أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر مصري - سوريا في خطر ( 2 من 2) بمشاركة نخبة من المثقفين والسياسيين السوريين















المزيد.....


سوريا في خطر ( 2 من 2) بمشاركة نخبة من المثقفين والسياسيين السوريين


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 1377 - 2005 / 11 / 13 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


6- موفق نيربية: (لا بد من التغيير)
هناك أشباح أخطار عديدة تواجه سورية اليوم. منها، خطر الوقوع تحت الاحتلال، أو خطر الوقوع في الفوضى والتفكّك بفعل انفلات الطائفية أو أشكال ما قبل الوطنية الأخرى من عقالها، أو خطر العزلة والحصار والأزمة التي تتعقّد حتى الخراب الاقتصادي وانسداد سبل العيش أمام الناس. ولا منفذ إلا من خلال إنهاء زمن للاستبداد والفساد، وابتداء زمن للديموقراطية والتقدم.
لذلك، يبدو الخطر الداهم الحقيقي شيئاً آخر: هو الاستمرار.
استمرار نظام الاستبداد والقمع والكبح والتعويق، والفساد والنهب، والكذب والتمييز والانعزال والتأخر. وهو استمرار في عالم يتغير بوتائر متزايدة، أنهت مرتكزات سياسات النظام ودعائمه: منذ انهيار الاتحاد السوفييتي حتى الحادي عشر من أيلول وصولاً إلى حرب العراق وعقابيل اغتيال الحريري. كلّ يوم يمرّ على الحال المتخلفة القديمة خسارة وتهديد بآثار سلبية في المستقبل.
هذه الاستمرارية هي ذاتها سبب عميق لوقوع البلاد تحت الاحتلال، أو للعجز عن درء احتماله وإمكانيته. بل إنها تكاد تكون دعوة للاحتلال، لو لم يكن مشروع الاحتلال نفسه يعاني من صعوبات مختلفة، لا دخل لنا فيها، وتتعلق بأحوال الأمريكيين في العراق، وأحوالهم في أمريكا.. وبأشياء أخرى.
والاستمرارية أيضاً سبب مباشر لاستفحال خطر التفكك والصدام الطائفي إن حدث. فالسلطة هي صاحبة المصلحة في تضخيم هذا الخطر وتطوير احتمالاته، لأنها تحاول بذلك أن تخيف العالم، وترهب الشعب، وتشلّ طموح الجميع إلى التغيير. هي وحدها، بسلوكها الثابت ونهجها القائم واستعدادها لأي شيء للحفاظ على مكاسبها وامتيازاتها، تجعل من هذا الخطر واقعاً.
هي أيضاً بيئة الفساد والنهب المناسبة، بل هي الفساد والنهب عينهما. فلا يستطيع من يكون من رؤوس الفساد وأركان تنظيمه ورعايته، أن ينهي الفساد بشكل من الأشكال. لا يستطيع أيضاً أن ينفّذ إصلاحاً اقتصادياً حقيقياً، متكاملاً وفعّالاً، لأنه لا يملك الأدوات لذلك، ولا يهتم فعلاً بها. مع الاستمرار أكثر، يشعر الفاسدون أن العالم يتحرك، وأن الغد قد يختلف، ولا بدّ من تفريغ الخزائن فبل فوات الأوان. لذلك تحمل الاستمرارية نذير تعقيد الأمل بمستقبل مختلف حقاً، للاقتصاد الوطني أو لمعيشة الناس وحياتهم.
"الوطن في خطر"؟! بل الخطر في الوطن. ولا بدّ من التغيير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

