أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَريلكه وأَنا في المَنام ، وَأُسامَة لِوَحدِهِ في اللاَّذِقِيَّة















المزيد.....

ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَريلكه وأَنا في المَنام ، وَأُسامَة لِوَحدِهِ في اللاَّذِقِيَّة


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 1017 - 2004 / 11 / 14 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


كل عنوان بالنسبة لي، أ كان عنوان كتاب بالكامل أم عنوان قصيدة، أعتبره مشكلة، وبقدر ما هو مشكلة حقيقية تضطر البعض أحياناً للإستعانة بالآخرين أو ترك الأمر للناشر ليختار عنواناً ما، كما حصل، حسب معرفتي ل ( لماذا تركت الحصان وحيداً ) و ( لا تعتذر عما فعلت ) لمحمود درويش. بقدر ما يسرني أن أخرج منها بالحد الأدنى من الأذية. إلا أنني، أستطيع الإدعاء، معروف بعناويني اللافتة!! حتى أنه لفترة، كما ذكرت في مقابلتي مع عباس بيضون، جعلت من العناوين محور قصائد عديدة منها ( كلما رأيت غراباً طائراً تذكريني ) و ( جميلة لدرجة تدفع النساء عل الآرتماء على أول رجل يقابلنه ). وعلى ذكر عباس فأظن أكثر ما أحب في كتابي هذا ( الشاي ليس بطيئاً ) أو على الأقل أكثر ما أنصب عليه إعجابه هو عنوانه. كما أنه أيضاً أحب (عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَريلكه وأَنا في المَنام ، وَأُسامَة لِوَحدِهِ في اللاَّذِقِيَّة ) وبالتأكيد ليس فقط لأنه مذكور به، بل ربما لأنه أطول عنوان شعري قرأه في حياته.

يتضمن هذا القسم خمس قصائد فحسب، الأولى والثانية عن عباس حيث نشرت ( تبعاً لإحساس أعمى في الاتجاه ) في جريدة القدس والثالثة عن رينيه ماريا ريلكه، ونشرت في ملحق السفير والرابعة عن صديقي أسامة منزلجي أما الخامسة فهي عن مدينتي، الأغنية التي لا أستطيع مغادرة السيارة وهي تصدح من مسجلتها، اللاذقية. وهكذا ترون كيف استطاع العنوان حزم القصائد جميعها، كما من الممكن لمتتبع شعري أن يرى أنها على نحو ما متابعة لما كتبته من قصائد عن أصدقاء بطيف واسع أرتبطت معهم بعلاقات شخصية أو أدبية، وذلك حين كتبت ( على وجهك علامات براءتي ) و ( تفوقت علي في كل شيء دون أن تقوم به ) عن مصطفى عنتابلي، وكامل قصائد مجموعتي ( دعوة خاصة للجميع ) وكذلك عن شعراء وفنانين مثل قصيدة ( رجل ضل الطريق مراراً فوصل إلى قلبي ) عن الشاعر وليم بتلر ييتس، وقصائد أخرى عن بيكاسو وفان كوخ..
ــــــــــــــ

- التِفاتَةٌ قاسيَةٌ مِن فَوقِ الكَتِف
ــــــــــــــ
( إلى عَبَّاس بَيضون )

