أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - العثمانيون الجدد - الحصاد المر














المزيد.....

العثمانيون الجدد - الحصاد المر


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5075 - 2016 / 2 / 15 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن سقوط الحلم التركي في الشرق هو أسوأ ما حصده العثمانيون الجدد من نتائج عكسية لمغامرتهم السورية. وذلك لأسباب التالية: أولاً، سقوط حلم «المنطقة الآمنة» الذي هو، ككل أحلام «العثمانية الجديدة»، حلم استبدادي عدواني توسعي غير واقعي وغير منطقي. وثانياً، لأنه حلم تجاوز العصر والتاريخ والواقع السياسي المعاصر، ولن يحصد حزب «العدالة والتنمية» من إصراره على إحيائه إلّا الخيبة. أمّا ثالثا والأهم، فلأنه دفع أنقرة نحو الاستثمار في إرهاب العصابات «السلفية الجهادية»، التي لم تعد وحشيتها تقتصر على منطقة «الشرق الأوسط» وشمال إفريقيا، بل تخطتها إلى دول العالم بأسره، خصوصاً الدول «الغربية» التي استثمرت بقيادة أمريكية، ولاتزال، لمصلحة آنية، في هذه العصابات، لتجني فرنسا، مثلاً، ما جنته الولايات المتحدة، حين انقلبت عليها تنظيم «القاعدة» في تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001. لكن أنقرة، من فرط إيديولوجية حزبها الحاكم فيها، لم تتعلم من دروس «القاعدة» و«طالبان» مع الولايات المتحدة والباكستان. وأكثر، إذ بعيداً عن أحلام حزب «العدالة والتنمية» الإيديولوجية المنفصلة عن الواقع، فإن ثمة، في الرد الروسي القاسي، على حادث إسقاط قاذفتها، وفي اكتفاء واشنطن وحلف الناتو بالتضامن البروتوكولي مع تركيا، ما يحمل على الاعتقاد بأن رهان أنقرة على حماية حلف الناتو كان رهاناً في غير محله، بسبب الوضعية الدولية متحركة، وأنحراف القطبية الأمريكية الأحادية من مركز القرار الدولي إلى الأطراف، لأن العالم بدأ يسير نحو نظام ستكون سمته النهائية تعدد الأقطاب، وإن كانت واشنطن ستبقى الأقوى بينهم في المدى المنظور، لكنها، في الأحوال كافة، لم تعد شرطي العالم الذي يأمر فيطاع.

لكن السؤال: هل يتعظ العثمانيون الجدد في تركيا الدرس، ويكف عن سياسته الاستبدادية، داخلياً، والعدوانية تجاه جواره العربي، والعسكرية تجاه المسألة الكردية، وعما تقتضيه هذه السياسة من استخدام لعصابات «الجهادية السلفية» بمسمياتها كافة؟!

إن الصراع قد بدأت بوادره تظهر في تركيا نفسها، الأمر الذي جعل العثمانيين الجدد يحاولون عقد صفقة بين العمامة الإسلامية والخوذة الأتاتوركية، فالاثنان، تاريخياً، يُتقنان ثقافة الإقناع. الأولى تحت عباءة الأيديولوجيا، والثانية فوق متن الدبابة. هذه الصفقة إن تمت فإنها ستُدخل المنطقة في دوامة من الدم، لأن زعيم العثمانيين الجدد وفي سبيل الفوز في معركة تعديل الدستور لن يتورع عن إشعال النيران في تركيا والمنطقة، فحلمه في الخلافة يتحقق بمسابح الدراويش وحراب الجنود. إلا إذا قرر أسياد رقعة الشطرنج العظمى إعادت هذه المجموعة إلى هضاب الأنضول حيث سيقضون وقتهم في قراءة أشعار جلال الدين الرومي وممارسة رقصة الدراويش المولوية بدلاً من السماح لهم بإعادة الحياة إلى جثة الإمبراطورية الميتة.

هل قرأ أردوغان قصة سنمار والنعمان بن المنذر؟

يُحكى أن النعمان بن المنذر، الذي حكم الحيرة بالعراق بين عامي (582 – 609)، كلّف سنمار، وهو مهندس رومي، ببناء قصر مهيب، يتباهى به بين نظرائه، فكان له ما أراد، وظهر قصر الخورنق إلى الوجود.