7- ياسين حاج صالح: (الخطر هو الأمن!)
ــــــــــــــــ

أعتقد أن أكبر المخاطر التي تتهدد سوريا هو "أمنها"، أعني مركب الأجهزة والوظائف الأمنية المكلفة بتحديد الأخطار والتغلب عليها أو تفاديها. ويبقى هذا صحيحاً حتى لو كانت سورية بريئة من دم المرحوم رفيق الحريري. لكن إن ثبت تورط جهات سورية في الجريمة فإن البلد ككل قد يدفع الثمن. هذا أخطر من خطير، وقد يكون مميتا.
طوال ربع قرن على الأقل كانت هذه الأجهزة في خدمة النظام الذي رعاها ودللها وكبرها إلى درجة أنها تريد اليوم أن يكون النظام في خدمتها. لقد دفع الشعب السوري كلفة باهظة ثمناً لهذا الغول الذي يوشك أن يفتك به. ثمناً مادياً (ميزانيات وامتيازات وفساد..) وثمناً بشرياً (سجناء ومعذبون وضحايا ومشوهون..)، واليوم صار التهديد كيانياً يمس وحدة البلد والشعب وسلامة الدولة.
على أنه ليس من الإنصاف تحميل الأجهزة الأمنية وحدها المسؤولية عن مأزق سوريا. فقد كانت يد النظام الذي لم يكف عن صفع المجتمع السوري وضربه بها. حتى بات متجمعاً على نفسه مثل أحدب ابن الرومي، متوقعاً كل لحظة صفعة جديدة. والأصح والأخطر في الواقع أن نقول إنه متجمع على نفوس كثيرة، متراغمة، ومتفرقة عن بعضها.
وليس أقل وجوه الخطر الأمني هو الوجه الفكري، أعني غياب المفهوم أو المذهب للأمن الوطني السوري. فلدينا اليوم بُعد متضخم لحهاز الأمن الوطني يقابله بُعد فكري ضامر. هذا خطير. مثلاً هناك التباس خطير في مفهوم الوطنية السورية، وهناك أزمة هوية يغذي استمرارها نمو المشاعر والمخاوف الطائفية، ونفتقد إلى مفهوم واضح للمصلحة الوطنية السورية. والأسوأ في جميع الحالات انه ليس هناك أي نوع من النقاش حول هذه القضايا الأساسية.
هناك في الواقع نظريتان أمنيتان في سوريا، واحدة ضمنية وحقيقية، وثانية معلنة ومعطلة. الأولى تطابق بين امن سوريا وأمن النظام، فيما الثانية تطابق بين أمن سوريا والأمن القومي العربي. وفقاً للثانية الموروثة من خمسينات وستينات القرن العشرين، والتي لم تخضع لأية مراجعة أو تطوير، لأن وظيفتها تحولت نحو تشريع النظام بدلاً من توجيه سياساته ورسم استراتيجياته، فإن عدو سوريا هو إسرائيل والامبريالية والدول العربية التي لا تتفق مع توجهات الحكم البعثي أو تنافسه. ميزة هذه النظرية أنها تحدد بوضوح معنى الوطنية السورية والمصلحة الوطنية السورية وتحل أزمة الهوية. أما في النظرية الأولى فعدو سوريا هو خصم النظام، من هنا تجريم المعارضة قانونينا وتخوينها إيديولوجيا وقمعها أمنياً وعدم الاعتراف بوجودها سياسياً. من هنا التوسع في وضع المواطنين دوماً في دائرة الشبهة. لذلك تسببت كلمة الأمن باغتراب عام عند المواطنين، وحتى المثقفين والسياسيين، عن الأبعاد الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى العسكرية، للأمن الوطني.
بالجملة، أعتقد أن أكبر خطر يواجه سوريا اليوم، هو النظام الأمني ومصادرة أمن سوريا لمصلحة أمن النظام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

8- د. منذر خدام: ( سوريا ولبنان في مهب الريح)
ــــــــــــــــــــــــــ

أصبح من كلاسيكيات الخطاب المعارض في سورية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وما حولهما من تلوينات ثقافية ومثاقفاتية، أن يصب جام غضبه على النظام الاستبدادي، وتحميله كامل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد، من ضعف وتخلف، وفي ذلك الكثير من الصواب. غير أن الصواب كله لا يكتمل إلا برؤية مفاعيل السياسيات الأمريكية والغربية عموما، تجاه قضايا المنطقة، خصوصاً لجهة دعم الأنظمة الاستبدادية على مدى العقود الستة الماضية بذريعة المحافظة على استقرار المنطقة.
من المحزن حقاً، إلى درجة البؤس السياسي،عدم رؤية أن سورية وشعبها على أبواب خطر داهم يحمله تقرير ديتلف ميلتس، المحقق المفوض بجريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري. هنا أود أن أقول خصوصاً للطيف الوطني الديمقراطي المعارض، إن الشعب السوري ومنذ سنوات لديه ما يكفي من وقائع وأدلة لتجريم النظام الأمني في سورية، غير أن تجريمه باغتيال الراحل رفيق الحريري يحتاج إلى أدلة قاطعة جازمة. نحن هنا أمام تحقيق يمكن أن يضع سورية ولبنان والمنطقة عموما، في مهب الريح، في حال خرج عن نطاقه الجنائي، وعندئذ لن يكون هناك رابح محلي، بل خاسرون.
لا يجوز، بذريعة الهروب من وضعية خدمة النظام المفترضة، أن لا نرى الخطر الذي يحمله لنا التحقيق الدولي والذي سوف يتجاوز في شموله العناصر الإجرامية في حال ثبت وجودها، ليطال الشعب السوري والكيان السياسي السوري.
نحن ندرك جيداً أن الكثير يتوقف على سلوك النظام السوري، لدرء الكارثة المحتملة، خصوصاً لجهة التعاون الجدي والحقيقي مع لجنة التحقيق، وعدم التستر على المتورطين بالجريمة في حال وجودهم، مهما علت مراتبهم، لأن الوطن والدولة والشعب أكبر منهم جميعاً، وينبغي تفويت الفرصة على من يستهدفنا في وجودنا بعدم تقديم الذرائع له.
من جهة أخرى على قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية أن تظل أمينة لرؤيتها المعلنة للتغيير المتدرج والسلمي والآمن، ولرفضها لأي تغيير يأتي محمولاً من الخارج، وأن توحد كلمتها في رفض أي تسييس للتحقيق الدولي بجريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري، لإلحاق الأذى بالشعب السوري وبمصالحه، أو بمصالح سورية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