رُبَّما أَستَطيع
بَعدَ لأيٍ
أَن أَنسُلَ مِن عُقدَتِه
خَيطاً
أَحيكُ بهِ
بِمِسَلَّتي المُقَوَّسَة
ما يَستَحِقُّهُ مِن مَديح .
/
ذَلِكَ أَن حيلَتي
لا تَتطلَّبُ أَكثَرَ مِمَّا بَقيَ لَدَي
مِن إرادَةٍ واهيَة
لأَن أَتَّخِذَ المُنحَدَرَ الأَجرَد
صِّراطَهُ المُستَقيم
الأَقصَرَ مَسافَةً
والأَقلَّ إضاعَةً للوَقت
سَبيلاً يَصِلُ بي إلى
جُحرِه
حَيثُ يَقتَضي هُبوطي
التَّمسُّكَ جَيِّداً برُؤوسِ الصُّخور
وأَنا أُديرُ باتِّجاهِهِ
ظَهري
مُصَحِّحاً بَعدَ كُلِّ خُطوةٍ
أَو خُطوَتين
بالتِفاتَةٍ قاسِيَةٍ
مِن فَوقِ
الكَتِف
اعوِجاجِي .
/
وكعادَتِهِ سَيكونُ هُناكَ
غائباً
بِحُجَّةٍ جاهِزةٍ
وعُذرٍ مُحكَم
بأَن يَترُكَ عَلى التَّرَبيزة
قُربَ الصُّوفا الطَّويلَةِ في الصَّالون
قَدَحاً مَلأَهُ بِخَلائه
عَلامَةً عَلى
أَنَّهُ كانَ مُستَلقياً
هُنا
بانتِظارِنا
وكِتاباً مَفتوحاً
قَرأَ مِنهُ عَدَداً مِن الصَّفحات
ثُمَّ قَلَبَهُ عَلى بَطنِه
لأَنَّهُ :
( لا شَيءَ يَبعَثُ
عَلى الضَّجَرِ أَكثَرَ مِنَ
الشِّعر )
يَقولُ هُوَ
( وخاصَّةً الجَيِّدَ مِنهُ )
أُتابِعُ أَنا
حَيثُ المُدُنُ
لا أَكثَرَ مِن بَدائلَ ناقِصةٍ
عَنِ الأَحلام
والقَصائدُ
تَوثيقٌ دَقيقٌ
للأَكاذيب .
/
يَشُدُّ الأَبصارَ إلى يَدٍ
لِيُخفي ما يَفعَلُهُ باليَدِ الأُخرى
مُخرِجاً مِن قُبَّعتِه
ما كانَ قد سَقَطَ فيها
دُونَ أَن يَنتَبِهَ لَهُ أَحَدٌ
مِن فُتحَةِ كُمِّه
كُلُّ هَذا
وأَعمالُ الحُواةِ
بِعُرفِهِ
لا تَحتاجُ
لِمَعذِرَة ..
ــــــــــــ 14-8-1996

- تِبعاً لإحساسٍ أَعمَى في الاتِّجاه
ــــــــــــــ

( شِبهُ اعتِذارٍ عَن عَدَمِ قُبولي دَعوَتَكَ لِقَضاءِ السَّهرةِ ، تَلبَيةً لِنِداءِ الواجِبِ بالقِيامِ كُلَّ لَيلَةٍ بِجَولَتي الوَطواطيَّة )


