أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عيسى ربضي - الحزب، اليسار واليسار المهادن















المزيد.....

الحزب، اليسار واليسار المهادن


عيسى ربضي

الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 00:58
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



تزخر احزاب اليسار العروبي بعدد من الاعضاء المنتسبين والمناصرين الذين يحملون بين طيات عقولهم المستنيرة تناقضات فكرية ومواقفية لا يمكن الا ان تؤدي بهم إلى احد اتجاهين. اما حسم امورهم باتجاه موقف واضح من القضايا الفكرية العالقة او مهادنتها وتأجيل تأجيجها لغاية ما. ان التناقض بين الوعي والمادة وايهما أسبق لا يحتمل المهادنة على الأقل من وجهة نظر مادية جدلية، فاللون الرمادي هنا لا يمكنه ان يحل مكان اللونين الحقيقيين الأبيض والأسود ببساطة كونه لوناً وهمياً لا وجود له.
تحاول بعض الأحزاب اليسارية التصالح مع المد الديني وهو تصالح سياسي قابل للحياة إلى أمد معين وان كانت التجارب التي انبثقت عن هذا التصالح افضت جميعها بلا استثناء إلى تدمير للبنى الفكرية والسياسية على السواء لليسار. لكن تركيزنا هنا على امكانية المهادنة والتصالح الفكري بين اليسار والفكر الغيبي الذي يمر في مرحلة مد ويتمتع بدعم ومساندة من قوى الرأسمال العالمي وله مساحته الدعوية من خلال جميع " دور العبادة" والتطور التقني والقدرة المالية غير المحدودة.
تداعب بعض الأحزاب اليسارية في خيالها لطوباوي امكانية الجمع بين مقولتي الوعي اسبق من المادة والمادة اسبق من الوعي فترى بعض الأحزاب تتشدق بأنها احزاب شيوعية تضم افراداً دينيين. سياسياً قد يكون من المقبول وجود اصحاب فكر غيبي كمناصرين للاحزاب الشيوعية كونهم قد يناصرونها بسبب تاريخها النضالي ومواقفها الاجتماعية، لكن كيف يمكن لمن يحمل الفكر الغيبي ان يساهم في نشر الفكر العلمي المادي؟ وكيف يمكن ان يساهم في نقد المسلمات الغيبية وهو نفسه مؤمناً بها؟ لا يمكن ان نجمع بين متناقضين كمثل الوعي والمادة فأما ان الوعي اسبق او المادة اسبق وبالتالي فأن ما تقوم به الاحزاب الشيوعية من محاولات تصالح ومهادنة فكرية انما يساعد في اضعاف بنيتها التنظيمية والفكرية على حد سواء.
فوجود فكر غيبي في مكونات الفكرية للعضو الحزبي يبدو كحصان طروادة يهدم قلعة الحزب من الداخل وهو ما يجعل العديد من المنتسبين لهذه الاحزاب يتخلون عنها ويعلنون " توبتهم" و" برأتهم" منها في مرحلة من المراحل.
لكن هل المقصود ان يكون الحزب الشيوعي حزباً نخبوياً؟ بالطبع لا بالعكس فهذا خطر يساوي خطر هدمه الداخلي، لكن لا بد من تصليب عود الكادر الحزبي نظرياً ونضالياً بحيث يكون عضواً واعياً وليس مؤيداً موهوماً. فالعضو الواعي عضو منتمي بجذرية لا يمكن ان يهادن على عقائده الفكرية على عكس العضو الموهوم الذي يبني بمخيلته صورة للحزب فيفاجأ بعدم تطابقها مع الواقع ويتحول من مؤيد إلى معادي وليس فقط محايد. ثم ان العنصر الأهم في أي حزب شيوعي يجب ان يكون الطبقات التي يتم استغلالها من بروليتاريا وأقنان ( حتى لو اسميناهم فلاحين) وهو ما تفتقده العديد من الاحزاب الشيوعية وتستعيض عنه بالمثقفين والطلبة وهو الأمر الذي يمكن التعايش معه بشرط تصليب هذه العضوية وتعزيز الانسلاخ الطبقي لأولئك المثقفين ليكونوا ضمن مت نسميه المثقف الثوري لا المثقف الانتهازي الذي يحفظ لمعجم الطبقي كما كان يحفظ كتابه المقدس.