9- د. منير شحود: (فقدان البوصلة)
ــــــــــــــــ

خلال عقود عدة أتقن النظام السوري لعبة البهلوان على حبل قطبي الحرب الباردة. وحتى عندما أصبح الحبل واحداَ تعلق به ولم يسقط، رغم العواصف التي كانت تهب بين الفينة والأخرى. وفجأة اغتيل الحريري، وبدا كأن تاريخ سوريا ولبنان قد استفاق من رقدته، وتوجهت أصابع الاتهام نحو النظاميين الأمنيين السوري واللبناني، واجتمعت الإرادات الخارجية في لحظة تبدلت فيها الكثير من القناعات والثوابت. وفي خضم مواجهة غير محسوبة، فقد النظام السوري بوصلته، وبدأ التخبط السياسي والتجاهل والإنكار.
وظهر أثر الضغوط الخارجية جلياًّ على النظام، فتم الانسحاب من لبنان، وتشكلت مؤخراً لجنة سورية خاصة للتحقيق في اغتيال الحريري، بعد تأخير أفقد هذه الخطوة الهامة معناها. لكن هذه الضغوط الخارجية لم تترافق بتحرك سلمي في الداخل تنسقه المعارضة، إذ تأخرت المعارضة بدورها عن استغلال الظرف السياسي الجديد للضغط داخلياً من أجل فكفكة النظام الأمني. كما انعكس غياب السياسة المديد عن المجتمع في عدم ظهور حركات احتجاج شعبية ولو محدودة. فظل الداخل السوري ساكناً، إلا من أصوات منفردة هنا وهناك.
وكان رد النظام على الضغوط الخارجية بتشديد القبض على المجتمع أمنياً، فأعاق هذا بدوره إمكانية حدوث تحول تدريجي للنظام الاستبدادي نحو الديمقراطية. وبدا أن لا مجال لإدراك أن "المياه تجري في النهر" وأن حواسنا المتيبسة من الحجر المديد بدأت تتبرعم بعد لفحتها رياح الحرية المتدفقة من صدوع السجن الكبير. وبقي النظام يخلط بين القبضة الأمنية والوحدة الوطنية.
محظوظ شعب سوريا لأنه استفاد كثيراً من التجربة العراقية، فلا أحد على ما يبدو يرغب في تطبيق عقوبات اقتصادية عليه. كما استفاد أيضاً من مخاطر اندلاع الفوضى عند إسقاط النظام دون وجود بديل مقنع. وهكذا فقد دفع الشعب العراقي ضريبة التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية دماً غالياً عن شعوب المنطقة كلها وعن الشعب السوري، بسبب تشابه الظروف، بصورة خاصة. ومع أن استشراف آفاق التطورات الحالية ما زال صعباً، فإنها في المجمل تعدُّ إيجابية وتاريخية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