ذائباً
كَالظِّلِّ في الظِّلّ
أَمضي بِلا طَريق
تِبعاً لإحساسٍ أَعمى في الاتِّجاه
إلى مَكانٍ لا أَعرِفُه
وأَعودُ إلى مَكانٍ لا أَعرِفه
وَفي كُلِّ مَرَّة
يا لِلحَسرَة
...
أَصِل .
/
وكَأَنِّي كُنتُ عَلى مَوعِدٍ
معَ المَطَر
كَعادَتِه
يَنتَظِرُ لَحظَةَ خُروجي
وخَبطَةَ البَابِ وَرائي
ليَنهَمِر .
/
لَم أَشعُر بالإثارَة
بِالقَدرِ الَّذي تَتوجَّبُهُ
مُؤَخَّرَةُ المُمَثِّلَةِ المُضيئَة
حالَ دُونَ ذَلِكَ
الذُّباب
الَّذي كُنتُ أَسمَعُ أَزيزَهُ
مُحَوِّماً في العَتَمَة
عَلى غَيرِ هُدَىً
ثُمَّ فَجأَةً يَلطِمُ وَجهي
وكأَنَّهُ يلتَقِطُ انعكاسَ
الأَضواء
في عَينَيّ .
/
تَأتي إلَيها بأَفضَلِ ثِيابِكَ
ولَستَ عَلى مَوعِدٍ مَع أَحَد
ثُمَّ لا تَقدِرُ عَلى مُغادَرَتِها
ولَم يَبقَ لَدَيكَ ما تَفعَلُه
قُلتُ لَكَ :
( مَع كُلِّ مَدينَةٍ تَحتاجُ امرَأَةً
ومَع كُلِّ امرَأَةٍ
تَحتاجُ مَدينَةً )
وبُرهاني هُوَ :
( كَما لا يَمكِنُكَ أَن تُحِبَّ امرأَتين
في مَدينَةٍ واحِدَة
لا يُمكِنُكَ أَن تُحِبَّ
مَدينَتَين
في امرَأَةٍ واحِدَة ) .
/
في المَتاهةِ الدَّامِسَة
لِحَلَزونِ السَّلالِم
لم أَعرِف في أَيِّ طابِقٍ أَنا
ولَم يَكُن لَدَيَّ ما يَدُلُّني عَلى بابِكَ
سِوى المِفتاحِ الَّذي تَرَكتَهُ مَعي
فَرُحتُ أُجَرِّبُهُ
عَلى أَبوابِ جِيرانِكَ
في كُلِّ طابِقٍ ثَلاثةُ أَبواب
تَصَوَّر
صُدفَةً
فَتَحَ أَحَدُها .
/
لَم أُصَدِّق أَنِّي في بَيتِكَ
حَتَّى رَأَيتُكَ نائماً
بِكامِلِ ثيابِكَ
ما عَدا الحِذاء
- أَذكُرُ هذا التَّفصيل
تَأكيداً لِوَلَعِي المُبالَغِ بهِ
بالدِّقَّة -
إذَن
بَعدَ مُنتَصَفِ اللَّيل
بِساعَتَينِ تَقريباً
عُدتُ وَوَجَدتُكَ نائماً
بكامِلِ ثِيابِكَ ماعَدا الحِذاء
عَلى الكَنَبَةِ الطَّويلةِ في غُرفَةِ الاستِقبال
فَماذا تُريدُ أَشَدَّ مِن هَذا
وُضوحاً !
خاصَّةً وأَنَّكَ أَضَأتَ
مَصابيحَ الشُّرفَةِ والسَّقفِ والجُدران
وَلَم تُطفِئِ التِّلفاز
ورَغمَ كُلِّ هَذا الوُضوح
وَقَفتُ طَويلاً
أَنظُرُ إلَيكَ مُتَسائلاً
ماذا تَفعَل ؟ .
/
أُعطيكَ
عَشرَ صَفَحاتٍ مِن شِعري
تُعطيني بالمُقابل
