أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عداء بنى إسرائيل لمصر















المزيد.....

عداء بنى إسرائيل لمصر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 03:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عداء بنى إسرائيل لمصر
طلعت رضوان
أعتقد أنّ أية قراءة موضوعية مُـتأنية لكتاب العهد القديم الذى ألــّـفه العبرانيون الذين روّجوا لنبيهم (موسى) الذى اختاره ربهم (العبرى) واصطفاه ، بل وكلــّـمه.. إلخ، أعتقد أنّ تلك القراءة ستكشف (لصاحب العقل الحر) حجم العداء الأيديولوجى الموجـّـه ضد المصريين القدماء ، وكيف أنزل الرب العبرى لعناته وصبّ سخطه فى عدة أشكال ، مثل تحويل النيل والبيوت والمزارع.. إلخ إلى دم ، وسلــّـط البعوض والذبان والجراد.. إلخ.. بل وحرّض على سرقة المصريين.. ولم يكتف بذلك وإنما أغرق ملك مصر وجنوده.. بل إنّ من كتب سفر الخروج تمادى فى شطحاته فكتب أنّ ربه العبرى ((دفع المصريين فى وسط البحر، فرجع الماء وغطى مركبات جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم فى البحر. لم يبق منهم ولا واحد .. وخلــّـص الرب فى ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين.. ونظر إسرائيل المصريين أمواتــًـا على شاطىء البحر.. وكما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم أيضـًـا إلى الأبد.. الرب يـُـقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) (خروج- الإصحاحيْن 14، 15) فإذا كان الرب العبرى قتل (كل) جدودنا ((ولم يبق منهم ولا واحد)) فكيف تناسل شعبنا؟ وكيف توارثنا الثقافة المصرية القديمة ، المُـتمثــّـلة فى مُـجمل العادات التى ظلــّـتْ الأجيال اللاحقة تمارسها ، طوال السنين ، مثل ظاهرة الموالد وخميس وأربعين المتوفى وذكراه السنوية.. ونقشة الكحك وعليها ترسم السيدة المصرية (المسيحية والمسلمة) شمس (رع) إلخ ونحن فى القرن الحادى والعشرين بعد ميلاد المسيح؟ كما أنّ ذلك الكاتب العبرى لم ينتبه للفخ الذى وقع فيه عندما وصف بنى إسرائيل بالخنوع والسلبية، حيث نصّ على أنّ الرب العبرى هو الذى قاتل نيابة عن شعبه (المختار) فقال ((الرب يـُـقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) ولأنّ اليهودية والمسيحية والإسلام ديانة واحدة (الديانة العبرية) لذلك جاء فى العهد الجديد ((بالإيمان أهلك الأبكار. بالإيمان اجتازوا فى البحر الأحمر كما فى اليابسة الأمر الذى لما شرع فيه المصريون غرقوا)) (الرسالة إلى العبرانيين – الإصحاح11) و((فأريد أنْ أذكــّـركم ولو علمتم هذا مرة أنّ الرب بعد ما خلــّـص الشعب من أرض مصر أهلك أيضـًـا الذين لم يؤمنوا)) (رسالة يهوذا – 5) وجاء القرآن ليؤكد على نفس المعنى فقال ((وإذْ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)) (البقرة/50)
ويرى عالم المصريات الكندى (دونالد ريدفورد) أنّ العبرانيين القدامى ، تضرب جذورهم فى ماضيهم البدوى فى قبائل (الشاسو) التى اقترضتْ بشكل شديد الكثافة من الكنعانيين وأشباههم فى سوريا.. ولم تكن إسرائيل أكثر من جماعة بشرية تتحدث اللغة الكنعانية التى تنتمى إلى العائلة الفرعية : السامية الغربية.. أما أسلوبهم (أى الإسرائيليين) فى الحياة وثقافتهم المادية فهما نابعان ومتوطنان فى المشرق ، ولم يتصلوا مطلقــًـا اتصالا مباشرًا فى فترة التكوين من تاريخهم بمصر (مصر وكنعان وإسرائيل - ترجمة بيومى قنديل - المجلس الأعلى للثقافة - رقم598- عام 2004- ص 557) وكتب أنّ مملكة (يهودا) وعلى نحو خاص (إسرائيل) تمتعتا خلال العصر الحديدى الثانى باتصال أشد قربـًـا مع الساحل الفينيقى.. وتكشف الأساليب الفنية والمعمارية بشكل واضح أنّ إسرائيل استعارتْ الموتيفات المصرية من الفينيقيين (ص559)
