أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - ما قبل الصفر الإستعماري















المزيد.....

ما قبل الصفر الإستعماري


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 5306 - 2016 / 10 / 6 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب السيد محمد سيد رصاص مقالاً مهماً في جريدة الأخبار العدد ٢٩٩٧ الجمعة ٣٠ أيلول ٢٠١٦، استعرض فيه مراحل تجلي مشروع الصفر الإستعماري منذ بداياته حتى لفظه لآخر أنفاسه مع الوقائع التي تفقأ العين والتي حدثت في كل من العراق وليبيا وسوريا وإلى حد ما في لبنان.. أحاول في هذا الحيز إلقاء ذات الضوء على ما كان قبل الصفر الإستعماري.. لنبحث ولو للأسف متأخرين عقدين من الزمن عن البدائل التي كانت متاحة لشعوبنا لتتجنب ويلات ما حدث.. وهل كانت ثمة بدائل؟
لكن قبل هذا؛ ما هو الصفر الإستعماري؟
أُطلق هذا التوصيف من قبل المعارضين لرأي السياسي السوري الشيوعي رياض الترك، وهو أحد رواد السجون السوريه، الذي طال أمد أعتقاله أكثر من أمد اعتقال نيلسون مانديلا الذي أعتبر في ذلك الوقت أقدم سجين سياسي في العالم.. هذا السياسي وبعد إطلاق سراحه لم يكف عن معارضته للنظام السوري. لكنه حاول التغيير من بوصلة الإتجاه أو المرجعية من الثوابت الماركسية المعروفة في الموقف من الإمبريالية والاستعمار إلى محاولة فهم ما يجري بعد إنهيار التجربة السوفييتية ومعسكرها الإشتراكي.. صرّح في مقابلة مع صحيفة "النهار" ليوم 28 أيلول من عام 2003 تعليقاً على ما حدث في العراق من سقوط نظام صدام حسين باحتلال أمريكي عسكري مباشر، قائلاً (أعتبر أن الأميركيين قد قاموا بفعل مفيد وأنهم نقلوا العراق من تحت الصفر إلى الصفر).
لذا اختار معارضي هذا الرجل توصيف (الصفر الإستعماري) لكامل مشروعه الذي هو الآخر فشل فشلاً ذريعاً فيما بعد. لكن، دعونا هنا نتفحص خلفية هذا الرأي وما هي البدائل التي كانت متوفرة أمام اليساريين على اختلاف موديلاتهم من ماركسيين إلى ليبراليين وماذا حدث في الواقع؟
سأتجنب الحديث هنا عن سوريا واكتفي فقط بالتوصيف الذي جاء على لسان السيد محمد سيد رصاص لحال المعارضة السورية والشعب السوري عموماً تحت سلطة (الأسدين الأب وإبنه).. وهو توصيف اتفق معه مئة بالمئة، يقول: (... ماركسيون صدمتهم هزيمة موسكو أمام واشنطن في الحرب الباردة (1947ــ 1989)، ومعارضون سوريون حطمت تنظيماتهم في السجون أو في العمل السري في الثمانينيات بعد انتصار النظام على المعارضة بشقيها الإسلامي واليساري وسط انكفاء وصيام المجتمع السوري عن السياسة. كان اجتماع هاتين النقطتين قد أنتج بذرة جنين لنزعة الاستعانة بالأجنبي ولكن بعد تغيير "القميص الماركسي").