ثَلاثيَنَ صَفحَةً مِن شِعرِكَ
تَفعَلُ هذا تَهَذُّباً
وبِنَظَّارَتِكَ المَكسورَةِ السَّاعِد
تَطوي الصَّفحَةَ الأَخيرة
وأَنا بَعدُ لَم أَنتَهِ مِنَ
المُقَدِّمَة
ومَع أَنَّكَ تَقرَأُ صامِتاً
تَسعُلُ مَرَّتينِ أَو ثَلاث
كُلَّما قَلَّبتَ صَفحَةً .
/
الصُّحونُ لا تَجِدُ
مَطرَحاً لَها عَلى المائدَة
الكُتُبُ تُغَمِّسُ أَطرافَها
في الطَّعام .
/
لا نَتَّفِقُ عَلى شَيء
وِلَكن لَيسَ أَمامَنا مِن خِيار
سِوى أَنَ نَ‍أَكُلَ الكُتُبَ
ونَقرَأَ الصُّحون
( يالَها مِن سَلَطَةٍ
بطَعمٍ شاعِري ) .
/
بَينَ الرَّسَّامين
يُسمَحُ لي أَن أَقِفَ وأَتَكَلَّمَ
عَن أَيِّ شَيءٍ
باعتِباري شاعِراً
وَبينَ الشُّعراءِ لَيسَ لي
إلاَّ أَن أَجلِسَ وَأُنصِتَ
باعتِباري رَسَّاماً
ولأَنَّهُ مِنَ الصَّعبِ أَن يَكونَ لَديكَ
في أَحَدِ أَدراجِ مَكتَبِكَ أَو عَلى سَطحِهِ
حَيثُ تُكَدِّسُ دُونَ أَدنى تَفرِقَة
كُلَّ أَجناسِ القَصائد
قَلَمٌ ذو قَلبٍ مِن فَحم
فإنَّ أَيَّ قَلَمٍ بقلبٍ مِن رَصاص
أَو مِن دَمٍ أَسوَدَ أَم أَزرَق
جافّ
يَكفي لأَستَعرِضَ أَمامَكَ
مَهارَتي في الرَّسم
مَهارَتي الَّتي ضَيَّعَها عَلَيَّ
صَديقُكَ الشِّعر
مَلامِحُكَ أَشبَهُ ما تَكونُ بالعَناوين
إلاَّ أَنِّي سَأُلَوِّنُ
ما بَينَ خُطوطِها العَريضَة
بالشَّايِ البَاقي
في القَدَح .
/
سَوفَ تَتَذَكَّرُني
مُنذِر مَصري الشَّاعَرَ الَّذي
يَستَيقِظُ في الصَّباحِ البَاكِر
ويَبدَأُ نَهارَهُ بِشُربِ
زُجاجَةِ مِياهٍ غازيَّة .
/
حَشَوتُ في حَقيبَتي
كُلَّ ما يَلزَمُني مِن
قُمصانٍ
وَسَراويل
وأَحذِيَةٍ
وكُتُب
وَلَم أَنسَ شَيئاً
لا أَقدِرُ عَلى العَيشِ بِدُونِه
سِوى المِنشَفَة
وحينَ غَسَلتُ وَجهي
جَفَّفتُهُ بأَسفَلِ
الجُزءِ الخَلفي مِن قَميصي
ثُمَّ حَملَقتُ في المِرآة
...
رَأَيتُ فَمي
ورَأَيتُ أَنفي
ورَأَيتُ أُذُنَيّ
ولَم أَرَ
...
عَينَيّ
لَكِنِّي لَم أُدهَش
ولَم أَسأَل نَفسي
كَيفَ أَنظُرُ بِعَينَيّ
وأَرى بِعَينَيّ
ولا أَرى
...
عَينَيّ
لأَنَّهُ عَلى الدَّوامِ
تَضيعُ في وَجهي
عَيناي
كُلَّما حَدَثَ وَمَضيتُ
إلى نِهايةِ
قَصيدَة ..
ـــــــــ 10-2- 1997/ بيروت