وبعد المزيد من الشرح وضرب الأمثلة كتب ((وبناءً عليه فليس فى مقدورنا أنْ نــُـقارن البتة بيبن الملكية المصرية وتلك العبرانية ، سواء على مستوى الأصول أو الصيغ أو الأيديولوجية)) (ص560) وحلــّــل ما ورد فى سفر الملوك الأول فرأى أنه ((لا يدخل فى مجال الكتابة التاريخية بل فى مجال الفولكلور (ص567)
وردّ على الذين كتبوا عن التشابه بين الديانة الآتونية التى جاء بها أخناتون (ذلك الفرعون المارق) وبين الموسوية (نسبة إلى موسى) ورأى أنه تخريج سطحى كما فعل سيجموند فرويد فى كتابه (موسى والتوحيد) وانتقد (ريدفورد) الذين كتبوا عن أنّ أخناتون كان معلمًـا لموسى ، لاختلاف الديانتيْن (الآتونية والموسوية) فى الكثير من التوجهات.. فالآتونية تبدو واضحة – فى ضوء المصادر والنصوص التأريخية والمضمون وتسطع فى الشمس، أما (الوحدانية الموسوية) فهى غامضة تظهر ليلا للسائرين كى تــُـضللهم وتأخذهم بعيدًا عن وجهتهم إلى المستنقعات.. ورأى أنّ الربط بين الديانتيْن ((نوع من التلفيق المؤسف الذى لا يزيد ولا ينقص عن تخليط هائل)) وأنّ ما طرحه أخناتون لا ينطوى بحال من الأحوال على (إيمان) فهو عبارة عن بيان ملكى حول علاقة الفرعون بوالده (آتون/ الشمس) أكثر من كونه ديانة للناس.. وعند المقارنة بين الديانتيْن ، نــُـقابل تنافرًا بل تناقضـًـا صارخـًـا، وذلك لأنّ إله أخناتون إله سماوى وشمسى، نتعرف عليه بصفته الضوء وقرص الشمس ، وهو خالق النور، وبالتالى فالنور جوهره وأطلق عليه (رع – حور- آختى) أى الذى يبتهج فى الأفق وفى اسمه النور الكامن والآتى من قرص الشمس. وعلى النقيض من ذلك يـُـبدى الإله العبرى (يهوه) سمات تتعلق بالطقس وب (جهنم) وتلك الكلمة (جهنم) جاءتْ من (جى – هنم ) أى وادى قبيلة (هنم) وفق اسمها العبرى (هامش من المترجم) وذلك نظرًا لارتباط الإله العبرى بصورة وطيدة بالرياح والزلازل والنيران والرعود ، ومثل هذا الإله لا يمكن للنور أنْ يـُـشكل جوهره بحال من الأحوال.. والإله العبرى مفعم بثورة الغضب وروح الانتقام ولديه نزعة لأعمال العنف.. ومن جانب آخر فإنّ قرص الشمس (آتون) ربـًـا (ملكيـًـا) لا (زمنيـًـا) دون أى مآثر. بينما نجد (يهوه) إلهـًـا (بطلا) يبغى النفخ فى انتصارته حتى حدود الاملال. بينما قرص الشمس (آتون) رمزًا رفيع المستوى ، حيث يعد إسقاطــًـا للملكية باتجاه السماء على نطاق عالمى.. وسلطانه يمتد كى يشمل العالم أجمع.. وعلى غرار ما هو ملك يجلس فى عرشه فى السماء ، كذلك يعكس ابنه (أخناتون) ملكية والده على الأرض.. وكل هذا غريب كل الغرابة بالنسبة ل (يهوه) فعندما ارتقتْ (إسرائيل) إلى مستوى المملكة كان من الطبيعى أنْ يشارك الإله القبلى ( العرقى) إلى حد محدود من الرطان والعتاد .
ورغم أنّ أخناتون أبدى طوال حكمه نفورًا مطردًا لأى تصوير يـُـشبـّـه فيه الإله بالحيوان أو الإنسان سواء فى الفن أو الأدب ، فإنه سمح لنفسه بتصوير القرص (آتون) بشكل ينطوى على رمز، حيث أنّ (القرص) يمد خلال هذا الرمز العديد من الأذرع ، وهذا (تجريد) ولكنه مع ذلك (أيقونة) أما فى (إسرائيل) فإنّ توجهاتها معادية للأيقونات فى الديانة العبرية.. كما أنّ الوضع المركزى والرئيسى الذى احتله أخناتون ، ليس له نظير بين الإسرائيليين ، حيث أنّ أخناتون شغل قلب المسرح فى كل منظر فنى رسمه أو نحته النحاتون.. كما أنّ الإله الشمسى (آتون) كان يرمز إلى الرحمة... إلخ وعلى النقيض من ذلك يعد (يهوه) إلى حد كبير، إله (شعبه فقط) وبالتالى فإنّ (الرحمة) لشعبه فقط ، و(القسوة) لعنات على باقى الشعوب.. ولذلك دخل (يهوه) مع شعبه فى علاقة تعاقدية... خاصة أنّ هناك عدة شواهد تؤكد على أنّ (يهوه) كان أحد الآلهة الكنعانية، مثل عملية خلق الرجل من الطين ، والمرأة من أحد ضلوع الرجل (تكوين : 2) وكذلك قصة الفيضان.. وكل ذلك يدخل فى باب الأساطير.
