أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عيسى ربضي - ثقافة العنف على الشاشة العربية















المزيد.....

ثقافة العنف على الشاشة العربية


عيسى ربضي

الحوار المتمدن-العدد: 1710 - 2006 / 10 / 21 - 07:13
المحور: حقوق الانسان
    


نقابة الأخصائيين الاجتماعيين
والنفسيين الفلسطينية - القدس
لا ادري إذا كان العنف يمكن ان يُشكّل ثقافة بالمفهوم الأكاديمي أو يمكن ان نطلق عليه جزافاً نعت ثقافة وبالتالي نربط هذا السلوك بهذا المصطلح، لكن سريانه في شرايين الشارع العربي أصبح أسرع من سريان الدم بأشد حالاته ميوعة وأصبح تأثيره اشد وضوحاً، ولا يسعني ان اخفي امتعاضي وأنا أقول انه أصبح اشد قبولاً من الشارع العربي على جميع مستوياته وهذا ما يجب ان يثير قلقنا جميعاً.
لقد أثار انتباهي بالآونة الأخيرة ظاهرة مخيفة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، مُبطّن ومُعلن، فعلى الرغم من قناعتي بأن التلفاز بقنواته الفضائية والأرضية يُستخدم كجزء من السياسة المحلية والعالمية الهادفة الى تعزيز مفاهيم التبعية وتعزيز سيطرة الطبقات والفئات الممتلكة والقادرة على ان تثبت "مفاهيمها" الخاصة وتزرعها وترويها وتعززها إلا ان هذا الدور لم يكن يوماً حتمياً وكان لدينا إمكانية ممارسة التغيير الواعي - على محدودية تأثيره بسبب ضآلة حجم وممارسة النقد مقارنة بالماكنة الإعلامية المبرمجة والضخمة للطبقات المتملكة والمتمثلة برأس المال العالمي والكولونيالية ورأس المال التبعي المحلي على مختلف مسمياته وألقابه. إلا ان ما أثار انتباهي بل وقلقي الشديد "الوقاحة" التي وصلت إليها آلة الإعلام الاستغلالية من حيث فرضها "برامج" مستفزة على عقول المشاهدين ولا تتحدى مفاهيمهم ومبادئهم فحسب بل أنها تتحدى القيم الإنسانية تحت شعارات واهية وهشة من أمثال التغيير و"ما يطلبه المشاهدون" ومواكبة التطور...الخ.
ان الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في عرض هذه "البرامج" بل في استمرارية عرضها دون اعتراض من المشاهد العربي والمؤسسة العربية ويمكن القول أنها تعُرض وتجد قبولاً وصمتاً متواطئاً من المشاهد والمؤسسات العربية إجمالا.
لقد تبارز علماء الاجتماع والباحثين المهنيين خلال عقود انصرمت لنصرة هذه النظرية أو تلك بما يتعلق بدور التلفاز وتأثيره على المجتمعات البشرية من حيث تعزيز الممارسات العنيفة والشكل الجديد من الممارسات والسلوكيات التي تتبناها فئات مختلفة من المجتمع.
استراتيجيات التعامل مع استمرار عرض البرامج "العنيفة":
لابد لنا من التطرق الى استراتيجيات شعبية واسعة لمواجهة الحرب المعلنة التي تشنها العديد من محطات التلفاز لصالح فئات استغلالية ولابد ان يقوم كل مواطن عربي وكل مؤسسة عربية بدوراً يتناسب مع قدراته واهتماماته في مجال الحد من تنفيذ البرامج المشوهة والتي تحث على العنف وتشجع عليه الى عقول أطفالنا وشبابنا وهنا يمكن التطرق لبعض هذه الاستراتيجيات على صعيد الأفراد والأسر.
