من السلع) والسلعة الفردية تبدو كشكلها الأولي. لذا سيبدأ بحثنا بتحليل السلعة" ماركس من الفصل الأول من كتاب رأس المال. أي ان السلعة في المجتمع الرأسمالي هي الشكل النموذجي للثروة. ومع ان السلع – دعونا نعطيها الان تعريف مبسط انها بضائع معدة للتبادل – موجودة بكل المجتمعات الا انها في نمط الانتاج الرأسمالي تصبح الشكل السائد للبضائع، أي ان البضائع بغالبيتها تصبح سلعاً أي تُبادل او تعد للمبادلة. ففي مجتمعات ما قبل الرأسمالية ينتج الناس اما لاستخدامهم او لصالح صاحب الأرض او "السيد" وليس بغرض المبادلة.
فالبضاعة ( الهدية هي شيء والزعتر البري الذي نقطفه هو شيء لكن ليس كل شيء هو سلعة) ممكن فقط ان تكون سلعة اذا تم تبادلها لذا فهي لها صفة – قيمة- مزدوجة: قيمة استعمالية وقيمة تبادلية. مثل الكرسي يكون له قيمة استعمالية – الجلوس عليه مثلاً – وله قيمة تبادلية اذا تم مقايضته ببنطلون مثلاً ولا يصبح الكرسي سلعة بقيمته الاستعمالية فقط انما يصبح سلعة اذا تم تبادله وصار له قيمة تبادلية. وهذا ما اسماه ماركس الشكل المزدوج للشيء: حيث يوجد شكل "طبيعي" واخر اجتماعي. "فالقيمة الاستعمالية تتشكل من المحتوى المادي للثروة مهما كان شكله الاجتماعي" حسب ماركس. أي ان الشكل الطبيعي هو مكونات الشيء مثل الكرسي الخشب يكون شكله الطبيعي من الخشب لكن شكله الاجتماعي يعني انه يتم تبادله أي انه سلعة. اذن السلعة تحدد بقيمتها التبادلية وبشكلها الاجتماعي بالضرورة.
القيمة ( بشكل عام) للأشياء تتشكل وتتحدد بنسبة معينة من التبادل او النقد. فاذا كان الكرسي يمكن مبادلته ببنطلون او 5 دجاجات فيجب ان تكون الدجاجات الخمسة يمكن مبادلتها ببنطلون أي ان الثلاث اشياء يكون لها نفس القيمة. كان بعض الاقتصاديين يرون ان القيمة تتحدد بالمنفعة أي كل ما زادت منفعة الشيء زادت قيمته الا ان ادم سميث – قبل ماركس- فند هذا التأويل بمثل بسيط الماء والماس حيث ان منفعة الماء اعلى من الماس لكن قيمته اقل. واعتبر سميث ان كم العمل الذي نحتاجه لإنتاج شيء هو الذي يحدد قيمته وهذا ما اُطلق عليه " نظرية العمل لتحديد القيمة" فالفرد المنتج هو اساس النظريات الكلاسيكية – ومن بعدها النظريات الكلاسيكية الجديدة- . ومرة اخرى كان هناك اعتراضات اساسية على مثل هذه النظرية حيث ان بعض السلع المتبادلة لا يوجد بها عمل مثل الارض البكر وبعضها لا تُقيم ع اسس وقت او كم العمل مثل الاعمال الفنية. ماركس بدوره اقترح ان العمل المنتج للسلعة يحدد قيمتها لكن ليس العمل الفردي – والا اصبح قيمة الكرسي الذي يصنعه عامل بطيء اعلى من قيمة نفس الكرسي الذي يصنعه عامل نشيط – لكن ماركس اضاف ان القيمة تحدد ب" وقت العمل الضروري اجتماعياً" لإنتاج السلعة. ووقت العمل الضروري اجتماعياً تعني حسب ماركس: " وقت العمل الذي نحتاجه لإنتاج أي قيمة استعمالية في ظل شروط انتاج طبيعية لمجتمع محدد وبدرجة مهارة ضمن المعدل وكثافة اليد العاملة في ذاك المجتمع" وطبعا القيمة تتغير بتغير سرعة الانتاج او تطوره لتزيد او تقل.
