أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الشخصية الوطنية.....البنية والمفهوم















المزيد.....



الشخصية الوطنية.....البنية والمفهوم


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 20:15
المحور: المجتمع المدني
    


الشخصية الوطنية..........
البنية والمفهوم
محمد طه حسين
بيّنات حول الشخصية
الشخصية اصبحت الآن مفهوم سايكولوجي بأمتياز، يتداولها علماء النفس بشكل محوري واختزلوا فيها الى حدٍ كبير علم النفس، كعلمٍ يدرس السلوك الانساني ويحقق في المنظومة السلوكية والدوافع والنوازع الظاهرة والخفية التي تظهر بفعلها الظاهرة(السلوك).
لم يتفق النفسانيون على تعريف محدد وشامل لهذا المفهوم، كونهم يختلفون في رُؤاهم حوله وكذلك في الجوانب المتعددة التي تُكَوِّنه، لا نجد عالم نفس أو مدرسة نفسية تستوعب هذا المفهوم الدالّ لموجود معين يفكر ويتنبأ ويتوقع ويتحرك ويفرح وييأس وووو......الخ.
نجد في الكثير من المؤلفات السايكولوجية التي تدرس الشخصية تعريفا قد تكون اقربهم الى الشمولية في احتواء هذه المنظومة المعقدة، والتعريف هو: منظومة من الصفات والسماة والاتجاهات أو الخصوصيات الثابتة نسبياً والتي تعطي سلوك الأفراد نوعاً من الدوام والاستمرارية(1).
الشخصية هي تشابك دايناميكي بين الصفات المظهرية الجسمية والسمات النفسية والعقلية، التي تظهر كوحدة متكاملة في حالتها المتماسكة وأدوار مختلفة قد تكون غير متناغمة في حالاتها الفاقدة للأنسجام والنسقية.
عندما تتآلف كل أبعاد الشخصية في فرد معين بصورة متلائمة مع بعضها البعض فأنه(الفرد) في حالة سواء عالية، واللاهارمونية في الأرتباط بين الابعاد تخلُّ بالنظام النسقي للشخصية وتضفي عليها اللاسواء والاختلال.
ولكي تكتمل الصورة نستطيع القول ان للشخصية ثمان جوانب رئيسة، تساعدنا مجتمعة على فهم الطبيعة المعقدة للفرد. الأول، يتأثر الفرد بالجوانب اللاشعورية، وهي القوى التي لا تكون واعية من لحظة الى لحظة. والثاني، يتأثر الفرد بقوى الأنا المعروفة التي تزودنا بحس الهوية أو "الذات". والثالث، الشخص كائن بيولوجي، ذو طبيعة وراثية وبدنية ونفسية ومزاجية فريدة تَطوَّرَ عبر ملايين السنين. والرابع، الناس مشروطون ومكيفون ويتشكلون من الخبرات والبيئات التي تحيط بهم. والخامس، للناس بعد معرفي هو التفكير بالعالم من حولهم وتفسيره بنشاط. والسادس، للفرد مجموعة من السمات والمهارات والاستعدادات النوعية. والسابع، تمتلك المخلوقات البشرية لحياتها بعداً روحياً يرفع من قدرها ويحثُّها على التفكر بمعنى وجودها. والثامن، طبيعة الفرد هي تفاعل متواصل بين الشخص والبيئة. هذه الجوانب مجتمعة تساعدنا على تعريف الشخصية وفهمها(2).
من هنا يتبين لنا بأن الفرد الانساني لا يُثبَت له هويته دون أن تتضح صورة شخصيته لذاته اولاً ومن ثم للآخرين بصفتهم مرايا تنعكس فيها كل هذه الابعاد المشارة اليها ويقر بعد ذلك بأن له ماهية تثبت وجوده ككائن بشري. ان تعقيد الشخصية يتلازم مع لامحدودية العوامل والمتغيرات التي تؤثر في الهرمية البنائية لها، فالفرد يمرُّ بكثير من التحولات البنائية في سيرورة حياته، فالقدرة أو بالأحرى الاستعداد الوراثي للتفكير والتعقلن يجبره بأن يجد مخارج لتصريف الطاقات التي تحركه لسد الحاجات المقلقة والمسببة للتوتر واللاتوازن، الاكتفاء بالعيش مع نفسه لن يشبعه ابداً، انه بحاجة الى الآخرين كي يستمرّ، العيش مع الآخر هو تفتيق الاستعداد الوراثي لتكوين ذات اقوى واكبر وهي الذات الجمعية أو المجتمعية، هذه الذات لن تفارقه الّا بالزوال والموت.
بعض الشئ عن الجماعة
اذن الالتجاء الى الجمع يسلبه بعضاً من الفردية من جانب ويعطيه بعضاً من القدرات لكي يحرك بها الطاقات الكامنة التي هي بحاجة الى مخارج ومنافذ لتصريف بايو وسايكوميكانيكي.
عندما نضفي صفة المنظومة على الشخصية بمعنى هي ماكينة بيونفسية متواصلة مع الأشياء والمعطيات البيئية بكل تصنيفاتها وانواعها، هذا التواصل هو الذي يُكَوِّن ماهيته الفعالة فالانقطاع عن التواصل والاستمرارية يعزله ويسبب له مشاكل ومعانات.
الأفراد حاولوا عبر التأريخ الاقتراب من بعضهم البعض وبالقدر نفسه حاولوا الهروب من بعضهم في كثير من الاحيان، التقارب تشكله مجموعة من العوامل وكذلك الهروب تشجعه مؤثرات وعوامل معينة، كلتا الحالتين تعملان كثنائية قطب تزداد وتنقص مؤشراتهما بفعل الطاقات التي تدعم العوامل الممهدة لهما.
الاقترابات عبر الزمن أفرزت كيانات بشرية ذات وشائج قرابة سواءً في الدم أو الجذور المشتركة وكذلك القواسم التي تَلُمُّهم، وأفرزت ايضاً جغرافيات أثنية ذات صبغات ثقافية منعكسة لسلوكياتهم المتأثرة بالشروط الفيزيكية والقيمية الثقافية المجتمعية المنبنية عليها.
الكيانات البشرية المتآلفة في مجموعات تنامت في كل واحدة منها آليات أو بالأحرى أساليب حياتية تميزها عن المجموعات الاخرى، دايناميكية الانتاج في مقدار وحجم القوة والطاقة دفعتهم الى أخذ مراتب اعلى أو اوطأ في سلَّم الحراك الحضاري ان صح التعبير.
الجسم المجتمعي الذي يحتوي الكلّ يتحرك وفق القوة المنتجة سواءً من الثقافة(المعارف) أو القدرة على القتال أو المال والميراث المادي الرأسمالي. اذن العلاقات بين الافراد وبين المجموعات في هكذا نماذج بشرية ارتسمت الى حد كبير بواسطة التآلف بين الاجزاء المكونة للجسم المجتمعي المتحول الذي يتكون من حيث البناء من ابعاد قد تشبه الابعاد التي لها دور رئيسي في بناء شخصية الافراد والتي أشرنا اليها في بداية هذا البحث والمنقسمة على ثمانية ابعاد.
الجسم المجتمعي منذ بداية اِلتِآمه وعبر المراحل الجمالية لتطوره لم يكن منفصلة عن المكان، فالمكان هو الشرط الاقوى والبعد الاكثر قدرةً وتأثيراً في رسم خارطة المجتمع منذ ان وجدت والى الآن.