10- فاتح جاموس: (صراع واستقطاب استراجيتين)
ــــــــــــــــــــــــــ

يتجسد الخطر الرئيسي الذي يواجهه الوطن السوري الآن، في الصراع القائم والاستقطاب والوسائل المستخدمة والنتائج الخطرة التي حصلت والمحتملة الحصول في كل لحظة. وذلك بين الإستراتيجية المتشددة لللإدارة الأمريكية في صياغة المنطقة، وسوريا بشكل خاص، بل هي على قائمة الأولويات للتنفيذ الساخن والسريع. إدارة تعرف بدقة عالية المستوى المتدهور للوحدة الوطنية، بسبب ما فعله النظام على مدى عقود. إدارة تعرف أن النظام دمر المجتمع والمعارضة وعزلهما وقطع الطريق على أي حراك سياسي مستقل وفعال، ليخلق بذلك فجوة - يصعب ردمها إن لم يكن مستحيلاً – بينه وبين المجتمع والمعارضة. مجتمع مفكك بسبب تقدم العصبيات المتخلفة والاحتقانات، مجتمع جاهز للانفجار. إدارة قررت تصفية النظام وترفض أي خيار من داخله، ولا تلحظ له أية مصالح في خياراتها. دافعة به إلى الحائط، إلى حافة الهاوية. إدارة تستغل نهج النظام وممارساته وأخطائه، خاصة الأخيرة منها في لبنان، بحيث تمكنت من تعبئة رأي عام دولي ضده، وصل حد تدويل الوضع السوري، وها هو يتصاعد التدويل بحسب إستراتيجية هذه الإدارة ومنطقها.
ومن جهة أخرى، إستراتيجية نظام شمولي، وعطالة قمع شديد، وجهاز بيروقراطي (حزبي وأمني وعسكري) مترهل وفاسد، فقد مرونته وقدرته ولياقته للاستجابة لأية تطورات ضرورية حتى من منظور مصالح السلطة التكيفية والضرورية لها جداً في هذه اللحظات. بل تسبب ذلك الجهاز ويتسبب بصورة متسارعة بالمزيد من الأزمات. لا يزال يصر النظام على إدارة الأزمة متفرداً، وعلى أساس نهج احتكار السلطة والتفكير الضيق من هذا المنظور فحسب. يصر على عزل المجتمع والمعارضة، يبدو عاجزاً حتى عن إدارة مصالحه بصورة فعالة وذكية، يكاد يفقد أي قدرة على التكيف الأخير، ولو بالاستقواء بالمجتمع والمعارضة، يقدم التنازل تلو التنازل للإدارة الأمريكية، دون أي تنازل مفيد وهام للمجتمع والمعارضة. تصر هذه الإدارة على متابعة الضغوط بتكتيكات مختلفة (قد تصل قريباً حدود الضربات العسكرية بغاية إضعاف هيبة الدولة والسلطة والتشجيع على الفلتان وخلق ما يشبه ازدواجية سلطة) بسبب شروطها في العراق، وبسبب عدم جاهزية الساحة السورية داخلياً أيضا. فالنظام يأخذ الوطن والمجتمع معه إلى الهاوية، بينما يقوم بإجراءات غير فعالة وبطيئة. وهو في محاولته المقاومة وحيداً، أي الانتحار، يخلق استقطاباً وانقساماً شديدين في وسط النخبة وقوى المعارضة، ويبدد الطاقة الوطنية، ويهيئ الوطن لحرب الجميع ضد الجميع، ووضعه في أيدي العامل الخارجي الأمريكي وإلى مدى بعيد. وفي أحسن الحالات لن يخلق هذا إلا حرباً أهلية إضافية وتدميراً مجتمعياً ووطنياً، وقد يتوج بتقنيات ديموقراطية " راقية " وتوافقات طائفية وعصبية، قابلة للانفجار كلما اقتضى الأمر. إن كل ما ذكر بخصوص النظام، يجعله عاجزاً، إن لم يكن رافضاً حتى في هذه الشروط الحرجة والخطرة جداً، عن طرح حلول إنقاذية، تتجسد جوهرياً في ضرورة تشكيل هيئة إنقاذ وطني مهمتها المركزية إلغاء احتكار السلطة، بصورة آمنة وتدريجية، هيئة تضم فعاليات المجتمع والمعارضة وكامل الطيف الوطني دون استثناء، بما فيها القوى صاحبة المصلحة في السلطة للخروج من مأزقها أو مأزق الوطن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