لابد ان يقوم الأهل بمتابعة البرامج التي تعُرض على شاشات التلفاز والموجهة للشباب والأطفال أو التي تلقى قبول واستحباب أطفالهم، ولن أقول ضرورة ان يفرضوا رقابة على هذه البرامج لاستحالة هذا من ناحية ولعدم جدواه من ناحية اخرى، لكن من الضروري ان يقوموا بنقاش البرامج المشوهة والتي تحث على العنف مع أبنائهم وتوضيح مدى ضررها عليهم وعلى المجتمع ككل وتشجيعهم اخذ خطوات ايجابية تجاه هذه البرامج مثل ان يكتبوا مقالة لمجلة الحائط في المدرسة أو لمجلة متخصصة للأطفال أو ان يرسلوا رسالة احتجاج للقناة التي تبث هذه المواد السامة حتى يكون الطفل أو الشاب مساهماً فاعلاً في عملية محاربة البرامج الفاسدة ولا يكتفي بان يكون متلقي لها وبالتالي تصبح محاربة هذه البرامج جزء من رسالته في الحياة.
أيضا من الضروري ان يلعب الأهل دوراً مبادراً في الاتصال بالقنوات المختلفة وإيصال صوت الاحتجاج لها وكذلك الاتصال بالمؤسسات المعنية في بلدانهم وفي بلدان بث القنوات مثل نقابات الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والتربويين..الخ.
أما المؤسسات المهنية النفسية والاجتماعية والتربوية والنقابات المهنية وغيرها فتقع على عاتقها عبء كبير في تحمل مسؤولياتها الطبيعية – وبالتالي الضرورية – في دراسة الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تشجع العنف وتحث عليه وان تقوم بتحليل هذه الظاهرة ودراسة الطرق المحتملة للتعاطي معها. على ان لا يكون هذا الدور الوحيد لهذه المؤسسات، بل يجب ان يقترن هذا الدور بدور أكثر فاعلية في محاربة البرامج والمحطات التي تبث وتشجع على العنف من خلال إتباع عدد من الخطوات التي من شأنها إثارة الرأي العام وإضعاف المواقف المساندة لهذه المحطات فيمكن ان تقوم المؤسسات العربية بـ:
- نشر برامج وأدبيات للتوعية حول هذه الظاهرة.
- التوجه مباشرة للقائمين على هذه البرامج ومطالبتهم بالكف الفوري عن عرضها.
- التوجه للشركات والمؤسسات التي تضع إعلاناتها بالمحطات التي تبث برامج العنف ومطالبتها بمقاطعة هذه القنوات لحين كفها عن بث برامجها التدميرية.
- التوجه للجمهور العربي ليقاطع المحطات المعنية وبالتالي إضعاف قدراتها على استقطاب مشاهدين وإعلانات مما يضر بالمحطة ويجبرها على وقف بث البرامج المشبوهة.
- التوجه للقضاء بعدد من الدول لمطالبة المحطات بتعويضات عن بث هذه البرامج تدُفع للمؤسسات التي تعالج ظاهرة العنف بالشارع العربي على غرار الغرامات التي تُفرض على شركات التبغ.
- استثارة المرجعيات الدينية والسياسية للإعلان علناً عن مقاطعة هذه المحطات وتوجيه دعوات رسمية لمقاطعتها للشركات المعلنة بها وللمشاهدين الذين يتابعون برامجها.