اذن الأماكن الذي بحثت عنها المجتمعات هي الضمانة الآمنة للبقاء والعيش والاستمرارية بغض النظر عن التنويعات التي تحولت عبرها أشكال المكان سواءً في (الكلانات- المجموعات صغيرة) البدائية ومن ثم في الاتحادات العشائرية والسلطنات والامبراطوريات الى أن ظهرت النموذج الأحدث وهو الدولة.
شخصية الدولة
كل دولة لها شخصيتها، تتغير هذه الشخصية بفعل التغييرات التي تحصل في الانظمة المجتمعية الممثلة في البُنِيّات الثقافية والسياسية والاقتصادية والفنية والادبية والاجتماعية وقبل كل هذه –الفكرية-، لن تبقى الشخصية على نمط معين طيلة حياتها، فانها مستجيبة سلباً أو ايجاباً للمنبهات أو المثيرات التي تلتقطها من حولها أو من باطنها.
الدولة كنموذج حديث للمؤسسة التي تحوي شعباً تتأسس بوجود شروطها الأساسية منها سايكوسوسيولوجية كاللغة والنظام القيمي والابستيمولوجي والوحدة في السمات التي تشترك فيها العامة من الأفراد والذاكرة الجمعية واللاشعور الجمعي وبعد كل هذه "الشعور الكلي" الذي يجمعهم ويستقوي بعضعهم ببعض.
وفي السرديات القومية للتأريخ تعالج الأمم على انها كيانات تأريخية لها هوية قومية واضحة، تقوم على اللغة والعادات والذاكرة التأريخية. وللأمة أرض"قومية" محددة بجلاء ولها بحكم "قوميتها" حق في اقامة دولة مستقلَّة، والتخلف عن تحقيق هذا الهدف يعزى الى معوقات منها: قيادة ينقصها التصميم أو الأمانة، أو تدني الوعي القومي لدى الشعب نفسه ومعوقات كثيرة اخرى(3).
وهناك شروط فيزيقية، فالعيش وسط معطيات مادية من الجغرافية والمناخية جعل من الافراد يتكيفون مع شروط البيئة ويستجيبون لمؤثراتها سواءً بالمسايرة أو بالتصدي. ومنها انثروبولوجية حيث تؤثر الشروط الطوبوغرافية والكيميائية للمكان في الثقافة وبدورها تؤثر الثقافة الوليدة من هكذا أجواء، في السلوك وبناء منظوماتها.
ومنها روحية حيث لدى كل مجموعة بشرية أنظمتها الخاصة لتفسير الحياة واعطاء المعنى لكل ما يدور حولها ويدغدغ افكارأفرادها ويُحَيّرهم، وهذا يتمثل في الميثولوجيا التي تنتجها والدين الذي تتخذ منه ملاذا.
يشير اندريه سيغفريد في كتابه"روح الشعوب" والذي يعرض فيه السمات السيكولوجية والانثروبولوجية للشعوب، الى ان الشعوب تصطبغ عليهم سمات خاصة مثل: الفرنسية ويحدد لهم سمة(البراعة) واللاتينيين (الواقعية) والانكليز(العناد) والألمان(الانضباط النظامي) والروس(الصوفية) والامريكان(الدينامية)، يستطرد سيغفريد ويقول: ان العوامل التي ساعدت على تكوين سايكولوجية الشعوب اللاتينية كثيرة جداً: منها مناخ البحر الابيض المتوسط، والبنية الجغرافية للبيئة المتوسطية، والتراث العظيم لماض عميق جداً، والتأثير الملموس مباشرة لحضارة روما(4).
هذه هي السمات الاساسية أو كما يقول كوستاف لوبون (سنن نفسية) تتطور بواسطتها الأمم، هذه السمات ليست ظاهرة على كل فرد من أفراد هذه الشعوب بقدر ما انطبعت من أثر العوامل المشارة اليها سابقاً وانها توصف بالثابتة الى حدٍ ما. فالعناد الانكليزي هو الذي دفعهم الى الانجراف وراء ميولهم في الكشف والسيطرة على العالم، والبراعة الفرنسية ظهرت في التحول التأريخي الثوروي من حقبة تأريخية مظلمة الى نور الأنوار والحداثة التي انجبت الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية، والداينامية الامريكية تظهر في التعامل المنفعي مع الظاهرات العالمية والتحول البراغماتي للقيم، والانضباط الألماني يظهر في النمو السريع في كل المجالات والنهوض الأسرع وراء كل نكسة مرت بها ألمانيا والشعب الالماني وهكذا دواليك.
الكثير من الشروط هي المساهمة في بناء شخصية الوطن أو الدولة بمعناها المختزل للوطن، ولكن الأسس المتعارفة عليها والمكمِّلة لها هي(مجموعة من البشر تجمعهم ثقافة وتأريخ مشترك+ اللغة المشتركة+ الأرض التي يشترك فيها الكلّ )، اذا توافرت كل هذه الشروط في اي مجموعة عرقية وثقافية فان من حقها ان تؤسس وطناً معترفا به وسط العالم الذي يحتوي دولاً لها مميزاتها ورموزها التي تميزها.
اننا هنا بصدد مفهوم الشخصية وبالتحديد نقف عند فرضية:
انّ للوطن شخصية.
أن حلَّلنا شخصية الوطن من حيث المعنى الأصطلاحي للشخصية فانها تقترب الى حدٍ ما من القناع persona الذي أخفى الممثلون وجوههم خلفه كي لا يظهروا للناس على ما كانوا عليه، فالقناع كان يسترهم من جهة ومن ثم يخفي المجاهيل الكامنة في بواطن المؤسسة الشخصية من جهة أخرى.
وان حللناها من حيث المعنى السيميولوجي(الدلالي) فانها تتكون من تفاعل ودايناميكية العلاقة بين الصفات الجسمية والسمات النفسية والتي تظهر للعيان كأنها وحدة متماسكة وثابتة نسبياً.
هذين التعريفين أذ اسقطناهما على شخصية "الوطن" الذي يحضن شعباً قد لا نبالغ ولا نبتعد كثيراً عن المضمون الذي يعطي الهوية للكيان المؤطر في وطن ذو ملامح وسمات خاصة.
ولكن اذا طالعنا سايكولوجية الجماهير لدى مؤسس التحليل النفسي سيكموند فرويد والذي خصص جلَّ كتابه هذا للّرد على كوستاف لوبون، فأنه يميز بعض الشيئ بين النمطين من الشخصية(الفردية والجماهيرية أوالوطنية-الجمعية) ويقول فرويد: ان الفرد المنخرط في جمهور يتعرض تحت تأثير هذا الجمهور لتغييرات عميقة تطال نشاطه النفسي، فعاطفيته تتضخم تضخما مسرفاً، بينما يتقلص نشاطه الفكري وينكمش، تضخم الأولى وتقمص الثاني يتمّان باتجاه تماثل كل فرد في الجمهور مع سائر الأفراد، وهذه النتيجة الأخيرة لا سبيل للوصول اليها الّا بالغاء جميع اشكال الكفّ الخاصة بكل فرد وبالعزوف عما هو فردي وخاصّ في نوازع كلٍّ واحد(5).
ويقول هاشم صالح مترجم كتاب سايكولوجية الجماهير لكوستاف لوبون في مقدمة له في الكتاب المذكور : ان نفس المفاهيم والآليات التي وجدها فرويد في اللاوعي الفردي سوف يطبقها على اللاوعي الخاص بالجماعة، وهكذا نجد مصطلح الليبيدو اي الطاقة الشبقية الحيوية التي تتمثل فيها غريزة الحياة، في صلب الموضوع، وكذلك الغرائز الجنسية والعدوانية ومفهوم الأنا والأنا العليا.....الخ. يستطرد هاشم صالح في مقدمته ويقول: مهما يكون من أمر، فأنه من المباح استخدام مناهج علم النفس والتحليل النفسي في دراسة الجماهير بشرط التروي في ذلك وعدم التهور(6).
