أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - هيكل أسطورة الصحافة وثعلبها السياسي















المزيد.....

هيكل أسطورة الصحافة وثعلبها السياسي


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5138 - 2016 / 4 / 20 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الحياة المهنية الحافلة لهيكل بالإضافة إلى ذكائه الشديد وعقله المنفتح وابتعاده المبكر عن الدوجما الفكرية أو حتى الإلتزام السياسي العقائدي

وماتوفر له من علاقات في أروقة القصور الرئاسية والملكية وعلاقاته براسمي السياسات ومخططي الإستراتيجيات في الشرق والغرب والشمال والجنوب
ليس فقط ذلك وإنما أيضاً علاقاته بالأبواب الخلفية لصناعة الأحداث والعاملين بمطابخها من حكام وثوار
كان يحتفظ بنفس القدر من العلاقات مع هؤلاء المحافظين بشدة عن الأوضاع القائمة وبين الثائرين عليها
ولذلك فهو كان صديقاً للكثير من الملوك والرؤساء المحافظين ورجال دولهم في نفس الوقت الذي كان فيه صديقاً للمناهضين للأنظمة الاستبدادية

(ملحوظة هذا الرصد لايعني الموافقة أو الإعتراض على دوافع هيكل ومسالكه بقدر ماهو مجرد رصد لفهم رجل قد أصبح من إحدى علامات تاريخنا السياسي شئنا أو أبينا)

كان هيكل يفعل هذا مدفوعاً بحرفية مهنية شديدة الإتقان
وبدقة متناهية تقتضيها حسابات من بدأ حياته مراسلاً في مناطق الحروب يسير في نيرانها وبين الغامها تحت سماوات ملغمة بالطائرات التي ترسل قنابلها على غير هدى

هذه الحسابات المهنية الشديدة الحرفية جعلته قريباً من صناع القرار في مصر بحساباته هو لابحساباتهم هم
كان قريباً من عبد الناصر بنفس الطريقة وإن كانت شخصية عبد الناصر قد انسجمت مع حسابات هيكل
وصنع هيكل السادات وأعطاه قبلة الحياة مرتين
المرة الأولى عقب وفاة جمال عبد الناصر وإشارته لإركان الحكم الناصري بضرورة تولى السادات السلطة للمحافظة على شرعية الإرث الناصري
والمرة الثانية عندما وقف مع السادات في مايو 1971 وكان هو كلمة السر في إنتصار السادات على أركان الإرث الناصري وأعتقد أنه هو صاحب إطلاق تسمية ( مراكز القوى) على المجموعة الناصرية التي ضربها السادات في مايو 1971

ولأن هيكل كان قد أضحى هو ثعلب المدينة المصرية السياسية الذي كان يمتلك قدراً هائلاً من الذكاء والمهارة السياسية واللياقة الذهنية
في حين أن السادات كان يمتلك خبث ودهاء الثعلب الريفي الذي يتظاهر بغير مايبطن حتى ينقض على فريسته في اللحظة المناسبة
ولإنهما وإن اتفقا أو اختلفا فهم من فصيلة واحدة لنوعين من الثعالب لاتتسع لهما رقعة سياسية واحدة فقد تباعدت الحسابات بينهما فيمابعد حرب أكتوبر مباشرة لأن السادات كان قد استبق هيكل الذي كان يرى التقارب مع الولايات المتحدة لتحييدها في الصراع العربي الإسرائيلي بينما قفز السادات إلى أبعد ما أراد هيكل بقفزة هائلة تخطت مسافات لايمكن تخطيها وذلك للجلوس مباشرة على حجر العم سام في علاقة تبعية مباشرة لم يرض عنها هيكل ولم يرد أن تحسب عليه أو يحسب هو عليها فكان الفراق الذي انتهى في مفتتح الثمانينات بانقضاض دراماتيكي من الثعلب الريفي الشرس على ثعلب الدهاء المدني انتهى بوضع هيكل في معتقل سبتمبر الشهير مع كل رموز أطياف المعارضة المصرية لمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني

ولكن هيكل سدد ضربته القوية للسادات بعد وفاته الإكلينيكية عندما أصدر كتابه الشهير ( خريف الغضب) فكان هذا الكتاب دفناً معنوياً قاسياً للسادات ووفاة سياسية له ووثبة جديدة للثعلب المدني نحو التألق في عالم السياسة المصرية

كذلك كان هيكل في علاقته مع مبارك فقد أشاد به في البداية عبر ثلاث مقالات صدرت له في الأخبار عندما كان رئيس تحريرها إبراهيم سعدة

