أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - عامود البيت














المزيد.....

عامود البيت


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 01:46
المحور: الادب والفن
    


بماذا تتباهى هذه المنكسرة
هذه التي تتفنن بإخفاء ضعفها وتبديل خوفها بشجاعة زائفة.هذه التي رفضت التهاون مع المستغلين.هذه التي كانت كلماتها أنعم من حبة الدخنوأغلظ من حبل القنب.هذه التي تجيد الغناءوالبكاءمعاً.هذه التي علمتها التجارب بأن"القانون" بدعة أخترعها اللصوص.ولا يحمي الضعفاءكما علموها أسلافها الطيبون.هذه التي أقنعوها أن تعلق خرزة حسد على عتبة بيتها، لأن الكل يحسدها ولا تعرف على ماذا.ربما على ذلك المدعو "عامود البيت"؟
تقولها ضاحكة اسفاً على ذلك الذي كان أغلب الأوقات غائباً عن البيت وعنها، فمنذ ان زفت اليه عنوة وهو غائب.وبين غياب وغياب حضور مربك قصير كمن يزور مومساً بالخفية.
بدأكجندي بطل، ثم تحول الى حارس في الجيش الشعبي. بعدها حارس يحرس أبنية حساسة. ثم أعيد للخدمة من جديد بعد ان أستدعوا مواليده. وفي لحظة صحوة عابرة، هرب بعد أن ملَّ من الحروب الكثيرةالتي هدمت حيله وحيل كل رجال العشيرة.تحول الى معارض يطالب بأسقاط الحكم.ثماختبئ في دولة جارة تلم كل المعارضين دون أن تتدخل في التفاصيلطالما في جيوبهم أموالاً منهوبة.
بعدها أنشغل بأمرأة غريبة أغرمت به وأدعت انها لا تطيق العيش بدونه، وقبض عليه بتهمة ملفقة مخلة بالشرف ثم افرج عنه بكفالة. أو ربما بمناسبة وطنية. على اي حال لم تعد تتذكر.هذاهو ذلك الذي أحبته بصدق مجبرة. لم يزرع في حقلها سوى ثلاث أبناء ووحشة باردة .
تمضي الوقت بالغناء لهم وللوحشة التي لازمتها طيلة حياتها.كانت تغني لهم كل ليلة قبل ان يخلدوا للنوم،حتى سمعها جار أرمل مرة وهو عائد من زيارة قبر زوجته وأغرم بصوتها دون أن يراها. كان يقف كل ليلة عند نافذتها المغلقة محاولاً استراق السمع الى صوتها الشجي وهي تغني لأبناءها أوربما له أو لتبدد سكون الوحشة.كبرالأبناءعلى أصوات المدافع وعلى صوتها وعلى صراخ والدين كل يلوم الآخر على خراب البيت،بينما الحروب هي التي خربت البيت وخربتهم.
أمضت العمر تبنيوتهدموترمم وتربي وتقع وتنهض.كل هذا وحدها وعامود البيت غائب.وغالباً تلجأالى الكذب على أبناءها.كذبة بيضاء واحياناً سوداء عندما كانوا يسألونها "ماما متى يعود بابا؟" كانت ترد بكذبة قامت بتجهيزها سلفاً: "قريبا جدا سيطل علينا يا ابنائي الأعزاء." وكبرأبناءها والكذبة البيضاء لا زالت ترن بآذانهم.وهاجروا مجبرين تاركين البيت بلا رجعة.والأرمل مات أثر وحدة قاتلة.وأستمرت هي بالغناءلترفه عن نفسها المغلوبه على أمرها.كل هذا وعامود البيت لم يكن موجوداً.واليوم، حتى البيت لم يعد موجوداً.
وهاهي اليوم غدت عريضة كبوابة البيت وبذاكرة بيضاء كالقشطة.تلعب بالدمى مع أحفاد جارتها الطيبة. وأما أبناءها الذين حرصت على ابقاءهم أحياء رغم كل الحروب،فهم اليوم مبعثرين هنا وهناك كلقالق أعشاشها في الأماكن الخطأ. أماكن قد تهدمها الريح بأي لحظة.أبناء مشردون يبشرون عبرعالمهم الأفتراضي بغدٍ أفضل.



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهرب
- جِئتكَ
- الميسوفونيا
- حبل أمي
- إنتبه!
- هدية من بلاد ما بين الجرحين
- الوقت
- مات فيدل كاسترو
- خذي الصدق من فم امرأة يا امرأة
- ع الضيعة يمة ع الضيعة
- كنت صغيرة
- يوميات أرملة مملة
- قصتان
- من يوميات فلاحة
- من دفاتر لم تقرأ
- من يوميات أمراة شبه منسيه.
- الحضور والرحيل
- تصديق ما لا يصدق
- ولا زالت الميمة جنب الخيمة
- مسطبة العابرين


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - عامود البيت