11- أكثم نعيسة: (الصفقة)
ــــــــــــــــ

لا يوجد خطر مباشر على سوريا، شعباً ونظاماً. وأجد أنه من السذاجة، القول إن النظام قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وبالتالي المراهنة باي معنى على هذا الاحتمال، كصياغة برامج وطرح إعلانات وبيانات. حيث أن كل هذا سابق جداً لأوانه، حتى بالنسبة للذين يراهنون على وصول تقرير لجنة التحقيق في اغتيال رفيق الحريري إلى نتائج تدين مناصب عالية في النظام السوري، فأنا أرى أن النظام قد نجح في الوصول إلى عقد صفقة مع تلك الدول التي تشكل مصدر التهديد بالنسبة له. ونستطيع أن نرى ملامح هذه الصفقة من جهة النظام في استجابته لكل شروط مجلس الأمن في القرار 1636 وما قبله، كقبوله الآن بتسليم كل المشتبه بهم بدون استثناء، بعد استثناء ذينك الاسمين! في المرحلة الأولى على الأقل.
أقول في المرحلة الأولى، لأن هذه الصفقة في اعتقادي ستكون قصيرة الأمد. ذلك لأن الأمر، في اعتقادي أيضاً، لا يتوقف عند تقرير ميليس بل سوف يستمر حتى يصل إلى إعادة صياغة سوريا سياسياً في إطار الوضع الإقليمي الجديد. حيث سيبدأ بتفريغ مراكز القوى الاستبدادية التي تمانع عملية الإصلاح والتغيير لملئها مجدداً بقوى جديدة، من داخل النظام ومن محيطه ومن مكونات المجتمع السوري المدني خارج دائرته. وهذا يخالف أي تصور لتغييرات عنيفة ودراماتيكية قد تؤدي إلى تلك الأخطار المباشرة التي يتحسب لها البعض.
أما الأخطار غير المباشرة، فهي ما يمكن أن ينتج عند فشل هذا الانتقال التدريجي والسلمي للسلطة في سوريا، مثل أن تلجأ قوى الخارج إلى سينوريوهات أخرى مختلفة قد تؤدي لمواجهات غير محددة الملامح ولا النتائج بين مختلف أطراف المعادلة، بين النظام والخارج أو بين النظام والداخل أو بين الداخل والخارج أو بين.. الداخل والداخل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

12- لؤي حسين: (انفراط البنيان)
ــــــــــــــــ

أعتقد أن الخطر الأساسي كامن دوماً في إمكانية انفراط البنيان المجتمعي السوري. وبالتالي فإن أي حدث أو تهديد يمكن له أن يأخذ البلاد في هذا الاتجاه يمكن أن يشكل خطراً على سوريا أكثر من سواه.
وفي الوقت الراهن أرى أن هذا الخطر بات جاثماً أمامنا ويبدو وكأن كل الدروب أو كل المآسي تودي إليه. فالسلطة السورية العاجزة عن المحافظة على تسلطها، تشكل بضعفها هذا طريقاً ممهداً إلى انفراط الاجتماع السوري، إن كان من خلال سقوطها أو من خلال تفاقم عجزها، إذ لا يوجد في البلاد قوى سياسية جامعة يمكنها أن تحل بديلاً عنها إن سقطت، ولا يوجد مجتمع مدني يمكنه التعويض عن ضعف مركزية السلطة.
هذا التصور، إن كان صحيحاً، يضعنا أمام إحراجٍ أخلاقيٍ كبير. فإن كان من واجبنا درء البلاد من أي خطر نعتقده ونراه وشيكاً، فهذا سيتطلب منا (إن اعتمدنا السطحية) الدفاع عن السلطة أو الحيلولة دون سقوطها أو تفاقم عجزها. هذه السلطة التي اعتبرناها دوماً المسبب الرئيسي لكل مصائبنا (وهذا صحيح)، والتي مازالت، إلى اليوم، تقوم بأدوارها القمعية والتخريبية، بل وأنها صارت مستهترة بمستقبل البلاد الذي يرتبط به مستقبلها هي نفسها.
وما يُشعرني بهذا الخطر أكثر هو قبول غالبية القوى السياسية بحل إسلاموي للدولة ينسف كل إرث البلاد العلماني الذي كان، ومازال، أحد أهم الجوامع السورية، ولا يمكن للإسلاموية أو للإسلام أن تشكلا جامعاً سورياً. بل يمكنني القول أن أي تصور للدولة السورية، بعيداً عن الإطار العلماني، هو تصور تفتيتي وانقسامي.
إذن، لأقل الآن إن الخطر الأكثر مباشرة على سوريا في اللحظة الراهنة هو العنجهية الأميركية العمياء التي لا يمكنها أن تدرك عند أي درجة، خلافاً لتوقعاتها وأجندتها، سيفقد النظام السوري توازنه وينهار لتذهب البلاد بعدها إلى حالة من الخراب أسوء بكثير من حال العراق الحالي. وما يجعل هذا الخطر حسياً أكثر في هذه اللحظة هو موقف القوى المعارضة السورية التي تنتظر باستهتار هذه اللحظة بفارغ الصبر، ظانةً أنها ستتمكن بعدها من امتطاء عنق التاريخ فارضةً عليه إرادتها التأملية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