في اي حال من الأحوال فأن شخصية الشعب التي تمتلأ الوطن تكونت من أثر شخصية الأفراد الذين يضفى عليهم صفة المواطنة في هذا الوطن، وان اختلف كل من فرويد ولوبون حول امتزاج السمات بين الفرد والجمهور المكون لسلطة الدولة في النهاية. غوستاف لوبون يركز على الاختزالية والاسقاط المباشر لصفات الأفراد على الجمهور، ولكن فرويد وان كان لا يعارض هذا التأثير ولكن يقلل من فاعليتها حيث يركز على ان الفرد بكل خصوصياته من العادات والميول والرغبات والغرائز عندما ينضم الى الجماعة يفقد بعضاً من هذه الدوافع والنوازع ويتبع هوى الجماعة ويصبح اقلُّ سيطرة عليها، حيث ان الجمهور من وجهة نظر فرويد اكثر انفعالية واندفاعية.
الأهم هنا هو ان الفرد لديه ميول ورغبات ودوافع وكذلك له سمات نفسية وخصائص مورفولوجية شكلية، والوطن ايضا له كل هذه، ولكن الروح التي بداخل كل منهما تختلف من حيث القوة والقدرة على الحركة، روح الفرد هي وعي الشخص بذاته وتتحدد قوة هذا الروح بمقدار وعيها لهذه الذات، ولكن روح الوطن هي المتشكلة من الأرادة الخاصة التي سلّمها كل فرد الى الكل، وفي النهاية تأطرت في روح عامة وشاملة وهي "الروح العامة" بالمعنى الهيغلي و"روح العرق" بالمعنى اللوبوني، و"الارادة العامة" بالمعنى الروسوي.
يشير سربست نبي في كتابه "المجتمع المدني.....السيرة الفلسفية للمفهوم" الى الآتي: يلاحظ ان معظم المنظرين السياسيين والفلاسفة، من مكيافيللي الى لوك، وجدوا في الدولة مبدأً واَصلاً موحداً للوجود الاجتماعي، ورأوا فيها السلطة العليا التي يمكنها ضبط التناقضات أو التراعات الخاصة التي يحفل بها المجتمع المدني وازالتها. واعتقدوا، بناءً على ذلك ان بوسعها هي وحدها توفير السلم المدني على افضل وجه، وعليه لم يكن محتملاً بالنسبة لهؤلاء اي تمييز ذي اهمية بين الدولة / السلطة السياسية من جهة وبين المجتمع المدني. ان غياب احدهما برأي هوبز يستتبع – منطقياً وواقعياً غياب الآخر وانحلاله، كذلك كان الأمر مع الموسوعيين فالمجتمع المدني لديهم متماه مع الدولة ومنصهر فيها، فقد حدَّدوا الدولة بأنها مجتمع مدني تجتمع فيه كثرة من الناس معاً في ظلِّ تبعية عاهل، للتمتع عن طريق حمايته وعنايته بالأمن والسعادة اللذين يفتقدان في حالة الطبيعة(7).
بناءً على هذه الأفكار النظرية المُبَرهَنة في بلدان ومجتمعات كثيرة، نستطيع أن نجزم بأن ما يحس به الفرد ويشعر ويتحرك وفقه ويتصرف ويفكر ويقرر بموجبه، يفعله الى حدٍ كبيرالمجتمع والسلطة التي تديره ايضاً، فالجسم المجتمعي هو الباني للوطن الذي تلزمه المعطيات الحياتية بمدِّ الجسور للغير والآخر وايجاد العلاقات البينمجتمعية والدولية كي يتحرك ويشارك في منظومات العلاقات الدولية والبينثقافية في العالم.
فالفرد كي يبقى كائنا مقبولاً اجتماعياً فأنه يوظف طاقاته وينظم قدراته لبناء شبكة علاقات تضمن له الفعالية والسواء والنجاح في حياته، وتؤمِّن له ايضاً نغمية البقاء ضمن الحراك والتواصل الاجتماعي.
• للفرد رأس، والوطن له رأس ...
• للفرد أطراف، والوطن له اطراف...
• للفرد يدٌ، والوطن له أيادٍ.....
• الفرد يحس ويشعر، الوطن يحس ويشعر ايضا....
• الفرد يفكر، والوطن يفكر....
• الفرد يتهيج وينفعل، الوطن يتهيج وينفعل ايضا...
• للفرد رأيٌ، والوطن له آراء ايضاً....
• الفرد يكوِّن علاقات بينشخصية، الوطن له علاقات دولية وبينثقافية ايضاً...
• للفرد سمات الاستقامة والصدق والمرونة والبساطة والانفتاح والانغلاق والصلابة والشجاعة والجبن والخجل وآليات النكوص والهروب والكذب والكبت والقمع، الوطن له كل هذه السمات والآليات الدفاعية النفسية ايضاً....
• للفرد منظومة قيمية وأخلاقية تضبط له السلوك وتعطيه الأيقاعات وفق شروطها، للوطن ايضاً كل هذه...
• للفرد روح متجسدةٌ في الوعي والعقل والانفعالات بنوعيها الباعثة على الأفراح والأتراح، للوطن روحٌ ايضاً تظهر من خلال تفاعلاته اي (تفاعلات الوطن) مع داخله وخارجه...
اذن كلا الكائنين (الفرد والوطن) لديهما شخصية تنعكس تجلياتها بفعل التأثير والتأثر في بعضهما البعض. فالدولة التي هي المؤسسة الأدارية للوطن الذي يضم الشعب، هي ظاهرة حديثة ناتجة عن الانبعاث الفكري والعقلي للأنوار ومن ثم تَرجَّلت أكثر استقامة في زمن الحداثة في الفكر الأوروبي الغربي. على الرغم من وضوح ملامح الوطن من خلال الاتحادات المتنوعة بين أفراده، سواءً أكانت قبلية وعشائرية أو طائفية أو امبراطورية، فأنَّ الدولة الحديثة الناتجة عن نموّ الفكر القومي والوطني تلزم لبقائها شروط بنيوية غير قابلة للرضوخ لنزوات وشهوات الأفراد الذين أعطيت لهم السلطات أو سيطروا عليها.
شخصية المواطن
فالمدنية وبناء مؤسساتها الدستورية تجد من الوصول بالفرد الى مواطنٍ يشعر بأنه يملك نفسه ويحق له التباهي بالبلد، من الضرورات التي لا يمكن المساومة عليها. المواطن ايضاً هو مفهوم حديث ظهر كفاعل مؤثر وجُزَيئة بنيوية تستقر في البنيان التأسيسي للدولة والوطن اِن استُخِفَّت بها فالمجتمع يفقد صوابه ويختل توازناته السوسيولوجية والسايكولوجية.
المواطن لم يكن موجوداً من قبل وفي العصور الكلاسيكية في التأريخ البشري على اختلاف ملكياته(ملكية التأريخ)، المواطن هو الغارق في الكل والممسوخ الى حد الخرفان، انه ضاع في الجماعة كما رآه كيركغورد وهيغل وهيدغر وفروم، لا يمثل ارادته بقدر ما يذوب في ارادة الكل المجتمعي حيث تصرف به كائن ذو هيبة وهيمنة وصل بنفسه حد التأله والقداسة.