كما أنّ الديانة العبرية التى أنتجتْ الإله (يهوه) كانت ديانة (أبوية) بصورة حادة ، وتــُـفضــّـل الذكور وتهبط بمنزلة الإناث، وكانت عبادته خلوية (من الخلاء) إلى أقصى درجة ، وجرى الحفاظ عليها بصورة شبه (وثنية) فى العصور اللاحقة. أما أخناتون فقد كانت دائرته ((أرقى بلاط فى العالم)) وديانته (وكل آلهة مصر السابقة على " آتون") لم تحتقر المرأة كما فعلتْ الديانة العبرية.. بل إنّ أخناتون (رغم كارثة التوحيد التى خالف فيها صلب الديانة المصرية المؤسسة على التعددية) فإنّ الفن ازدهر فى عهده والفنون فى تلك الفترة مفعمة بنوع من الطاقة الأنثوية.. وكانت النظافة والطهارة من الأمور الثابتة فى مصر القديمة. وخلتْ الشعائر من أية طقوس خشنة.. فى حين فرض المفهوم الخشن لشعب قادم من البرارى أنْ يـُـقيم (يهوه) فى (خيمته) بينما طرح المفهوم المصرى – الأكثر رقيـًـا – فكرة ألاّ يكون للإله بيت أرضى.. بل نقرأ فى البرديات ((السماء بيتك ، معبدك)) وهكذا كان المصرى يترنم .
وعن عبادة بنى إسرائيل ، فمن الصعب العثور- إلاّ على ملامح سطحية متناثرة – هنا وهناك – تــُـذكــّـر المرء بالأعراف التى كانت مُـتبعة فى مصر. فشعيرة تقريب القرابين عند الإسرائيليين ظهرتْ منذ وقت طويل ، حيث أنّ سياقها الصحيح داخل التقاليد الكنعانية التى عرفها العصر البرونزى المتأخر. وقد عرف الآثاريون ذلك بفضل الأدلة التى قدمتها (أوجاريت) ونسب البعض أعيادها بالتقويم الزراعى ، وهذا نوع من شطحات الخيال ، خاصة أنّ العبرانيين لم يستلهموا دورات الأعياد المصرية التى كانت تعتمد على التقويم المصرى / الشمسى، وليس التقويم القمرى.
وعن قصة (الخروج) كما وردتْ فى التوراة ، كتب (ريدفورد) أنّ تلك القصة من أكثر الأحداث البارزة مراوغة فى التاريخ الإسرائيلى.. فمن المفترض – كما يزعم بنو إسرائيل – أنّ الأحداث وقعتْ فى مصر، ومع ذلك لا تذكر المصادر المصرية أى كلمة عن شىء اسمه (الخروج) والرأى العلمى هو أنّ قصة الخروج التوراتية بالغة السذاجة.. وليست أكثر من أسطورة ، خاصة عندما يربط الباحث تلك القصة الأسطورية بمُجمل العداء العبرى لمصر، مثل تحويل النيل إلى دم وتسليط الذبان والبعوض والجراد وذبح الأبكار من المصريين كما ورد فى التوراة (ريدفورد – من ص622- 628)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما مغزى بيع الامتحانات ؟
- النقد العلمى لتأليف التوراة
- هل عمل الخير يحتاج إلى تشجيع ؟
- رد على السيد الأمازيغى التونسى الملحد
- هل سيخرج العرب من التاريخ ؟
- ما مغزى اعتراض الحكومة على حكم لصالح مصر؟
- ما مغزى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ؟
- المملكة العبرانية فى العهد القديم
- العلاقة بين كنعان وإسرائيل
- مصر بين التوراة وعلم المصريات
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (3)
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (2)
- المسرح فى الحضارة المصرية
- لماذا تجاهل جذر الغش المجتمعى ؟
- لماذا يخالف المسلمون النص القرآنى ؟
- هل سنفاجأ بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (1)
- لماذا يكون مدير آثار (مصرى) عبرانى الهوى؟
- دولة بنى أيوب وما فعله صلاح الدين
- رمضان (المصرى) ورمضان (العربى)


المزيد.....




- سفارة الإمارات بإسرائيل تعبر عن حزنها في ذكرى -المحرقة- اليه ...
- رابط نتائج مسابقة شيخ الأزهر بالرقم القومي azhar.eg والجوائز ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عداء بنى إسرائيل لمصر