سأتحدث هنا عن العراق ما قبل (الصفر الإستعماري). وهو وإن كان مجسداً في العراق على نحو واضح لكنه كان موجوداً وإن بدرجات متفاوتة في كل البلدان التي حكمتها أنظمة أستبدادية لفترات طويلة (سوريا، ليبيا، تونس، الأردن، السعودية..إلخ). والحديث يتناول مقطع زمني محدد وصلت فيه التراكمات إلى مداها، هو مقطع الحصار الإقتصادي الذي دام 13 سنة على خلفية حروب دكتاتور العراق المتعددة. لقد وصل تهميش المجتمع إلى مداه الأقصى. جرى تهميش فئات واسعة من شرائح اصحاب الأعمال الصغيرة أو الحرة وقطاعات واسعة من الموظفين وكوادر المهن المختلفة، الطب، القانون، الهندسة، العلوم، الآداب.. ومعهم اساتذة الجامعات والمدرسين والمعلمين وطلبة الكليات وعموم المثقفين الذين تحولوا إلى باعة جوالين وسواق تاكسي وكسبة أو عاطلين عن العمل تماماً، ناهيك عن تحويل كل مصانع البلد تقريباً لخدمة صناعة وحيدة يديرها صهر الرئيس (حسين كمل) – التصنيع العسكري-.. كل هؤلاء واولئك يجدون مطالبهم وأهدافهم في برامج اليسار والديمقراطيين عموماً. وحين يتعرض هؤلاء إلى هجمة شرسة وعلى كافة المجالات، عندها ستتفكك الأواصر والروابط فيما بينهم، ويعودون إلى أصولهم الأولى ما قبل وصولهم إلى ما كانوا عليه.. منهم من يترسب في قاع المجتمع وهم الغالبية ومنهم من يصعد إلى رأس الهرم الذي تسلقه الانتهازيون والوصوليون الذين شكلوا الطبقة الجديدة التي نمت وترسخت مفاهيمها وقيمها في المجتمع، أقصد الطبقة الطفيلية. وهذه بكل المقاييس هي طبقة غير منتجة تراكم ثروة مسروقة عبر أروقة ودهاليز الفساد الحكومي وغير الحكومي. ولم يقتصر هذا الضمور على الطبقة الوسطى، بل الطبقة العاملة كذلك حدث لها اختفاء واضح من نسيج المجتمع. لم تعد طبقة ولا عاملة.. كيف تكون هناك طبقة عاملة والبلد يفتقر للصناعة بفروعها المختلفة.. حتى استقر التركيب الطبقي لهذه المجتمعات على طبقتين لا غير.. طبقة ضيقة قليلة العدد نسبياً من الطفيليين والانتهازيين تدور بفلك الحزب الحاكم أو العائلة المالكة، التي صارت هي الدولة وطبقة واسعة وعريضة من المهمشين هي جل الشعب. ولأن التخريب متسلسل، سيرافق هذه الهجمة على البنى التحتية للمجتمعات هجمات شرسة على البنى الفوقية لها، سياسات قمع وتشريد وتغييب طالت كل النخب السياسية من أحزاب وجمعيات وتنظيمات مختلفة، تاركة أمام أنصارها ومؤازريها أحد أمرين لا ثالث لهما؛ أما التعفن في جحور أجهزة الأمن والقتل أو الرحيل إلى المنافي. الأمر الذي فرّغ الساحة تماماً من هذه النخب وحولها إلى ساحة لعب بلاعب وحيد هو النظام. ثم توالت متوالية التخريب بسياسة منظمة للتجهيل، سواء في مناهج التعليم أم بوسائل الإعلام. السؤال هنا؛ وسط كل هذه المحن والكوارث إلى أين سيتجه المواطن المغلوب على أمره والذي حُرمَ من أي سلاح للدفاع عن نفسه..؟ يقيناً سيرفع رأسه إلى السماء ليناشد الله ومن ثم يتوجه إلى بيت الله (المسجد)..!! لكن ماذا سيجد هناك..؟ مؤكد سيجد الشيخ والملا وما شابههم.. وماذا سيقدم هؤلاء المشغولون بهموم الآخرة وعذاب القبر لأولئك الغلابة المنتهكين..؟ لا شيء غير المزيد من الدعاء والإنغماس في تهيئة النفس لتجنب عذاب الآخرة. ولكي تكتمل الصورة؛ لم تترك الأنظمة مواطنيها، لقد تبعتهم إلى هناك، إلى المسجد، بحملات دينية كان عنوانها العريض في العراق (الحملة الإيمانية) وفي بلدان أخرى تقارب وتصالح مع الدين على صعيد القوانين أو التسهيلات.. هكذا تكون الأرضية قد مهدت وسويت تماماً للبدائل القادمة بعد أنظمة الاستبداد والقمع.. وهذا الذي حصل وسيحصل.