هنالك العشرات من استراتيجيات المواجهة التي يمكن للمواطن العربي والمؤسسة العربية إتباعها للضغط على القنوات المسيئة ولفرض خطر بث البرامج المشجعة للعنف عليها لكن كلها بحاجة الى وجود استراتيجية واضحة وقوية وفعالة للتعامل معها. ولعلي بختام هذه المقالة أشير الى احد الأمثلة الأكثر لفتاً للنظر التي تبث العنف وتشجع عليه من خلال عرضها لبرنامج لا يمكنني وصفه بأقل من "مجزرة إعلامية" حيث يقوم شخص بتقليد سوبرمان – أو الرجل الوطواط أو الرجل الفيل بالاعتداء على عدد من الناس بصورة وحشية بحجة أنهم يبثون الملل في نفسه فيقوم "بمحاربة الملل" على طريقته الوحشية بحيث يقوم تارة بحمل مسّن من رجليه والتلويح به وإلقاءه على الأرض وتارة اخرى بتهشيم جمجمة مغني شاب وتارة ثالثة بالاعتداء على مُدّرس ويقوم بعدها طلابه بضربه بوحشية!!! فأي قيم وأي ثقافة يمكن زرعها بالجيل الشاب من خلال مثل هذا البرنامج الذي يتكرر كل يوم عشرات المرات حتى يشاهده اكبر قدر من المشاهدين!!! واستمراراً لهذا التقليد الوحشي قامت قناة مغمورة اخرى بعرض مقاطع تحث على العنف في غرفة الصف من خلال تصوير طلاب يقومون بإثارة المعلم ودفعه للجنون بالصف من خلال ضربه من قبل طلاب الصف مع تصوير الطالب "الأزعر" بأنه نموذج للطالب القوي ذو الشخصية الكريزماتية!!!
فهل نحن أمام سباق ماراثون العنف الإعلامي؟؟ أم إننا أمام عمل تلفزيوني جديد تحت عنوان العنيف والأعنف على غرار الفيلم الأجنبي الغبي والأغبى؟
لقد ان الأوان للمشاهد العربي عن ان يكف عن كونه متلقياً سلبياً وان يقوم برفض البرامج التي لا تتناسب ثقافته وعاداته وقيّمه الإنسانية والتي تزرع بذور العنف والكراهية والظلم في منظومة مفاهيم أطفاله.
وكان التركيز في معظم الأحيان على الشباب وثم الأطفال كونهم الفئات الأكثر متابعة للتلفاز من جهة وكونهم الفئات التي ما زالت تبحث عن هويتها وتكوين ملكات شخصيتها. وقد كانت الخلاصة العامة للعديد من الدراسات التي أجريت حول العالم ان التلفاز أضحى يشكل عامل رئيسي في تحديد سلوكيات الأفراد المستقبلية وبالتالي فانه من المهم ان يكون هذا النظام - المسمى اختصاراً بالتلفاز – في خدمة المظاهر المعززة للسلوكيات الايجابية التعاونية والتي تسهم بتطوير الدافعية لدى الأفراد للعمل التعاوني الهادف.
ان التفكير بطريقة "سوبرمان" لم يعد قادراً على ان يروي حقل الحقيقة. ولم يعد من المقبول ان نرى بطلاً ذو قدرات خارقة يقوم بالعمل الشاق عنا فيوقف الكوارث ويتحدى "الشر" أو على الأقل هذا ما أراد لنا أصحاب سوبرمان وغيره ان نؤمن دائما بقوة الفرد بوجودها وبنفس الوقت أرادوا لنا ان نؤمن إننا كأفراد لا نقول على تنفيذ إيماننا هذا كوننا غير خارقين، فهم أرادوا ان يسّوقوا لنا ان الحلول لجميع مشاكل البشرية تمر عبر أفراد خارقين. ان هذه البضاعة كانت فاسدة منذ ولادتها وبقيت فاسدة حتى بعد اجترارنا لها إكراها مراراً وتكراراً، لعلي لا أضيف جديداً حين أقول ان العنف على الشاشة أصبح عامل إغراء يتبارى الكثيرون لمشاهدته وممارسته ومن ثم ينتظرون الشخص الخارق ليقوم بتصحيح الوضع وإعادة الأمور الى نصابها!!!
لعل ما يثير القلق أكثر من أي وقت مضى ان الفضائيات العربية والأجنبية على السواء تضاعف عددها مئات المرات وأصبح المشاهد أمام خيارات متعددة أو على الأقل هذا ما يعتقده والحقيقة ان الخيارات هو بين أسماء المحطات وليس بين مضامينها.



#عيسى_ربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عيسى ربضي - ثقافة العنف على الشاشة العربية