المواطن بالمعنى الحديث هو الفرد الذي يملك فرديته، ينطلق نحو الآخر المجتمعي من اعماق وجوده الذاتي النشط. بهذا المعنى فالمجتمع الحديث الذي يشكل الدولة الحديثة هو جسمٌ حيٌّ يشعر بفردانية مواطنيه وينمو جدلياً بتأثير الحرية والشعور المدني الجديد.
نرجع الى كتاب الدكتور سربست نبي"المجتمع المدني ......السيرة الفلسفية للمفهوم" حيث يشير الى اهم الآراء السديدة حول المدنية والمواطن في الفكر الفلسفي الحديث ويقول: -
فنحن حينما نتحدث عن المواطن وحقوقه، انما نعني بذلك في أحد الأوجه، أنسنة المجتمع السياسي، وحينما نعدّ وجود المجتمع المدني دائرة لممارسة الحقوق الطبيعية للأنسان، انما نعترف بطريقة اخرى بأن الشرعية السياسية للدولة هي ما يجب ان تؤسس عليها وتستمد منها. ومع ذلك ينبغي رسم حد واضح بين الانسان والمواطن، وان كانا لا ينفصلان، والاقرار بذلك حتى نضمن استقلال المجتمع المدني وتمايزه عن الدولة. وهذا الشرط هو الذي يضمن لي على الاقل الحد من تعسف السلطة السياسية واستبدادها. يسترسل نبي ويشير الى الاخلاق الليبرالية حول الملكية للجسد ويقول: بأني مالك لجسدي الخاص، يعني بناء تصور للأنسان، لكرامته، كما يعني جعل المالك شخصاً اخلاقياً: انه التعرف في هذه (الأنا) على شخص اخلاقي، فبما أن الملكية تعرِّفني بوصفي (أنا)، فهي تعرف في الوقت عينه كل البشر بوصفهم ملاكين، اي بوصفهم اشخاصاً. فنحن اذن امام مجتمع اشخاص اخلاقيين يساوي فيه كل شخص اي شخص آخر(8).
عند هذا الحد نقدر على الاقرار بصواب فرضيتنا حول ملكية الدولة والوطن لذواتهما (كلازم وملزوم) لبعضهما البعض، وبأن لهما شخصية تقاس بمعايير عقلانية حديثة. قوة وضعف هذه الشخصية أو بالأحرى سوائها ولا سوائها مرتبطة بمدى فاعليتها وانسجامها مع نفسها والآخرين والعالم خارجها.
الدولة تنهك وتمرض كما ينهك ويمرض اي فردٍ من الأفراد، انها تولد عبر سيرورة جدلية، وتكبرعلى تنشئة قيمية وأخلاقية ومن ثم تعقد قرانها مع مواطنيها، تتضمن العقد هذا مبادئ وخطاطات معرفية عقلانية وسلوكية، ان ضبطت بشكل متوازن تبقى الدولة سوياً حياً تعي ما تريد وما يريده العالم، وان ساء سلوك من يحركونها فأنها تختلّ في توازنها مع الداخل وكذلك مع الخارج وبذلك تنهك يوماً بعد يوم وتمرض الى ان تفقد قدراتها وتهرم وتشيخ وبعد كل هذا كما يقول أزوالد شبنغلر في كتابه "انحدار الغرب" تموت.
شخصية الدولة في حالة حراك دائمي مع العالم انها ظاهرة تعيش في العالم الحاضر بكل الابعاد التي تقاس بها الحياة، عليها ان تستجيب لكلّ المثيرات التي تقع عليها وتراها بانها تخصّها، وتستغفل اخرى التي لا تمت لها بصلة. الدولة كائن (تنيني) ضخم تهضم الكلّ، ولكن لا تُغيِّر من رصانة الافراد ولا تطحنهم على الطريقة الاسطورية، انها تعطي لهيبتها قيمة وكبرياء ان استخفت بقيمة افرادها المواطنين وبكبريائهم تُخفّف عليهم ظلها وتستخف بوجودها والحالة هذه تنخرها الى أن تسقط.
السلطة وادارة الدولة
الدولة التي لا تشعر بآلامها ولا تحس بأن أصل الطاقة والقوة التي بحوزتها هي من الكائنات التي بداخلها، ومن الاعضاء التي تدير سيرورة صحتها، انها فاقدة للشعور والحس والادراك، انها اخدرت جسدها وروحها وأُدمِنت على تغييب الوعي.
الأفراد الذين بحوزتهم هيبة الدولة وشخصيتها ان كانوا من النمط السلطوي والقاهر للآخرين، فانهم يأكلون ويلتهمون بنية الدولة الى ان تشلّ عن الحركة، وان كانوا صُنعوا لكي يمارسون السلطة كوظيفة اخلاقية القيت على عاتقهم من خلال آليات ديموقراطية وانسانية فانها تبقى متوافقا مع ذاتها العليا ومع العالم باستمرار وهي السليمة بامتياز.
السلطوية في ادارة شخصية الوطن والتمسك بلجامها ومفاصل حياتها المعنوية والهيكلية هي عصابٌ نرجسيٌّ وحالة أنويّة قاتلة لوجود روح الوطن العالية والمتجلية في استقلاليتها وسط كيانات ثقافية أخرى التي تربطها معهم علاقات ضرورية بينثقافية تضمن الحراك الطبيعي لوجود الوطن.
في عام 1950 تشكلت في الولايات المتحدة الأمريكية لجنة علمية برئاسة تيودور أدورنو لدراسة "الشخصية المستبدة" وقد انتهت الى ان الاستبداد ظاهرة تعويضية، قالت ان الشخصية المستبدة تتوفر بشكل عام في الأشخاص فاقدي الثقة بأنفسهم، الذين لم ينجحوا ابداً في تكوين شخصياتهم تكويناً متكاملاً مستقراً يدفعهم هذا النقص الذي يعرفونه من انفسهم الى محاولة تعويضه في العالم الخارجي، ويصبح فرض الاستقرار على الوضع الاجتماعي القائم هو التعويض عن عدم استقرار شخصياتهم، ويؤدي كل هذا الى نزوع عدواني مختلط بكراهية ضد كل من لا يوافقهم(9).
الوعي بالذات ان غاب لدى رأس الوطن أو الدولة فالتشوش الادراكي يعمُّ الجسد الكلّي، عندما لا يعي الفرد ذاته ولا يرى بأن هذه الذات متكونة من أثر تراكمات الخبرة مضافة على القوى الغريزية التي تدفع بالفرد الى البحث لها في حالة الاشباع، فان الأنانية تنمو بشكل مفرط وتجعل من ذات الفرد وصورتها الجسدية موضوعا اكثر أهمية بل قداسة من الوطن الذي فيه تسكن الملايين من الذوات المتساوية معه في الحقوق.
يصل ايغور كون في دراسة له حول الشخصية السلطوية والتي نشرها في كتاب "وعي الذات.... دراسة حول تطور الشخصية" الى ان السلطويين يتسمون بالسمات والاخلاقيات التالية: الخضوع السلطوي للآخر الاقوى، العدوانية، التشكيك، تحقير الناس، الموقف السلبي تجاه العواطف، الرمزيات الحسية، التفكير احادي الاتجاه، الصلابة، التماثل مع الشخصيات السلطوية، التخريب والتفاهة، السعي الى الأقلال من مكانة الناس، التخوف اي الموقف الحذر تجاه العالم والتوجه نحو تكوين دوافعهم المضغوطة الذاتية من الخارج ونسبها الى شخص آخر. انه يتميز بضيق الأفق الذي يدفع بالشخصية الى ادراك العالم المحيط في حالته العادية كشيئ ثابت الى مدى بعيد(10).