ثم تراجع عن دعم مبارك ابتداء من حرب الخليج الأولى وفضل أن يكون الحذر المحسوب هو مايحكم علاقته بمبارك إلا أن ظهر في أوائل القرن الحالي ملمحاً بمشروع التوريث ثم أعلن معارضته له تماماً بعد ذلك بسنوات

في بدايات حكم الإخوان كان هيكل لايعادي سلطة الإخوان بل كان يقدم لهم المشورة عبر قنوات تضمن له وجود المسافة المناسبة مع جماعة يعرف هو ببصيرة الثعلب العجوز أنها غير مأمونة الجانب بل إنه في بدايات الانتفاض على الرئيس الإخواني كان يؤكد أن شرعية مرسى لازالت قائمة وأنه مع التمسك بشرعية الصندوق
وربما كانت مشورته لحمدين صباحى وجبهة الإنقاذ بضرورة المشاركة في إستفتاء الدستور الإخواني كانت السبب الأساسي في مشاركة جبهة الإنقاذ في الاستفتاء بالتصويت ب (لا) وعدم الدعوة لمقاطعته (من وجهة نظري كشخص متواضع وقتها كان من الضروري الدعوة للمقاطعة التي كانت ممكنة حين ذاك وكانت كفيلة بالتبكير بإسقاط حكم الإخوان)

كل هذا الذكاء المهني
والانفتاح العقلي على التجارب المختلفة
كان يخلق نوعاً من الزخم الدائم لكي يكون هيكل - فضلاً عن أنه الصحفي رقم (1) في الشرق - كاتباً ومفكراً سياسياً يمتلك أدواته الماهرة والمتطورة لتحليل الأحداث بأبعادها التاريخية والجغرافية ودوافعها المصلحية والجيوسياسية وربما علاقتها بالجيولوجيا وماتشير إليه الحفريات القديمة وإعادة سردها بخيال أدبي بليغ من صناعة خيال سياسي بالغ النفاذ إلى الآفاق والأعماق وربما الأبواب الخلفية لهذا العالم بما يحفل بالدوافع والنوازع
أنه حقاً كان الأستاذ
الصحفي فالكاتب فالمفكر الكبير
، وكان ثعلب القاهرة السياسي الأول ، وأحد أهم ثعالب السياسة في منطقة منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة فيما بعد حرب السويس إلى منتصف العقد الثاني من القرن الحالي

كان له ما له وعليه ماعليه
فإذا كان كصحفي قد وصل في درجات الإتقان المهني إلى مستوى أسطورة الصحافة والإعلام العربي
وككاتب سياسي وصل إلى مستوى من الأسلوبية الإبداعية غير مسبوق في تاريخ الكتابة والتحليل السياسي وأسس مدرسة لها تلاميذها ومريديها المنتشرين في مصر والعالم العربي
وترتب على ذلك تألق هيكل المفكر

لكننا لانغفل عند متابعة مسيرة هيكل الثعلب السياسي العجوز أن هناك مناطق في تلك المسيرة قد أثارت النقاش وبعض الإتفاق وكثيراً من الخلاف

هيكل الثعلب السياسي كان أول من يسبق في الإمساك بمقبضي ظهر كرسي الرئاسة للرئيس الجديد
ولكنه في مبتدي بزوغ لحظة وجود المؤشرات الدالة على قرب اهتزاز أرجل هذا الكرسي كان يشيح بوجهه عن هذا الرئيس ويتركه لمصيره المحتوم
كلنا يعرف دوره في تنصيب السادات ودعمه في أول حكمه وكلنا يعرف قصة خلافه معه

لكن ماذا فعل ذلك الثعلب السياسي مع مبارك؟
للإجابة على هذا السؤال دعونا نقرأ من نص حوار مجلة المصور في عام 1981 والذي أجرى معه في أعقاب إخراج مبارك له ولرموز معارضة السادات من السجن بعد مقتل السادات

( المصور : ماهي حقيقة خلافك مع حزب التجمع داخل السجن؟

هيكل : لقد ناقشت بعض إخواننا في حزب التجمع والواقع انه كان حواراً أكثر منه شئ آخر ، وأنا باحترم كثيرين منهم ، وأنا كان رأيي أن التجمع أخذ موقفاً أختلف معه بإعلانه عدم تأييده للرئيس مبارك

ومهما كانت تحفظاتهم ، ومهما كانت تحفظات غيرهم لم يكن أمام مصر خيار غير أن تقول نعم لحسني مبارك وكان ينبغي أن نقول له نعم

كان في وسعهم أن يقولوا بعض التحفظات، ولكن أي خيار آخر لمصر إذا لم تكن قد أجمعت على حسني مبارك

أنا باعتقد أن التجمع ربما قد يكون أخطأ في هذا ، أو على الأقل من وجهة نظري وكان لابد أن يقول نعم وأن تكون نعم مشروطة إن أراد ))