من هنا ارى ضرورة ان يقوم الحزب الشيوعي – وان اختلفت الاسماء – والحزب الذي يتبنى النهج العلمي المادي الجدلي باعلان هويته الفكرية بوضوح وينظّر لها حتى لو واجهته صعوبات التقبل فهذه الصعوبات تحتم علينا مواجهتها بدل التهرب منها والتخفي تحت ستار عدم تقبل المجتمع لأفكار المادية الجدلية. ان على الحزب الشيوعي ان يسعى إلى نشر افكاره وتوضيحها ومحاربة الانتهازية التي تميل إلى تمييع مواقف الحزب الفكرية وتعويمها بحيث يكون التشدق بمصطلحات المعجم الطبقي لا يشكل خطراً حقيقياً على اولئك الانتهازيين.
ان اليسار المهادن هو يسار مائع لا هوية له ولن يحقق أي انجاز فعلي لا نضالياً ولا حتى عددياً وهذا ما اثبتته تجربة احزاب اليسار المهادن على مدى عقود طويلة على الأقل في المنطقة العربية. واليسار النخبوي ايضاً خيار فاشل وسطحي يبتعد عن ساحات النضال الحقيقية التي يروج لها فكرياً من قصوره العاجية. فلا يبقى امام اليسار الثوري الا ان يلتحم بالجماهير ويكون في طليعتها وهو فخور برايته الحمراء ورؤيته الفكرية بأسبقية المادة على الوعي بكل ما يمثله ذلك من ممارسات وأفكار.
اليوم لا بد لنا من التطرق إلى ارتباط الحزب الشيوعي بالثورة حيث نستذكر كلمات كارل ماركس " الثورة تسير إلى الامام وتشق طريقها ليس فقط بانتصاراتها بل بكبواتها ايضاً" لكن الغريب ان احزاب اليسار لم تعتبر من هذه المقولة وتداعت امام الكبوات وبحثت عن اسباب الفشل او الكبوة في النظرية بدل البحث عنه في الممارسة وبدل البحث عنه في البنية الداخلية للحزب وضبابية الهوية وانتشار الانتهازية في عضويتها.
لنتعلم من الثورة البرجوازية التي قضت على الاقطاع وقامت باستبدال ادوات قمعه للفلاحين بادوات قمع البروليتاريا الوليدة فما تغير بالحقيقة هو اسم الطبقات المستغلة والمستغلة واشكال انتاجها وعلاقات انتاجها وادوات قمعها واساليبه. لكن بالمحصلة بقي الامر ذاته استغلال طبقة ما لطبقة اخرى. ان مهادنة التيارات الدينية لا تعدو عن مساهمة في خلق اشكال جديدة للسلطة الاستغلالية وتبديل ادوات القمع واسماء اصحاب السلطة الاستغلالية وهذا ما بدأ يتضح في تونس ومصر على الاقل كنموذجين ظهرت شهوة التيارات الدينية للسلطة وسرعتها في التخلي عن " قيمها" التي من المفترض انها مبدئية كونها تنطلق من تشريع ديني وها هي تتنازل عن " حقها" بالجهاد وتحرير ارض تعتبرها مقدسات اسلامية بل ولا ترى مانعاً في اقامة علاقات ودية مع محتلي تلك الارض " المقدسة" بعرفهم ولا ترى ضرراً بالحاق اقتصاد البلاد " الاسلامية" بالاقتصاد " النصراني" بعرفهم والرأسمالي الامبريالي بعرف الاقتصاد السياسي الماركسي. ان مهادنة هذه التيارات الانتهازية هو محض انتحار في ظل ضعف بنية الكادر اليساري وضعف بنيته التنظيمية الداخلية.