اذا وعى السلطوي بان السمات تلك هي التي يملكها فانه يحمل فلسفة أو اسلوب حياتي لا يتفق نهائياً مع متطلبات الدولة والمجتمع الحديث، عليه ان يرضخ لحاجات العصر وينآى بنفسه جانباً الى ان يفهم بان الذات الجمعية أو بالأحرى ذات الوطن تتطلب عقلية متفتحة على الخبرات والمعطيات الجديدة التي تحرك العالم الآن. واذا لا يعي بانه من النمط السلطوي ويدعي العكس ولكن الممارسة تظهر الاختلال الذاتوي، فانه مختل شخصياً وتنعكس هذا الاختلال في توازنات الدولة من حيث السياسات المتنوعة.
يقول كوستاف لوبون في كتابه"السنن النفسية لتطور الأمم" : يمنح الثبات في الروح القومية للأمة قوة عظيمة، ولكنه قد يصبح شؤماً عليها اذا ما استقرَّ كثيراً فيها، فالأمم التي لا تقدر على ملائمة مقتضيات العيش الجديدة تنحطُّ لعدم المرونة. ومن الطبيعي ان تتضمن الملائمة اكتساب افكارٍ جديدة، ومن ثم طبائع جديدة، والتحولات التي تنشأ على هذا الوجه لا تدوم الّا اذا ثبتت مادامت وليدة تقلبات البيئة، والكلّ يعلم درجة انزواء الشخصيات التي صدرت عن الروايات الثورية الفاجعة، فلمّا هدأت تلك الزوبعة لم يلبث أولئك الذين نعتتهم الأسطورة بالجبابرة لِما اقترفوه من اقسى انواع القتل نصراً لغرضهم. يسترسل لوبون ويزيد قولاً: لا حياة لنا بغير محالفات متينة في الخارج وسلم ثابتة في الداخل، لا يدوم اي مجتمع ولا يستمر في الهناء ما لا يتمتع بالسلم الداخلي(11).
ما تطرق فيه لوبون هي حقائق سايكومجتمعية على الدولة ان تعيها قبل الافراد، هو يرى بأن المجتمع يتنفس من خلال روح الجماعة، وهذه الروح تجب ان تعي ذاتها وتنطلق على اساس الوعي بالذات هذا نحو الألتقاء والتغيير والتواصل والتحول، لا أن تبقى ثابتاً وتجد في الثبات استقامة وصلابة ضد التهديدات التي تحط من وجودها.
وعي الذات لدى السلطة الممثلة في شخص سياسي الذي يدير الدولة والوطن ينبعث اساساً من التربية القيمية والسياسية التي تربى عليها، أو من الفلسفة الحياتية التي يؤمن بها ويسعى وبمراعات الأرضيات ان يرسخ بنيانها كي تتماهى الحركة من حيث الافقية والعمودية مع حركة العالم المحيط.
التوجه السايكولوجي نحو الباطن الذاتي والتعثر من اغلال النزوات والشهوات السلطوية، يغيب الفرد عن الخارج ويسكنه في نرجسيته وهذا هو الكارثة الفعلية لأن الشخصية السياسية تفقد بهذه الألتفاتات الداخلية توازنها، وكذلك السيطرة على الدوافع الذاتية لها وما عقد عليه الشعب من آمال عليه.
يقول بليخانوف في كتابه "دور الفرد في التأريخ" : (اذا وضعنا المزايا الشخصية في حَيِّزِها الصحيح نجد ان السلطة مستمدةً من طبيعة شكل الدولة أو العلاقات الاجتماعية بما فيها العلاقة بين الجماهير والرجل الذي تسلم مقاليد تصريف الامور، فالدولة هي قمة الهرم في البيئة الفوقية والقائد أو الملك أو الزعيم الذي يتسنم ذروتها أو ذرة الشكل الجديد للسلطة يجسد ذاتياً وموضوعياً الشكل القائم أو المنشود من العلاقات وهي علاقات موضوعية وبُناها بنىً أساسية. والسلطة على صعيد المفهوم التجريبي لا تعدو كونها علاقة تبعية بين ارادة شخص أو اشخاص يفصحون عنها وتنفيذ هذه الارادة من قبل اناس آخرين، وحتى تنفذ هذه الارادة يقتضي الامر ان يعبر هذا الشخص البارز أو ذاك، بارادته، عن أمرٍ قابل للتنفيذ وان يعرف مسبقاً ما هو ممكن وما هو مستحيل فضلا عن مراعاته جزئيات وتفاصيل لا حصر لها. يسترسل بليخانوف ويضيف: ان الشخص البارز يدخل نفسه في حلبة الحادث التأريخي بحكم ما له من سلطة فهو آمر ومشارك والعلاقة بين الآمر والمأمور هي ما تمكن تسميته بالسلطة المعبر عنها بالدولة بكل ما تحتمله هذه الكلمة من مضامين ومعاني(12).
مفاهيم السلطة والذات والارادة والعلاقات الاجتماعية التي بداخل هذه الفقرة لبليخانوف هي نفسية واستخلصت اساساً من البنيان السايكولوجي الذي تقوم عليه شخصية الأفراد، ولهذا الأقرب لِمَن في السلطة هو النفس البشرية والنفوس التي اعطت خيرة ما تملكها وهي الارادة الى الشخص القائد أو الزعيم.
القائد أو من يمثل سلطة ادارة الدولة يجب ان يمتاز بصفات قيادية متبلورة في شخصيته من أثر تراكمات الخبرة المعرفية حيال كيفية التصرف والمسك بزمام الامور واطلاق الاحكام واتخاذ القرارات التي تهم الكل المجتمعي. فالشخصية التي تدير السلطة تمثل كائناً اكبر وأقوى وهو جسد الشعب كما يقول مُلهم الديموقراطية الأنكليزية جون لوك، سيادة هذا الهرم السلطوي مختزلة في هذه الشخصية، بمعنى اوضح انها الدولة وعقلها يقتضي ان يتحرك وفق شروط أوفر وأوسع من شروط وجود شخص لا يمثل الّا ذاته.
لا يقر النفسانيون ابداً بأن المكانة التي يصل اليها الفرد وهو يدخل الشأن العام تضمن للكلّ ان من في السلطة يتجرد عن خصوصياته وسماته الفردية والشخصية، فالذاتوية احتلّت معظم فقرات الزمن في التأريخ البشري، والفروق الفردية بين السلطويين في التأريخ موجودة، هناك من عَبَّروا عن نوازعهم وغرائزهم العدوانية ولم يراع ابداً الحاجات المجتمعية وقضايا التكافؤ الانسانية، وهناك من عملوا بعض الشيئ يمت الى العدالة وحب الناس، وكذلك اسالوا دماء بنو جلداتهم والأغراب ايضاً في أحيان اخرى.
الذاتية لم تقف عند التنوير في الفكر الاوربي ولا عند الحداثة في القرنين التاسع عشر والعشرين وحتى القرن الواحد والعشرين، الذاتية ليس بالمعنى الوجودي للمفهوم حيث انها هي الأصل، بل بالمعنى النرجسي والأناني الذي يتمحور السلطوي حول ذاته ويعشق هذه الذات ويفقد بذلك الاحساس بالآخر والشعور به، وهذا هو أصل المرض الذي يصيب به البلد والوطن وتصهر بفعل طغيان السلطة الثقة بين الرؤساء والقاعدة الجماهيرية للدولة، والثقة عندما تتتهرأ على حدّ قول جوليان روتر** تتمزق اطياف النسيج الاجتماعي ولم يعد هناك مجتمع أو دولة بقدر ما يأخذ الجمع صفة الحشد والقطيع.