صعد الملك النعمان بن المنذر مع سنمار إلى سطح القصر بعد اكتمال بنائه، وهناك جرى الحديث التالي بين الرجلين. سأل النعمان: هل هناك قصر مثل الخورنق؟ وهل يوجد من يستطيع بناء مثيل له؟ وكانت الإجابة بالطبع لا. وحين استلم سنمار زمام الحديث باح لمليكه بسر، متفاخراً بأن القصر فريدٌ من نوعه أساسه يرتكز على حجر إذا انتزع انهار البناء كله. ولما أقر سنمار بأنه الوحيد الذي يعلم موضع الحجر، دفع به النعمان من سطح القصر، فسقط صريعاً وحمل السر معه.

أرادت الأسطورة هذه أن تعطي درسا في الفضيلة فخلدت سنمار وضربت به مثلاً عمن يجازي الإحسان بالسيئة، ومضى التاريخ بها ينقلها من جيل لآخر، كما في كل الأساطير المشابهة.

وفيما بقيت الأسطورة ثابتة على حالها تتغلغل في مسامات الطبيعة البشرية حتى صار في كل بنيان حجر يحمل سر سنمار. لكن تطور العلوم التكنولوجية والإنسانية جعلت من هذا السر أمراً يسهل كشفه بقليل من التأمل والتدبير، الأمر الذي لم يستطع أن يدركه كثيرين من سكان الشرق الأوسط الذي وصل تضخم حب الذات عندهم لدرجة اعتقادهم أن الكون يدور من حولهم.

يمكن القول إن لعنة سنمار ما فتئت تلاحقنا منذ عصور، وهي قد تجلت بوضوح في عصرنا الراهن وأصبح لكل دويلة لنا ملك أو زعيم أو قائد، وجميعهم بمثابة "حجر سنمار" إذا انتزع سقط البنيان وتهاوى مثل قطع الدومينو. ويبدو أن مخطط الشرق الأوسط الجديد يلحظ نزع جميع هذه الأحجار من مكانه وخصوصاً من يعتقد نفسه "حجر سنمار" في لعبة الأمم، كعصابة العثمانيين الجدد التي جائت إلى الحكم نتيجة دعم خارجي لتنفيذ أوامر محددة إلا أن اللحظة السورية جعلتهم يتمردون على أسيادهم لاعتقادهم أنه قد يعيدون مجدهم الضائع. لأن القديم قد انهار، أو تفكّك، أو تذرّر، لكن الجديد لم يولد بعد، وهم أرادوا أن يكونوا بديلاً عنه، لاعتبرهم أن ما حدث هو ربيعهم الذي سيزهر ويثمر فواكه طازجة ستكون من نصيبهم، إلا أن حيث الفوضى استشرت في بلادهم وعمّ العنف وتفشى الإرهاب في مدنهم، بل إن دولتهم الوطنية أصبحت عرضة للتمزّق والتآكل والتفتت، ولن يمر زمن طويل حتى يتم العبث بوحدتها وهيبتها ومرجعيتها.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوادر صراع عرقي-طبقي في الولايات المتحدة الأمريكية
- فضائل المال ومضار البنون
- الانحطاط الفكري والسياسي لدى العرب بعد موجة -الربيع العربي-
- حرب روسية - تركية باردة ... هل ستصبح ساخنة؟
- ما هي العلمانية؟
- مصر عند مفترق الطريق
- الإسلاموفوفيا
- الثورة والقانون وانعكاسهما على وحدة وتماسك المجتمع
- أمير ميكافيللي وقوة القانون
- تركيا ولعبة الأمم
- تداعيات نتائج الانتخابات النيابية في تركيا داخلياً وخارجياً
- كرة الثلج التركية
- قراءة للوضع السياسي في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- أهم القوى السياسية في تركيا عشية الانتخابات النيابية
- تداعيات الحرب النفسية على المجتمع السوري
- الاقتصاد السياسي للإرهاب في الشرق الأوسط
- تركيا ومسألة الإبادة
- الأصول المؤسسة لسياسات العثمانيين الجدد
- المشهد بعد الانتخابات النيابية الإسرائيلية ... الفاشية تكشر ...
- 24 نيسان ... يوم ضُحِّيَ بالعدالة الإنسانية على مذبح المصالح ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - العثمانيون الجدد - الحصاد المر