13- وائل سواح: (الاستبداد وانقسام المجتمع)
ــــــــــــــــــــــ
تواجه سورية الآن خطرين متشابكين ومتراكبين: الاستبداد وانقسام المجتمع. أما الخطر الأول فهو خطر مقيم منذ أكثر من أربعة عقود. وهو يحمل بذور كل الأخطار الأخرى التي تتهدد البلد، نظراً لتمكنه من بنية سوريا الاجتماعية والسياسية، ولطول أمده ولانسداد آفاقه الاقتصادية والتنموية ولإفلاسه من إمكانية تطوير المجتمع ولكونه يقوم على انتهاك الحقوق الفردية كما الاجتماعية، ولكونه العائق الأساسي أمام تطور مجتمعنا وأمام تملكنا لحقوقنا الفردية التي نتمسك بها جميعها.
أما الخطر الثاني فهو خطر انقسام المجتمع على نفسه. وهذا الخطر نراه في مظاهر الحسابات القومية والدينية والطائفية والمذهبية والعشائرية والعائلية التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة. وهو خطر ربما كانت له أرضيته القديمة، وربما كان على الأرجح وليداً لسياسات النظام الطائفية، إلاّ أننا لا نستطيع أن ننكر التأثيرات الخارجية وخاصة الحدث العراقي الذي أظهر أسوأ ما في بنية المجتمع العراقي من انغلاق وتعصب وتمحور قومي وطائفي بغيض.
وأخطرأشكال التعصب الديني والطائفي هو تعصب الأغلبية العددية الذي يدفع الفئات القومية والدينية الأخرى إلى القلق والتخوف مما يؤدي إلى انغلاقها وانكماشها وابتعادها عن الانخراط في الشان العام وإخلاء الساحة للأغلبية باعتبارها "صاحبة السيادة" بالمعنى العددي.
إن إنهاء الاستبداد وتجنب الانزلاق في هاوية الانقسام المجتمعي مهمة مركبة لا يقدر عليها سوى برنامج ديموقراطي قائم على أساس مدني علماني يفصل الدين عن مؤسسات الدولة وعن السلطة، ويعيد سورية إلى شعارها القديم: الدين لله والوطن للجميع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* تم تسلسل الأجوبة حسب تاريخ وصولها لمعد الملف.
* نشر هذا الملف في جريدة السفير اللبنانية عدد الجمعة في 11/11/2005 باختصارات محدودة نتيجة طول الملف. وهو ينشر هنا كاملاً



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف : سوريا في خطر ( 1 من 2)!؟
- السؤال الأعمى : لماذا لم يساعدوه!؟
- آتية من المرارات : هالا محمد من ( ليس للروح ذاكرة ) إلى ( هذ ...
- كمطعون يكتب اسم قاتله بدمه
- السيناريوهات الثلاثة المتخيلة لنهاية ( الأبدية ) !!!ـ
- بيت البلِّة ( 3 من 3 ) ـ
- بالإذن من أخي اللبناني: مزارع شبعا سورية
- بيت البلِّة ( 2 من 3 ) ـ
- بيت البلِّة ( 1 من 2 ) ـ
- أنا منذر مصري لأنَّي لستُ شخصاً آخر
- الفنان سعد يكن : ما يشكل علينا هو طبيعة لعبته :2 من 2
- الفنان سعد يكن : ما يشكل علينا هو طبيعة لعبته : 1 من 2
- ممدوح عدوان... عندما أصابه الموت لم يضع يده على جرحه.
- مزهرية على هيئة قبضة يد ) في قبضة شاعر مصري شاب )
- هل /13000/ أو/ 17000/ جندي سوري يكفي لاحتلال لبنان .... علام ...
- ـ ( الشاي ليس بطيئاً ): 8 والأخير - أَجري خَلفَ كُلِّ شَيءٍ ...
- ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) -7 : خرائط للعميان
- ـ( الشاي ليس بطيئاً ) 5- تَحتَ لِحافِ صَمتي
- ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَر ...
- الشاي ليس بطيئاً - 3-... حُلواً ومُرَّاً بِطَعمِ الصَّدَ


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر مصري - سوريا في خطر ( 2 من 2) بمشاركة نخبة من المثقفين والسياسيين السوريين