فقدان النسقية والتنظيم في ادارة الدولة لا يعني غير ما يعنيه اللاعقلانية والسير وراء هوسية السلطة للقادة والاشخاص المتمسكين بالسلطة. العقلانية تعني التنظيم والتنسيق، تنظيم الاشياء والأهواء والنوازع والقوى الغريزية التي تحرك البشر، يُعتبر فرويد من مؤسسي العقلانية بالمعنى السايكولوجي للمفهوم، فالمعنى هذا هو الأقرب الى النفوس كون الحالة التي تنظم الأمور بين القوتين اللاعقلانيتين(الغرائز و المثل) هي قوة العقل الممثلة في (الأنا-Ego)، هذا ما نجده في معظم كتابات فرويد واستنتاجاته التي ادرجها في دراساته وكتبه. ولكن عندما يترهل جسد السلطة ومفاصل ادارة الدولة بمعنى السير وراء الأهواء والاستغراق في اللاعقلانية التي تتجسد في نوع من عقد القران بين الهو والأنا الأعلى والعقد هذا يولد منه المغالات في تنفيذ الاحكام واللاأبالية والتمادي على الحقوق، ويستمد قوته من الارهاب بأنواعه.
تقول هانا ارندت Hannah Arendt: تتفق كل النظريات السياسية المتعلقة بالطغيان على انه ينتمي الى انواع الحكم القائمة على المساواة بالمعنى الدقيق، فالطاغية هو الحاكم الذي يحكم كواحد ضد الجميع و(الجميع) الذين يضطهدهم متساوون،اي انهم جميعأ بلا قوة، واذا تمسّكنا بصورة الهرم، فكأننا بالطبقات الواقعة بين القمة والقاعدة قد اُتلفت جميعها، بحيث تبقى القمة معلّقة، لا يدعمها سوى الخراب التي اصبحت مضرب المثل، فوق كتلة من الأفراد المعزولين عزلاً محكماً والمنحلّين والمتساوين تمام المساوات(13).
هناك فروق بيّنة بين الطاغية والتسلطي، فالطاغية يتصرف كما يهوي ويميل دون الاعتبار لشيئ، ولكن التسلطي يقنِّن ما يَسلُكَه بقوانين ودستور الى أن يصل الى الوكالة الألاهية. الطاغية يعتبر نفسه اِلاهاً، ولكن التسلطي لا يتمادى بهذا الشكل بل يكتفي بكونه وكيلاً فقط(14).
لا يهمنا هنا غير الحالة النفسية لكلتا السلطتين، فالدولة الحديثة لا تدار لا بهذا ولا ذاك، ولا تقدر ان تستمر مؤتمناً على ارادة المواطنين الى النهاية، سايكولوجية الفرد من كلا النمطين السلطويين مليئة بانحرافات نفسية تصل حدّ العصاب والمرض النفسي والشخصي السايكوباثي، ان من يتباهى بالسلطة ويحتكرها ويطال التلذذ بها، لا يصلح ان يبقى متسنماً السلطة التي هي ارادة الشعب والوطن، الشخصية من هذا النوع تؤثر في الوجود الحقيقي للمجتمع والوطن، عندما نركز على مفهوم الوطن هنا في هذه الدراسة لا نقصد غير التجسُّد الفيزيكي للشعب، الذي من الممكن بل البديهي ان جاز القول ان يهترئ بفعل انحلال شخصية السلطة الممثلة في فرد معين، وهذا ما يشهد لها التأريخ والامثلة كثيرة( الألمان بعد الحربين العالميتين تمزقت اراضيها بين نفوذ السوفيت السابقة والمتحالفين)، و(العراق بعد حرب الكويت حيث الحقت عشرات الكيلومترات من اراضيه بالكويت) وهلم جرا.
اذن يظهر من خلال هذا التحقيق النظري ان فرضية وجود شخصية للدولة- الوطن، هي صحيحة، ولكن يبرز تساؤلاً ثانياً وهو:
هل الوطن الذي عشنا فيه قرابة قرن"العراق" له شخصية
دولة العراق أسست في الربع الأول من القرن الماضي، صحيح ان الأرض كانت موجودة والناس الذين عاشوا عليها هم كانوا ولا يزال ينتمون فطرياً الى هذه الأرض، ولكن الكيان والوحدة السياسية التي تأسست في 1920 لم تلد من خلال عقد اجتماعي وارادة مجتمعية واسعة أو نتيجة ثورة جماهيرية شاملة ومتكاتفة ترى من الضرورة بناء دولة تضم كل هذه التنويعات الموزائيكية التي نستطيع ان نطلق عليها "اعقد التكوينات السياسية في العالم" حيث تضم متناقضات جداً متنافرة مع بعضها البعض من الدينية والمذهبية والقومية.
فالتوزيع القومي كان هو الأبسط والاسهل رضوخاً لقبول دولة مدنية تعيش فيها قوميات مختلفة ولكن المذاهب المتنافرة من بعضها وخصوصاً (الشيعة والسنة) من الصعوبة مزج ارادتهما الحرة في الحياة ضمن كيان سياسي، حيث الخصومة العقائدية والمنظور الديني لكلٍّ منهم تجاه الآخر هو نظرة أِلغائية واقصائية ولم ترهم طوال الف واربعمائة عام صيغة من العيش تجمعهم وتؤمِّن لهم حياةً سعيدة.
القوميات عبر التأريخ عاشت مع بعضها البعض وان كانت الأقوى والسائدة فرضت نفسها على الآخرين واصطبغت وتلونت الدولة بلونهم الثقافي، ولكن الايديولوجيات والأفكار القومية كانت من الأسهل لهم ايجاد نقاط مشتركة كون المنهل الفكري للقومية هو الأصل والجذر وليس العقيدة بدين معين أو مذهب من المذاهب.
الزمن الرافديني طوال هذه المدة كان زمناً دينياً ممتلاً بالصراعات القاتلة، والاثبات الوجودي لكل دين أو مذهب هو من خلال قدرة السيطرة على الآخر المتناقض، ولكن الأقوام استطاعت تحت نير الأمبراطوريات ان تبعد خطر الكره الأزلي على وجودها.
هنا لسنا بصدد الغور في التأريخ القديم، فقط تأريخ الدولة العراقية يكفينا لكي نؤسس عليه هذا التساءل الذي نحن بصدده وهو احتمالية وجود شخصية سياسية واجتماعية وثقافية لهذه الدولة!.
تشكيل دولة العراق لم يكن على أساس عقد بين المكونات الأساسية الموجودة على هذه الأرض، لم نرَ طوال هذه المدة التي أمضاها تيارات مختلفة في الحكم استقراراً سياسياً والذي ينتج عنه دائماً الاستقرار السيكولوجي والاجتماعي ولو نسبياً. مائة عام ليست بقليلة لأنجاح محاولات تشكيل شخصية للوطن، ليست قليلة لتكوين تقليد راسخ لسلوك سياسي ونمط معين للحكم قابل للنمو والتطور، ليست كل هذه المدة قليلة كي تبنى في العراق روح انتماء تربطنا سيكولوجياً ببعض وتقوي لدينا الشعور الجمعي الضامن لقداسة المكان ان صح التعبير، فالمكان هو المقدس الأول لأننا من نبتاته وحتى جسدنا نَما من كيميائيته، وان مُتنا فنتحلّل فيه.