إذن ما وجه الغرابة حين نرى الشعوب اليوم وقوداً وحاضنات اجتماعية للتيارات الدينية السلفية وغير السلفية وبأشكالها الأشد تخلفاً..؟ حين تختفي من بنية اي مجتمع فئات وشرائح وطبقات إجتماعية بكاملها.. عندها ستصبح النخب السياسية التي تعبر عن مصالح هؤلاء كأنها طيور محلقة في الهواء.. قد تكون أشكالهم جميلة ألوانهم خلابة لكنهم للأسف لا يقفون على الأرض.. وهذا ما جعل ويجعل النخب اليسارية والديمقراطية منشغلة بخلافاتها وانشقاقاتها والمزاودات فيما بين أطرافها أكثر من انشغالها بدراسة وتمحيص ما جرى ويجري في مجتمعاتهم من تحولات بنيوية مخيفة.. حتى البرامج التي يرفعونها لم تعد تختلف عن ما يرفعه ويقوله الأصوليون الإسلاميون إن كانوا من اخوان مسلمين أو أخوان شياطين.. الجميع يتشدق بالديمقراطية والحرية والتعددية والتنمية وغيرها من الشعارات. إذن ما وجه التمييز في برامج اليسار..؟
للأسف، لم يعد أمام اليسار من حاضنة اجتماعية وسط هذا التدين الجارف للشعوب، حتى غدت الديمقراطية (بجلال قدرها) مدعاة للسخرية على لسان الاسلاميين الذين كانوا يعادونها وحتى وقت قريب يعتبرونها بدعة من الكفر، ها هم اليوم ولسان حالهم يردد (تريدون ديمقراطية.. تفضلوا.. نحن الأكثر.. تريدون ديكتاتورية.. نحن لها). لم يعد أمر تطور مجتمعاتنا تطوراً (إقتصادي – اجتماعي) طبيعياً يفرز ما يفرزه خلال مسيرته من فئات وطبقات وجماعات تكون لها أهداف خاصة بها وتبحث عن من يتقدم لتحقيقها. ومن المؤكد في ظل هكذا فراغ من أهداف معاصرة وآنية لا محال ستتم العودة إلى الماضي بعقده ومشاكله.. العودة إلى مواصلة صراعات الماضي المدجج بكل أنواع الأسلحة مع حاضر هزيل لا شكل له بعد. الآن، إذا لم تكن هذه هي الفوضى الخلاقة فبماذا يمكن توصيفها.. والسؤال الأهم؛ أهي مسبقة الصنع في الخارج أم هي حصيلة تفاعلات الداخل بعد أن مهدت أرضيتها أنظمة الإستبداد..؟



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة ليست أدبية لرواية (حفلة التيس)
- زيف الأحزاب القومية.. البارزاني نموذجاً
- التحكم في سوق الأديان.. والاستهلاك الديني
- أيها المثقفون ما هي حلولكم..!!؟
- قصة قرية كوجو.. وقصة الجد البعيد
- شعواط يتصاعد من مطبخ الإقليم
- فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي
- ماذا يريد الأنصار..؟
- ما يخفيه النص
- بيت اللعنات...!!!
- بين كلابنا وكلابهم دماء تنزف..!!
- الحزب الشيوعي العراقي وسؤال الهوية الوطنية
- من يرسم خرائط حديدان..؟
- التاريخ المنسي في فلم (سنوات الجمر والرماد)
- النقاط الثلاث الساحرات في الانتخابات الهولندية
- التجمع العربي ومشروع صديقي الكوردي
- طائفة الغراب الأبيض..!!
- دعاء البدل.. صلاة البدل
- اليسار.. فقدان الحاضنة الاجتماعية..!!
- إحصاء المنصور...!!


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - ما قبل الصفر الإستعماري