لكن هذا ليس كل شيء، فنظرية القيمة عند ماركس تذهب ابعد من ذلك. ماركس بنظرية القيمة يسعى للكشف عن بنية اجتماعية محددة يتوافق معها الافراد بغض النظر عما يعتقدون. سواء كان التبادل بين سلعة واخرى او من خلال النقد يبقى هناك سمة مشتركة بين جميع السلع المتبادلة وهي العمل الموجود فيها وهو الذي يحدد كم بنطلون ممكن يبادل سيارة مثلاً فتساوي 100 بنطلون مع سيارة واحدة هو تساوي للعمل المضمن في البنطلونات المئة والسيارة الواحدة والتبادل بين هذه السلع هو ما يظهر الطابع الاجتماعي للعمل. فإنتاج بنطلون بالضرورة يتطلب انتاج الات وانتاج قماش وخيوط وكهرباء وادوات مثل الإبر ...فيمكننا تعريف مفهوم القيمة العام انه العمل الاجتماعي المتجسد بالسلع وهي تعرب عن علاقات الانتاج الاجتماعية بين منتجي السلع المختلفة ( الخيطان والقماش والآلات والادوات...) فالقيمة ينتجها العمل بالضرورة لا شيء اخر.
وبما ان البضائع شرط ان تكون سلعة وأن يتم تبادلها، فهذا ينطبق على الخدمات كذلك التي يتم تبادلها فتكون ايضاً سلع. فمن ابرز سمات الاقتصاد الرأسمالي هو سيادة العلاقات السلعية النقدية والتي تتم بالضرورة من خلا التبادل سلعة مقابل نقد وهنا يجدر الاشارة الى التفريق الذي قدمه ماركس في رأس المال بين ان يتحول النقد الى سلعة ويعود نقداً لكن بزيادة الربح ( ن- س- ن) من جديد وبين ان تكون السلعة نقد وتتحول سلعة من جديد( س- ن- س) . فالأول( ن-س-ن) يبدأ بنقد ويتحول الى سلعة ومن ثم يتم بيع السلعة بنقد اكبر من الذي تم وضعه فيها ليتحول النقد الى رأسمال وهذا ما يُسمى بيع بغرض الشراء فأنت تبيع السلعة لتشتري بالنقد المنتج المزيد من السلعة وتبيعها وهكذا. وهذه العملية لا تستمد اهميتها من الفرق النوعي بين حدي العلاقة – فكلاهما نقد- لكنها تستمد اهميته من الفرق الكمي بينهما أي ان النقد بالحد الثاني من المعادلة يجب ان يكون اكبر من الحد الأول ليكون هنالك ربح وتشكل لرأس المال – وماركس اشار الى ان هذه المعادلة ن- س –ن هي الصيغة العامة لرأس المال كما يظهر مباشرة في عملية التداول.
اما الشكل الثاني ( س- ن –س) فهي تنطلق من انتاج السلعة بهدف تحقيق او تلبية حاجة فتلبية الحاجة هي الغاية من الانتاج ومن هنا تكون دافع هذه العملية هي القيمة التبادلية بالذات.
ان ما تم ذكره حول موضوع القيمة يؤسس للمفهوم الاختراقي الذي كشفه ماركس حول ما يسمى فائض القيمة والتي اصبحت من حينها مجال سجال كبير ومجال بحث اكبر في العالم. وفائض القيمة المتحقق في الرأسمال التجاري او الصناعي او العامل بالاقراض وغيرها تشكل المفتاح لفهم نمو وتطور الرأسمال النهبي بالضرورة وهو ما سنعود له لاحقاً.
المراجع:
• رأس المال. نقد الاقتصاد السياسي . كارل ماركس
• مقالة حول نقد الاقتصاد السياسي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=632196
http://www.polyluxmarx.de/ar/home.html دليل لتسهيل قراءة كتاب رأس المال
• An introduction to the three volumes of Karl Marx Capital. Michael Heinrich
• موجز رأس المال . فريدريك انجلس



#عيسى_ربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الاقتصاد السياسي : قراءات مبسطة في كتاب رأس المال. مدخل ...
- إطلالة على المدارس والنظريات المثالية والمادية حول الدين
- حول ماهية الدين. مدخل تأسيسي لتعريف الدين والمقدمات التي أسس ...
- الأحزاب اليسارية والفعل الجماهيري
- من اجل التكامل بين الوطني والتنموي: المطلوب رؤية تنموية استر ...
- -ديمقراطية- بالعربي
- تهافت التهافت
- في أسباب تفشّي -ظاهرة- الفردانية في العمل السياسي
- عوامل بروز ظاهرة الناشطين الفردانيين
- حول الشكل التنظيمي لأحزاب اليسار
- ناشطين فردانيين مقابل أحزاب ثورية
- مهماتنا: الجزء الثاني التجربة الفلسطينية
- مهماتنا: الجزء الأول المجتمع المدني
- نحو تشكيل جبهة يسارية ثورية
- مهمات اليسار في ظل الحراك بالشارع العربي
- ازمة اليسار من سوريا
- الحزب، اليسار واليسار المهادن
- اليسار والثورة وما يسمى بالربيع العربي
- اي يسارٍ هذا؟
- ولوج البرجوازية العربية من باب الحارة


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيسى ربضي - قراءات في كتاب رأس المال. اطلالة على مفهوم القيمة