المكان السائل، الذي اسميناه منذ ما يقارب قرن من الزمان بالوطن يتلازج باستمرار ولا يستقر في حالة سكون فيزيائي، كيف اذن تسكن فيه الأرواح؟، الزمن الصلب الذي عشنا فيه كل هذه المدة لم نحس ابداً بأننا كائنات تسري فينا هذه الروح النشطة الفعالة التي تؤدي بنا في النهاية الى موجود انساني متكامل يشعر وجوده بنشاطاته وأعماله التي هي تقوي لديه هويته الانسانية أولاً ومن ثم الوطنية ثانياً، جاءت الارتباطات قسراً ومن الضعف المشترك كما يقول تزفيتان تودوروف في كتاب"الحياة المشتركة"***.
مَن حسَّ وشَعَر بشكل أقوى يوماً من الأيام بأنتمائه للعراق هو العرب السنة لأن زعمائهم القوميين منذ تأسيس الدولة العراقية هم على رأس السلطة وهم من سيطروا على العراق بالكامل، الأنتماء القومي السني للعراق جاء نتيجة الغلبة في انتاج القوة التي نالوها من خلال التوازنات الجيوستراتيجية في المنطقة وليست بفعل التعاقدات الديموقراطية وحتى الكلاسيكية لتوزيع الأدوار.
تأسيس العراق هو قرار دولي في حينه وقرار ايضاً بأن تبقى القوميين السنَّة مسيطرون عليه، العراق التقليدي هو القومي العربي السني، صحيح ان الدستور يشير الى وجود القومية الكوردية ولكن الدولة تشكلت عربياً وعاشت كذلك الى سقوط صدام حسين.
اذا كانت شخصية الدولة ترتبط بشخصية افرادها مثلما يراها هانا ارندت وآخرون وتتشكل عبر تعاقداتها كما يراها المحدثون في الفكر السياسي (ماكس فيبر وهابرماس وتورين وهنتنكتون.....وآخرون)، واذا كانت العقلانية في الفكر السايكولوجي اصرت على ان السلطة هي من اكثر النوازع البشرية حساسية ويجب ان لا يمارسها الأفراد بوحدهم دون الرجوع الى الدساتير والقوانين، وفي مقدمتهم سيكموند فرويد. واذا كانت علماء الاجتماع الكلاسيكيين والجدد يصرون على ان الجسم المجتمعي لا ينمو جدلياً الاّ اذا كانت هناك نوعاً من النسقية والتنظيم في تشكيله،
واذا كان منظروا الديمقراطية منذ انطلاقة الحداثة والى الآن يلحون بأن الديمقراطية هي من افضل انواع النظم لحكم الدولة والمجتمع وهي منظومة قيمية تدفع بسلوك الأفراد ان يترجموها في السلوك والحراك المجتمعي.
اذا كان كل هذه هي من شكّلت الأطار الفكري للشخصية التي تدعي الديموقراطية وحقوق الانسان والمساوات ان كان زيفاً أو صواباً، فلِمَ لم نرَ طوال قرن من الزمان سلوكا سياسياً معبراً عن الحداثة التي هي بالأصل هي المبدعة لفكرة الدولة، والعيش ضمن كيان يدار بنسبة معينة بمشيئة مواطنيه!؟.
الشخصية الوطنية لا تنبني بتمنيات ولا بتأملات شاعرية ولا بكتابات سياسية ذات آفاق تكتيكية آنية ولا بمشاعر حنينية رومانسية ولا بترهيمات ميكانيكية ولا بمشاجرات ولكمات بهلوانية وفي النهاية ولا بقرارات سياسية.
الوطن كمكان للأمتداد الوجودي للبشر الذين في طريقهم أن ينالوا صفة المواطنة عليه، هو كالبيت يجب أن يمتزج بالارواح وفي النهاية يصبح حالة روحية كما يؤكدها باشلار في (جماليات المكان****) ومحطة استراحة وأمان لهذه الأرواح حيث نسكنها نفسياً وروحياً.
بعد أن ظهرت الدولة العراقية الى نهاية الخمسينيات كانت الظروف أكثر مناسبة لتربية أجيال سياسيأ وثقافياً على عقلية القبول للآخر وكانت التحولات العالمية بوجود صراعات قاسية بين الأقطاب الغربية والشرقية مساعدة أكثر كون المعسكرين الرأسمالي والشيوعي هما تدعمان الانفتاح على الحياة أكثر من القوى القومية العمياء التي تطرفت في ترجمة معطيات الحداثة وسلوكياتها الى الواقع المعاش، التطرف القومي العربي والتركي والفارسي أساء للفكر القومي الذي أفرزه ضرورة بناء الدولة.
التمسك بمحورية الأصل القومي والتباهي بالفاشيين والنازيين والراسستيين أغفلهم عن توظيف القدرات القومية في تحرير الفرد من أغلال الرجعية والعقلية الماضوية التي في طريقها الى القداسة كالاديان والمذاهب.
خطت الذهنية القومية الكوردية ايضاً منذ بروزها خطوات خارجة عن الايقاع القومي الحداثوي حيث استقوت بنمذجة القوى الأقليمية وبتبجحاتها النضالية العسكرية أكثر من التركيز على التربية السياسية وتهيئة العقول لمسايرة العالم المتحضر. الحل القومي للمشكلة الكوردية بهذه الطريقة المحاكاتية، كالحلول الأخرى من الشيوعية والدينية فشلت في ايصال الفرد الى التنوير العقلي، بل على العكس اغتُنِمَت فرص التحولات لأستلابه أكثر وانشغاله بأيقونات بديلة لا ترتفع اعلى من الايقونات البالية البائدة.
الشخصية الكوردية لا تزال تتقمص شخصيات غير كردية وهذا هو دليل التخبط الفكري وعدم النضوج العقلي للفرد، الثورات الكوردية قليلاً ما كانت تهمها المشاريع البنائية لهذه الشخصية بقدر ما تهمها صوت الطلقات وتصفية عناصر الاعداء. ادارة الصراعات في الظرف الحالي لا تدار بالانفعالات الثورية التي لم يتعدّ الحالة النفسية الى اليوم، بناء الوطن يقتضي الأمن النفسي للأفراد والسلّم الداخلي للمجتمع، بقاء الوضع في الصراعات والتجاذبات النزعوية لا يضمن نجاح مشروع بناء الدولة التي هي بالأساس مسكن للأرواح الفاعلة.
البديل الصوتي والشفهي للأنظمة الديكتاتورية والرجعية هو دائما النظام الديمقراطي والمشاركة المنصفة في الحكم والحياة السياسية، ولكن التظاهر بايقونات الخيال القومي جعلهم يرسمون المستقبل على شاكلة المدن الفاضلة.
الشخصية القومية الكوردية( القومية بالمعنى الأنساني والانثروبولوجي لا بالمعاني الراسستية للقرن العشرين)، غدت شخصية لا منتمية لأرض اسمها كردستان ولنفسها ايضاً. الاغتراب عن الذات تجذر في سايكولوجية الفرد الكوردي، الذات الكوردية لم تكن يوماً هدفاً لأي مشروع بنائي قومي، التفكير بقصد اعلاء الروح الكوردية وتفعيلها وتحريرها من أغلال الماضوية غائب وان كان الجهور بأنقاذها عالٍ صوتياً.
حضور الماضي النفسي والاجتماعي في الحاضر اصبح استراتيجية لكلّ المراكز السلطوية في كردستان، استراتيجية الطاعة والخضوع لا تخدم (الآن) ظاهراتياً، انها تخدم الاستبدادية واحتكار السلطة وتبقي الخِبل العقلي السياسي على شاكلته.