ان ضعف الانتاج الفكري للاحزاب الشيوعية تجعلها تفقد البوصلة وتعتمد على حفظ النصوص اكثر من اعادة انتاجها وفقاً للظروف الموضوعية وتجعلها وقوداً لانقلابات وتغييرات في اشكال السلطة الاستغلالية ما دامت هذه الثورات غير قادرة على ان تتحول إلى صراع طبقي بين الطبقات المستغلة والمستغلة وبالتالي غير قادرة على احداث تغيير جذري في النظام الاقتصادي والاجتماعي بجميع بناه بدءاً بالاقتصاد وليس انتهاءاً بالعقائد.
وبمفهوم الثورة على السابق وتغييره تغييراً جذرياً يعني الثورة على مصالح التيارات البرجوازية الدينية منها والليبرالية وهذا يعني التناقض الحتمي مع هذه التيارات الممثلة لمصالح فئة مستغِلة وهذا بالذات دور الاحزاب الشيوعية في مرحلة التحرر الوطني والاجتماعي. فكيف يمكن تهيئة وتحضير هذه الاحزاب لهذا الدور في ظل ضبابية هويتها ورخاوة بنيتها الفكرية والتنظيمية؟ ان الصراع الطبقي هو نتاج حتمي لانقسام المجتمع إلى طبقات لكن الوعي الطبقي بضرورة القضاء على بنى النظام القديم ليس وعياً حتمياً مما يتطلب ان يقوم الحزب الشيوعي بنشر هذا الوعي الطبقي وتعزيزه فكيف يمكن لحزب الطليعة ان ينشر الوعي الطبقي وهو غير محدد لهويته التنظيمية ولا لبرنامجه الثوري القاضي بالاطاحة بالنى القديمة وليس الأشخاص.
اعتبر لينين – احد المؤسسين لمفاهيم البنية التنظيمية للحزب- ان الاختبار الحقيقي للحزب الشيوعي يكمن في كسب الدعم الواعي من الاغلبية المقموعة ...وأضع خطاً احمر تحت كلمة الواعية بمعنى ان الطليعة التي تقود الجماهير يجب ان تتمتع بمساندة واعية لهويتها ولبرنامجها السياسي والاجتماعي وهذا ينطبق على الانصار فما بالك بشروط العضوية الحزبية التي يعتبر اول شرط بها القبول ببرنامج الحزب ونظامه والعمل على تنفيذه بل واكثر من ذلك ان يقوم العضو الحزبي بالمساهمة ببناء الشيوعية.
ان دور الحزب الشيوعي الطليعي ان يقوم بتوحيد النظرية والممارسة وان يتبنى الخيار الديمقراطي المستمد من مبداء المركزية الديمقراطية في الحياة الحزبية وهذا يبدو من المستحيل تنفيذه في ظل ضبابية البنى الفكرية والتنظيمية ولن تكون نتائج الخيار الديمقراطي إلى مزيداً من التخبط بين الانتهازية والمغامرة. لذا ارى من الضرورة دراسة تجارب الاحزاب الشيوعية دراسة نقدية اكثر جرأة وتبني خطوات عملية لاعادة بناء الحزب الشيوعي تنظيمياً واعادة تصليب اعضاءه فكرياً ونضالياً وسياسياً وصولاً لتحقيق الدور الطبيعي الضروري لهذه الاحزاب في ان تكون الطليعة الواعية للثورة القادمة. ولا يقل اهمية ضرورة ان ندرس علاقات الاحزاب الشيوعية بالاحزاب والحركات الاجتماعية والسياسية المحيطة ومدى قدرة هذه الاحزاب – الشيوعية – على احتواء او التعاايش مع الاحزاب المحيطة بدل الانصهار بها او الذوبان فيها.



#عيسى_ربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار والثورة وما يسمى بالربيع العربي
- اي يسارٍ هذا؟
- ولوج البرجوازية العربية من باب الحارة
- ثقافة العنف على الشاشة العربية


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عيسى ربضي - الحزب، اليسار واليسار المهادن