- ريلكه أَنا ..
مُنذِر مَصري شَخصٌ آخَر
ـــــــــــ

هُوَ .. هُوَ
كَما في حُلُمٍ قَديمٍ
يَتَكَرَّر .
/
في كُلِّ ما يُبقيهِ ماثِلاً
اللَّغوِ
الَّذي يَقودُهُ
إلى تَمامِ
فَحواه .
/
لَكِنَّ ذَلِكَ لَن يَعني
لَمسَهُ باليَد
ولا حَتَّى
القُدرَةَ عَلى وَصفِه
لأَنَّهُ يُمكِنُ الجَزم
عِندَما لَم يَقِرّ لَهُ قَرار
مُستَغرِقاً
كُلَّ ما أُعطِيَ مِن وَقت
وهو يُحاوِلُ اتِّخاذَ
الهَيئَةِ المُناسِبَة
كانَ قَد ضَيَّعَ
احتِمالَ
صُورتِه .
/
مُؤَكِّداً كَونَهُ
نُسخَةً طِبقَ الأَصلِ عَن نَفسِهِ
راحَ يَغسِلُ فَمَهُ
مِن أَقوالِه
وقَد أَدَّى إفراطُهُ في الحُبّ
إلى إثارَةِ
كُلِّ عاطِفَةٍ لازِمَة
لِلقِيامِ بعَمَلٍ جَماعي
يُساهِمُ بِهِ
حِرصاً عَلى إنجازِهِ
بأَفضَلِ وَجه
نِساءٌ
لَم يَرتَدِينَ الثِّياب قَط
حُرِّمَت عَلَيهِنَّ
مُغادَرَةُ الأَسِرَّةِ
إلاَّ لِقَضاءِ بَعضِ الحاجات
ومَلائكةٌ
مِن أَصنافٍ شَتَّى
يَتَنَقَّلُونَ حامِلينَ عَدوى أَوبِئَتِهِم
المُقَدَّسَة
وآلِهَةٌ ظَهَرَت لَهُ مِراراً
وقالَت لَهُ شَيئاً
فَلَم يُعِرها انتِباهَه
وذَلِكَ لِتَبديدِهِ في مَصيرٍ
أَشَدَّ مَحواً مِن تَعاقُبِ
اللَّيلِ
والنَّهار .
/
مُظَلِّلاً عَينَيهِ
مِن بَريقِ عُيونِ الآخرين
يَغُذُّ السَّيرَ
نَحوَ كُلِّ ما يَنأى ويَزوغ
ولا يَجِدُ لِنَفسِهِ مَوضِعاً
مُداوياً دَوارَه
بتَثبيتِ نَظرِهِ إلى نِقطةٍ ما أَمامَه
حَتَّى إنَّهُ حَسِبَ
الحائطَ
في ثَباتِهِ
طَريقاً .
/
الأُغنِياتُ
لَم تَمنَحهُ الطُمَأنينَة
مُحافِظاً عَلى ارتيابِهِ
بكُلِّ ما يُفصِحُ عَن داخِلِه
في ذَلِكَ الانزِواء
الَّذي يُشبِهُ
يَدَ المَوتِ الفَارِغَةَ
مِنَ الحَنينِ
يَنمو ذاهِلاً
كَعُشبٍ سامِقٍ
بَينَ
حِجارَةِ
الخَرائب .
/
بَعدَ أَن استُقبِلَ بِحَفاوةٍ شَديدة
التَفَتَ ولَم يَجِد في البَيت
أَحَداً مِن أُولَئكَ
الَّذينَ احتَشدوا
في انتِظارِه
وبإصبَعِهِ المِروَحيَّةِ
رَسَمَ حُدوداً
في الفَضاءِ بينَهُ وَبينَهُم
ثُمَّ راحَ يَعَضُّ
عَلى الهَواء
بأَسنانِه .
/
لأَنَّهُ
لَن يَكونَ أَبَداً مَرئِيَّاً
إلاَّ بَعدَ انفِجاراتٍ ضَوئيَّةٍ
مُتَكَرِّرَةٍ كَهذِه
تَبدو وكأَنَّها سَوفَ تَستَنفِدُ