العراق الذي نحن فيه الآن يمتلئ بهكذا شخصيات غير منتمية اصلاً لا للوطن ولا للدولة فحسب بل لذواتها ايضاً. عندما يفقد الفرد ذاته ولا يعرف هل ان الحرية احلى أم الأستلاب؟! فالوطن والدولة لا تعني بالنسبة له غير واحة أو غابة يعيش فيها تحت رحمة الأقوى.
شخصية العراق منشطرة وفصامية بل اصبحت متعددة الشخصيات والتمثيل، الانتماءات الموجودة في هذا البلد هي قبل مدنية بأمتياز ولا تمت بالمستويات التي وصلت اليها العقول المنفتحة بعلاقة. ادارة الجسد الوطني ليست مؤممة ولا وطنية، تمادت الايادي الخارجية في باطن الدولة والحروب تدار بالوكالة لأطراف النزاع على الهيمنة والنفوذ.
الرأس الذي من المفروض ان يفكر ويمثل الدولة مصاب بشلل سياسي حيث ظهرت رؤوس معدودة كل رأس يعتبر نفسه هو الشرعي وصاحب العراق الذي يصفونه الى الآن بالعظيم.
الجسد ممزق كأنه متهرأ وعفن يكاد يهشّ تماماً، الاطراف ليست بمقدورها الاقدام ولا حتى الاحجام نحو اية صغيرة وكبيرة. اذا كان الحال هكذا، فكيف يستلزم على الفرد الذي لا يصحّ ان تَصِفه بالمواطن بالمعنى الحداثوي للمفهوم بالانتماء للدولة التي فقدت شخصيتها ولحقت بها صدمات وراء صدمات الى ان اختلّت بالكامل وتتصرف كالمجانين؟.
كم تمنيت ان يكون لي وطنٌ له شخصية بين البلدان المتطورة، انتمي اليه بملأ ارادتي وحريتي، احترم دستوره الديمقراطي الذي لا يميز بين الكوردي والعربي والشيعي والسني والتركماني والأيزيدي والصابئي والكاكائي والشبك والأرمن والمسيحي وحتى اليهود وووو....الخ.
لو كان الساسة واهل الفكر الحقيقيين بعد سقوط صدام على هدى من أمرهم لكانت باستطاعتهم تكوين وطن جديد بملامح وعقلية وشخصية جديدة. هم ركنوا الى الزوايا المظلمة في شخصيات الرهبان واللاهوت الثيوسياسي ولهذا فقدوا وعيهم بذواتهم وهم الى الآن ظلّوا فاقدي الوعي ولا يهمهم العثور عليه كون الجيوب اولى من بناء مكان آمن اسمه "الوطن".
الأسوأ في الحالة العراقية والكوردية هو: التشوش الذهني للساسة حيث لا يقدرون قراء اللوحة المستقبلية التي تتكون من الأحداث الجارية،
* هل يبقى العراق؟ لا نعرف!
*هل يصبح الأقليم دولة؟ لا نعرف!
*هل يتجزأ العراق؟ لا نعرف!
والساسة الذين بيدهم سلطة الادارة هنا وهناك لا يعرفون ايضاً.
والمصيبة تكمن في ال(لا نعرف) هذا!!.
محاولات تشكيل شخصية الدولة والمواطن كيف تنجح بالتشرذم الذهني الموجود؟!.
ــــــــــــــــــــــــ
المصادر والهوامش
1- فيست،جيس وكريكورى(2007). نظريه هاى شخصيت، ص12، نشر روان، جاب سوم، تهران.
2- فريدمان، هاورد(2013).الشخصية......النظريات الكلاسيكية والبحث الجديد، المنظمة العربية للترجمة، ط1، بيروت.
3- عبد الجبار، فالح و داود، هاشم(2006). الأثنية والدولة......الأكراد في العراق وايران وتركيا، ص11-12، معهد الدراسات الأستراتيجية، بغداد وبيروت.
4- سيغفريد، اندريه(2015).روح الشعوب، ص38، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، الدوحة-قطر.
5- فرويد، سيكموند(2006) علم نفس الجماهير وتحليل الأنا، ص51، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، بيروت-لبنان.
6- لوبون، كوستاف(2011). سيكولوجية الجماهير، ص11-12، دار الساقي، بيروت.
7- د. نبي، سربست(2010). المجتمع المدني.....السيرة الفلسفية للمفهوم، ص98، دار كنعان،ط1، دمشق- سورية.
8- المصدر السابق
9- د. سيف الدولة، عصمت(1981). الأستبداد الديمقراطي، ص29، دار الكلمة للنشر، بيروت- لبنان.
10- كون، ايكور(1990). وعي الذات....دراسة حول تطور الشخصية، ص150-152، ترجمة: د. غسان دارب نصر.
11- لوبون، غوستاف(1950). السنن النفسية لتطور الأمم، ترجمة: عادل زعيتر، ص17-18، دار المعارف- مصر.
12- بليخانوف(1972). دور الفرد في الـاريخ، ترجمة: احسان سركيس، ص41-42، دار دمشق للطباعة والنشر، سورية.
13- آرندت، هانا(2014). بين الماضي والمستقبل......ستة بحوث في الفكر السياسي، ص149-150، جداول للنشر، بيروت- لبنان.
14- نفس المصدر، ص147.
*تيودور ادورنو: فيلسوف ألماني(1903-1969) وأحد مؤلفَى كتاب جدل التنوير مع صديقه الفيلسوف ماكس هوركهايمر، من مؤسسي مدرسة فرانكفورت للعلوم الاجتماعية.
**جوليان روتر: عالم نفس اجتماعي امريكي(1916-2014) وصاحب نظرية التعلم الاجتماعي في الشخصية، يعرف عنه بأنه أبدع في ايجاد مفهومَي مركز الضبط الداخلي والخارجي وكذلك مفهوم الثقة الاجتماعية، معروف عنه القول: كلما ازداد عدم الثقة انحلّ النسيج الاجتماعيز
***الحياة المشتركة: كتاب للمفكر الروسي الفرنسي الجنسية تزفيتان تودوروف ترجمه منذر العياشين المركز الثقافي العربي، ط1،2009، ابوظبي –االامارات.
****جماليات المكان: كتاب للفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار، ترجمه غالب هلسا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشرن ط6، 2006.






















#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخَيَّلتُ اصفادا!!
- ظلمات ننتمي اليها!!
- عولمة الجهل
- ألجأ إلى الماء
- الثقافة النفسية واشكاليات التواصل
- أتعامى
- السعادة والشخصية.... قراءة سايكولوجية لسعادة الذات!!
- الى روح نيتشة.... قبل اليوم فقط هو زمني*
- السياسة والشخصية السائدة*
- الوعي والشخصية....... في المنظورات الانسانية والمعرفية
- السواء واللاّسواء بيننا..... رؤية نفسية
- سايكولوجية المعنى..... مقاربات تشخيصية لمعنى الحياة*
- شخصية الأرهابيّ*
- أشياء على غير مسمياتها.....تجليات الأشياء في جماليات الكلمة
- الذات الشاردة
- احزاب معدلة وراثيا!!!
- حديث عن فينومينولوجيا الذات
- ذاتنا المغتربة من منطلقات فكر اريك فروم
- الهروب من العقل .... الأدمان بالجهل!!!
- الذات السياسية و العودة الاسطورية


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الشخصية الوطنية.....البنية والمفهوم