هكذا كان الثعلب يجمع ( البيعة) للرئيس الجديد وهو في السجن

هذا بالإضافة إلي ثلاث مقالات كان قد كتبها ونشرتها جريدة أخبار اليوم بالتتالي في صدر الصفحة الأولى أسبوعياً لدعم الرئيس الجديد

والنهاية معروفة للجميع
ابتعاد شبه تام عن مبارك عقب حرب الخليج الثانية
ثم انتقاد مبارك وكشف مخطط التوريث في بدايات العقد الأول من القرن الحالي

ثم لقاءاته المصور مع الرئيس المخلوع مرسى في القصر الجمهوري ونصائحه المشفوعة بتمنى النجاح لحكم الإخوان المسلمين ( خصومه التاريخيين) وحديثه عند بدايات الغضب على الرئيس مرسى عن شرعية الصندوق وكلامه في برنامج مصر إلى أين فيما قبل الاستفتاء على دستور 2013 عن أن شرعية الرئيس مرسى لم تنفذ بعد ( وهو كلام ردده حمدين صباحى وقتها أيضاً كصدي صوت لاستاذه عندما قال .. نحن لانريد إسقاط الرئيس...)
وكان هيكل هو الذي نصح جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الاستفتاء كما سبق أن ذكرت من قبل

وتغير الوضع كثيراً فأصبح هيكل هو الناصح بضرورة التغيير
وتعددت لقاءاته بقيادات الجيش وقيادات جبهة الإنقاذ
وأصبحت كلماته مع لميس الحديدى فى (مصر إلى أين) مانفستو سياسي دال على انسداد كافة الطرق نحو إستمرار مصر الدولة في ظل حكم الإخوان

وكانت كلمته ( مرشح الضرورة) هي تكثيف ذكي للحالة التي كانت عليها مصر والضرورات التي كانت تقتضيها لحظة الاستحقاق الرئاسي الذي أرتقي عبره الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم وهي لحظة كانت شديدة التعقيد تواجه فيها الدولة المصرية لأول مرة عبر تاريخها خطر الزوال

كان الأستاذ في هذه اللحظة يمسك بعين الصواب لكنه ظل كثعلب سياسي حنكته التجارب محافظاً على مسافة ما خارج المشهد السياسي ومسافة ما تطل عليه كما لو كان في معية شاعر العربية الأول عبر تاريخها الحديث محمود درويش في تحفته الشعرية ( لماذا تركت الحصان وحيداً )
عندما قال :

(.. أطل كشرفة بيت
على ماأريد ...)

حمدي عبد العزيز
22 فبراير 2016



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيمة ابن إياس الهائلة
- فى مديح طبق الفول الصباحى
- ملاحظات شخصية فى مسألة الجزيرتين
- أوراق بنما وعصا المايسترو
- عن جمال عبد الناصر
- أمجاد لطبق الفول الصباحي
- يصل ويسلم إلى الرئيس
- لم أحب رباب
- المرأة حارسة الحياة
- فى قضية الروائى أحمد ناجى
- مقاطعته وعزله وإسقاطه أمر ممكن
- دكاكين بلا بضاعة تستحق الزبائن
- شعبطات الصبي المشاكس
- مكاتبة ومكاشفة للرئيس
- تنبيه عاجل
- هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟
- أن تنهض جدتي
- أربعة شروط عاجلة كي لانذهب إلى مالارجعة فيه
- قبل أن يغادرنا يناير
- حول مقولة شباب الثورة وعجائزها


المزيد.....




- قضية مقتل فتاة لبنانية بفندق ببيروت والجاني غير لبناني اعتدى ...
- مصر.. تداول سرقة هاتف مراسل قناة أجنبية وسط تفاعل والداخلية ...
- نطق الشهادة.. آخر ما قاله الأمير بدر بن عبدالمحسن بمقابلة عل ...
- فشل العقوبات على روسيا يثير غضب وسائل الإعلام الألمانية
- موسكو تحذر من احتمال تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل
- -تهديد للديمقراطية بألمانيا-.. شولتس يعلق على الاعتداء على أ ...
- مصرع أكثر من 55 شخصا في جنوب البرازيل بسبب الأمطار الغزيرة ( ...
- سيناتور روسي يكشف سبب نزوح المرتزقة الأجانب عن القوات الأوكر ...
- ?? مباشر: الجيش الإسرائيلي يعلن قتل خمسة مسلحين فلسطينيين في ...
- مصر.. حكم بالسجن 3 سنوات على المتهمين في قضية -طالبة العريش- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - هيكل أسطورة الصحافة وثعلبها السياسي