كُلَّ مادَّتِه
حينَ تَتَلاشى مَعَ الأَيَّام
قُدرَةُ صَلَواتِه
عَلى شِفاءِ الآخَرين
حَتَّى
مِن
مَرَضِه ..
ــــــــــــ 12-5-1998

- بَدَلَ أَن أَقرَعَ الجَرَسَ أُطفِئُ الضَّوء
ــــــــــــــ
( إلى أُسامَة مِنْزَلجي )

يَسمَحُ لِنَفسِهِ بالتَّردُّدِ في أَن
لا يُجيب
عِندَما يَسمَعُ اسمَهُ يُنادى
حَريصاً أَلاَّ يَخرُجَ إلى
الشُّرفَة
أَو يَمُدَّ رَأسَهُ مِن النَّافِذَة
قَبلَ سَماعِهِ
نَشرَةَ الطَّقس .
/
مَن لَم يُخطِئ
مَرَّةً واحِدَةً بالتَّصفيق
في الفَواصِلِ الَّتي يَتَوقَّفُ بِها العازِفون
قَبلَ نِهايَةِ اللَّحن
ذَلِكَ لأَنَّهُ أَبَداً
لا يُصَفِّق .
/
في سُهولَةِ كَشفِهِ مُتَوارياً
في بَيتِهِ ... في غُرفَتِه
ليَحسَبَ الآخَرونَ أَنَّهُ هَكَذا
جَرياً عَلى حالِه
كَحَدِيقَةٍ خَلفيَّةٍ
شُغِلَ عَنها أَصحابُها زَمَناً
فتَكَدَّسَت فيها أَكوامٌ مِنَ خُردَةِ
سُكَّانِ الطَّوابِقِ العُليا
تَخَلَّلَتها أَعشابٌ غَريبَةٌ
لا أَحَدَ يَدري
مِن أَينَ جاءَت بُذورُها
مُتَّخِذاً الوَحدَة
مَظهراً ثابِتاً للرُّوح
كانَ كُلُّ ما يَفعَلُه
يَنتَظِرُ أَحَداً .
/
فالوَحدَةُ في خَيالِه
اللاَّفِتَةُ الأَشَدُّ إغواءً
كَي يَحُطَّ مَن يَحمِلُ
الصِّفات .
/
سِرُّه
أَنَّهُ لا يَستَطيعُ لوَحدِه
أَن يَرقُصَ حَتّى نِهايةِ أَيَّةِ أُغنِيَة
وبعدَ كُلِّ تِلكَ الخُطوط
الصَّارمةِ في تَحديدِ الأَشكال
يَدَعُ الفُرشاةَ تَقَعُ مِن يَدِه
وكأَنَّها تَسقُطُ صُدفَةً
في فُوهَةِ الدَّواة
وبالكَادِ يَبتَلُّ رَأسُها
لأَنَّ حِبرَهُ في الأَسفَلِ باتَ قَليلاً
ولأَنَّ الصَّدى
عِشقٌ أَصابَهُ وَلَم يَقتُله
فَصَدَّهُ بِجِدارٍ مِن
الازدِراء .
/
مَن رَسَموا الخرائطَ
وأَسقَطوا عَلَيها الاتِّجاهاتِ والمَواقِع
جَميعُهُم ضاعوا
ذَلِكَ هوَ مَكرُ الخُلود
وكَأَنَّهُ شَيءٌ لا مَفَرَّ لَهُ
أَن يَحدُثَ لَنا
مَهما بَلَغَت دِقَّتُنا
في رَصدِ الإشارات
وقُدرَتُنا عِندَ آخِرِ فُرصَةٍ
عَلى إصابَةِ الهَدَف
بَينَما الآخَرون
مُنهمِكونَ في حَرَكَةِ
الانجِراف .
/
فَها أَنَذا أَمامَ بابِكَ
بَدَلَ أَن أَقرَعَ
الجَرَسَ
أُطفِئُ
الضَّوء ..
ـــــــــــــ 14/1/1999

- لا أَستَطيعُ مُغادَرَةَ الأُغنِيَة
ــــــــــــــ
( إلى ثَرثاري الثُّلاثاء )

المُقارَنَةُ بيَنَ اللاَّذِقيَّة
وباريس
لَن تَكونَ
لِصالِحِ باريس !
لَيسَ لِكَونِيَ طَمَّاعاً
ولا حُدودَ لِقَناعَتي
بَل أَيضاً
كَما تَقولين
أَن نُحِبَّ ...
شَيءٌ
وأَنَّ نَقَعَ في الحُبِّ
شَيءٌ آخَر .
/
حينَ يَغدو التُّراب
أَشَدَّ احمِراراً
والأَشجارُ بثِمارٍ
أَشَدَّ نُضجاً
إذا نَظَرنا مِن شَقِّ النَّافِذَةِ
لا مِن خَلفَ
الزُّجاجِ
العَكِر .
/
لِتُمطِر
لِتُمطِر
لِتُمطِر
رَجاؤنا أَن تَجُفَّ السَّماء
عَلى مَسافَةِ دَقائق
حينَ سَنَهبُطُ مُتَفَقِّدينَ
نُمُوَّ الأَعمِدةِ
وصُعودَ الأَدراجِ
إلى الطَّوابِقِ العُليا
في الهَواء .
/
أُخِذَت لَنا الصُّورُ التَّذكاريَّة
وَنَحنُ نَقِفُ
وَاضِعينَ أَقدامَنا المُوحِلَة
عَلى جُذوعِ أَشجارِ نَخيلٍ
أُقتُلِعَت مِن مَنابِتِها البَعيدَة
وأُحضِرَت إلى هُنا
حَيثُ طَرَحوها أَرضاً كَطرائدَ حَيَّة
جُلِبَت لِتَوِّها مِن الفِخاخ
وقَد لَفُّوا جُذورَها بأَقماطٍ
ما زالَت مُبلَّلَة
جاهِزَةً لنَنصُبَها
إختصاراً للوَقت
كأَعَمِدَةٍ طَبيعيِّةٍ ذاتِ تِيجانٍ مِن السَّعَفِ
في أَيَّةِ حَديقَةٍ
وخَلفَ أَيِّ سُور
...
تُرى ما الَّذي سنَلتَقِطُهُ مِن تَحتِها
عِندَما سَنَتَسَلَّقُ أَعناقَها الطَّويلة
ونَنبُرُ أَقراطَها .
/
المَدينَةُ الَّتي وُلِدتُ بِها
ولَم أُغادِرها
تُعادِلُ - دُونَ أَيِّ انحياز –
المَدينَةَ الَّتي لَم تَطَأها قَدَماي
في كَوني لَم أُسافِر
إلى أَيٍّ مِنهُما .
/
لأَنَّ الرِّقَّةَ شَيءٌ
والشَّفَقَةَ شَيءٌ آخَر
حَتَّى وإن لَم يَفعَلوا سِوى
رَدمِ ذَلِكَ الحَيِّزِ الضَّيِّقِ
الَّذي كانَت الأَمواجُ قادِرةً
عَلى إغراقي حَتَّى رَأسي
بَدءاً بِتَرطيبِ نَعلَيّ
بِماءٍ سَماويٍ أَزرَقَ
إذا أَخَذتُ قَليلاً مِنهُ براحَتَيّ
أَراهُ أَزرَقَ
أَزرَقَ
عَلى ضَحالَتِه .
/
لَن يَكونَ الحُكمُ في النِّهايَةِ
لِصالِحِ باريس
أَو أَيِّ مَدينةٍ أُخرى
عَلى خَرائطِ أَحلامِنا
لأَنَّ ذَلِكَ أَشبَهُ
بكَلِمةِ سِرٍّ
لا يَعرِفُها سِوى الَّذينَ
دُونَ أَن يُسأَلوا عَنها
يُسمَحُ لَهم بالمُرور
مِن تَحتِ قَناطِرِ
أَثدائها .
/
حَيثُ الخَطُّ المُستَقيم
يَكادُ يَكونُ مُعجِزةً
فكُلُّ ما أَراهُ
يَتَعرَّجُ
ويَنحني
ثُمَّ يَنزَلِقُ إلى الأَسفَل
مُجارياً قَطَراتِ المَطَر
وَهِيَ تَرتَطِمُ
ولا تَجِدُ مَنفَذاً
عَلى سَطحِ بُحَيرَةِ الزُّجاج
الَّتي تُحاوِلُ ما بِوُسعِها
أَن تَصُدَّ عَنِّي
صُورَهُم وأَصواتِهِم
لَكِنَّهُم
في شُحوبِهِم
يَبتَعِدون
وَعِندَ كُلَّ خُطوةٍ
يَلتَفِتونَ خَلفَهَم
مُنادينَ ومُشيرينَ لي
أَن أَلحَقَ بِهِم
أَنا الَّذي أَحكَمتُ إغلاقَ النَّافِذَة
أَجِدُ نَفسي
مُلتَصِقاً بِمَقعَدي
في غارِقٍ مِن خَدَري
لا أَستَطيعُ
مُغادَرَةَ
الأُغنِيَة ..
ـــــــــــــ 12-6-1998
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع الحلقة ( 5 من 8 )



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاي ليس بطيئاً - 3-... حُلواً ومُرَّاً بِطَعمِ الصَّدَ
- الشاي ليس بطيئاً - 2- هدايا البخيل
- الشاي ليس بطيئاً ) 1- يَحسَبُني الدُّخانُ نافِذَة )
- الشاي ليس بطيئاً ) بالمجان )
- رامبو الأزعر بالعربية
- ( يوم التمديد 3/9/2004 - ( 2 من 2
- هل إسلام تركيا... هو وحده طرفا المعادلة !
- النص الكامل لمقابلتي مع عباس بيضون.
- يوم التمديد 3/9/2004-( 1 من 2 )ـ
- مهرجان ، مهرجون، مهرجنون !!
- صاح الحشد : اقتلوه اقتلوه
- أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 6 – الأخير ) – لمن ...
- أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 5 ) – لمن العالم ؟
- أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث (4 ) - لمن العالم ؟
- أطول وأَسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 3 ) لِمن العالَم ...
- أَطول وأَسوأ قصيدة في الشِّعر العربي الحديث: ( 2 ) - لِمَن ا ...
- أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث: ( 1 )
- شيء ضاع مني
- عُذراً محمود دَرويش: ليس بِمُكنسة بل بِمِكنَسَة
- القَصيدة المحرَّمَة - 4 من 4 )


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَريلكه وأَنا في المَنام ، وَأُسامَة لِوَحدِهِ في اللاَّذِقِيَّة